«القرقيعان»... موروث يحييه الخليجيون في منتصف رمضان

عودة حفلات الأسرة «الواحدة» فقط تحرزاً من الجائحة

أكياس القرقيعان صارت مقتصرة على أطفال الأسرة الواحدة
أكياس القرقيعان صارت مقتصرة على أطفال الأسرة الواحدة
TT

«القرقيعان»... موروث يحييه الخليجيون في منتصف رمضان

أكياس القرقيعان صارت مقتصرة على أطفال الأسرة الواحدة
أكياس القرقيعان صارت مقتصرة على أطفال الأسرة الواحدة

تعود بهجة (القرقيعان) لتنعش منتصف شهر رمضان من جديد، بعد توقفها العام الماضي بسبب الجائحة، إلا أن هذا الموروث الشعبي الشهير شرق السعودية ومنطقة الخليج، ما زال حاضراً يقاوم النسيان، لكنه صار محصوراً بأفراد الأسرة الواحدة تحرزاً من فيروس كورونا، بعد أن تكيّف الناس على اتباع الإجراءات الاحترازية.
إذ ألقت الجائحة بظلالها على الاحتفالات بالقرقيعان، فبعد أن كانت كبيرة ومفتوحة على مصراعيها بين الأقارب والجيران وأبناء الحي الواحد ومناسبة تقام في الأماكن العامة، صارت مقتصرة على سكان المنزل أو أبناء الأسرة الواحدة، وغالباً ما يكون الاحتفال في بيت الجدة أو كبير العائلة لكونها مناسبة تعزز من قيمة الترابط الأسري وتبادل الهدايا وإسعاد الأطفال.
في حين أبدت بعض الدول الخليجية قلقها من تجمعات حفلات القرقيعان، إذ ناشدت وزارة الداخلية الكويتية مواطنيها، مساء الأول من أمس، بعدم التجمع في الأماكن العامة أو الخاصة للاحتفال بالقرقيعان، محذرة من خطورة التجمعات والاختلاط بين الأطفال، ودعت لعدم استغلال فترة السماح الخاصة بممارسة رياضة المشي في عمل الاحتفالات.
وتبدأ حفلات القرقيعان في الليالي بين 14 و16 من شهر رمضان، إذ يعمد الأبناء للبس الثوب والصدرية الشعبية فوقه، بالإضافة إلى النعال الشعبية، أما البنات فيلبسن الجلابيات والبخنق، وهي أقمشة بألوان مختلفة، ومطرزة مع الترتر الذي يُوضع على الرأس. ثم يرددون الأهزوجة الشهيرة: «قرقيعان، قرقيعان، بيت قصير ورمضان، عاد عليكم الصيام، كل سنة وكل عام».
وجذبت بهجة القرقيعان بعض السعوديين من مناطق مختلفة، إذ لم تعد حصراً على المنطقة الشرقية من البلاد، بعد أن وصلت ثقافة القرقيعان لمناطق تحاول محاكاة هذه العادة، وتجربة الاحتفال بها؛ خاصة من ترويج العديد من مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي لهذه المناسبة، مع قصرها على أفراد البيت الواحد اتباعاً للإجراءات الاحترازية من تفشي فيروس كورونا.
وتبدأ محال الحلويات والمحامص بالتحضير والاستعداد للقرقيعان منذ وقت مبكر، طمعاً بقطعة من كعكة المبيعات في هذا الموسم. وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» بمدينة الدمام، أكد الباعة أن مبيعاتهم تراجعت كثيراً بسبب الجائحة، إلا أنهم يراهنون على شريحة واسعة ما زالت مهتمة بالحفاظ على هذه العادة التراثية، وشراء القرقيعان إما بالكيلو ثم تعبئته، أو بعبوات مغلفة وجاهزة.
وقديماً، كان الأطفال يطرقون أبواب الجيران والأهل وهم ممسكون بأيديهم بأكياس قماشية لتعبئتها بالقرقيعان، الذي هو عبارة عن خليط من المكسرات والحلويات. أما اليوم، فتصل علب وأكياس القرقيعان إلى أيدي الأطفال بشكل عصري تتنافس عليه الأسر، ومكتوب على كل عبوة اسم أصحابها باستخدام التصاميم الإلكترونية المطبوعة. مع وضع (فلتر) خاص للمناسبة عبر تطبيق «سنابشات» باسم قرقيعان كل أسرة، وتوثيق كل ذلك بالصور والفيديو.
وعن خلفية تسمية هذه المناسبة بـ«القرقيعان»، فإن الآراء تختلف، البعض يقول إن الاسم مأخوذ من اللغة العربية (قرع الباب) إذ كان الأطفال قديماً يقرعون الأبواب للحصول على هديتهم؛ سواء كانت من المواد الغذائية أو الألعاب، أو بعض الأموال النقدية. وهناك من يعيد أصل القرقيعان إلى (قرة العين) تعبيراً عن شعور الصائمين بالفرح لانتصاف شهر رمضان.
ويمكن اعتبار هذه الاحتفالية هي بمثابة العودة الكاملة لكل ما هو تراثي، بدءاً من ارتداء الجلابيات، والمشغولات الذهبية القديمة، ووضع الحناء على الأيدي، وتزيين المكان بخوص السعف والفوانيس، وتقديم الحلويات الشعبية التي من أهمها اللقيمات المغمسة بالعسل. إلا أن هذه الاحتفالية يطغى عليها الإسراف في بعض الأوقات، الأمر الذي ينقلها أحياناً من خانة البساطة إلى البذخ والمباهاة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.