«ع مفرق طريق»... فيلم محلي يحظى باعتراف عالمي

يتناول قصة رومانسية كوميدية تغلب عليها الطبيعة اللبنانية

لارا سابا مخرجة «ع مفرق طريق» خلال تصويرها الفيلم
لارا سابا مخرجة «ع مفرق طريق» خلال تصويرها الفيلم
TT

«ع مفرق طريق»... فيلم محلي يحظى باعتراف عالمي

لارا سابا مخرجة «ع مفرق طريق» خلال تصويرها الفيلم
لارا سابا مخرجة «ع مفرق طريق» خلال تصويرها الفيلم

انطلقت مسيرة الفيلم اللبناني «ع مفرق طريق» بزخم بعدما حصد جائزة مهرجان مالمو في السويد. وهي تعد بداية موفقة لفيلم محلي نال جائزة التسويق للأفلام التي هي في مراحل ما بعد الإنتاج، المشاركة في المهرجان ضمن فئة الفيلم العربي.
الفيلم من كتابة جوزفين حبشي وإخراج لارا سابا وإنتاج مشترك بين «إيه آر تي» و«أكاندا غروب». ويتناول قصة رومانسية كوميدية خفيفة تدور في لبنان وقد اختيرت منطقة وادي قنوبين الجبلية لتصويرها.
رأت المخرجة لارا سابا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنّ هذه الجائزة «تدفعنا إلى شق طريقنا بثبات وثقة. فهي تسهم في تقديم خدمات تسويقية عديدة تحتاج إليها الأفلام السينمائية ككل».
وتقول سابا إنّ قصة الفيلم تأخذ مُشاهدها إلى مساحة هادئة، وتزوّده بحفنة من الأكسجين، في ظل فترة صعبة يعيشها في زمن الوباء. وتضيف: «لقد تمسكت في تصوير الفيلم ببقعة طبيعية من لبنان رائعة الجمال. فرواية الفيلم إضافة إلى أنّها ذات خلفية خفيفة الظل، إلّا أنّها تعيدنا إلى جذورنا وإلى أرضنا. فتخرجنا من قوقعة عانينا منها خلال الوباء، وتُذكّرنا بأهمية بلدنا ومقوماته الطبيعية».
يشارك في التمثيل مجموعة من الفنانين اللبنانيين في مقدمهم شادي حداد، وربى زعرور، وجوليا قصار، وبيتي توتل، وميرنا مكرزل، وسينتيا كرم، ورفعت طربيه، وشربل زيادة، وغيرهم. وتعلق المخرجة في سياق حديثها: «لقد بذل فريق العمل مجهوداً كبيراً لتنفيذ الفيلم على أكمل وجه. وكان منسجماً ومتناغماً بحيث شكّل مع جميع أفراده من تقنيين ومصورين وممثلين عائلة لبنانية حقيقية. فالميزانية المرصودة للعمل كانت أقل من المطلوب، ولكننا وثقنا في الفيلم، وبما يحمله من جمالية سينمائية وعودة إلى الجذور ونفذناه بحب».
غالبية مشاهد الفيلم صُوّرت في وادي قنوبين، وتبرز طبيعة القرية اللبنانية وبساطة أهلها. «لقد عشنا في هذه المنطقة نحو 20 يوماً متتالياً وتشبعنا من تقاليدنا وعاداتنا الحلوة». وتتابع لارا سابا: «الجميع أعطى من قلبه ومن دون تردد وقدموا أداءً رائعاً، حتى إنّ الديكورات تعتمد على مناظر طبيعية خلابة لتكتمل رسالة الفيلم، فيكون لبنانياً بامتياز».
وتؤكد المخرجة التي لديها تجربة سابقة في عالم السينما بعنوان «قصة ثواني»، أنّ جمال الطبيعة، مع إحساس تمثيلي مرهف نتج عنهما صورة متكاملة لفيلم نلمس فيه غزارة المشاعر، ضمن نص لم يتّكل على المواعظ وكثرة الكلام.
وعن الصعوبة التي واجهتها في هذه التجربة، توضح سابا: «كل تجربة عمل تتضمن صعوبات معينة، وهي تكمن في عملية ولادة لقصة بصور سينمائية. فقد صوّرنا العمل في فترة الوباء، ولكنّه استطاع أن يُخرجنا من عالمنا، ومما يدور حولنا، وغصنا في حلم كبير، سيلمسه المشاهد».
إمكانية اشتراك «ع مفرق طريق» في مهرجانات عالمية واردة، بُعيد الانتهاء من المونتاج. وتوضح مخرجته في سياق حديثها: «من المتوقع أن تنتهي عملية توضيب الفيلم والمونتاج في شهر يونيو (حزيران). ونحن تواقون لتقديمه في مهرجانات عالمية، مع أنّ موضوعه الكوميدي غير مرغوب به عادةً. إنّنا في الوقت نفسه متحمسون لهذه التجربة، ونتأمل لها في المقابل النجاح في صالات السينما».
بطل العمل الممثل شادي حداد يصف لـ«الشرق الأوسط» طبيعة تجربته في هذا الفيلم ويقول: «لقد كانت تجربة فريدة من نوعها، استمتعنا بها كفريق عمل، خصوصاً أنّ أيدينا تشابكت من أجل تنفيذه على أكمل وجه». وعن طبيعة دوره في الفيلم يقول: «الدور خفيف الظل ورومانسي في آن. ألعب شخصية (هادي نجم)، الذي يقصد مكاناً بعيداً عن زحمة المدينة بعد مواجهته مشكلة في حياته. وللصدف يلتقي هناك فتاة تعاني المشكلة نفسها، وتبدأ بينهما قصة حب جميلة. فترصد رسائل اجتماعية وأخرى عن لبنان الذي نحب».
شارك حداد في أفلام كثيرة من بينها «يربوا بعزكن» و«قصة ثواني» و«من أجلكم» وغيرها. وحصد جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج السينمائي عن دوره في فيلم «إنسان شريف».
ويختم حداد لـ«الشرق الأوسط»: «أملنا كبير في هذا الفيلم وبالصدى الذي يمكن أن يتركه لدى المشاهد. كما أنّنا نعوّل عليه للإضاءة على لبنان الذي نحب بعيداً عمّا شوهته السياسة وأزمات الاقتصاد. فما سترونه في الفيلم يحكي لبنان الحقيقي المحفور في ذاكرة الناس. وسيكون بمثابة متنفس وطاقة أمل خصوصاً أنّنا صورناه بُعيد انفجار بيروت وكنا نشعر بالحزن على مدينتنا. إلا أنّ الأجواء الإيجابية التي رافقته مع فريق عمل رائع إضافة إلى موقع التصوير، كلها ذللت الصعاب، ووجدنا أنفسنا نجاهد بالثقافة والفنون لإعادة الوجه المضيء لبلدنا».


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».