مصر تتطلع إلى تدخل دولي مُتعدد لحلحلة نزاع السد الإثيوبي

وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره التونسي عثمان الجرندي (الخارجية المصرية).
وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره التونسي عثمان الجرندي (الخارجية المصرية).
TT

مصر تتطلع إلى تدخل دولي مُتعدد لحلحلة نزاع السد الإثيوبي

وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره التونسي عثمان الجرندي (الخارجية المصرية).
وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره التونسي عثمان الجرندي (الخارجية المصرية).

تسعى مصر إلى تدخل دولي متنوع ومتعدد بهدف الضغط على إثيوبيا، على أمل الوصول إلى حل لنزاع «سد النهضة»، قبل شروعها في تنفيذ المرحلة الثانية لملء خزان السد، والمزمعة خلال أقل من 3 أشهر.
وتطالب مصر، وكذلك السودان، إثيوبيا بإبرام اتفاق نهائي قانوني ومُلزم، يحدد قواعد ملء وتشغيل السد، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، بما يمكنهم من تجاوز الأضرار المتوقعة للسد.
وبموازاة خطابات وجّهها إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، أنهى وزير الخارجية المصري سامح شكري جولة أفريقية واسعة شملت دول كينيا وجزر القمر وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية والسنغال والنيجر، واختتمها أمس بزيارة تونس، حاملاً رسائل من الرئيس عبد الفتاح السيسي حول تطورات ملف السد الإثيوبي، والموقف المصري في هذا الشأن.
ووفق بيان لوزارة الخارجية المصرية، أمس، فإن شكري وصل إلى تونس حاملاً رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، معرباً عن «تطلُع مصر إلى العمل مع مختلف الدول والأطراف المعنية من أجل حل هذه القضية على نحو يحول دون المساس بأمن واستقرار المنطقة». وتونس عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي.
وسبق زيارة تونس لقاء، جمع شكري برئيس السنغال ماكي سال؛ حيث قدّم له عرضاً حول أهم ما دار في اجتماعات كينشاسا الأخيرة، والتي تمت يومي 4 و5 أبريل (نيسان) الحالي ، وأكد أن مصر تحلت خلالها بإرادة سياسية للعمل على إطلاق مسار تفاوضي جاد يسفر عن اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل «سد النهضة» يحفظ حقوق ومصالح الدول الثلاث.
والسنغال هي عضو حالي في هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي، ومن المقرر أن يتم اختيارها لرئاسة الاتحاد، العام المقبل.
وانتهت جولة المفاوضات الأخيرة في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، من دون التوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير مخاوف في مصر والسودان من تأثيره على إمداداتهما من المياه وسلامة السدود.
وتتمسك إثيوبيا بتنفيذ المرحلة الثانية من ملء خزان السد في يوليو (تموز) المقبل، بصرف النظر عن إبرام الاتفاق.
وتسعى جولة شكري الأفريقية إلى الكشف عن «حالة عدم المرونة التي أظهرها الجانب الإثيوبي، عقب مفاوضات استمرت على مدار 10 سنوات»، وفق رئيس لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب المصري شريف الجبلي، الذي ناشد جميع الدول الأفريقية، دعم «حقوق مصر التاريخية في مياه النيل».
وأضاف الجبلي، في تصريح له، أن «العالم تابع مفاوضات سد النهضة، وأصبح على وعي وإدراك كاملين بتعنت الجانب الإثيوبي»، لافتاً إلى أن «مصر حريصة كل الحرص على حماية أمنها المائي، باعتباره جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، ولن تسمح أبداً بالمساس بحقوقها».
بدوره، أكد المجلس العربي للمياه أن الأمن المائي لكل من مصر والسودان «جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي».
وحذر المجلس، خلال احتفاله أمس بـ«اليوم العالمي»، و«اليوم العربي» للمياه، من استمرار تفاقم العجز العربي، ودخول 14 دولة عربية ضمن قائمة الدول الأكثر معاناة من ندرة المياه على مستوى العالم.
كما أكد على ضرورة الإسراع بتنفيذ مخطط شامل للتحرك على المستويين القطري والقومي، وفق استراتيجيات تضمن مواجهة العجز المائي العربي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.