هل حان وقت تجربة متصفّح إلكتروني جديد؟

للمستخدمين القلقين على خصوصيتهم

هل حان وقت تجربة متصفّح إلكتروني جديد؟
TT

هل حان وقت تجربة متصفّح إلكتروني جديد؟

هل حان وقت تجربة متصفّح إلكتروني جديد؟

تحوّل استخدام المتصفحات الإلكترونية إلى عادة بالنسبة لمعظم النّاس.
إذا كنتم تستخدمون «مايكروسوفت إدج» لتصفّح شبكة الإنترنت، فهذا يعني أنّكم غالباً تعملون ببرنامج ويندوز. وإذا كنتم تستخدمون متصفّح «سافاري»، فهذا يعني غالباً أنّكم من زبائن آبل. أمّا في حال كنتم من مستخدمي «كروم»، فهذا يعني أنّكم تملكون هاتفا أو لابتوباً من غوغل، أو أنكم حمّلتم متصفّح غوغل على جهازكم الخاص بعد استخدامه على الكومبيوتر في المدرسة أو العمل.
بمعنى آخر، يقع اختيار المستخدمين عادة على المتصفّحات الشّائعة والمألوفة، ومن السّهل جداً أن يُغرم المستخدم بأحد المتصفّحات لأنّها جميعها تطبيقات سريعة وقادرة وتخدم الهدف نفسه: زيارة موقعٍ إلكتروني.
إذن، طالما أنّ الفروقات بينها طفيفة، لماذا نكلّف أنفسنا عناء البحث عن خيار آخر؟
متصفح شخصي
آمل أن أنجح في إقناعكم في نهاية هذا المقال بتجربة شيء آخر: نوعٌ جديد من أدوات الملاحة الإلكترونية يُعرف باسم المتصفّح الشخصي. ظهر هذا النّوع من المتصفّحات من علامات تجارية أقلّ شهرة كـ«داك داك غو» DuckDuckGo و«برايف» Brave خلال السنوات الثلاث الماضية. ولكنّ المميّز فيها هو أنّها تجمع كميّة أقلّ من البيانات عن مستخدميها من خلال حجبها للتقنيات المستخدمة للتعقّب.
بشكلٍ عام، تقدّم معظم محرّكات البحث التقليدية وتحديداً «غوغل كروم» أفضل الخدمات. وبينما تضمّ بعض المحرّكات كـ«سافاري» و«فايرفوكوس» إعدادات وقائية للتعقّب، تركّز العلامات التجارية الأقلّ انتشاراً أكثر على حماية الخصوصية.
وصلنا اليوم إلى نقطة تحوّل فيما يتعلّق بالخصوصية الرقمية لا سيما أن صناعة الإعلانات الإلكترونية تشارف على التوقّف عن استخدام ملفّات إعداد الارتباط وهي عبارة عن رموز مزروعة في محرّكات البحث التي نستخدمها ومهمّتها ملاحقتنا من موقعٍ إلى آخر والمساعدة في استهدافنا بالإعلانات. تحاول شركة غوغل والتي يعتبر محرّكها البحثي الأكثر استخداماً في العالم منذ مدّة تطوير وسيلة جديدة لاستهدافنا بالإعلانات دون الاعتماد على هذه الملفّات.
ولكن دعونا لا ننتظر هذه المرحلة لأنّنا نستطيع ومنذ اليوم أن نتّخذ قراراً بعدم السماح بتعقّبنا من الآن فصاعدا.
تقول جيني جيبهارت، مديرة الحقوق الرقمية في منظّمة «إلكترونيك فرونتيير فاونديشن» (منظّمة الحدود الإلكترونية) غير الربحية التي تتابع المسائل المتعلّق بالخصوصية: «نقف اليوم أمام مفترق طرق. تبحث الشركات التي تحقّق أرباحاً عن طريق استهداف مستخدميها بالإعلانات، ومنها غوغل عن وسيلة جديدة للاستمرار بهذه المسرحية. لقد حان وقت حصول المستخدمين على المعرفة اللازمة ليحدّدوا خيارهم».
على عكس محرّكات البحث التقليدية، تأتي المتصفّحات الشخصية بأشكالٍ عديدة وتخدم أهدافاً مختلفة.
اختبارات ميدانية
على مدارِ أسبوعٍ كاملٍ، اختبرتُ ثلاثة متصفّحات من هذا النّوع هي «داك داك غو» و«بريف» و«فايرفوكس فوكوس» Firefox Focus وتفاجأتُ باقتناعي أخيراً بالانتقال إلى متصفّح «برايف» واعتماده محرّك بحث رئيسي على هاتفي الآيفون. وإليكم ما حصل.
*ما المتصفّح الخاص؟ من المهمّ جداً أن نعرف ما تفعله المتصفّحات الخاصّة وما الذي لا تفعله ولهذا السبب، سنلقي نظرة على ما تخفيه.
تضمّ المتصفّحات الخاصّة عادة تقنيات شبكية تستخدم منذ سنوات:
- تعتمد على ما يُسمّى الوضع الخاص والذي يُعرف أيضاً بالوضع الخصوصي private mode، وهو جلسة تصفّح لا تسجّل تاريخاً عن المواقع الإلكترونية التي زرتموها. يعتبر هذا الأمر مفيداً لكم إذا كنتم لا ترغبون بأن يتمكّن أشخاصٌ آخرون من الدخول إلى جهازكم للتلصّص عليكم.
- تستخدم المتصفّحات الخاصّة أيضاً ما يُعرف بحاجبات المتعقّبات tracker blockers التي يتمّ غالباً تحميلها كبرنامج إضافي في المتصفّح. تعتمد الحاجبات على لائحة من المتعقّبات المعروفة التي تجمع المعلومات المتعلّقة بهوية المستخدم. عند تحميلكم لأي موقعٍ إلكتروني، يرصد البرنامج هذه المتعقّبات ويمنعها من ملاحقتكم من موقعٍ إلى آخر. ولكنّ الجانب السلبي المؤثّر لهذه المقاربة هو أنّ حجب هذه البرامج قد يؤدّي إلى انهيار بعض المواقع الإلكترونية وتعطّل بعض العناصر كبطاقات التبضّع والفيديوهات.
تشغّل المتصفّحات التي تركّز على الخصوصية عادة وضع الخصوصية غيابياً أو تبادر إلى حذف تاريخ تصفّحكم بشكلٍ تلقائي فور مغادرتكم لها. تضمّ المتصفّحات أيضاً وسائل وقائية مدمجة لردّ التعقّب تتيح لها حجب المتعقّبات التي تستخدم مقاربات تضعف تفكيك المواقع الإلكترونية.
ولكنّ المتصفّحات الخاصّة لا تمنع مزوّد خدمة الإنترنت من الاطلاع على المواقع الإلكترونية التي تزورونها. لذا، إذا كنتم في عطلة واستخدمتم اتصال الواي - فاي المتوفّر في الفندق، فلن يستطيع المتصفّح الخاص حجب معلومات تصفّحكم عن مزوّد خدمة الإنترنت هناك. لهذا النّوع من الحماية، يجب الاتصال بشبكة خاصّة افتراضية وهي عبارة عن تقنية تعتمد على نفقٍ افتراضي يحمي معلومات التصفّح الخاصّة بكم.
فروق بين المتصفحات
*تعرّفوا على الفروق بين المتصفّحات الخاصّة. تتشابه متصفّحات «فايرفوكس فوكوس» و«داك داك غو» و«برايف» بين بعضها ولكنّها أيضاً تخفي فروقات مهمّة.
- يضمّ متصفّح «فايرفوكس فوكوس» المتوفّر على الأجهزة المحمولة فقط كالآيفون وهواتف الآندرويد الذكية، المكوّنات الأساسية التي يُبحث عنها عادة في أي متصفّح. يطبع المستخدم فيه عنواناً إلكترونياً، وعند الانتهاء من التصفّح، يمكنه النقر على رمز القمامة لحذف الجلسة، فضلاً عن أن مغادرة التطبيق تؤدّي إلى حذف التّاريخ تلقائياً. عند تحميلكم لأي موقعٍ إلكتروني، يعتمد المتصفّح على قاعدة بيانات للمتعقّبات لتحديد التي تستوجب الحجب منها.
- يتوفّر «داك داك غو» أيضاً للأجهزة المحمولة فقط ولكنّه متصفّح أكثر تقليدية، ما يعني أنّه يتيح لكم تحديد إشارات مرجعية وفتح أكثر من نافذة تصفّحية.
عندما تستخدمون شريحة البحث فيه، يستعيد المتصفّح النتائج من محرّك بحث «داك داك غو» الذي تدّعي الشركة المالكة له أنّه أكثر تركيزاً على الخصوصية لأنّ إعلاناته لا تتعقّب سلوك المستخدمين الإلكتروني. علاوة على ذلك، يمنع «داك داك غو» المتعقّبات الإعلانية من التحميل. عند الانتهاء من التصفّح، انقروا على رمز الشعلة في أسفل الشّاشة لحذف الجلسة.
- بدوره، يعتبر «برايف» أيضاً أقرب إلى المتصفّحات التقليدية المزوّدة بتقنية مقاومة للتعقّب وبمزايا كالإشارات المرجعية وتعدّد النوافذ. يضمّ هذا المتصفّح وضع الخصوصية الذي يجب تشغيله إذا كنتم لا ترغبون بوصول الآخرين إلى تاريخ تصفّحكم.
يتّسم «برايف» بالصرامة لجهة حجب المتعقّبات إلى درجة أنه يمنع الإعلانات من الظهور بشكلٍ كامل بينما يحجب المتصفّحان الآخران الإعلانات بوتيرة أقلّ.
يعتبر معظم النّاس عدم ظهور الإعلانات مكسباً لهم. أمّا بالنسبة لأولئك الذين يريدون ردّ جميل ناشرٍ تمّ حجب إعلاناته، يستضيف «برايف» شبكة خاصّة للإعلانات يمكنكم استخدامها. ومقابل مشاهدة إعلانات لا تتعقّب سلوككم، ستحصلون على نسبة من العائدات على شكلِ عملة رمزية يمكنكم منحها للمواقع التي تحبّونها. (تجدر الإشارة إلى أنّ هذه العملات تُعطى للمواقع التي تجمعها شراكة ببرايف فقط).
معركة المتصفّحات
اختبرتُ المتصفّحات الثلاثة المذكورة أعلاه على هاتفي الآيفون واستخدمتُ كلّ واحدٍ منها كمتصفّح رئيسي لبضعة أيّام. ووجدتُ أنّ ثلاثتَها تضمّ زراً يتيح للمستخدم معرفة عدد المتعقّبات التي حُجبت عند تحميل المواقع. لاختبار هذا الزر، زرتُ موقع صحيفة «نيويورك بوست» الذي يحمّل 83 متعقّباً دون أي إجراءات وقائية. وكان عدد المتعقّبات المحجوبة 15 في «داك داك غو» و22 في «برايف»، بينما حجب «فاير فوكس فوكوس» 45 من أصل 83.
ولكنّ هذه الأرقام لا تكشف القصّة الكاملة، فقد عمل متصفّح «فايرفوكس فوكوس» أحياناً على تفكيك عناصر المواقع الإلكترونية ما أدّى إلى فشل تحميل الفيديوهات، وعدم إقفال نوافذ الإعلانات على بعض المواقع.
شرحت سيلينا ديكلمان، مسؤولة تنفيذية في شركة «موزيلّا» التي تملك «فايرفوكس» أنّ الإجراءات الحمائية الصارمة في «فايرفوكس فوكوس» يمكن أن تؤدّي أحياناً إلى انهيار المواقع الإلكترونية، وأنّ الشركة عملت مع الناشرين لضمان تحميل مواقعهم بشكلٍ صحيح.
لم أعان من مشاكل كثيرة عندما استخدمتُ «برايف» أو «داك داك غو» رغم بعض العلل الصغيرة. في حالة واحدة فقط، كنتُ أستخدم «داك داك غو» لتصفّح موقع «واير كاتر» المتخصص في تقييم المنتجات الجديدة التّابع لصحيفة «نيويورك تايمز»، وغابت أسماء بعض المنتجات بسبب فشله في تحميلها رغم استمرار الموقع بالعمل بشكلٍ طبيعي، ما بدى لي غريباً بعض الشيء.
وأخيراً، أعتقد أنّكم ستشعرون بالرّاحة لاستخدام أي من هذه المتصفّحات الخاصّة حتّى ولو لم تجعلوه متصفّحكم الرئيسي لأنّه ضروري جداً في بعض الأبحاث الحسّاسة كتلك المرتبطة بصحّتكم على شبكة الإنترنت.
أمّا بالنسبة لي، فيجب أن أعترف أنّ «برايف» أذهلني لأّنه حمّل مواقعي المفضّلة دون مشاكل ومنحني شعوراً بالرضا عندما أتاح لي تصفّحها دون إعلانات، فضلاً عن المرونة التي منحني إيّاها لمشاهدة الإعلانات التي أريدها في أي وقت. من جهته، قال بريندان إيتش، المسؤول التنفيذي في «برايف»، إنّ متصفّح الشركة يحجب ملفّات تعريف الارتباط «دون رحمة. إذا استخدم النّاس برايف بأعداد كبيرة، لا شكّ في أنّه سيقضي على الاقتصاد القائم على التعقّب».
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

تكنولوجيا أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

تظهر دراسة جديدة لشركة «سايلزفورس» تراجع الثقة بالشركات لدى 72 في المائة من العملاء حول العالم.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)

دراسة جديدة: نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية تفتقر لفهم حقيقي للعالم

تشير دراسة حديثة إلى أن نماذج اللغة الكبيرة تفتقر إلى فهم حقيقي للعالم، إذ تتفوق في مهام ثابتة، لكنها تتعثر مع تغييرات بسيطة، ما يثير تساؤلات حول جدواها.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد زوار في جناح شركة «أميركان إكسبريس السعودية» بمؤتمر «سيمليس» للمدفوعات الرقمية بالرياض (الشركة) play-circle 01:34

«أميركان إكسبريس السعودية»: البنية التحتية المتطورة تدعم زيادة إنفاق السياح

يرى الرئيس التنفيذي لشركة «أميركان إكسبريس السعودية» أن البنية التحتية المتطورة للمدفوعات الرقمية بالسعودية وزيادة نقاط البيع تعززان إنفاق السيّاح.

عبير حمدي (الرياض)
تكنولوجيا ستحدد انتخابات 2024 كيفية تطوير التكنولوجيا وحماية خصوصية المستخدمين ومستوى التدخل الحكومي في ذلك القطاع (أدوبي)

كيف ستؤثر الانتخابات الرئاسية الأميركية على مستقبل التكنولوجيا؟

ستتأثر السياسات التكنولوجية بنتائج الانتخابات الأميركية بشكل كبير بسبب اختلاف رؤى كل مرشح حول تنظيم الذكاء الاصطناعي وخصوصية البيانات ومكافحة الاحتكار.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا توفر «غاما» منصة ذكية لإنشاء العروض التقديمية بسرعة معتمدة على الذكاء الاصطناعي لتبسيط عملية التصميم (غاما)

كيف تسهّل منصة «غاما» العروض التقديمية عبر الذكاء الاصطناعي؟

يمكن الآن للمستخدمين تحويل أفكارهم إلى شرائح عرض احترافية وجاهزة في ثوانٍ، ودون عناء التنسيق اليدوي.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)
أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)
TT

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)
أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)

تُعد ثقة العملاء حجر الأساس للعلامات التجارية التي تسعى إلى النجاح. ومع ذلك، كشفت أبحاث جديدة من شركة «سايلزفورس» (Salesforce) أن ثقة المستهلكين في الشركات بلغت أدنى مستوياتها، حتى مع زيادة الطلب على التفاعلات الرقمية السلسة والموثوقة. يبرز تقرير «سايلزفورس» بعنوان «حالة العملاء المتصلين بالذكاء الاصطناعي» التأثير الذي يحدثه الذكاء الاصطناعي على هذه العلاقة المتطورة، مما يشير إلى ضرورة أن تركز العلامات التجارية على الشفافية والتناسق وسهولة الاستخدام لاستعادة الثقة والحفاظ على ولاء العملاء. ومع تحول الذكاء الاصطناعي إلى جزء أساسي من رحلة العملاء، يستعرض هذا البحث كيفية تعامل الشركات بفاعلية مع تحديات الثقة في عالم يعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي.

انخفاض في ثقة المستهلكين

أُجريت أبحاث «سايلزفورس» بالتعاون مع «يوغوف» (YouGov) بمشاركة أكثر من 15.000 مستهلك من 18 دولة، لتسليط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجهها العلامات التجارية. ووفقاً للتقرير، فإن 72 في المائة من المستهلكين يثقون بالشركات أقل مما كانوا عليه قبل عام، بينما يشعر 65 في المائة بأن الشركات تتعامل مع بيانات العملاء بشكل متهور. وقد ازدادت هذه المخاوف مع تزايد انتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تؤثر على التفاعلات مع المستهلكين، وتجارب التسوق، وممارسات التعامل مع البيانات. ويعتقد ما يقرب من 60 في المائة من المستهلكين أن ارتفاع استخدام الذكاء الاصطناعي جعل الثقة أكثر أهمية من أي وقت مضى في علاقتهم بالعلامات التجارية.

الدراسة: أكثر من ثلث المستهلكين يفضلون العمل مع وكيل ذكاء اصطناعي من أجل تجنب تكرار ما يقوله الوكيل البشري (أدوبي)

الثقة في عالم رقمي أولاً

بالإضافة إلى مخاوف الثقة، تُظهر الأبحاث أن توقعات المستهلكين أصبحت أعلى من أي وقت مضى. اليوم، يطالب العملاء بتجارب سلسة عبر القنوات، حيث يتوقع 69 في المائة منهم تقديم خدمة موحدة بغض النظر عن المنصة المستخدمة. كما يفضل نحو 60 في المائة من المستهلكين استخدام خطوات أقل للحصول على المعلومات أو إتمام المهام، مما يؤكد على أهمية تجربة مستخدم سلسة.

يتجاوز هذا التفضيل الكفاءة والسهولة إلى التأثير المباشر على الولاء. وجد التقرير أنه في حين تظل العروض الخاصة والخصومات عوامل قوية، فإن جودة الخدمة المستمرة والتفاعلات المريحة هي المحركات الحقيقية للولاء طويل الأمد. إذا فشلت العلامة التجارية في تلبية هذه التوقعات، فإن 43 في المائة من المستهلكين سيتوقفون عن الشراء مرة أخرى بسبب تجربة خدمة غير مُرضية. بالإضافة إلى ذلك، أشار أكثر من ثلث المستهلكين إلى أن التجارب غير المريحة، مثل عمليات الإرجاع الصعبة، هي سبب قد يدفعهم للتحول إلى منافس آخر.

يؤكد مايكل أفونتي، نائب رئيس «سايلزفورس» والمدير العام لمنصة «كومورس كلاود» (Commerce Cloud) على الحاجة الملحة للعلامات التجارية لمواءمة استراتيجياتها مع هذه المتطلبات. ويقول: «في عصر الرقمنة، يجب على الشركات تبني حلول الذكاء الاصطناعي التي توفر تجارب سلسة مع التركيز على الشفافية والثقة».

مايكل أفونتي نائب الرئيس الأول والمدير العام لـ«كلاود كومورس» في شركة «سيلزفورس» (Salesforce)

انفتاح الشباب على الذكاء الاصطناعي

من اللافت للنظر أن الأجيال الشابة، وخاصة «جيل زد» و«جيل الألفية» أكثر انفتاحاً على استخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي لخدمة العملاء مقارنةً بالأجيال الأكبر سناً. ويكشف التقرير أن 43 في المائة من هؤلاء المستهلكين الشباب يرون أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يرفع من مستوى تجربتهم، مقارنةً بنسبة 32 في المائة فقط من جيل طفرة المواليد. علاوة على ذلك، فإن مستهلكي «جيل زد» و«جيل الألفية» ليسوا فقط مرتاحين لوكلاء الذكاء الاصطناعي، بل ينظرون إليهم كأدوات مفيدة لتخصيص رحلات التسوق وتوقع احتياجاتهم.

على سبيل المثال، صرح ما يقرب من ثلث مستهلكي «جيل زد» و«جيل الألفية» بأنهم يشعرون بالراحة في السماح لوكيل ذكاء اصطناعي بالتسوق نيابةً عنهم، مما يفتح أمام العلامات التجارية فرصة فريدة. فوكلاء الذكاء الاصطناعي، الذين يُعدون أنظمة مستقلة تتعامل مع استفسارات العملاء دون تدخل بشري، يزداد انتشارهم بسبب قدرتهم على تقديم استجابات فورية وخدمة مخصصة. في فترات الطلب المرتفع أو للمهام الروتينية، يمكن لهؤلاء الوكلاء ضمان خدمة أسرع وأكثر اتساقاً، مما يوفر لموظفي الخدمة البشرية وقتاً للتعامل مع القضايا المعقدة. وتشير أبحاث «سايلزفورس» إلى أن هذا الانفتاح يقدم للعلامات التجارية مساراً واضحاً نحو المستقبل، من خلال تقديم تفاعلات ذكاء اصطناعي موثوقة وشفافة لبناء علاقة قوية مع العملاء الشباب وتعزيز ولائهم.

الشفافية وأمان البيانات

تشدد النتائج أيضاً على الدور الحاسم للشفافية في عصر الذكاء الاصطناعي. فمع إبداء ما يقرب من نصف المستهلكين مزيجاً من الفضول والشك تجاه الذكاء الاصطناعي، يجب على العلامات التجارية معالجة هذه المخاوف بشكل استباقي. ورغم أن بعضهم يرون الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي، فإن كثيرين يشعرون بالقلق، حيث يشعر 44 في المائة منهم بالشك و41 في المائة بالفضول تجاه دور الذكاء الاصطناعي في حياتهم.

بالنسبة للعلامات التجارية، يمثل هذا لحظة حاسمة لبناء الثقة من خلال توضيح تقنيات الذكاء الاصطناعي. ووفقاً للتقرير، فإن ثلاثة أرباع المستهلكين يرغبون في معرفة متى يتفاعلون مع وكيل ذكاء اصطناعي، و45 في المائة منهم أكثر ميلاً لاستخدام خدمة العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي إذا كان هناك مسار تصعيد واضح إلى ممثل بشري. بالإضافة إلى ذلك، يفضل 44 في المائة أن تقدم العلامات التجارية شروحات واضحة لكيفية عمل التفاعلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما قد يخفف من المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات وعمليات اتخاذ القرارات.

أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)

معالجة راحة وموثوقية المستهلكين

يكشف البحث عن جانب آخر مهم متعلق بكيفية معالجة الذكاء الاصطناعي أحد أكبر المخاوف لدى المستهلكين وهي الراحة. فقد أشار أكثر من ثلث المشاركين إلى أنهم يفضلون التعامل مع وكيل ذكاء اصطناعي بدلاً من ممثل بشري لتجنب تكرار أنفسهم، بينما 30 في المائة منهم يختارون الذكاء الاصطناعي للحصول على خدمة أسرع. ويتردد هذا العامل الخاص بالراحة بشكل أكبر لدى الأجيال الشابة الذين يرون الذكاء الاصطناعي أداة لتحسين تجربتهم الكلية.

ومع ذلك، لبناء الثقة الحقيقية في التفاعلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون وكلاء الذكاء الاصطناعي ليسوا فقط متاحين، بل تكون هناك موثوقية أيضاً. إن ضمان تجربة مستخدم سلسة مع أداء ثابت عبر النقاط المختلفة، إلى جانب التواصل الشفاف، يمكن أن يسد فجوة الثقة. وكما يوضح أفونتي أن العلامات التجارية التي تعطي الأولوية للعمليات المفتوحة الواضحة وحماية البيانات القوية ستجد نفسها في موقع أفضل على المدى الطويل، حيث ستلبي توقعات العملاء من حيث الخدمة والثقة.

تحقيق الولاء طويل الأمد

في حين يقدم الذكاء الاصطناعي فرصاً واعدة للعلامات التجارية، فإن نجاحه يعتمد على الثقة والشفافية. من خلال تبني نهج متوازن يستفيد من الذكاء الاصطناعي لتحقيق الكفاءة، مع الحفاظ على التواصل الواضح وسلامة البيانات، يمكن للعلامات التجارية تعزيز الولاء طويل الأمد وإعادة تشكيل توقعات العملاء في عالم يعتمد على التكنولوجيا. ومع زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في التفاعلات مع المستهلكين، ستبرز الشركات التي تركز على الشفافية والأمان والراحة في سوق تنافسي متزايد.