الحصار الحوثي و«كورونا» يفاقمان معاناة سكان تعز

تصاعد أعداد الوفيات... وتحذيرات من خروج الوضع عن السيطرة

يمني يزور مقبرة في تعز وسط تفاقم عدد الحالات المصابة بـ«كورونا» (أ.ف.ب)
يمني يزور مقبرة في تعز وسط تفاقم عدد الحالات المصابة بـ«كورونا» (أ.ف.ب)
TT
20

الحصار الحوثي و«كورونا» يفاقمان معاناة سكان تعز

يمني يزور مقبرة في تعز وسط تفاقم عدد الحالات المصابة بـ«كورونا» (أ.ف.ب)
يمني يزور مقبرة في تعز وسط تفاقم عدد الحالات المصابة بـ«كورونا» (أ.ف.ب)

لم تكن محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) مختلفة عن غيرها من المحافظات اليمنية التي تواجه الموجة الأقسى لتفشي فيروس «كورونا المستجد»، إلا أنها - بحسب مصادر طبية - باتت هي الأولى من حيث خطورة الأوضاع، وتصاعد أعداد الإصابات والوفيات، خصوصاً في ظل الحصار الحوثي الخانق المفروض منذ أكثر من ست سنوات.
وقد أكدت الأرقام الصحية أن المحافظة التي يتقاسم السيطرة عليها الحكومة الشرعية والميليشيات الحوثية أنها تتصدر لليوم الرابع على التوالي، من حيث عدد الإصابات بالفيروس، إذ سجل الثلاثاء الماضي فقط 29 إصابة جديدة من أصل 94 تم تسجيلها في 6 محافظات واقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
ويقول مدير التثقيف الصحافي بتعز، تيسير السامعي، إن المحافظة سجلت، حتى مساء الثلاثاء، 29 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس، ليرتفع العدد بحسبه إلى 583 حالة إصابة منذ بداية العام الحالي.
وأشار السامعي، عبر منشورات له على منصات التواصل الاجتماعي، إلى أن المحافظة سجلت الثلاثاء نحو 5 حالات وفاة جديدة، ليرتفع إجمالي عدد الوفيات إلى 62 حالة، مبيناً أن حالات الشفاء ارتفعت خلال ذلك اليوم إلى أكثر من 43 حالة.
وتؤكد آخر التقديرات الصادرة عن مكتب الصحة في تعز أن عدد الإصابات المؤكدة بفيروس «كورونا» في المحافظة بشكل عام وصل إلى 765 حالة، أكثر من 50 منها سُجّلت منذ بدء الموجة الثانية من الوباء.
وفي الوقت الذي يشير فيه أطباء وعاملون صحيون بتعز إلى استمرار تصدر المحافظة، ومنذ أسابيع، قائمة الإصابات والوفيات بـ«كورونا»، تؤكد مصادر محلية ورسمية أخرى أن الزيادة بمعدل الإصابات والوفيات لا تزال مرتفعة إلى درجة كبيرة، خصوصاً في الحالات المنزلية التي لم يتم تسجيلها، نتيجة عدم وصولها إلى المشافي ومراكز العزل بالمحافظة.
وفي ظل الأوضاع الصحية المتردية التي تشهدها المحافظة لا سيما مركزها، حيث تسيطر الحكومة الشرعية، دق نحو 25 طبيباً وعاملاً صحياً ناقوس الخطر بسبب ما وصفوه بـ«الوضع الخطر»، الذي يحدق بمواطني وسكان المحافظة جراء استمرار تفشي الفيروس التاجي على نطاق واسع.
ويحذر عدد من العاملين في القطاع الصحي في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» من احتمالية فقدان زمام الأمور وخروجها بشكل كلي عن السيطرة نتيجة انتشار الوباء، حيث يتفوق تفشيه على جميع الإمكانات الصحية في المدينة.
وأشاروا إلى أن تعز لا تزال تواجه هذه الجائحة، وهي مجردة من الاستعدادات الطبية اللازمة، خصوصاً أن ذلك يأتي - بحسبهم - بالتوازي مع الانهيار المتسارع لما تبقى من منظومة تعز الصحية، نتيجة شحة الإمكانات ونقص التمويل، والحصار الحوثي المفروض على المدينة.
ويواجه السكان في المحافظة - بحسب المصادر - أكثر من أي يوم مضى كارثتين، الأولى تمثلت بـ«الحوثي»، وما تبعها من حرب وحصار من قبل ميليشياته، والأخرى هي «فيروس كورونا» المتفشي حالياً بمناطق متفرقة من المحافظة.
ويتحدث مسؤولو الصحة بالمحافظة عن أن الوضع الصحي للمدينة «بات ينزلق بشكل تدريجي نحو الهاوية، خصوصاً عقب استمرار تصدر تعز قائمة المحافظات من حيث معدل الإصابات والوفيات بـ(كورونا)».
ويشير المسؤولون إلى أن الإحصاءات اليومية الصادرة عن مكتب الصحة بتعز أو تلك الصادرة اللجنة الوطنية العليا لمواجهة «كورونا» باتت تتقارب إلى درجة كبيرة مع تقديرات رسمية أصدرها مؤخراً مكتب الأوقاف بتعز، كشفت عن أن عدد الوفيات في مقبرتي اللجينات والسعيد (الشهداء) بلغت خلال 8 أيام ماضية أزيد من 95 حالة وفاة جراء «كورونا».
وفي السياق نفسه، يفيد الحاج محمود حسن الدبعي (حفار قبور بتعز) بأن معدل عمليات الدفن اليومية لوفيات «كورونا» في مقبرة السعيد بتعز لوحدها يصل من 8 إلى 10 حالات تسجل يومياً.
وفي حديث له مع «الشرق الأوسط»، قال الدبعي إن الجمعة الماضية كانت من أكثر الأيام فيما يتعلق بدفن وفيات «كورونا» في المقبرة ومن مختلف الأعمار، مؤكداً قيامه وبمساعدة بعض العاملين بتلك المهنة بعملية دفن نحو 14 حالة وفاة في ذلك اليوم.
وكشف عن أن الوفيات في تعز جراء الجائحة التي تصل يومياً المقبرة من المنازل تفوق أعداد تلك المقبلة من المشافي ومراكز العزل الصحية.
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، أصيب عدد من مسؤولي السلطة المحلية بتعز بفيروس «كورونا»، وذلك بالتزامن مع التفشي السريع وغير المسبوق للجائحة في المدينة.
وطبقاً للمصادر الرسمية تسبب الفيروس أخيراً في وفاة الدكتور عبد الحكيم عون وكيل محافظة تعز، كما تسبب في وفاة الصحافي عبد القوي العزاني.
وكانت السلطات الصحية في المحافظة، أعلنت، مطلع أبريل (نيسان) الماضي، تسجيل 57 حالة وفاة و456 إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال 40 يوماً.
وأشارت إلى أنها لم تتلقّ أي دعم من المنظمات الأممية لمواجهة الوباء، عدا ما قدمته السلطة المحلية بالمحافظة لمبلغ 20 مليون ريال (الدولار نحو 600 ريال) لتوسعة مركز العزل بالمستشفى الجمهوري، إلى جانب أسطوانات أكسجين و10 أجهزة تنفس صناعي وأجهزة مراقبة قدمت لهم وزارة الصحة العامة.
وجددت السلطات الصحية بتعز دعوتها للمواطنين والسكان للالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من الوباء والاهتمام بتكثيف التوعية بخطورة المرض والوقاية منه، وأشارت إلى أن الموجة الأولى من الفيروس أسفرت عن إصابة 331 شخصاً ووفاة 81 آخرين خلال 3 أشهر.
وقبل أيام، كان وزير الصحة في الحكومة الشرعية قاسم بحيبح أفاد بأن عملية توزيع اللقاحات المضادة على المحافظات وبدء استخدامها لا يزال أمامها نحو أسبوعين لتدريب الفرق الطبية على إعطاء اللقاح.


مقالات ذات صلة

سكان صنعاء يتخوفون من مواجهة طويلة بين واشنطن والحوثيين

يمنيان ينظفان الزجاج الذي تسببت الغارات الأميركية في تحطيمه أمام متجرهما بصنعاء (أ.ف.ب)

سكان صنعاء يتخوفون من مواجهة طويلة بين واشنطن والحوثيين

أعادت الضربات الأميركية الأخيرة في اليمن تجديد مخاوف السكان من مواجهة طويلة تؤثر على معيشتهم، في ظل إصرار الحوثيين على التصعيد وعدم اكتراثهم بتبعات ممارساتهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم عبد الملك الحوثي لاستعراض القوة أمام الضربات الأميركية (إ.ب.أ)

الحوثيون يختارون التّصعيد رغم وعيد ترمب واستمرار الضربات

اختارت الجماعة الحوثية تمسُّكها بالتصعيد البحري رغم الوعيد والضربات الأميركية المستمرة التي أمر بها ترمب، زاعمة أنها هاجمت حاملة الطائرات «ترومان» مرتين.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الرئيس اليمني رشاد العليمي مع القيادات العسكرية اليمنية خلال الاجتماع (سبأ)

الحكومة اليمنية تطالب بتعاون دولي أوسع لمحاصرة الحوثيين

في وقت تستمر فيه الضربات الأميركية على مواقع حوثية عدة، طالبت الحكومة اليمنية بتبنِّي تعاون دولي أوسع واستراتيجية شاملة لمحاصرة الجماعة وقطع مصادر تمويلهما.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
أوروبا أرشيفية لناقلة نفط تمر عبر مضيق هرمز (رويترز)

سفن بمضيق هرمز تبلغ عن عمليات تشويش على أنظمة الملاحة

أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، أنها تلقت تقارير من عدة سفن تبحر في مضيق هرمز عن تعرضها لعمليات تشويش أثرت على نظام تحديد المواقع العالمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي عناصر حوثيون يفترشون أرضية أحد المساجد في إحدى ليالي رمضان (إكس)

الحوثيون يحكمون قبضتهم على المساجد في رمضان

تسعى الجماعة الحوثية للسيطرة المطلقة على المساجد في مناطق سيطرتها، وتحويلها إلى مقار لتنظيم فعاليات خاصة بها بدلاً عن صلاة التراويح التي تمنع السكان من أدائها.

وضاح الجليل (عدن)

إعلام حوثي: قصف أميركي يستهدف صنعاء والحديدة

مقاتلة من طراز «أف-18» تهم بالإقلاع من حاملة طائرات أميركية لتنفيذ مهمة فوق اليمن (أ.ف.ب)
مقاتلة من طراز «أف-18» تهم بالإقلاع من حاملة طائرات أميركية لتنفيذ مهمة فوق اليمن (أ.ف.ب)
TT
20

إعلام حوثي: قصف أميركي يستهدف صنعاء والحديدة

مقاتلة من طراز «أف-18» تهم بالإقلاع من حاملة طائرات أميركية لتنفيذ مهمة فوق اليمن (أ.ف.ب)
مقاتلة من طراز «أف-18» تهم بالإقلاع من حاملة طائرات أميركية لتنفيذ مهمة فوق اليمن (أ.ف.ب)

قالت وسائل إعلام تابعة لجماعة الحوثي في اليمن إن غارات أميركية استهدفت العاصمة صنعاء اليوم الاثنين.

وذكرت القناة أن القصف الأميركي استهدف منطقة جبل صرف في مديرية بني حشيش، ومنطقة أخرى في مديرية الثورة في صنعاء. وأفادت وسائل الإعلام نفسها في وقت سابق اليوم بأن قصفا أميركيا استهدف منطقة العرج في مديرية باجل بالحديدة في غرب البلاد.

وبدأت الولايات المتحدة يوم السبت شن ضربات تستهدف جماعة الحوثي بعدما أعلنت الجماعة المتحالفة مع إيران أنها ستستهدف مجددا السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وبحر العرب. وقال الحوثيون إن الهجمات الأميركية أسقطت 53 قتيلا. وقال مسؤولون أميركيون إن الضربات ستستمر أياما وربما أسابيع إذا لم تتوقف هجمات الحوثيين على حركة الشحن في البحر الأحمر.