«الأوروبية للأدوية» توصي باستخدام «أسترازينيكا» بلا قيود

عدت حالات التخثر الدموي من آثاره «النادرة جداً»

لقاح أسترازينيكا لا يزال في عين العاصفة (رويترز)
لقاح أسترازينيكا لا يزال في عين العاصفة (رويترز)
TT

«الأوروبية للأدوية» توصي باستخدام «أسترازينيكا» بلا قيود

لقاح أسترازينيكا لا يزال في عين العاصفة (رويترز)
لقاح أسترازينيكا لا يزال في عين العاصفة (رويترز)

جددت الوكالة الأوروبية للأدوية أمس (الأربعاء) توصيتها باستخدام لقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس «كورونا» من دون قيود «عمرية أو جنسية أو لسوابق صحية»، مشيرة إلى أن حالات التخثر الدموي تعد من الآثار المحتملة النادرة جداً لهذا اللقاح و«هذا أمر مألوف في الأدوية».
فمنذ انطلاق سباق البحوث لتطوير لقاح ضد (كوفيد - 19) تركّزت كل الأنظار على المشروع الذي كان يقوده فريق من العلماء في جامعة أكسفورد العريقة لحساب الشركة البريطانية السويدية أسترازينيكا، ومع ظهور النتائج الأولى للتجارب السريرية على هذا اللقاح عُقدت عليه أكبر الآمال وتسارعت الدول لإبرام اتفاقات من أجل الحصول على أكبر كميات ممكنة منه، لا سيّما أن آفاق التوصل إلى إيجاد علاج للوباء تبدو كل يوم مسدودة أكثر.
كل المواصفات التي يحملها هذا اللقاح دفعت إلى التعويل عليه بوصفه العامل الرئيسي في تغيير مسار الجائحة التي شلّت مفاصل العالم وتركت اقتصاده في حال من الإغماء التي ما زال يجهد للنهوض منها: لقاح يخرج من مختبر إحدى أعرق الجامعات في العالم، فاعليته بلغت 100 في المائة ضد الإصابات الخطرة بالفيروس خلال التجارب السريرية، قابل للحفظ والتخزين في الثلاجات العادية، وتكلفته لا تتجاوز 3 دولارات مقابل 15 دولاراً ثمن لقاح فايزر و21 دولاراً ثمن لقاح موديرنا. يضاف إلى ذلك، أن الشركة تعهدت توزيع 3 مليارات جرعة هذا العام من غير تحقيق أرباح وتخصيص نسبة منها لأفقر البلدان في العالم.
لكن بعد أسابيع من بداية حملات التطعيم ظهرت آثار جلطات دموية غير مألوفة في بعض الحالات الاستثنائية إثر تناول هذا اللقاح، ما دفع دولاً عدة إلى وقف توزيعه أو حصره بفئات عمريّة معيّنة، رغم أن منظمة الصحة العالمية والوكالة الأوروبية للأدوية أكدتا غير مرة أنه لا توجد قرائن على العلاقة السببية بين اللقاح والجلطات الدموية، وأن منافع اللقاح تتجاوز بكثير آثاره الجانبية المحتملة.
ومع ظهور حالات تخثّر دموي جديدة في الأيام الأخيرة، وبعد التصريحات التي أدلى بها أول من أمس (الثلاثاء) خبير الأدوية الإيطالي ماركو كافاليري، رئيس قسم استراتيجية اللقاحات في الوكالة، مؤكداً وجود علاقة بين اللقاح والجلطات النخاعية، اضطرت الوكالة لعقد اجتماع استثنائي أمس (الأربعاء) بهدف إصدار تعميم حول استخدام هذا اللقاح الذي يزداد عدد الأوروبيين الذين يرفضون تناوله.
وتجدر الإشارة إلى أن كافاليري كان أعلن أواخر الشهر الفائت أن الوكالة تدرس 44 حالة من هذه الجلطات الغريبة التي ظهرت في أوروبا بعد توزيع أكثر من 9 ملايين جرعة، وقال إنها نسبة ضئيلة جداً وسببها تدنّي عدد الصفائح الدموية.
لكن الاجتماع الذي عقدته الوكالة بمشاركة فريق من الخبراء في العلوم الفيروسية واللقاحية واختصاصيين في الأمراض الدموية، والذي كانت تترقّب نتائجه العواصم الأوروبية باهتمام كبير، لم يحمل أي جديد من شأنه تبديد المخاوف والشكوك التي ما زالت تحيط بالآثار الجانبية المحتملة لهذا اللقاح.
وفي الندوة الصحافية التي عقدتها المديرة التنفيذية للوكالة إيمير كوك قالت إن منافع لقاح أسترازينيكا لمنع الإصابة بـ(كوفيد - 19) تتجاوز بكثير كل الآثار المحتملة التي يمكن أن تنشأ عنه، وإنه لقاح يتمتع بفاعلية عالية ويحول دون العلاج في المستشفى لنسبة عالية من الإصابات. وأضافت كوك أنه استناداً إلى البيانات والقرائن المتوفرة حتى الآن، لا يوجد أي دليل على صلة حالات التخثّر الدموي الذي رصدت في العديد من البلدان الأوروبية بالعمر أو الجنس أو السوابق الصحية. وقالت إن السبب قد يكون في الاستجابة المناعية، لكن من غير وجود تأكيدات لذلك حتى الآن، وإن حالات التخثر الدموي يجب إدراجها ضمن الآثار المحتملة النادرة جداً لهذا اللقاح.
وشدّدت كوك على أن حملات التلقيح الكثيفة التي لا سابق لها في التاريخ تشكّل تحدّياً لكل الأنظمة الصحية والهيئات الناظمة لاستخدام الأدوية، مؤكدة نجاعة النظام الأوروبي لمراقبة المخاطر وتقويمها، وداعية الدول عند اتخاذ قرارتها بشأن استخدام هذا اللقاح إلى «مراعاة المشهد الوبائي العام والقدرات الاستيعابية في المستشفيات والكميات المتوفرة من اللقاحات».
وكانت عدة دول أوروبية قد قررت تقييد توزيع هذا اللقاح، مثل ألمانيا التي سمحت بإعطائه فقط لمن تجاوز الستين بينما قصرت فرنسا توزيعه على من تجاوز الخامسة والخمسين من العمر. وعن ظهور معظم الجلطات لدى نساء دون الخامسة والخمسين قالت الوكالة الأوروبية للأدوية إن ذلك قد يعود، جزئياً، إلى كون حملات التلقيح قد بدأت بين أفراد الطواقم الصحية والهيئات التعليمية التي تضم نسبة عالية من النساء.
وفي جنيف صرّح خبير في منظمة الصحة العالمية أمس (الأربعاء) أن البيانات المتوفرة تبيّن أن توزيع مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا يحول دون وقوع 120 ألف إصابة بـ(كوفيد - 19)، ويمنع دخول 4100 حالة للعلاج في المستشفى وإنقاذ 80 مريضاً من الموت، وأنه قد تظهر حالة أو اثنتان من التخثرات الدموية الغريبة التي قد يكون اللقاح سببها.
الوكالة البريطانية للأدوية من جهتها تدرس 22 حالة تخثّر في أوعية المخ الدموية و8 حالات أخرى كانت ظهرت بعد توزيع 18 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا حتى أواخر الشهر الماضي. وفي بيان صدر مطلع هذا الشهر قالت الوكالة البريطانية إن «منافع اللقاحات ضد (كوفيد - 19) ما زالت تتجاوز كل المخاطر، والكل مدعو إلى التجاوب مع الدعوة لتناول اللقاح».
ويقدّر المكتب الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية أن مستشفيات المدن الأوروبية الكبرى ترصد يومياً حوالي 40 حالة تخثر دموي عميقة لكل مليون مواطن من غير أي علاقة بتناول اللقاح. ويذكر أن البحوث الأولى التي أجراها خبير العلوم الدموية الألماني أندرياس غرايناخير قد رجّحت أن يكون سبب الجلطات الناجمة عن تناول اللقاح في ردة فعل جهاز المناعة، على غرار ما يحصل في بعض الحالات النادرة عند تناول عقار «أيبارين» الذي تشاء المفارقات أنه لمنع التخثّر الدموي.
وكانت آن تايلور رئيسة الهيئة الطبية في شركة أسترازينيكا قد أكدت في تصريحات عدة خلال الأسابيع المنصرمة أنه لا توجد قرائن علمية تربط بين اللقاح والجلطات الدموية، وأن الشركة أجرت تحاليل على عشرات الملايين من الذين تناولوا اللقاح ولم يتبيّن أن حالات التخثّر تزيد على تلك التي تظهر من غير تناول اللقاح. ومن المقرر أن تبدأ الوكالة الأوروبية للأدوية اعتباراً من الأسبوع المقبل البحث لتحديد ما إذا كانت التجارب السريرية التي أجريت على لقاح سبوتنيك الروسي قد استوفت الشروط العلمية والأخلاقية المرعية، وذلك بعد الضغوط المتزايدة التي تعرّضت لها من عدة حكومات للسماح باستخدام هذا اللقاح الذي كانت المجر قد بدأت بتوزيعه، وتطالب دول أخرى بالموافقة على استيراده لتعويض التأخير في تسلّم جرعات لقاح أسترازينيكا في المواقيت المتفق عليه.
وكان مصدر في الوكالة الأوروبية قد صرّح بأن ثمة شكوكاً في أن تكون التجارب السريرية التي أجريت على هذا اللقاح غير مستوفية الإجراءات العلمية اللازمة، علما بأن السلطات الروسية لم تتقدم حتى الآن بطلب رسمي كامل للموافقة على استخدامه.
وكان المختبر الروسي الذي طوّر هذا اللقاح قد أعلن أن المتطوعين الذين شاركوا في التجارب السريرية ينتمون إلى القوات المسلحة وملاك موظفي الدولة، وأن 59 دولة قد وافقت على استخدامه بعد أن راجعت هيئاتها الناظمة كل البيانات بدقة وأعربت عن ارتياحها لاستيفائها جميع الشروط المرعيّة في التجارب السريرية على اللقاحات.
وفي ميونيخ أعلنت السلطات الإقليمية لحكومة بافاريا أنها ستشتري 2.5 مليون جرعة من لقاح سبوتنيك إذا وافقت الوكالة الأوروبية على استخدامه.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.