وفاة عميد الحقوقيين الجزائريين علي يحيى عبد النور

علي يحيى عبد النور
علي يحيى عبد النور
TT

وفاة عميد الحقوقيين الجزائريين علي يحيى عبد النور

علي يحيى عبد النور
علي يحيى عبد النور

يشيع اليوم بمقبرة بالعاصمة الجزائرية عميد الحقوقيين الجزائريين، علي يحيى عبد النور، الذي توفي أمس عن 100 سنة. وقالت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» التي يعد عبد النور أحد مؤسسيها البارزين إن «حقوق الإنسان في حداد اليوم»، تعبيراً عن فقد كبير لمناضل كرس كل حياته تقريباً للدفاع عن القضايا العادلة.
وعرف عبد النور، خلال 70 سنة من الدفاع عن حقوق الإنسان، بمعارضته الشديدة للرؤساء الذين تعاقبوا، وهو أيضاً خصم شرس لقادة الجيش الذين كان دائماً يصفهم بـ«صانعي الرؤساء»، كناية عن نفوذهم في اختيار من يقودون البلاد. ومثل هذه المواقف جلبت له عداوة من طرف رجال السلطة، ازدادت حدة في تسعينيات القرن الماضي، عندما رافع بالمحكمة العسكرية لصالح قياديي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي عباسي مدني وعلي بن حاج. كما رافع في المحكمة ضد دعوى من الحكومة لإلغاء الحزب الإسلامي بحجة أنه «منظمة إرهابية».
وقد انتقده العلمانيون وأنصار التيار الديمقراطي بشدة بسبب ذلك، وكثيراً ما اتهم بـ«التعاطف مع الإرهابيين». ورد على منتقديه في وسائل الإعلام بأنه لم يتردد في لبس الجبة السوداء بمحاكم أمن الدولة في ثمانينيات القرن الماضي، دفاعاً عن رئيس الحزب الشيوعي الهاشمي الشريف، وعن مناضلي القضية الأمازيغية المعارضين بشدة للإسلاميين والتوجه العروبي للدولة.
وكتب سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الحقوقية، بحسابه على شبكة التواصل الاجتماعي: «دا (تعني الأب باللغة الأمازيغية) عبد النور، المجاهد على يحيى عبد النور، المؤسس الرئيس السابق للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، يغادرنا بعد حياة من الالتزام من أجل الحقوق والكرامة الإنسانية والحرية، من أجل جزائر حرة. لقد خسر النضال في مجال حقوق الإنسان رجلاً عظيماً. ارقد بسلام. الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تقدم تعازيها لأسرته وأقاربه».
وانضم علي يحيى عبد النور وهو في العشرينات من العمر (1945) لصفوف «حزب الشعب الجزائري» الذي ناضل من أجل استقلال الجزائر، ثم التحق بـ«حركة انتصار الحريات الديمقراطية» التي واصلت على النهج نفسه. وقد اعتقلته السلطات الاستعمارية الفرنسية في 1956 بسبب نشاطه السياسي والنقابي، فقد كان عضواً في نقابة المعلمين، وأطلق سراحه عام 1961.
وبعد الاستقلال، انتخب في أول برلمان، ممثلاً لسكان تيزي وزو، وهي كبرى مناطق القبائل، ثم أصبح وزيراً مرتين في عهد الرئيس هواري بومدين (1965 - 1979)، واستقال من منصبه بسبب خلافه مع السلطات حول مسائل حقوق الإنسان والديمقراطية.
وفي عام 1972، أصبح محامياً بعدما حصل على الشهادة العليا في القانون والمحاماة، وانطلق نشاطه الحقوقي بصفة رسمية بعد أن أسس «الرابطة الحقوقية» في 1983، رفقة محامين ومناضلين سياسيين. ومنذ هذا التاريخ، بدأ صراعاً طويلاً مع السلطة والجهاز الأمني، بلغ الذروة بعد تدخل الجيش مطلع 1992 لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فازت بها «جبهة الإنقاذ»، إذ دافع عن قادتها عندما حاكمهم القضاء العسكري، وخاض معركة قانونية ضد قرار قضائي بحل الحزب.
وظل عبد النور على هذه الحال، وتكرر سجنه عدة مرات في الثمانينيات بسبب نشاطه. وكان يعود بأكثر قوة في كل مرة يغادر فيها السجن.
وعندما اندلع الحراك في 22 فبراير (شباط) 2019، خاطب «شيخ الحقوقيين» المتظاهرين في مقطع فيديو، معبراً عن تأييده لهم، إذ قال: «وأنا في الثامنة والتسعين من العمر، يصعب علي التظاهر معكم، على الرغم من أنني كما تعلمون من أشد الملتزمين بكل مساعي المطالبة بالحرية والديمقراطية؛ إنني سعيد بانتفاضة الشعب في وجه النظام الشمولي الذي أوصل الجزائر إلى هذا الوضع... أنا معكم بقلبي وروحي. تحيا الجزائر الديمقراطية».
ولما احتدم الخلاف بين قيادة الجيش والمتظاهرين الذين لم يكتفوا برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقع عبد النور على وثيقة وجهت للقيادة العسكرية، برفقة وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، طالبوا فيها بـ«حوار صريح نزيه» مع ممثلي المتظاهرين والأحزاب السياسية وقوى المجتمع التي تدعم الحراك «من أجل إيجاد حل سياسي توافقي في أقرب الآجال، يستجيب للطموحات الشعبية المشروعة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.