مصر توجّه ضربة «القصاص» وتبدأ حربًا مفتوحة على الإرهاب خارج حدودها

سلاح الجو ينفذ عمليات مركزة ضد معاقل «داعش» في ليبيا.. وخبراء لـ يستبعدون التدخل البري

مصر توجّه ضربة «القصاص» وتبدأ حربًا مفتوحة على الإرهاب خارج حدودها
TT

مصر توجّه ضربة «القصاص» وتبدأ حربًا مفتوحة على الإرهاب خارج حدودها

مصر توجّه ضربة «القصاص» وتبدأ حربًا مفتوحة على الإرهاب خارج حدودها

بعد أقل من 24 ساعة على بث تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا مقطعا مصورا لعملية ذبح 21 مصريا، شنت القوات الجوية المصرية ضربتين حاسمتين على معاقل التنظيم في مدينة درنة شرق ليبيا، بينما يتواصل اجتماع مجلس الدفاع الوطني المصري منذ انعقاده العاجل مساء أول من أمس لمتابعة رد الفعل المصري للقصاص من أجل الضحايا.
وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمة عاجلة فجر أمس أن مصر تحتفظ بحق الرد «بالأسلوب والتوقيت المناسبين» على ما وصفه بـ«جريمة القتل النكراء والخسيسة» التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي ضد المصريين في ليبيا، متوعدا بالقصاص للضحايا من «هؤلاء القتلة والمجرمين المتجردين من أبسط قيم الإنسانية».
وانعقد مجلس الدفاع الوطني «فورا وبشكل دائم» لمتابعة تطورات الموقف والتباحث حول القرارات والإجراءات المقرر اتخاذها، عقب الخطاب، بينما تعمل الحكومة على اتخاذ كل الإجراءات المطلوبة والكفيلة بتأمين وتسهيل عودة المصريين الراغبين في العودة إلى أرض الوطن.
وعقب سويعات قليلة أعلنت القوات المسلحة المصرية عن قيامها فجر أمس بتوجيه ضربات جوية ضد عناصر «داعش» الإرهابية، موضحة أن الضربات كانت «مفاجئة ومركزة، ودكت بدقة معسكرات التنظيم الإرهابي بالأراضي الليبية». وقال مصدر عسكري أمس إن «العمليات الجوية الناجحة لقواتنا الجوية التي جاءت ثأرا لشهداء الوطن من الإرهاب الغاشم حققت أهدافها بكل دقة ضد معاقل (داعش) بالأراضي الليبية، لتثبت القوات المسلحة أنها درع تحمي وتصون الوطن، وسيف يبتر الإرهاب والتطرف».
وأوضحت القيادة العامة للجيش في بيان لها أن خطواتها تأتي «تنفيذا للقرارات الصادرة عن مجلس الدفاع الوطني، وارتباطا بحق مصر في الدفاع عن أمن واستقرار شعبها العظيم، والقصاص والرد على الأعمال الإجرامية للعناصر والتنظيمات الإرهابية داخل وخارج البلاد»، مشيرة إلى أن الضربات المركزة وجهت إلى معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم داعش الإرهابي بالأراضي الليبية، ومؤكدة أن «الضربة حققت أهدافها بدقة»، وعادت القوات إلى قواعدها سالمة.
وأكدت قيادة الجيش أن «الثأر للدماء المصرية والقصاص من القتلة والمجرمين حق علينا واجب النفاذ.. وليعلم القاصي والداني أن للمصريين درعا تحمي وتصون أمن البلاد وسيفا يبتر الإرهاب والتطرف».
إلى ذلك، نفت مصادر عسكرية مصرية وخبراء أمنيون لـ«الشرق الأوسط» نية القوات المسلحة المصرية توسيع عملياتها في هذه المرحلة لتشمل تدخلا بالقوات البرية، سواء في عمليات محدودة أو في دعم أحد أطراف النزاع في ليبيا، مؤكدين أن القيادة المصرية تفضل أن يتم ذلك في إطار تحالف دولي لإنقاذ ليبيا من براثن الإرهاب، وهو ما دفع الرئيس المصري إلى توجيه وزير خارجيته سامح شكري إلى الولايات المتحدة الأميركية نحو تحقيق هذا الهدف، وهو ما أكدته أيضا مصادر ليبية، إذ ذكرت صفحة «رئاسة أركان القوات الجوية» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» نقلا عن العميد ركن صقر الجروشي رئيس الأركان: «لا نسمح بتدخل بري في ليبيا.. لدينا الرجال، وما نطلبه ونحتاج إليه هو إمدادنا بالسلاح والطائرات وقطع الغيار لمحاربة الخوارج».
وأكد الجروشي أن طائراته ساعدت الطائرات المصرية في قصف مواقع «داعش» فجر أمس الاثنين، وقال: «نسقنا مع القوات الجوية المصرية.. مصر تحترم السيادة الليبية.. ضربنا عدة مراكز وأصبناها بشكل صحيح، طائراتنا ساعدت في القصف». كما أوضح أن 50 شخصا على الأقل قُتلوا في الغارات التي شنتها طائرات حربية ليبية ومصرية على مواقع لتنظيم داعش.
وحول ما تردد عن سقوط قتلى مدنيين في القصف، قال الجروشي: «قصفنا مدفعا مضادا فوق بيت بسلاح جو ليبي، ولا نعلم إذا كان البيت فيه مدنيون، وقد سبق ونبهنا حول هذا الأمر». وجدد مطالبة المدنيين بالابتعاد عن مواقع «داعش» في درنة. وأضاف رئيس الأركان أن «الطيران الليبي والمصري قاما بطلعات مشتركة.. والقيادة العامة في تنسيق مشترك مع القوات المصرية»، لكنه أوضح قيام القوات الجوية الليبية «منفردة» بتنفيذ عدد من الضربات على مناطق متفرقة في ليبيا على مدار يوم أمس. ويتزامن ذلك مع إفادة شهود عيان لوكالة الصحافة الفرنسية أمس بأن «7 غارات جوية على الأقل نفذت في درنة شرق ليبيا معقل الجماعات المتشددة».
وعن الأوضاع في مدينة درنة، قال الجروشي في تصريحات تلفزيونية أمس: «درنة مدينة مخطوفة.. تصل إليها أسلحة عبر البحر»، وأشار إلى أن القوات المصرية منتشرة على طول الحدود المشتركة، وأن هناك استطلاعا جويا دائما للمنطقة الحدودية.
في غضون ذلك، أكدت مصادر عسكرية أمس أن القوات الجوية المصرية قامت بضربات جوية ثانية لعدد آخر من معاقل «داعش» على الأراضي الليبية، لكنّ بيانا رسميا لم يكن قد صدر لحظة كتابة هذا التقرير، مع تأكيدات من المصادر العسكرية الرفيعة أن «العمليات مستمرة، لحين تنفيذ كل أهدافها»، دون أن توضح طبيعة تلك الأهداف على وجه الدقة.. لكنها أفادت بأن مصر بدأت «حربا مفتوحة على الإرهاب خارج حدودها، وهو ما تكفله المواقف الدولية في حال تعرض الدولة لمخاطر وشيكة، كما هي الحالة المصرية حاليا».
وعلى صعيد ذي صلة، أعلنت القوات المسلحة المصرية في بيان لها مساء أمس أنه «تنفيذا لقرارات مجلس الدفاع الوطني بشأن حماية وتأمين المنشآت والأهداف والمرافق الحيوية بالدولة، والتعاون مع كل الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية في توفير الأمن والأمان للمواطنين، بدأت عناصر من القوات المسلحة في الانتشار في جميع المحافظات المصرية لحماية الممتلكات العامة والخاصة وتأمين الطرق والمحاور الرئيسية، والمشاركة في ضبط العناصر الإجرامية والخارجين عن القانون».
وأكد البيان الذي نشر على موقع المتحدث العسكري الرسمي أنه «تم تنظيم دوريات متحركة تجوب الميادين والشوارع الرئيسية بالتعاون مع عناصر الشرطة المدنية، ونشر الكمائن على الطرق والمحاور الرئيسية، والمساهمة في حفظ الأمن وبث روح الطمأنينة لدى المواطنين.. ويأتي ذلك في إطار دعم الجهود الأمنية بكل محافظات الجمهورية».
من جهة أخرى قال مسؤول كبير بالبنتاغون لشبكة «إيه بي سي» الإخبارية إن الضربات الجوية التي قامت بها مصر لا تدخل في إطار جهود دول التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة «داعش» في سوريا والعراق، وإن الضربة التي شنتها مصر في ليبيا تمت دون تنسيق مع قوات التحالف الدولية ودون سابق إنذار من الجانب المصري للولايات المتحدة. وقال المسؤول العسكري: «شن ضربات جوية مصرية في ليبيا هو قرار اتخذته الحكومة المصرية وليس هناك أي تدخل أميركي بأي شكل من الأشكال»، وأشار مسؤولون أميركيون إلى أنه لم يكن لديهم أي علم بإقدام المصريين على ضرب أهداف لـ«داعش» في ليبيا. وقد أدان البيت الأبيض ما وصفه بأن «جريمة قتل خسيس وجبان لـ21 مصريا في ليبيا».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.