وفاة الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث عن 99 عاماً

كانت مهمته الحفاظ على العرش وقرون من التقاليد

TT

وفاة الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث عن 99 عاماً

توفي الأمير فيليب، دوق إدنبرة وزوج الملكة إليزابيث الثانية ووالد الأمير تشارلز وبطريرك العائلة المالكة المضطربة، الذي سعى ألا تكون الأخيرة في بريطانيا، أمس (الجمعة)، في قلعة «وندسور» بإنجلترا عن عمر ناهز 99 عاماً.
أعلن قصر باكنغهام نبأ الوفاة وقال إنه توفي بسلام. وأعلن القصر أن فيليب دخل المستشفى عدة مرات في السنوات الأخيرة بسبب أمراض مختلفة، كان آخرها في فبراير (شباط)، حيث تلقت الملكة والأمير فيليب جرعاتهما الأولى من لقاح فيروس «كورونا» في يناير (كانون الثاني).
كانت مهمته دائماً هي الحفاظ على العرش البريطاني وعلى قرون من التقاليد. فعندما تزوج الأمير الوسيم طويل القامة من الأميرة الشابة إليزابيث في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 1947 (كان يبلغ من العمر 26 عاماً، وكانت هي 21 عاماً)، كانت بريطانيا المنهارة لا تزال تتعافى من الحرب العالمية الثانية. وكانت الشمس قد غربت تقريباً عن إمبراطوريتها، وتنازل إدوارد الثامن عن العرش بسبب حبه للمطلقة الأميركية واليس سيمبسون، وهي القصة التي استمر صداها يتردد لعقد من الزمان.
جاء حفل الزفاف ليحمل الوعد بأن النظام الملكي، شأن المملكة نفسها، سيدوم إلى الأبد، وأكد ذلك بطريقة خرافية بموكب لعربات رائعة مرصعة بالذهب تجرها الخيول وعلى طول الطريق وقصر ودير «وستمنستر» اصطفت حشود المحبين ترقب المشهد المهيب.
أروع ما في الأمر أن إليزابيث أخبرت والدها، الملك جورج السادس، أن فيليب هو الرجل الوحيد الذي يمكن أن تحبه. احتل فيليب مكاناً غريباً على المسرح العالمي كزوج لملكة كانت سلطاتها احتفالية إلى حد كبير. فقد كان في الأساس رئيساً صورياً ثانوياً يرافقها في الزيارات الملكية وأحياناً يقف نيابة عنها.
ومع ذلك، فقد التزم بدوره الملكي كواجب يتعين عليه القيام به، ونقل عنه تأكيده بأنه «من الواجب العمل بهذا النظام الملكي». ظل الأمير فيليب يؤدي هذا الدور حتى مايو (أيار) 2017، عندما أعلن في سن الخامسة والتسعين تقاعده عن الحياة العامة إلى أن جاء ظهوره الفردي الأخير بعد ذلك التاريخ بثلاثة أشهر.
لكن الأمير فيليب لم يختفِ تماماً في نقاشات الرأي العام. فقد ظهر مجدداً في مناسبة عامة بمايو 2018 عندما حضر حفل زفاف حفيده الأمير هاري والأميركية ميغان ماركل ولوح للحشود من مقعده الخلفي في سيارة ليموزين للحشود المصطفة في الشوارع، والملكة إلى جواره، ثم ظهر يخطو بعد ذلك على درجات سلم «كنيسة القديس جورج» في قلعة «وندسور» ببدلة صباحية.
ظهر الأمير فيليب بعد ذلك لكن كشخصية ثقافية شعبية شاهدها جيل جديد بالكامل من خلال سلسلة حلقات عرضت على قنوات شبكة «نتفليكس» الشهيرة تحت عنوان «ذا كراون»، أي التاج، وهي دراما رصدت أحداث بريطانيا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي تزامنت مع الزواج الملكي. (لعب مات سميث دور الأمير فليب شاباً، وتوبياس مينزيس في منتصف العمر).

- وجوه عامة وخاصة
غالباً ما ظهر فيليب بملابس عسكرية كاملة مزينة برتب وأوسمة رفيعة المستوى في القوات المسلحة تذكر بتجربته القتالية في الحرب العالمية الثانية ونسبه القتالي، حيث كان ابن أخ قائد الحرب اللورد مونتباتن.
رأى الكثيرون أن فيليب شخصية نادرة الظهور في الأماكن العامة، وأنه كان يصدر عنه في بعض الأحيان ملاحظات خارجة عن المألوف للناخبين وصفت بأنها غير حساسة. وقد نُقل عن سياسي بريطاني أسود سؤاله «من أي جزء غريب من العالم أتيت؟».
أشارت سيرة ذاتية صدرت عام 1994 بعنوان «أمير ويلز» بقلم جوناثان ديمبلبي بالتعاون مع الأمير تشارلز، إلى أنه في الوقت الذي كان فيه فيليب منغمساً في «السلوك الصاخب والفاضح أحياناً» لابنته الأميرة آن، فقد كان يحتقر صراحة ابنه الذي كان يراه «ضعيفاً».
كتب ديمبلبي أن تشارلز، من جانبه، كان «صنيعة والده»، الذي يعتقد أنه أجبره على الزواج من ديانا رغم «عدم توافق شخصيتهما بشكل رهيب».
من ضمن التعديلات التي أدخلها فيليب إلى قصر باكنغهام كانت أجهزة «إنتركوم» الداخلية لتفادي الحاجة إلى الرسل. وكان من سمات فيليب حرصه على إضفاء لمساته الخاصة والاعتماد على ذاته، على عكس المتبع في القصر. فعندما يرن جرس الهاتف، كان يجيب بنفسه، وهو ما شكل سابقة ملكية. حتى إنه أعلن للملكة ذات يوم أنه اشترى لها غسالة. وبحسب إفادة شهود، كان يخلط مشروباته بنفسه، ويفتح الأبواب لنفسه ويحمل حقيبته الخاصة، ويقول لمساعديه: «لدي ذراعان. أنا لست عاجزاً».
كان يرسل أطفاله إلى المدرسة بدلاً من تعليمهم في المنزل، على العكس من العادة الملكية. وأقام مطبخاً في جناح العائلة حيث كان يقلي البيض على الإفطار بينما تعد الملكة الشاي، في محاولة لإضفاء مظهر الحياة الأسرية الطبيعية في البيت أمام أطفالهما.
ولا يزال من غير الواضح أين أو متى التقى فيليب بالأميرة إليزابيث لأول مرة، ولكن يبدو من المؤكد أنه تمت دعوته لتناول العشاء على متن اليخت الملكي عندما كانت إليزابيث في سن 13 أو 14 عاماً، وأنه تمت دعوته أيضاً للإقامة في قلعة وندسور في ذلك الوقت أثناء إجازته من البحرية. وأفادت تقارير بأنه زار العائلة المالكة في «بالمورال»، الضواحي الريفية للمملكة في اسكوتلندا، وبحلول الوقت الذي انتهت فيه عطلة نهاية الأسبوع، كانت إليزابيث قد اتخذت قرارها، وأخبرت والدها أن هذا الضابط البحري الشاب هو «الرجل الوحيد الذي يمكن أن أحبه».
كان لدى جورج السادس شكوك ولذلك اصطحبها إلى جنوب أفريقيا في جولة ملكية، وطالبها بالتحلي بالصبر وكتب إلى والدته، الملكة ماري في هذا الشأن.
كتب جورج يقول: «كلانا يعتقد أنها صغيرة جداً لذلك (الزواج) الآن، لأنها لم تقابل أبداً أي شاب من عمرها نفسه». لكنه أضاف: «أنا أحب فيليب. فهو ذكي ويتمتع بروح الدعابة ويفكر في الأشياء بالطريقة الصحيحة».
قيل إن إليزابيث اعتادت أن تكتب إلى فيليب ثلاث مرات في الأسبوع أثناء قيامها بجولة في جنوب أفريقيا. وبحلول الوقت الذي عادت فيه إلى إنجلترا، تخلى الأمير فيليب أمير اليونان والدنمارك عن ألقابه الأجنبية وأصبح الملازم فيليب مونتباتن، أحد الرعايا البريطانيين. أسعدت هذه البادرة والد زوجته المستقبلية، وجرى الإعلان عن الخطوبة في 10 يوليو (تموز) 1947.

- الرجل الأول
بعد عام، في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 1948، أنجبت إليزابيث طفلها الأول، تشارلز فيليب آرثر جورج في قصر باكنغهام. وبعد الأمير تشارلز جاءت الأميرة آن في عام 1950، ثم الأمير أندرو في عام 1960 بعد أن أصبحت إليزابيث ملكة بريطانيا، ثم رزقا بالأمير إدوارد في عام 1964. وبالإضافة إلى الملكة وأبنائه الأربعة، فقد رزق فيليب بثمانية أحفاد وثمانية من أبناء الأحفاد.
بعد زواجه، تولى الأمير فيليب قيادة الفرقاطة «ماجبي» في مالطا. لكن الملك جورج السادس أصيب بسرطان الرئة، وعندما ساءت حالته، أُعلن أن فيليب لن يتلقى مزيداً من التكليفات البحرية. وفي عام 1952، وصل الزوجان الشابان إلى كينيا، محطتهما الأولى في جولة الكومنولث، وهناك تلقيا في 6 فبراير (شباط) نبأ وفاة الملك. وكانت مهمة إبلاغ الزوجة بوفاة والدها تقع على عاتق الزوج فيليب.
ترأس فيليب لجنة التتويج، وفي عام 1952 أمرت الملكة الجديدة بمنح زوجها لقب «أول رجل نبيل في الأرض»، ما يمنحه «مكانة مرموقة وأسبقية بجانب جلالة الملكة». ومن دون هذا التمييز، كان الأمير تشارلز، الذي جرت تسميته دوق كورنوال ثم أمير ويلز لاحقاً - اللقب الذي يُمنح تقليدياً لوريث العرش - سيكون في مرتبة أعلى من والده.
ووردت شائعات عن اضطرابات في الزواج، وتقارير عن ارتفاع أصوات الصياح في أروقة القصر. لكن صعوبات وخلافات الأبناء طغت على أي خلاف بين الوالدين. وحدث أن انفصلت الأميرة آن عن زوجها الأول، مارك فيليبس في عام 1992، ثم جاء طلاق الأمير أندرو من ساره فيرجسون دوقة يورك عام 1996، وهي التي كانت تُعرف باسم فيرغي، وهو ما كان حقلاً ثرياً لصحف التابلويد الشعبية.
وبمجرد أن أصبحت خلافاتهما علنية، سجل فيليب عدم رضاه عن ديانا بحديثه السلبي عنها خلال سباق «رويال أسكوت» للخيول. وبعد أن لقيت ديانا حتفها في سن 36 في عام 1997، تلقى فيليب نقداً لابتعاده عن المشهد العام وعن حزن الجماهير، وهو ما كان سبباً في تصويره على أنه شخص عنيد وبارد في فيلم «الملكة» الذي عرض عام 2006، والذي لعب فيه جيمس كرومويل دور فيليب أمام هيلين ميرين التي لعبت دور الملكة إليزابيث.

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

ميغان ماركل «الطباخة»... في مسلسل

يوميات الشرق ابتسامةٌ للحياة (أ.ف.ب)

ميغان ماركل «الطباخة»... في مسلسل

أعلنت ميغان ماركل عن بدء عرض مسلسلها المُتمحور حول شغفها بالطهو، وذلك في 15 يناير (كانون الثاني) الحالي عبر منصة «نتفليكس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لقطة من فيديو تُظهر الأمير هاري يمارس رياضة ركوب الأمواج (إنستغرام)

الأمير هاري يصطحب نجله آرتشي في رحلة ركوب أمواج بكاليفورنيا

نُشرت لقطات للدوق البالغ من العمر 40 عاماً وهو يرتدي بدلة سباحة سوداء برفقة الطفل البالغ من العمر 5 سنوات في مدرسة ركوب الأمواج في كاليفورنيا.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا (الولايات المتحدة))
أوروبا ملك بريطانيا تشارلز الثالث والملكة كاميلا خلال وصولهما قداس عيد الميلاد في كنيسة مريم المجدلية في نورفولك بإنجلترا (أ.ب)

في رسالة عيد الميلاد... الملك تشارلز يشكر الفريق الطبي على رعايتهم له ولكيت (فيديو)

وجّه الملك تشارلز الشكر إلى الأطباء الذين تولوا رعايته ورعاية زوجة ابنه كيت أثناء تلقيهما العلاج من السرطان هذا العام، وذلك في رسالة بمناسبة عيد الميلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الملك تشارلز في زيارة لمصنع الشوكولاته (غيتي)

الملك تشارلز يسحب الضمان الملكي من شركة «كادبوري» بعد 170 عاماً

ألغى الملك البريطاني تشارلز الثالث الضمان الملكي المرموق لشركة كادبوري بعد 170 عاماً، على الرغم من أنها كانت الشوكولاته المفضلة لوالدته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الملك البريطاني تشارلز (أ.ف.ب)

علاج الملك تشارلز من السرطان... هل ينتهي هذا العام؟

كشفت شبكة «سكاي نيوز»، اليوم (الجمعة)، عن أن علاج الملك البريطاني تشارلز من السرطان سيستمر حتى العام الجديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».