فلسطين تدرس مقاضاة إسرائيل في الجنايات الدولية بسبب عمليات التهويد العنصرية

قوات الاحتلال تقوم باستبدال أسماء الشوارع العربية في القدس بأخرى عبرية

فلسطين تدرس مقاضاة إسرائيل في الجنايات الدولية بسبب عمليات التهويد العنصرية
TT

فلسطين تدرس مقاضاة إسرائيل في الجنايات الدولية بسبب عمليات التهويد العنصرية

فلسطين تدرس مقاضاة إسرائيل في الجنايات الدولية بسبب عمليات التهويد العنصرية

مع انتهاء نحو 300 عملية لتغيير أسماء الشوارع والأزقة والأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة إلى العبرية، أعلن مسؤول فلسطيني في رام الله أن السلطة سترفع شكوى إلى اليونيسكو، وستدرس رفع شكوى أخرى إلى محكمة الجنايات الدولية ضد حكومة إسرائيل بسبب هذا الاعتداء الخطير. وقال في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الخطوة تنطوي على عملية تهويد عنصرية تمس بالمسجد الأقصى المبارك، وتهدد الوجود الفلسطيني برمته في المدينة.
وكانت بلدية القدس الغربية قد بدأت، منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 عملية استبدال الأسماء العربية بأسماء عبرية في 300 موقع في الجزء المحتل من المدينة. ولم يسلم حتى المسجد الأقصى المبارك وباحاته والصخرة المشرفة من هذا الاعتداء، حيث وضعت لافتة على جميع بواباته كتب عليها بالعربية والعبرية «جبل الهيكل – الحرم الشريف». والمقصود بكلمة الهيكل هنا المعبد اليهودي القديم، هيكل سليمان، الذي هدم مرتين في التاريخ، وتصر إسرائيل على أن مسجد قبة الصخرة يقوم على ركامه.
وأعادت بلدية القدس، بقيادة نير بركات، المرشح على قائمة حزب الليكود للكنيست، تجديد اليافطات الصغيرة القديمة بيافطات كبيرة تحمل أسماء اختارتها سلطات الاحتلال لشوارع المدينة وأحيائها وأبوابها. وحمل بعض هذه اليافطات أسماء عبرية للشوارع والأحياء والأبواب، فيما حمل بعضها الآخر أسماء مشتركة عبرية وعربية، وبعضها أسماء عربية. وكمثال بسيط على ذلك فقد تغير اسم شارع «باب الواد» في المدخل الغربي للقدس إلى شارع «هجاي»، وشارع خان الزيت أصبح يحمل اسم شارع «حباد». كما جرى تغيير أسماء الحواري والتجمّعات السكنية، فأصبح حوش الشهابي، أو باب الحديد، يحمل اسم «الحائط الغربي الصغير»، وحي وادي حلوة أصبح اسمه «معلوت ديفيد»، وحي الفاروق أصبح يدعى «نوف تسيون»، والحي الأموي بيضون أصبح يسمى «معالي أرئيل»، وحي الصرفندي أو الفخارة أضحى يسمى «مشعول هتسيدك»، والدرج الموصل بين باب المغاربة حتى حي وادي حلوة أصبح يحمل اسم «شاعر هشمايم»، وشارع العين تحول إلى شارع «جوبيرا ديفيد».
وقد عللت بلدية القدس هذه الخطوة بأنها «عملية شرعية لإبراز طابع المدينة، التي تعتبر مقدسة للأديان الثلاثة».
إلا أن الفلسطينيين يعتبرون هذا المخطط جزءا من عملية تهويد القدس العربية المحتلة، التي بدأت منذ الاحتلال عام 1967 وضم المدينة إلى السيادة الإسرائيلية بشكل يتنافى والقانون الدولي. وبهذا الخصوص قال زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، إنّ عملية تغيير الأسماء تستهدف، عوضا عن التهويد، التخلص من أكبر عدد من الفلسطينيين في المدينة، مؤكدا أن هذا «المشروع يرتبط بالمخطط الهيكلي المعروف باسم (20 - 20) الهادف إلى تهويد القدس عبر إجبار السكان الأصليين العرب على الرحيل خارج حدود بلدية المدينة المصطنعة لمدينة القدس، حيث سيتوجب على سكان البلدة القديمة القيام بعملية تغيير العنوان في بطاقة الهوية، وفقا لأسماء الطرقات الجديدة. ومن يبقي الاسم القديم في بطاقته سيتم طرده واعتباره مواطنا غير شرعي. وبالتالي يمثل ذلك عملية إحصاء جديدة للسكان ستؤدي إلى مطالبة المواطنين بإثبات إقامتهم في القدس، عبر قائمة طويلة من المستندات التي تطلبها الداخلية التابعة للاحتلال في العادة من المواطنين المقدسيين». وأضاف الحموري أن هذه الممارسات تعتبر خرقا للقوانين الدولية، ولا تختلف عن جرائم الحرب في شيء.
والمعروف أن إسرائيل أقامت في القدس الشرقية، منذ احتلالها، 14 حيا استيطانيا في المدينة لليهود، وأتاحت إقامة جيوب استيطانية في قلب عدد من أحياء المدينة، خصوصا البلدة القديمة داخل الأسوار، التي لا تتجاوز مساحتها الكيلومتر المربع الواحد، كما أقاموا فيها 70 بؤرة استيطانية في الحيين المسيحي والإسلامي، يقطنها نحو ألف مستوطن. يضاف إلى هؤلاء نحو 2500 مستوطن يقطنون الحي اليهودي، الذي لم يكن يقطنه أي يهودي قبل احتلال المدينة عام 1967.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.