هيل يتهم أطرافاً داخلية بعرقلة تشكيل الحكومة استجابة للضغوط الإيرانية

TT

هيل يتهم أطرافاً داخلية بعرقلة تشكيل الحكومة استجابة للضغوط الإيرانية

أبلغ وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد هيل، القيادات اللبنانية التي التقاها في زيارته الوداعية بأن هناك مشكلة داخلية تؤخر تشكيل الحكومة، وأن بعض الأطراف تستعصي على تشكيلها استجابة للضغوط الإيرانية، وحذر من ربطها بالتطورات الجارية في المنطقة وبإمكانية الوصول إلى اتفاق في المفاوضات غير المباشرة التي تستضيفها فيينا بين الولايات المتحدة وإيران، مع أنه لن يكون سهلاً وقد يحتاج إلى وقت طويل، وهذا ما يلحق بلبنان مزيداً من التهرؤ.
ودعا هيل - كما نقلت عنه بعض القيادات التي التقاها لـ«الشرق الأوسط» - إلى «عدم الرهان على المفاوضات الأميركية - الإيرانية بذريعة أن نتائجها ستؤثر إيجاباً على مسار الأزمة اللبنانية؛ لأنه ليس هناك من يضمن أن لبنان سيكون في عداد الدول المستفيدة منها». وشدد، بحسب هؤلاء، على «ضرورة تشكيل حكومة مقبولة عربياً ودولياً قادرة على أن تستعيد ثقة المجتمع الدولي وتستجيب لمتطلبات الشعب وتطلعاته بعد أن انتفض في 17 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 على واقعه المأزوم مطالباً بتحقيق الإصلاحات وبمكافحة الفساد»، ورأى أن «مفتاح تقديم المساعدات للبنان لن يكون إلا بتشكيل حكومة غير الحكومات السابقة التي تتحمل مسؤولية انهيار البلد».
ونقلت هذه القيادات عن هيل قوله إن «الحكومة المطلوبة يجب أن تلتزم بالمبادرة الفرنسية وبالإصلاحات الواردة فيها؛ لأنها من دون هذه المواصفات لا يمكنها التفاوض مع صندوق النقد الدولي طلباً للمساعدة المالية، خصوصاً أن التفاهم معه يشكل المدخل للحصول على مساعدات من المجموعة الدولية لأصدقاء لبنان».
وأكد هيل أن لبنان «يرزح حالياً تحت وطأة المخاطر التي لا يمكن التصدّي لها، ومعالجة الأضرار الكبرى الناجمة عنها لن تكون إلا بتشكيل حكومة مهمة»، في إشارة منه إلى أنه «لا جدوى من تعويم الحكومة المستقيلة».
ولاحظ عدد من القيادات أن هيل «توخّى من زيارته الوداعية للبنان توجيه رسالة تحت عنوان أن: واشنطن لن تترك حلفاءها. وذلك بخلاف الاعتقاد السائد» - بحسب قول بعض القيادات التي التقاها بأنها تتركهم - «في الوقت الذي تحاول فيه إيران أن تضع يدها على البلد، وبالتالي فهي حريصة عليهم لمنع الإخلال بالتوازن السياسي في لبنان».
ومع أن هيل لمح إلى أن العقوبات ستبقى قائمة على طهران، وأن واشنطن لن تعيد النظر فيها ما لم تقرر عملياً العودة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه إبان تولّي باراك أوباما الرئاسة الأميركية، فإنه في المقابل شدد على أن هناك رزمة من العقوبات ستستهدف من يعرقل تشكيل الحكومة.
وتطرّق هيل إلى التجاذبات التي ترتبت على تعديل المرسوم لزيادة حصة لبنان في المساحة البحرية بالمنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل، ودعا إلى «إخراج المفاوضات من هذه التجاذبات التي يمكن أن تؤدي إلى نسف المفاوضات غير المباشرة بين البلدين برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية». وحذر من «عودة المفاوضات إلى نقطة الصفر، وهذا ما يعوق تحول لبنان إلى دولة نفطية يمكن أن تؤدي إلى الإفادة الاقتصادية منها لخفض منسوب الأزمات التي تزداد بسرعة لا يمكن السيطرة عليها».
وفي هذا السياق، نقل هيل إلى القيادات اللبنانية رد فعل إسرائيل في حال أن لبنان قرر السير في تعديل المرسوم؛ وفيه دعوة الجانب اللبناني إلى الأخذ بالعلم بأنه لا مجال لمعاودة المفاوضات، كما نصحها بمعاودة استئناف المفاوضات انطلاقاً من النقطة التي وصلت إليها قبل أن تتوقف بسبب إصرار الوفد العسكري اللبناني على التقيُّد بالمرسوم المعدّل.
وحذر هيل من أن «وقف المفاوضات سيدفع بإسرائيل للالتفات إلى التنقيب عن النفط في هذه المنطقة»، كما لمح إلى أن الخط الذي كان رسمه فريدريك هوف (الوسيط الأميركي السابق) بين بيروت وتل أبيب «لم يعد مادة للتفاوض، وإلا فلماذا أبدى استعداد واشنطن لتقديم مساعدة فنية في هذا الملف للبنان؟».
وهناك من فسّر كلام هيل حول الخلاف اللبناني - الإسرائيلي حول ترسيم الحدود كأنه يلمّح إلى «تجميد الوساطة الأميركية ما لم يبادر لبنان إلى إعادة النظر في تعديل المرسوم».
وفي المقابل، فإن مصادر مواكبة للأجواء التي سادت محادثات هيل في بيروت ترجّح أن الموفد الأميركي «لم يبلع إصرار الجانب اللبناني على تعديل المرسوم»، وتعزو الأمر إلى أن «الرئيس ميشال عون استفاد من الإحداثيات الجديدة التي وضعتها قيادة الجيش والتي استدعت إدخال تعديلات خاصة بها ليقدم نفسه (أي عون) على أنه الأحرص على الحقوق الوطنية للبنان وضرورة استرجاعها.
إضافة إلى أنه يريد حشر رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب بدعوة مجلس الوزراء لجلسة استثنائية لإقراره لتعويم الحكومة وتأخير تشكيل العتيدة، مع أنه سبق أن أُقرت عشرات المراسيم الاستثنائية من دون العودة إلى مجلس الوزراء».
كما توقفت المصادر أمام اللقاء الذي عُقد ليل الثلاثاء الماضي بين هيل فور وصوله إلى بيروت وبين الوزيرين السابقين النائب الياس بو صعب والمستشار الرئاسي سليم جريصاتي، والنائب ألان عون، وقبل أن يبدأ لقاءاته في اليوم التالي، ورأت أنه يأتي في محاولة أميركية لتنعيم موقف عون لتسهيل تشكيل الحكومة.
ومع أن الوفد كرر موقف عون برفضه المطالبة بالثلث الضامن في الحكومة، فإن هيل يحمّل رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل مسؤولية مباشرة حيال تأخير تشكيلها من دون أن يعفي عون من مراعاته له، وهذا ما كشف عنه بلا مواربة أمام بعض القيادات التي التقاها.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.