قبل زمن طويل من وجود الصحف والتلفزيون الأرضي، كان المنادون يطوفون المدينة بأجراسهم الرنانة ويصرخون «أويز! أويز أويز!» في ساحات القرى في جميع أنحاء بريطانيا، ليعلم الناس أن هناك أخبارا – بدءا من الأوبئة والحروب وانتهاء بأخبار العائلة المالكة.
لكن صوت الرنين الواضح، وهو صفة مهمة للمنادين القدامى، لن يفيد أولئك الذين يتنافسون في بطولة «بريتش تاون كراير»، أو منادي مدينة لندن، التي ستقام في صمت لأول مرة. فبدلا من الصراخ، سيجري الحكم على المشاركين وفق تصريحات مكتوبة لا تزيد عن 140 كلمة، تعرف باسم «صرخات»، تنتهي كل صرخة بعبارة «حفظ الله الملكة».
تعليقا على الحدث الفريد، قال بول جوف، البطل الحالي الذي يساعد في تنظيم الفعالية وهو منادي البلدة في حي نونتون وبيدورث، «لا يمكننا إيجاد منافسة عادية»، مضيفا أن عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا جعلت وجود الحشود أمرا مستحيلا. (ألغيت المسابقة في العام الماضي). وأضاف أن تنسيق العام الجاري سيمنح أولئك الذين لا يمتلكون أصواتا قوية «فرصة للتنافس في ساحة متكافئة للغاية». وبالفعل قدم المشاركون صرخاتهم المكتوبة في وقت مبكر من الشهر الجاري. وسيجري الإعلان عن الفائز في منتصف شهر مايو (أيار).
في السنوات الماضية، كان المنادون يسافرون من جميع أنحاء البلاد إلى أي مدينة يتم اختيارها لاستضافة البطولة، وكانوا يرتدون أزياء القرن الثامن عشر البراقة ويمثلون الأحياء والبلدات الخاصة بهم من خلال تمجيد فضائلها وهم يصرخون بشأن قضية معينة. وموضوع هذا العام هو الطبيعة والبيئة.
عادة ما يتم الحكم على المتنافسين على أساس تواصل، ووضوح، ودقة، ومحتوى الصرخة وطريقة أدائها.
لكن الصمت من ذهب هذا العام، وكذلك الكلمة المكتوبة. وفي هذا السياق، قال غوف إن الحدث سيكون لجمع تبرعات لصالح خط النجدة «شاوت»، أي الصرخة، المخصص لمساعدة مرضى الصحة العقلية الذي يعتمد أيضا على الكتابة من خلال الرسائل النصية.
تعليقا على التغيير الذي طرأ على طريقة المنافسة العام الجاري، قال مايكل وود، البطل المحلي لثلاث مرات ومنادي مقاطعة «إيست ريدنج أوف يوركشاير»، إن المتنافسين اتبعوا القواعد الجديدة بروح الدعابة وقليل من خيبة الأمل. «ماذا يحدث إذا لم يتم اختياري لأنهم لا يحبون الطريقة التي أقرأ بها؟ إنه لأمر مؤسف لأنه ليس لدي فرصة للفوز»، مفسرا ذلك أن الكثير من المهارة تتجلى في الصراخ وفي استخدام حركات الجسد جنبا إلى جنب مع الصوت لجذب انتباه الجمهور.
ومع ذلك، قال وود إن المنافسة المعدلة لهذا العام ستجعل الناس يعملون لصياغة الصرخة في حروف وكلمات، لكن القاسم المشترك الوحيد مع مسابقات الأعوام الماضية والتي كانت تميز الفائز هي «روح الدعابة»، وهي الشرط الأساسي ليصبح المشارك منادي المدينة، مؤكدا «يجب أن تتسم بالمرح في المقام الأول».
رغم أن المسابقة الصامتة هي الخطة «ب» للنسخة الأصلية، فقد عبر أليستير تشيشولم، بطل محلى من «دورشيستر»، عن خيبة أمله لفقدان الجانب الاجتماعي للمسابقة قائلا «سنعود إلى حياتنا الطبيعية. نحن جميعا نكرر عبارة: سنعود إلى حياتنا الطبيعية. نحن جميعا غريبو الأطوار بعض الشيء، لكننا أناس اجتماعيون للغاية ونحب التجمع».
ويعود تاريخ دور منادي المدينة إلى عصر الأنبياء والمبشرين في العصور التوراتية والأساطير اليونانية. ويقول منادو المدينة في بريطانيا إن هذا الدور عرف لأول مرة هنا في بداية عام 1066 مع تجسيد الرجال من حاملي الأجراس في لوحة «نسيج بايو» التي صورت الأحداث التي أدت إلى الغزو النورماندي، ومن ثم إعلان سلطة ويليام الفاتح بعد غزو إنجلترا.
قال غوف، «كنا مذيعي الأخبار الأصليين»، وبالنسبة للعديد من الأشخاص الأميين، كان المنادون هم الطريقة الوحيدة لمعرفة ما يجري. وقال وود، «طالما كانت هناك صخرة للوقوف عليها أو كتفان أو شجرة لتسلقها، فهناك دائما شخص ما يصرخ بإعلان خبر في قرية أو ساحة بلدة».
حاولت مجموعات أخرى، مثل «نقابة منادي المدينة» أيضا تكييف المسابقات خلال أوقات «كوفيد» باستضافة مسابقة عبر منصة «زووم» الافتراضية في يونيو (حزيران) الماضي. وقالت جين سميث، سكرتيرة المجموعة، إن أحد الوافدين من أستراليا شارك في الليل، رغم أنه لم يقرع الجرس خوفا من إيقاظ الأسر.
قالت السيدة سميث، منادية من بلدة بوغنور ريجيس «أنت فقط تصرخ على شاشة الكومبيوتر في حديقتك. لقد كان تمرينا مثيرا ولافتا للاهتمام بالتأكيد».
لكن روح المنافسة لا تزال هي ما يميز الإعلانات إذ أكدت السيدة سميث أنها واثقة من أن المنافسات التقليدية ستعود بمجرد انتهاء الوباء، مؤكدة أنه «سيكون هناك الكثير من الناس يصرخون ويقرعون الأجراس ويعلنون أن كل شيء على وشك الانتهاء، ونحن قادرون على الخروج والتعرف على الناس مرة أخرى».
* خدمة «نيويورك تايمز»
مسابقة في الصراخ لمنادي البلدات البريطانية... لكنها افتراضية هذه المرة
كان الوسيلة الوحيدة لمعرفة ما يجري قبل انتشار الصحف والإذاعات
مسابقة في الصراخ لمنادي البلدات البريطانية... لكنها افتراضية هذه المرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة