تطبيقات تراقب المصروفات وتساعد في تسديد الديون

ثورة في أدوات الإدارة المالية الشخصية

تطبيقات تراقب المصروفات وتساعد في تسديد الديون
TT

تطبيقات تراقب المصروفات وتساعد في تسديد الديون

تطبيقات تراقب المصروفات وتساعد في تسديد الديون

يعد هذا النوع من التطبيقات بدفعكم إلى توفير المزيد من المال، والتفاوض على الرسوم المصرفية، وتغطية السحوبات المفرطة، ويساعدكم في تسديد ديونكم ويهنئكم على إنفاقكم الحكيم، ويذكركم بالفواتير المقبلة. وتعد هذه التطبيقات أحدث الثورات في عالم أدوات الإدارة المالية الشخصية ولكن مع تركيز أكبر على عامل الشخصنة.

إدارة الأموال
لا تعد برامج الإدارة المالية هذه جديدة في الأسواق، حيث إن أولها الذي يعرف باسم «كويكن» Quicken ظهر في الثمانينيات لتسهيل عمليات دفع الفواتير ووضع الميزانيات، وتطور مع تطور الصناعة. ويوجد أيضاً تطبيقا «مينت» (Mint) و«كريديت كارما» (Credit Karma) اللذان يعتبران من أبرز التطبيقات في هذا المجال، وقد تجاوزا عشر سنوات في الخدمة.
ولكن مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه الأدوات التي تأتي بمعظمها على شكل تطبيقات، أكثر انتشاراً إلى درجة يصعب التكهن بعددها، لا سيما أننا نرى إصدارات جديدة منها كل يوم.
واعتبرت شانيل بيسيت، كاتبة مصرفية في موقع «نيرد واليت» المتخصص بالشؤون المالية الشخصية والذي يملك تطبيقه الخاص لوضع الميزانيات، أن «هذه التطبيقات أصبحت اليوم أكثر سلاسة وتطوراً، وباتت قادرة على معرفة مستخدميها بشكلٍ أفضل بكثير، لأن هؤلاء يغذونها بمعلومات متعلقة بإنفاقاتهم، الأمر الذي يساعدها على الخروج بتوقعات أكثر دقة».

مستشار ذكي
تسعى هذه التطبيقات إلى التحسن بشكلٍ مستمر حتى التحول إلى ما يشبه المستشار الخاص، ولكن دون راتبٍ مرتفع، ومع إمكانية حملها معكم في الجيب. يفرض بعض هذه التطبيقات اشتراكاً شهرياً أو سنوياً، بينما يتوفر غيرها مجاناً ويجني أرباحه من رسوم الإحالة التي يحصّلها عند شراء المستخدمين لمنتجات أو خدمات مالية تم الترويج لها عبر موقعه الإلكتروني.
من جهتها، تعتبر أنيشا كوثابا، محللة متخصصة بالتقنيات المالية في شركة «سي بي إنسايت» التي تراقب الاتجاهات المالية، أن «مهمة هذه التطبيقات في الماضي كانت تسهيل وضع الميزانيات، أما اليوم، فقد أصبحت تقدم مزايا تتيح للمستهلكين شراء الأسهم والتقدم بطلبات للحصول على القروض وحفظ جميع النشاطات المالية على منصة واحدة».
تسعى الشركات المطورة لهذه التطبيقات إلى صناعة مكانة لها في السوق المالية المزدحمة، فيعمل بعضها على تقديم المزيد من الخصائص لجذب المستخدمين، بينما يحرص البعض الآخر على تحقيق التميز.
تشتهر هذه التطبيقات بتقديم خدمات الموازنة وتحديد الأهداف وتتصدر لائحة أفضل التطبيقات في هذا المجال كل من «مينت» و«بوكيت غارد» (PocketGuard) و«يو نيد إي بادجت» ((You Need A Budget.
وكما جميع الأدوات الفاعلة في هذه الصناعة، تتطلب هذه التطبيقات بطاقة ائتمان المستخدم ومعلومات مصرفية مالية أخرى لمتابعة مستويات الإنفاق والمدخول وتقسيمها تلقائياً إلى فئات.
يقدم كل واحدٍ من هذه التطبيقات شيئاً مختلفاً عن الآخر. إذ يتيح تطبيق «مينت» مثلاً لمستخدميه الحصول على تقارير بطاقاتهم الائتمانية في أي وقت (تقرير «خفيف» أي لا يؤثر على رصيد البطاقة)، بينما يعتمد تطبيق «يو نيد إي بادجت» (YNAB) على نظام يسمى «موازنة صفر» يتم فيه وضع كل دولار في حساب منفصل كإنفاقات العطل وصندوق الطوارئ وغيرها ليصبح فائض أموالكم «صفراً».
قالت جيس ميشام، مؤسسة تطبيق «يو نيد إي بادجت»: «نريد لمستخدمينا أن يكونوا استباقيين، لا رجعيين. يعتقد الناس أن وضع الميزانيات يعني توقع ما سيقومون به وما سينفقونه، ولكن نحن نعلمهم كيف يصنعون ميزانيات بالمال الذي يملكونه اليوم. نريد لهؤلاء أن يغيروا سلوكهم، وهذا الأمر يترافق مع تغيير في تفكيرهم».
تركز أدواتٌ أخرى على الادخار والاستثمار الآلي، وقد أصبح هذا النوع من التطبيقات أكثر ابتكاراً وأشبه بالألعاب الإلكترونية. على سبيل المثال، يتصل تطبيق «كابيتال» (Qapital) بموقع «إيف ذس ذان ذات» (If This Than That) الإلكتروني الذي يتيح للمستخدمين وضع قواعد خاصة للادخار والاستثمار.
يستطيع تطبيق «كابيتال» (Qapital) على سبيل المثال، الاتصال بساعة «فيتبيت» لحثكم في كل مرة تحققون فيها هدفاً ما (كالسير 10 آلاف خطوة) أو الفشل في تحقيق آخر (كعدم الحصول على القسط الكافي من النوم) على وضع بعض المال في أهداف الادخار أو الاستثمار خاصتكم.
وقد يكون الأمر أيضاً غير مرتبط بأي شيء تقومون به، كحثكم على وضع بعض المال جانباً عندما تتخطى درجة الحرارة معدلاً معيناً أو عندما تمطر أو عند زيارة أحد أماكنكم المفضلة.
وكما في معالجة اللغة الطبيعية، يصبح الذكاء الاصطناعي بجزءٍ منه أكثر دقة، ما يسمح لبعض هذه التطبيقات بتطوير علاقة خاصة مع مستخدميها كتطبيق «تشارلي» ((Charlie، روبوت محادثة على شكل بطريق، مهمته التركيز على خفض الديون إلى جانب لعب دور الصديق الداعم.

أدوات تقليل الإنفاق
وإذا كنتم تبحثون عن أداة تساعدكم بفاعلية على تخفيض إنفاقاتكم، تقدم بعض الشركات خدمات مهمتها البحث عن طرقٍ لتخفيض المدفوعات أو الحد من الرسوم غير الضرورية. تعد أداة «تريم» (Trim) التي تأتي على شكل موقع إلكتروني، واحدة من الأفضل في هذا المجال، لا سيما أنها تؤدي مهام كثيرة؛ أبرزها تحديد التكاليف المتكررة كالاشتراكات، للتأكد من أنكم تريدون الاستمرار بها. كما أنها تستطيع التفاوض مع الشركات المزودة لخدمات الإنترنت والهاتف والكابل لتخفيض دفعاتكم.
تعمل أداة أخرى اسمها «كوشن» Cushion)) على مسح كشوفات البطاقات الائتمانية والمصرفية الخاصة بالمستخدم (يعتمد عدد المسوحات التي تجريها على مستوى اشتراككم وكلفته) للبحث عن السحوبات المفرطة والرسوم الإضافية، بحسب ما أفاد الرئيس التنفيذي ومؤسس الشركة التي طورتها بول كسرواني.
بعدها، تتفاوض «كوشن» مع المؤسسات المالية سواء عبر تطبيق المصرف الآمن (إذا سمح الزبون بذلك) أو عبر المحادثة الإلكترونية عبر موقع المصرف وحتى عن طريق البريد الإلكتروني التقليدي. وقال كسرواني إن «شروط خدمات المصرف والبطاقات الائتمانية شديدة التعقيد ما يجعل الناس يقعون غالباً في فخ دفع رسومٍ إضافية».

خرق الخصوصية
ولكن منْح المستخدمين لبعضٍ من أهم معلوماتهم المالية يزيد الحاجة إلى الخصوصية والأمن. ويشدد بول بيشوف، محرر موقع «كومباريتك» المتخصص بالأبحاث التقنية والمقارنات، الذي يركز على الأمن السيبراني وخصوصية المستهلك، على ضرورة قراءة سياسة الخصوصية في كل تطبيق ويشجع على البحث عن سياسة تتعهد بعدم بيع معلوماتكم لطرف ثالث.
ويحذر بيشوف من أن جميع شركات الإدارة المالية الشخصية تعد بالاحتفاظ ببيانات مستخدميها في قلعة افتراضية محصنة، ولكن «جميع التطبيقات آمنة فقط حتى تصبح عكس ذلك».
وأخيراً، يشدد بيشوف على أن كلامه لا يعني أن هذه التطبيقات معرضة لمخاطر الاعتداءات السيبرانية والقرصنة أكثر من المصرف أو أي مؤسسة أخرى، ولكن «كلما كثر عدد الناس الذين يملكون معلومات عنكم، أصبح الخطر أكبر»، ويعترف أنه شخصياً لن يسجل دخوله في أي تطبيق دون التحقق منه جيداً.
* خدمة «نيويورك تايمز».



دراسة جديدة: نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية تفتقر لفهم حقيقي للعالم

بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)
بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)
TT

دراسة جديدة: نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية تفتقر لفهم حقيقي للعالم

بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)
بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)

أظهرت نماذج اللغة الكبيرة (LLMs)، مثل النماذج التي يقوم عليها نموذج «GPT-4»، قدرات مذهلة في توليد النصوص، سواء أكان ذلك في كتابة الشعر، أو تأليف المقالات، حتى تقديم حلول برمجية. تُدرَّب هذه النماذج، المعتمدة على بنى معمارية متقدمة تُعرف باسم «المحوّلات» (Transformers)، على توقع تسلسل الكلمات، ما يمكّنها من الاستجابة للمطالبات بطرق تحاكي فهماً يشبه البشري. ومع ذلك، تشير أبحاث حديثة إلى أن هذه النماذج، على الرغم من قدراتها المثيرة للإعجاب، قد لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم.

خريطة لمدينة نيويورك الأميركية (أدوبي)

التنقل في مدينة نيويورك دون خريطة

في دراسة حديثة قادها آشِش رامباتشان، أستاذ مساعد في الاقتصاد وباحث في مختبر نظم المعلومات واتخاذ القرار بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (LIDS)، قام الباحثون باختبار مدى قدرة نموذج لغوي مبني على «المحوّلات» على التنقل في مدينة نيويورك. وبينما أظهر النموذج دقة عالية في تقديم توجيهات دقيقة خطوة فخطوة عبر شبكة شوارع المدينة، تراجع أداؤه بشكل كبير عندما تمت إضافة عراقيل مثل إغلاق بعض الشوارع والتحويلات.

وعندما حلّل الباحثون أنماط التنقل التي أنتجها النموذج، اكتشفوا أن «خرائط» مدينة نيويورك التي كوّنها النموذج كانت تحتوي على مسارات غير واقعية، مثل شوارع غير موجودة وروابط غير دقيقة بين تقاطعات متباعدة. هذا الاكتشاف أثار تساؤلات حول حدود هذه النماذج، خاصة في البيئات التي تتطلب دقة كبيرة.

التداعيات في العالم الحقيقي

تنطوي هذه القيود على تداعيات هامة. فعلى الرغم من أن نماذج الذكاء الاصطناعي تبدو قادرة على التعامل مع مهام معقدة، فإن أداءها قد يتراجع بشكل كبير عندما تتغير المتغيرات البيئية، ولو بشكل بسيط. على سبيل المثال، قد يتمكن النموذج من التنقل في خريطة ثابتة لمدينة نيويورك، لكنه يتعثر عند مواجهة تحديات غير متوقعة، مثل إغلاق الشوارع. ويحذر فريق البحث من أن استخدام هذه النماذج في تطبيقات حقيقية قد يؤدي إلى فشل غير متوقع إذا واجهت سيناريوهات خارجة عن بيانات التدريب.

لعبة «أوثيللو» هي لعبة ألواح استراتيجية يشارك فيها لاعبان يلعبان على لوح مقسم إلى 8 × 8 مربعات غير مختلفة اللون (أدوبي)

مقاييس لتقييم الفهم

لمزيد من التعمق في مدى قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على تكوين «نماذج للعالم»، أي تمثيلات داخلية للقواعد والهيكليات، طوّر الفريق مقياسين جديدين للتقييم، هما «تمييز التسلسل» و«ضغط التسلسل».

يقيس «تمييز التسلسل» قدرة النموذج على التمييز بين سيناريوهات مختلفة، مثل تمييز موضعين مختلفين على لوحة لعبة «أوثيللو». ويقيّم المقياس ما إذا كان النموذج يفهم أن مدخلات مختلفة تحمل دلالات مختلفة.

أما مقياس «ضغط التسلسل» فيقيّم قدرة النموذج على إدراك الحالات المتطابقة، مثل وضعين متطابقين على لوحة لعبة «أوثيللو»، ويفهم أن خطوات التحرك التالية من كل وضع يجب أن تكون متشابهة.

قام الفريق باختبار هذه المقاييس على فئة معينة من المسائل تشمل تسلسلاً محدداً من الحالات والقواعد، مثل التنقل في شبكة شوارع أو لعب «أوثيللو». من خلال هذه التقييمات، سعى الباحثون لفهم ما إذا كانت النماذج قد طوّرت بالفعل نماذج منطقية للعالم.

العشوائية قد تؤدي إلى فهم أعمق

كشف البحث عن نتيجة غير متوقعة، حيث أظهرت النماذج التي دربت على تسلسلات عشوائية قدرة أكبر على بناء نماذج داخلية دقيقة مقارنة بتلك التي دربت على بيانات منظمة. على سبيل المثال، في لعبة «أوثيللو»، كانت النماذج المدربة على حركات عشوائية قادرة على التعرف على جميع الحركات الممكنة، حتى الحركات غير المثلى التي لا يلجأ إليها اللاعبون المحترفون.

وأوضح كيون فافا، الباحث الرئيسي وأستاذ زائر في جامعة هارفارد، أنه «من الناحية النظرية، عندما يتم تدريب النموذج على حركات عشوائية، فإنه يرى مجموعة كاملة من الاحتمالات، بما في ذلك الخيارات غير المحتملة». ويبدو أن هذا التعرض الواسع «يساعد النموذج في تكوين نموذج أكثر دقة للعالم، وإن لم يلتزم بالأسلوب الأمثل».

ورغم هذه النتائج، لم يستطع أي من النماذج تكوين نموذج منطقي متكامل للعالم في مهمة التنقل. وعندما أضاف الباحثون تحويلات إلى خريطة نيويورك، فشلت جميع النماذج في التكيف. وأشار فافا إلى أن «التراجع في الأداء كان مفاجئاً؛ إغلاق واحد في المائة فقط من الشوارع تسبب في انخفاض الدقة بشكل حاد، من أداء شبه مثالي إلى 67 بالمائة فقط».

تراجع أداء نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل كبير عندما تتغير المتغيرات البيئية ولو بشكل بسيط (أدوبي)

بناء نماذج للعالم موثوقة

تسلط نتائج هذه الدراسة الضوء على تحدٍ كبير، يتمثل في أنه عندما تبدو المحوّلات قادرة على أداء مهام معينة، فإنها قد تفتقر إلى الفهم الأساسي للقواعد. وشدّد رامباتشان على ضرورة الحذر، قائلاً: «غالباً ما يفترض الناس أنه بما أن هذه النماذج تحقق نتائج رائعة، فلا بد أنها طوّرت فهماً جوهرياً للعالم. لكن دراستنا تشير إلى أننا بحاجة إلى النظر في هذا الافتراض بعناية وعدم الاعتماد على الحدس فقط».

ويخطط الباحثون لتوسيع دراستهم لتشمل تحديات أكثر تعقيداً حيث قد تكون القواعد غير معروفة كلياً أو متغيرة. وباستخدام مقاييسهم التقييمية على هذه المجالات، يأملون في فهم حدود نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل وتوجيه تطويرها في المستقبل.

تداعيات أوسع وأهداف مستقبلية

تتجاوز تداعيات هذا البحث فهم العالم الافتراضي، وتمس التطبيقات العملية. إذا كانت نماذج الذكاء الاصطناعي غير قادرة على تكوين نماذج داخلية دقيقة للعالم، فإن ذلك يثير تساؤلات حول استخدامها في مجالات تتطلب منطقاً دقيقاً، مثل القيادة الذاتية، والأبحاث العلمية، والتخطيط اللوجستي. ويقول الباحثون إن الحاجة ملحة لإعادة التفكير في كيفية تدريب هذه النماذج وتقييمها لتكون أكثر تكيفاً وموثوقية.

هذا البحث مدعوم من قبل عدة مؤسسات، بما في ذلك مبادرة علوم البيانات في جامعة هارفارد، ومؤسسة العلوم الوطنية، ومؤسسة ماك آرثر. سيتم عرض الدراسة في مؤتمر نظم معالجة المعلومات العصبية، حيث سيواصل الباحثون مناقشة تعقيدات نماذج الذكاء الاصطناعي واستكشاف مسارات جديدة لتطويرها.