المخرجون المتنافسون على الجوهرة الكبرى

أحدهم سيحمل الأوسكار هذا العام

ديفيد فينشر
ديفيد فينشر
TT

المخرجون المتنافسون على الجوهرة الكبرى

ديفيد فينشر
ديفيد فينشر

المستقبل آيل لفوز المخرجة كلووِي زاو بأوسكار أفضل مخرج في الخامس والعشرين من هذا الشهر عندما يُقام حفل توزيع الأوسكار. إذا حدث ذلك فعلاً فستكون أول مخرجة أميركية من أصل آسيوي (وُلدت في الصين 39 سنة وانتقلت للعيش في الولايات المتحدة منذ نحو 16 سنة) تفوز بأوسكار أفضل إخراج، وهي حتى الآن أول مخرج أميركو - آسيوية تدخل الترشيحات أيضاً وذلك عن فيلمها «نومادلاند».
أوسكار هذا العام في فئة المخرجين لديه ناحية أخرى غير مسبوقة: أول مرة في تاريخه يوفر مخرجين من أصول آسيوية، فلجانبها هناك المخرج الكوري لي آيزاك تشونغ عن فيلمه «ميناري». وهي كذلك المرة الأولى التي يتم فيه ترشيح امرأتين للفوز بجائزة أفضل إخراج. الثانية هي إميرالد فَنل عن فيلمها «امرأة شابّة واعدة».
في تاريخ الأوسكار، الذي يبلغ الآن 93 سنة، وصلت خمس مخرجات فقط إلى الترشيحات الرسمية في سباق أفضل مخرج. الإيطالية لينا فرمولر عن فيلمه «سبع جميلات» (1976) والأسترالية جين كامبيون عن فيلمها الشهير «البيانو» (1994). في عام 2004 تم ترشيح الأميركية صوفيا كوبولا عن «مفقود في الترجمة» تبعتها كاثلين بيلغو عن فيلمها المعروف «ذا هيرت لوكر» (2020) وقبل ثلاث سنوات وجدت الأميركية غريتا غرويغ طريقها إلى الترشيح عن فيلمه «لايدي بيرد».
بين كل هذه الأسماء المذكورة كاثلين بيغلو وحدها التي خرجت فائزة بالأوسكار وفيلمها الذي يتناول رصد المخابرات العسكرية الأميركية لموقع بن لادن والقيام بقتله ما زال محط أخذ وعطاء بين نقاد ومعلقين همّهم الناحية السياسية وليس الفنية من أي عمل. بعضهم مع الفيلم وبعضهم ضده.
المرشحون الخمسة هذا العام متباينون كما الطرق المتفرعة من قوس النصر في باريس. التالي قراءة منفصلة لكل منهم.

‫- كلووِي زاو | Chloé Zhao‬
وُلدت في العاصمة بكين في 31 مارس (آذار) سنة 1982 باسم زاو تينغ. والدها كان رجل أعمال ووالدتها ممرضة. حسب مجلة «فوغ» التي أجرت حديثاً معها قبل نحو شهرين، فإن كلووِي تعرّفت على الفنون الغربية باكراً وفازت بمنحة للدراسة في بريطانيا قبل أن تواصل دراستها في لوس أنجليس ثم انتقلت إلى نيويورك، وقد بات واضحاً لديها أنها لن تغادر الولايات المتحدة، حيث درست في معهد «تيش سكول أوف آرتس».
من أول فيلم لها استطاعت زاو أن تقترح نفسها كمخرج جديد واعد. الفيلم هو «أغاني علمني إياها أخي» الذي تابعت فيه حياة رجل وشقيقته الصغيرة في محمية لقبيلة «سيوكس» وتم عرضه أولاً في «صندانس» ثم في «نصف شهر المخرجين» في إطار مهرجان كان سنة 2015.
بعد عامين حققت «الفارس» (The Rider) الذي اختطفته مظاهرة «نصف شهر المخرجين» سنة 2017. هذا ما سبق فيلمها الجديد المرشح في مجالات أوسكار عدة (بينها أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل تمثيل نسائي أول) الذي تناولناه هنا أكثر من مرة.

- إميرالد فَنل | Emerald Fennell
هي بريطانية عمرها 35 سنة وهي تربعت على مهن عدة في السينما والمسرح والتلفزيون فمثلت وأنتجت وكتبت وأخرجت.
فيلمها «امرأة شابة واعدة» هو أول فيلم روائي طويل لها كمخرجة، وهو أيضاً من كتابتها ومن إنتاجها مع آخرين. هي خطوة للأمام بالطبع، حتى مع تباين الآراء حول القيمة الفنية لفيلمها وما إذا كان حب الوصول إلى الجمهور العريض احتل حجماً أعلى من حجم أي غرض آخر. موضوعها أنثوي ويتضمن الحديث عن تجربة فتاة (كاري موليغن) عندما تقرر أن تنتقم من كل شخص اعترض سابقاً (أو سيعترض حالياً) طريقها لأنها لن ترضى بأن تكون الرقم الثاني في أي معادلة.
شخصياً، أفضّلها ممثلة (لعبت دور الأميركة مركالوفا في «آنا كارنينا» (2012) ودوراً مسانداً في «الفتاة الدنماركية» (2015) وشاركت بطولة Vita & Virginia سنة 2018 قبل أن تنصرف لهذا الفيلم.

- لي إيزاك تشونغ | Lee Isaac Chung‬
من أبوين كوريين مهاجرين عاشا، كما موضوع فيلمه «ميراني» في مزرعة في ولاية أركنساس حيث أم الجامعة هناك على أن يتخرج طبيباً، لكنه أودع تلك النية جانباً وقرر دراسة الإخراج في ولاية يوتاه.
نجد أنه في كل فيلم من أفلامه الثلاث السابقة بدءاً من Munyurangabo هناك عنصر آسيوي. هو عنصر أساسي في فيلمه الأول (2007) وثانوي في فيلميه اللاحقين «حياة محظوظة» (2010) و«أبيغال هارم» (2012). لكن «ميناري» يحمل سمات الولادة الجديدة ويبدو كما لو كان سيرة لوالده الذي اختار حياة المزرعة في الريف على حياة المدن رغم أن زوجته، التي وقفت معه في هذا القرار، أعربت عن رغبة شديدة في العودة إلى حياة المدينة.

- توماس فنتربيرغ | Thomas Vinterberg‬
أحد المخرجين الدنماركيين الذين شاركوا في تيار «الدوغما» الذي نص على استبعاد أي عنصر عمل يُضاف إلى شريطي الصوت والصورة. حتى الموسيقى المسجلة لاحقاً ممنوعة. الإضاءة غير الطبيعية كذلك. لكن فنتربيرغ كان أذكى من أن يبقى منخرطاً في تيار لم يترك الأثر الذي توخاه، وحالياً هو من تبعات الأمس.
لديه حتى الآن 13 فيلماً طويلاً وأربع أفلام تلفزيونية. وهو خطف الاهتمام سابقاً عبر «رجل يعود للبيت» (2007) و«الصيد» (2012) وفيلمه الحالي «دورة أخرى» تتوّج بـ55 ترشيحاً لجوائز عدّة ونال 36 جائزة ولو أن معظمها من حلقات وجمعيات نقدية.

- ديفيد فينشر | David Fincher‬
من الغريب أن ديفيد فينشر هو الأميركي الخالص الوحيد بين هذه المجموعة من صانعي الأفلام المرشحين لأوسكار هذه السنة. هو أكبرهم سناً (مواليد 1962) وأكثرهم باعاً ومعرفة والوحيد بينهم الذي نالت أفلامه السابقة جوائز عدة.
حقق حتى الآن 12 فيلماً بدأت بـAlien3 سنة 1992 الذي غرّد خارج سرب ذلك المسلسل السينمائي. أحبّه البعض (وهذا الناقد من بينهم) ونبذه معظم النقاد. لكن العكس ما حدث في فيلمه الثاني «Se7en» سنة 1995 مع براد بت ومورغن فريمان والغائب عن الحضور حالياً (بسبب فضائح تحرّش) كيفن سبايسي.
كل أفلامه التالية (ومنها «زودياك» و«غرفة الألم» و«فايت كلوب» و«القضية المثيرة لبنجامين باتون» مع براد بت أيضاً) أثارت اهتماماً واسعاً كذلك فعل فيلمه الحالي «مانك».


مقالات ذات صلة

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق المخرج الإيراني أصغر فرهادي الحائز جائزتَي أوسكار عامَي 2012 و2017 (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

المخرج الإيراني الحائز جائزتَي أوسكار، أصغر فرهادي، يحلّ ضيفاً على مهرجان عمّان السينمائي، ويبوح بتفاصيل كثيرة عن رحلته السينمائية الحافلة.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تمثال «الأوسكار» يظهر خارج مسرح في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

«الأوسكار» تهدف لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار

أطلقت أكاديمية فنون السينما وعلومها الجمعة حملة واسعة لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
يوميات الشرق الممثل الشهير ويل سميث وزوجته جادا (رويترز)

«صفعة الأوسكار» تلاحقهما... مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية تُغلق أبوابها

من المقرر إغلاق مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية بعدما شهدت انخفاضاً في التبرعات فيما يظهر أنه أحدث تداعيات «صفعة الأوسكار» الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

مع أنها حظيت بـ32 ترشيحاً إلى «أوسكار» 2024 فإن أفلام منصات البث العالمية مثل «نتفليكس» و«أبل» عادت أدراجها من دون جوائز... فما هي الأسباب؟

كريستين حبيب (بيروت)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
TT

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

أرزة ★★☆

دراجة ضائعة بين الطوائف

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة. هي تصنع الفطائر وابنها الشاب يوزّعها. تفكّر في زيادة الدخل لكن هذا يتطلّب درّاجة نارية لتلبية طلبات الزبائن. تطلب من أختها التي لا تزال تعتقد أن زوجها سيعود إليها بعد 30 سنة من الغياب، بيع سوار لها. عندما ترفض تسرق أرزة السوار وتدفع 400 دولار وتقسّط الباقي. تُسرق الدرّاجة لأن كينان كان قد تركها أمام بيت الفتاة التي يحب. لا حلّ لتلك المشكلة إلا في البحث عن الدراجة المسروقة. لكن من سرقها؟ وإلى أي طائفة ينتمي؟ سؤالان تحاول أحداث الفيلم الإجابة عليهما ليُكتشف في النهاية أن السارق يعيش في «جراجه» المليء بالمسروقات تمهيداً لبيعها خردة، في مخيّم صبرا!

قبل ذلك، تنتقل أرزة وابنها والخلافات بينهما بين المشتبه بهم: سُنة وشيعة ومارونيين وكاثوليك ودروز. كلّ فئة تقترح أن واحدة أخرى هي التي سرقت وتشتمها. حتى تتجاوز أرزة المعضلة تدخل محلاً للقلائد وتشتري العُقد الذي ستدّعي أنها من الطائفة التي يرمز إليها: هي أم عمر هنا وأم علي هناك وأم جان- بول هنالك.

إنها فكرة طريفة منفّذة بسذاجة للأسف. لا تقوى على تفعيل الرّمز الذي تحاول تجسيده وهو أن البلد منقسم على نفسه وطوائفه منغلقة كل على هويّتها. شيء كهذا كان يمكن أن يكون أجدى لو وقع في زمن الحرب الأهلية ليس لأنه غير موجود اليوم، لكن لأن الحرب كانت ستسجل خلفية مبهرة أكثر تأثيراً. بما أن ذلك لم يحدث، كان من الأجدى للسيناريو أن يميل للدراما أكثر من ميله للكوميديا، خصوصاً أن عناصر الدراما موجودة كاملة.

كذلك هناك لعبٌ أكثر من ضروري على الخلاف بين الأم وابنها، وحقيقة أنه لم يعترف بذنبه باكراً مزعجة لأن الفيلم لا يقدّم تبريراً كافياً لذلك، بل ارتاح لسجالٍ حواري متكرر. لكن لا يهم كثيراً أن الفكرة شبيهة بفيلم «سارق الدّراجة» لأن الحبكة نفسها مختلفة.

إخراج ميرا شعيب أفضل من الكتابة والممثلون جيدون خاصة ديامان بوعبّود. هي «ماسة» فعلاً.

• عروض مهرجان القاهرة و«آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

سيلَما ★★★☆

تاريخ السينما في صالاتها

لابن بيروت (منطقة الزيدانية) لم تكن كلمة «سيلَما» غريبة عن كبار السن في هذه المدينة. فيلم هادي زكاك الوثائقي يُعيدها إلى أهل طرابلس، لكن سواء كانت الكلمة بيروتية أو طرابلسية الأصل، فإن معناها واحد وهو «سينما».

ليست السينما بوصفها فناً أو صناعة أو أيّ من تلك التي تؤلف الفن السابع، بل السينما بوصفها صالة. نريد أن نذهب إلى السينما، أي إلى مكان العرض. عقداً بعد عقد صار لصالات السينما، حول العالم، تاريخها الخاص. وفي لبنان، عرفت هذه الصالات من الأربعينات، ولعبت دوراً رئيسياً في جمع فئات الشعب وطوائف. لا عجب أن الحرب الأهلية بدأت بها فدمّرتها كنقطة على سطر التلاحم.

هادي زكّاك خلال التصوير (مهرجان الجونا)

فيلم هادي زكّاك مهم بحد ذاته، ومتخصّص بسينمات مدينة طرابلس، ولديه الكثير مما يريد تصويره وتقديمه. يُمعن في التاريخ وفي المجتمع ويجلب للواجهة أفلاماً ولقطات وبعض المقابلات والحكايات. استقاه من كتابٍ من نحو 600 صفحة من النّص والصور. الكتاب وحده يعدُّ مرجعاً شاملاً، وحسب الزميل جيمي الزاخم في صحيفة «نداء الوطن» الذي وضع عن الكتاب مقالاً جيداً، تسكن التفاصيل «روحية المدينة» وتلمّ بتاريخها ومجتمعها بدقة.

ما شُوهد على الشاشة هو، وهذا الناقد لم يقرأ الكتاب بعد، يبدو ترجمة أمينة لكلّ تلك التفاصيل والذكريات. يلمّ بها تباعاً كما لو كان، بدُورها، صفحات تتوالى. فيلمٌ أرشيفي دؤوب على الإحاطة بكل ما هو طرابلسي وسينمائي في فترات ترحل من زمن لآخر مع متاعها من المشكلات السياسية والأمنية وتمرّ عبر كلّ هذه الحِقب الصّعبة من تاريخ المدينة ولبنان ككل.

يستخدم زكّاك شريط الصوت من دون وجوه المتكلّمين ويستخدمه بوصفه مؤثرات (أصوات الخيول، صوت النارجيلة... إلخ). وبينما تتدافع النوستالجيا من الباب العريض الذي يفتحه هذا الفيلم، يُصاحب الشغف الشعور بالحزن المتأتي من غياب عالمٍ كان جميلاً. حين تتراءى للمشاهد كراسي السينما (بعضها ممزق وأخرى يعلوها الغبار) يتبلور شعورٌ خفي بأن هذا الماضي ما زال يتنفّس. السينما أوجدته والفيلم الحالي يُعيده للحياة.

* عروض مهرجان الجونة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز