استدعاء «إبداعات» شادي عبد السلام بسبب «أحمس»

جمهور «السوشيال ميديا» في مصر ينتقد المسلسل الجديد بعد طرح البرومو

TT

استدعاء «إبداعات» شادي عبد السلام بسبب «أحمس»

ما أن أُذيع المقطع الترويجي الأول لمسلسل «أحمس» المُنتظر عرضه خلال شهر رمضان المقبل، حتى قوبل بموجة من الانتقادات، التي كان أغلبها يصب في خانة انتقاد الهيئة الشكلية التي ظهر بها أبطال العمل الذين من المفترض أنهم يُمثلون حقبة تاريخية تعود للملك «أحمس»، مؤسس الأسرة الثامنة عشرة، ومعركته الشهيرة التي انتهت بانتصاره على «الهكسوس».
مسلسل «أحمس» من بطولة الممثل المصري عمرو يوسف، الذي يُجسد دور الملك أحمس طارد الهكسوس، وهو مأخوذ عن رواية «كفاح طيبة» للأديب العالمي نجيب محفوظ، وطال الانتقاد في البداية بطل المسلسل الذي ظهر مُلتحياً، هو وعدد من أبطال العمل في إطلالة لا تتناسب مع حياة المصري القديم، التي لم تكن اللحية فيه من سمات الرجال الشكلية، مروراً بالأزياء والديكورات التي بدت عصرية.
إلى جانب احتدام ساحات التواصل الاجتماعي بالتعليقات و«الكوميكس» الساخرة، بدأ بالتوازي تداول صور من أفلام المخرج والكاتب ومهندس الديكور ومصمم الأزياء الراحل شادي عبد السلام (1930 - 1986)، الذي عُرف بإتقانه الشديد لتقديم نمط الحياة في مصر القديمة بأسلوب مدروس مُعتمد على البحث التاريخي؛ ما جعل كادرات أفلامه الشهيرة مدرسة في حد ذاتها ومرجعية بصرية لملابس وهيئات وأسلوب حياة المصري القديم، مثل فيلم «شكاوى الفلاح الفصيح»، وكذلك فيلم «أخناتون» الذي تداول المستخدمون عبر مواقع التواصل كلمة شهيرة له وهو يتحدث عن مراحل إعداد الممثلين والإكسسورات «سأُعلّم الممثلين حركات وأنغام من عاشوا منذ ثلاثة آلاف سنة قبل البدء في التصوير، لا بد لهم أن يتعلموا المشي حفاة بصورة طبيعية جداً في الرمال الحارقة، لقد طلبت من أحسن صناع (الموسكي) في القاهرة القديمة، أن يصنعوا لي بالضبط مثلما كان يصنع لتوت عنخ آمون ليتحلى بمصاغه، الألوان نفسها، الموازين نفسها، المادة نفسها أو ما يشبهها، أنا أستعمل أكثر المواد نبلاً حتى أكون أكثر تقارباً من الحقيقة».
تلك الحالة الغارقة في الاحتراف، والولع بالحضارة المصرية القديمة التي يتحدث عنها عبد السلام هي ما جعلت البعض يتساءلون «ماذا سيكون موقف شادي عبد السلام من هذا المسلسل لو كان حياً بيننا الآن؟»، ردود الأفعال لم تقف عند حد السخرية وحسب، بل وصلت حدة الانتقادات للمطالبة بمقاطعة المسلسل، بسبب ما اعتبر تشويهاً درامياً للحضارة المصرية القديمة.
يعتبر الدكتور حاتم حافظ، الأستاذ بالمعهد العالي للفنون المسرحية ورئيس تحرير مجلة «فنون»، أنه من الضروري أن نفرّق بين أمرين: الأول استدعاء مشاهد سينما شادي عبد السلام كمرجع تاريخي، والآخر استدعاؤها كمرجع فني؛ لأنه من الضروري التأكيد على أن الأفلام التاريخية لا تعد بذاتها مرجعاً تاريخياً لأي شخص يهتم بالتاريخ، فما حدث أن الغاضبين غضبوا من لحية أحمس ليس فحسب لأنها تخالف التاريخ، وليس لأن وجودها يُمرر الآيديولوجيا العبرانية، ولكن أيضاً لأنها عبّرت عن استهانة كبيرة بالفن؛ لهذا عبّر الغاضبون عن غضبهم باستدعاء صور المعابد، وباستدعاء صور أفلام شادي عبد السلام للتعبير عن استنكارهم للاستهانة والضعف الفنيين.
يضيف الدكتور حاتم حافظ لـ«الشرق الأوسط»: «من اللافت للنظر أن شادي عبد السلام ليس مخرجاً جماهيرياً، ورغم أن فيلمه الأشهر (المومياء) لم يكن في يوم من الأيام فيلماً جماهيرياً فإن الجمهور بوعيه استدعاه لأنه يدرك قيمته الفنية؛ لهذا أؤكد أني أميل لتفسير غضب الجمهور على المستوى الفني وعلى المستوى التاريخي في الآن نفسه، المسألة كأن يشاهد الجمهور سيارة موديل الثمانينات في فيلم تجري أحداثه في الستينات، فيستدعي أفلاماً تمثل الدقة الفنية العالية، لكن لو فكرنا أن مثل هذه الأخطاء تتحول إلى مادة للفكاهة لا للغضب ندرك حجم الكارثة التي شعر بها الجمهور، هذا ليس مجرد خطأ وارد، لكنها استهانة بالتاريخ وبالفن وبالجمهور»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».