الثنائيات الفنية تتألق في معرض «اتنين.. اتنين» بالقاهرة

يضم مختارات من أعمال 18 أسرة أبرزها عفت ناجي وسعد الخادم

من أعمال الفنانة زينب السجيني إحدى المشاركات في المعرض
من أعمال الفنانة زينب السجيني إحدى المشاركات في المعرض
TT

الثنائيات الفنية تتألق في معرض «اتنين.. اتنين» بالقاهرة

من أعمال الفنانة زينب السجيني إحدى المشاركات في المعرض
من أعمال الفنانة زينب السجيني إحدى المشاركات في المعرض

شكلت الثنائيات الفنية التي جمعت بين زوجين عاشقين للفن تاريخا مهما في مسيرة الفن التشكيلي المصري الحديث، امتزج فيها رباط الحب بالفن، وأضاف كلاهما للآخر حيوية جمالية تركت بصمات وعلامات لافتة على أعمالهما، كما احتفظت بخصوصية كل منهما في إطار من الوحدة والتنوع، على جسد اللوحة والحياة معا.
في هذا الإطار جاءت فكرة المعرض الجماعي «اتنين.. اتنين» الذي نظمه قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية، وافتتحه قبل أيام رئيس القطاع الفنان الدكتور أحمد عبد الغني، بقصر الفنون بساحة الأوبرا بالقاهرة.
ضم المعرض الذي يستمر حتى 20 فبراير (شباط) الحالي مختارات من أعمال 18 أسرة فنية، كونت ثنائيات فنية ناجحة، بعضهم رحل عن عالمنا، وبعضهم لا يزال يواصل العطاء وهم سعد الخادم وعفت ناجي (مكرمين)، زكريا الخناني وعايدة عبد الكريم، عبد الرحمن النشار وزينب السجيني، جمال عبود وزينب سالم (ضيوف شرف). بجانب الفنانين: علي وهبة وميرفت السويفي، مصطفى عبد المعطي ورباب نمر، محمد سالم وعزيزة فهمي، مصطفى الرزاز وسرية صدقي، صلاح المليجي وفاطمة عبد الرحمن، معتز الصفتي وريم حسن، أحمد محيي حمزة وجهاد شيريت، وائل درويش وهند الفلافلي، شاكر الإدريسي وشيرين مصطفى، عماد عبد الوهاب وأسماء الدسوقي، طارق الشيخ ومنى مدحت، محمد عبد الهادي وإنجي عبد السلام، عمرو الكفراوي ومروة الشاذلي، بدوي مبروك وأميمة رشاد.
وأشاد الدكتور أحمد عبد الغني بفكرة المعرض، واعتبره معرضا بحثيا، ودعا في كلمته بحفل الافتتاح النقاد لدراسته ومعرفة مدى التأثير والتأثر الذي انعكس على تجربة كل فنان وفنانة جعلتهما علاقة الزواج يتشاركان في الحياة وفي الفن ويمران بنفس التجارب الحياتية معا ويتعرضان لنفس الضغوط مقتسمين أفراحهما وهمومهما في فضاء اللوحة، مشيرا إلى أن فكرة المعرض مرتبطة بعالم الطفولة والمدرسة، حيث إن «اتنين.. اتنين» كانت علامة على الوقوف في الطابور والدخول للفصل لتلقي العلم والدرس، لذلك يحرك المعرض ذكريات جميلة محفورة في وجداننا.
وأضاف عبد الغني أن هذا المعرض هو النسخة الأولى، وسوف تشهد السنة المقبلة نسخة ثانية منه حتى تتم مشاركة جميع الأزواج الفنية، حيث حالت مساحة العرض والرغبة في ظهوره بمستوى لائق من استيعاب الجميع في عرض واحد، موضحا «حرصنا أن تُمثل في كل معرض جميع الأجيال بدءا من الرواد وحتى الشباب».
وفي إطار الفعاليات الموازية لهذا المعرض، وبمناسبة تكريم الفنانين سعد الخادم وزوجته الفنانة عفت ناجي في هذا الملتقى والاحتفاء بتجربتهما الإبداعية، ينظم قطاع الفنون التشكيلية، صباح غد السبت المقبل، حفلا فنيا بمقر متحف عفت ناجي وسعد الخادم بمنطقة «سراي القبة» بالقاهرة، يشارك فيه مجموعة من الدارسين والنقاد ومحبي الفنون. يبدأ الحفل بإفطار شعبي لجميع الحضور، يليه لقاء مع الفنانين د.مصطفى الرزاز، ود. عصمت داوستاشي، يتناولان فيه المشوار الفني للفنانين سعد الخادم وعفت ناجي وأهم محطاتهما الإبداعية وتحولاتهما الفكرية والفلسفية.
كما تنظم إدارة الورش الفنية ورشة يُشارك فيها أطفال المدارس المحيطة بالمتحف للتعريف بدور المتحف وأهميته في تنمية الذائقة الفنية والجمالية لدى الجمهور، ويختتم الحفل بعرض موسيقى، يبرز علاقة الموسيقى باللوحة.
يشار إلى أن الفنانة عفت ناجى ولدت في عام 1905 بالإسكندرية، ودرست الموسيقى واللغات والأدب والرياضيات في منزل أسرتها كعادة الأسر في بدايات القرن العشرين، كما فن الرسم الحائطي وفن التصوير الجداري (الفريسك) بأكاديمية الفنون الجميلة بروما - إيطاليا 1954، كما درست فن الرسم والتلوين على يدي أخيها الفنان محمد ناجي، والفنان أندريه لوت، وحصلت على العديد من الجوائز الدولية، من أبرزها جائزة بينالي فينيسيا بإيطاليا عام 1954، وتعد هي ورفيق دربها الفنان سعد الخادم (1913 - 1987) من أعلام الفن المصري في النصف الثاني من القرن العشرين، ورائدين في مجال الفن الشعبي ودراساته، ويضم المتحف مجموعة من الأعمال الفنية الرائعة لهما، بالإضافة إلى مكتبة، ولا يقتصر دور المتحف عند هذا الحد، لكنه يشهد الكثير من الأنشطة الثقافية والفنية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».