في نهاية الجولة الأولى من مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي، قال الاتحاد الأوروبي إنها شهدت «تواصلاً بناء» بين المشاركين لإيجاد حلول بين طرفي النزاع؛ طهران وواشنطن، اللذين اقتربا من حافة الحرب بعد تأزم أحوال الاتفاق النووي، إثر الانسحاب الأميركي في مايو (أيار) 2018.
ووافق المشاركون في المباحثات على استئناف العمل للتوصل إلى حلول في رفع العقوبات، وامتثال الالتزامات النووية، وفق المبادرة الإيرانية (خطة نهاية اللعبة)، التي تشدد على تراجع إدارة جو بايدن عن جميع مخرجات سياسة الضغط الأقصى التي تبناها الرئيس السابق، لتعديل سلوك طهران.
وعرض ممثلو إيران وبريطانيا والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا، أمس، تقييماً لأسبوع من المناقشات المكثفة، التي بدأت باجتماع اللجنة المشتركة في الاتفاق، عبر الإنترنت نهاية الأسبوع الماضي، وقبل أن تلتقي الأطراف على طاولة حوار في فيينا، وزعت المهام على مجموعتي عمل، لمناقشة سبل إعادة الاتفاق النووي إلى الحياة الطبيعية، بعد نحو ثلاثة أعوام من دخوله في غيبوبة.
وقال بيان للاتحاد الأوروبي إن المشاركين في المحادثات النووية الإيرانية تحدثوا عن ضمان العودة إلى تنفيذها الكامل والفعال للاتفاق النووي و«تواصل بنّاء يهدف لإيجاد حلول».
ومن المقرر أن يلتئم شمل الخبراء الأربعاء، في فيينا مرة أخرى، قبل أن يجتمع نواب وزراء خارجية أطراف الاتفاق النووي، مجدداً الجمعة، لتقييم مسار المباحثات.
وأشار دبلوماسيون غربيون إلى أنهم سيعرفون في غضون أسابيع ما إذا كانت جولات المحادثات ستثمر عن نتيجة قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية يوم 18 يونيو (حزيران)، أم لا. وقال مصدر دبلوماسي أوروبي كبير لوكالة «رويترز» إنه «نظراً للتعقيد الفني للأوجه النووية والتعقيدات القانونية لرفع العقوبات، سيكون من التفاؤل البالغ الاعتقاد بأن المهمة ستنتهي في غضون بضعة أسابيع».
- ارتياح بين الأطراف
قال مبعوثا الصين وروسيا بالمحادثات إن هناك تقدماً في جهود إعادة طهران وواشنطن للامتثال للاتفاق النووي. ولا تتوقع الولايات المتحدة أو إيران إحراز تقدم سريع في المحادثات التي يقوم فيها دبلوماسيون أوروبيون وآخرون بالوساطة، وذلك بسبب رفض إيران إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة في الوقت الحاضر.
وعلى منوال الاجتماعات السابقة للجنة المشتركة، سبق سفير روسيا لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ميخائيل أوليانوف، نظراءه في المباحثات النووية الإيرانية، وكتب في «تويتر» أن أطراف الاتفاق النووي «بحثت العمل الذي أنجزه الخبراء خلال الأيام الثلاثة الماضية، وأشاروا بارتياح إلى التقدم الأولي الذي تحقق»، مضيفاً: «ستعاود اللجنة الاجتماع الأسبوع المقبل من أجل الحفاظ على الزخم الإيجابي».
بدوره، أبلغ سفير الصين لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وانغ تشون الصحافيين أن «جميع الأطراف قلصت خلافاتها، ونشهد في الواقع حالة من الزخم لتوافق تدريجي آخذ في التبلور»، مضيفاً أن المناقشات ستكون مكثفة بين مجموعتي العمل ودبلوماسيين كبار الأسبوع المقبل.
وفي طهران، أكدت الخارجية الإيرانية في بيان، أن الدبلوماسيين، سيعودون إلى فيينا الأربعاء، لمواصلة العمل مع المجموعتين اللتين يرأسهما الاتحاد الأوروبي، ولا يوجد بهما تمثيل أميركي. وقال مسؤولون أميركيون إنه يجري إطلاعهم على ما يدور في الاجتماعات.
وانسحب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، من الاتفاق النووي، في مايو (أيار) 2018، وتبنى سياسة «الضغوط القصوى» بعد تعذر جلوس طهران على طاولة مفاوضات للتوصل إلى اتفاق أوسع يضبط برنامجها للصواريخ الباليستية، ودورها الإقليمي، المتمثل بأنشطة «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» المصنف من أميركا على قائمة الإرهاب، منذ أبريل (نيسان) 2019.
وقال مسؤول إيراني رفيع لوكالة «كيودو» اليابانية، أول من أمس، إن إيران تسعى إلى بناء إجماع حول «خطة نهاية اللعبة»، التي تنص على رفع جميع العقوبات المفروضة من خلال فترة ترمب، في خطوة واحدة، وهي تمثل «مقترحاً نهائياً» من إيران، يتجاوز مقترحات «خطوة بخطوة» أو «خريطة طريق»، لكنها تواجه عقبات «تقنية» تتطلب محادثات، حسب المصدر الإيراني.
ووضع الإيرانيون الخطة على طاولة مباحثات جمعتهم بمسؤولين أوروبيين كبار في فرانكفورت، قبل الموافقة عليها من جميع الأطراف في الاجتماع الافتراضي للجنة المشتركة في 2 أبريل، وفقاً للمسؤول الإيراني الذي طلب من الوكالة اليابانية عدم الكشف عن هويته.
- مطالب إيران
قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في «تويتر» إن «إيران تقترح مساراً منطقياً للالتزام الكامل في الاتفاق النووي»، وأشار إلى أنه «يتعين على الولايات المتحدة التي تسببت في هذه الأزمة، أن تعود أولاً للالتزام الكامل». وأضاف: «إيران بعد التحقق، ستقدم على الخطوة المماثلة».
واعتبر ظريف في تغريدة على «تويتر» جميع العقوبات التي فرضها ترمب على طهران «كانت تستهدف النيل من الاتفاق النووي، بغض النظر عن تسمياتها»، مضيفاً أنه «يتعين رفعها».
ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية، عن كبير المفاوضين الإيرانيين في فيينا، عباس عراقجي، قوله في اجتماع اللجنة المشتركة، أمس، إن بلاده مستمرة في «التعامل الجاد»، لكنه أضاف: «يعتمد هذا على الإدارة السياسية والجدية للأطراف الأخرى وإلا ليس هناك سبب لاستمرار المفاوضات».
وجدد عراقجي التأكيد على طلب إيراني برفع جميع العقوبات لإحياء الاتفاق، معرباً عن استعداد طهران لتعليق «الإجراءات التعويضية (انتهاكات الاتفاق النووي)، بحال التحقق من رفع العقوبات».
إضافة إلى ذلك، تريد إيران ضمانات أميركية بعدم إعادة أي من العقوبات على إيران، ما دام الاتفاق النووي بصيغته الحالية مستمراً.
وقال عراقجي في تصريحات منفصلة للتلفزيون الإيراني: «لن نوقف أو نبطئ أياً من الأنشطة الإيرانية الحالية، حتى ترفع العقوبات بشكل كامل»، وأضاف: «ما لم ترفع العقوبات الأميركية وتعود واشنطن إلى الاتفاق، لن توقف أو حتى تنخفض أي من التدابير النووية الإيرانية، خصوصاً فيما يتعلق بالتخصيب»، لافتاً إلى أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة «يسير الآن بمعدل أسرع» مما رصده قانون البرلمان الصادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بهدف الضغط على إدارة بايدن.
وشدد عراقجي على أن العملية الإيرانية على المنوال نفسه، حتى ترفع العقوبات الأميركية «مرة واحدة»، منوهاً بأن المباحثات تجري مع الأوروبيين وروسيا والصين، نافياً أن تكون المباحثات مقتصرة على الأوروبيين الذين بدورهم يتفاوضون مع الأميركيين.
وبشأن نتائج المباحثات، قال عراقجي في تصريحات للتلفزيون الإيراني، بعد مباحثات الخميس، إن هناك مؤشرات على أن الأميركيين «يدرسون مواقفهم ويتجهون نحو رفع العقوبات بالكامل»، لكنه أضاف: «لسنا في وضع يسمح لنا بإصدار الأحكام، لم تنتهِ المفاوضات بعد، أعتقد أمامنا طريق طويلة لنقطعها، مع ذلك نتحرك إلى الأمام وأجواء المفاوضات بناءة».
من جانبه، كرر سفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كاظم غريب آبادي، شروط نشرها مكتب «المرشد» خامنئي عبر صفحة في «إنستغرام»، مساء الخميس، وقال إن «التحقق يعني على سبيل المثال أن تتمكن الجمهورية الإسلامية من توقيع عقود نفطية وتصدير نفطها وتلقي عائداتها عبر قنوات مصرفية أو التفكير في استخدام آخر لها»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقل موقع خامنئي الجمعة، عن غريب آبادي قوله: «فيما يتعلق بالقطاع المصرفي، يجب أن تكون إيران قادرة أيضاً على إجراء معاملات مالية عبر استخدام قنوات مالية أخرى». وأضاف أن تلك هي «الطريقة الوحيدة لضمان رفع العقوبات عملياً»، وليس «فقط على الورق». وقال إن طهران تدعو إلى رفع «جميع» العقوبات، تلك التي أعاد ترمب فرضها و«العقوبات الجديدة» التي فرضتها إدارته و«العقوبات المفروضة بذرائع غير مرتبطة بالملف النووي».
وأضاف غريب آبادي أن إيران تستكشف خيارات جديدة خلال المحادثات في النمسا لتجنب تكرار سيناريو مثل الانسحاب الأميركي عام 2018. وقال: «نحن نناقش ما يجب القيام به بخصوص التزامات إيران التقنية، وكيف ينبغي الوفاء بها إذا خالف أحد الطرفين التزاماته».
وقال هنري روم المحلل بمجموعة «أوراسيا للأبحاث»: «في هذه المرحلة إيران هي القاطرة التي تحدد سرعة تحقيق تقدم، فإنْ هي قررت الإسراع قبل انتخابات الرئاسة في يونيو، فمن شبه المؤكد أن تبدي الولايات المتحدة استجابة». وأضاف: «هذا سيتطلب من إيران قبول حلول وسط فيما يتعلق بالعقوبات عليها وما يستتبعه ذلك من مطالب. فإن لم تَقتنع طهران بالموقف الأميركي أو إن خشي المرشد الإيراني علي خامنئي التبعات السياسية لانفراجة دبلوماسية وسط حملة الانتخابات الرئاسية، فستضغط طهران على المكابح».
«تواصل بنّاء» في فيينا لإيجاد حلول في أزمة النووي الإيراني
وسط تشدد طهران حول رفع العقوبات بالكامل
«تواصل بنّاء» في فيينا لإيجاد حلول في أزمة النووي الإيراني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة