بينما تحتفل الأمم المتحدة بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيسها، تتعين إعادة بناء الثقة، في ظل التنافس الجغرافي السياسي المتزايد، والانقسامات بين الشمال والجنوب، والمواطنين المتشككين بسبب تداعيات العولمة، بحسب ما يقوله سام داوز؛ الباحث المعني بأبحاث وسياسات الأمم المتحدة، والتابع لـ«المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)».
وأضاف داوز في تقرير نشره موقع «المعهد الملكي للشؤون الدولية»، أنه من الواضح أن المجتمع الدولي قلل من استثماره في مجالي المرونة المؤسسية والوقاية، موضحاً أن هناك حاجة إلى توفير شراكات أفضل مع القطاع الخاص، وأشكال مبتكرة من التعاون بين الأقاليم.
وفي الوقت نفسه، يقول داوز إن هناك مؤشرات إيجابية على أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ترغب في تغيير الأمور. فقد وافقت الدول الأعضاء بالإجماع في سبتمبر (أيلول) الماضي، على إعلان سياسي يعيد التأكيد على التعددية بقوة، ومنحت الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عاماً واحداً لتقديم خريطة طريق بشأن كيفية الاستجابة؛ «إعادة البناء على نحو أفضل»، في مواجهة تغير المناخ ومكافحة تفشي جائحة فيروس «كورونا» المسبب لمرض «كوفيد19».
وأوضح أن أحد التحديات الرئيسية يتمثل في توجيه عمليات التفويض والموارد نحو الوقاية من الأزمات.
وقد استثمرت الصين بصورة كبيرة على مدار العقد الماضي في النظام متعدد الأطراف في المنظمات الرسمية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وفي تعزيز مجموعة من المنتديات «الصغيرة الجانبية» المعنية بالشأن الصيني. كما عززت علاقاتها مع روسيا في مجلس الأمن الأممي. ويقول الباحث: «الدول الغربية لديها إعجاب - رغماً عنها - وتشكك قوي، بحنكة الصين في النهوض بمصالحها وتعزيز قيمها بهذه الطريقة، إلا إنها منقسمة بشأن كيفية الرد».
من جانبها، أعادت إدارة الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، التزامها بالعمليات متعددة الأطراف، إلا إنه من المرجح أن تظل العلاقات الثنائية للولايات المتحدة هي المحرك الرئيسي للسياسة الخارجية. في الوقت نفسه، سعت المملكة المتحدة إلى تحويل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، إلى اجتماع موسع على مستوى القمة للديمقراطيات، ولكن أوروبا منقسمة بشأن الحكمة وراء إضفاء الطابع الرسمي على مجموعة قد تزيد الانقسامات مع الصين. كما أن بعض الديمقراطيات الكبرى - كالهند على سبيل المثال - لديها مناهج متباينة بشأن قضايا مثل حماية التجارة.
ومن المحتمل حدوث زيادة في الاجتماعات التنظيمية غير الرسمية عبر الأقاليم داخل منظومة الأمم المتحدة، للنهوض بالمعايير وإحراز تقدم حول أهداف مشتركة محددة.
ومن الممكن أن يبني غوتيريش على اتفاقيات السلام التي عقدت مؤخراً بين إسرائيل ودول عربية برعاية الولايات المتحدة، لتشجيع العلاقات الثقافية والسياسية والأمنية عبر الأقاليم، على خلفية التجارة والاستثمار، ورسم خريطة للفرص العملية للتعاون الاستراتيجي بين الصين والغرب في قطاعات الصحة والأمن الغذائي والمناخ والتنوع البيولوجي، وإدارة الاقتصاد الكلي العالمي، في الوقت الذي يتم فيه تعزيز الأطر المعيارية الجديدة لإدارة المنافسة الاستراتيجية في مجال الذكاء الصناعي، والبيانات الضخمة، والمرونة الإلكترونية، وتحرير الجينات، والأتمتة.
ويقول داوز إن «تحقيق أهداف التنمية المستدامة» وأهداف المناخ، بصورة جزئية، يعتمد على جمع خبرات وموارد الجهات الفاعلة شبه الحكومية، مثل سلطات الأعمال ومجالس المدن والسلطات الإقليمية.
ومع ذلك، ما زالت الدول النامية تتحفظ بشأن منح الأمين العام للأمم المتحدة دوراً أكبر فيما يتعلق بتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وجمع التمويل الخاص، خوفاً من أن يلقي ذلك بظلاله على وعود دول شمال العالم بتقديم المساعدات وتوفير شروط أكثر إنصافاً للتبادل التجاري والديون.
وبالإضافة إلى ذلك، تعرب الحكومات الأفريقية عن خيبة أملها المتزايدة بشأن استمرار افتقارها إلى «المشاركة» فيما يتعلق بصنع القرار في الأمم المتحدة، وتراجع الدول الواقعة في شمال العالم عن وعودها المتعلقة بتمويل قضايا المناخ، وما تشهده الدول النامية من تطبيق بطيء لحملات التطعيم الخاصة بمبادرة «كوفاكس» العالمية المعنية بتوفير اللقاحات للدول الفقيرة.
وتحتاج الثقة في الحكم أيضاً إلى إعادة البناء على مستوى المواطن بصفته فرداً، بحسب داوز.
من جانبه، دعا غوتيريش إلى «عقد اجتماعي» جديد بين الحكومات ومواطنيها، وإلى التعددية لإظهار المصلحة العملية، بالإضافة إلى قضية «القيم» التي تفسر السبب وراء فائدة التعاون الدولي للأفراد والدول.
باحث أميركي: إعادة بناء الثقة ضرورية من أجل مستقبل الأمم المتحدة
باحث أميركي: إعادة بناء الثقة ضرورية من أجل مستقبل الأمم المتحدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة