ضغوط وتجاذبات حول تحديد منشأ الفيروس

ضغوط وتجاذبات حول تحديد منشأ الفيروس
TT

ضغوط وتجاذبات حول تحديد منشأ الفيروس

ضغوط وتجاذبات حول تحديد منشأ الفيروس

قال مصدر رفيع مسؤول في منظمة الصحة العالمية إن الضغوط التي تتعرض لها المنظمة مؤخراً «من كل الجهات تقريباً» تعرقل جهودها في مرحلة حرجة من الحرب الدولية على الوباء، ولا تساعد على توفير الأجواء اللازمة لمواجهة الفيروس الذي عاد لينتشر بسرعة وكثافة في معظم الأقاليم ويهدد بالقضاء على مفاعيل حملات التلقيح في أكثر من بلد.
وكان المسؤول؛ الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، يتحدّث إلى «الشرق الأوسط» في أعقاب صدور النسخة النهائية والكاملة للتقرير الذي أعده خبراء بعثة المنظمة بعد عودتهم من الصين للتحرّي عن منشأ الفيروس الذي كانت إصاباته الأولى الموثّقة قد ظهرت في مدينة ووهان الصينية أواخر العام ما قبل الماضي. واعترف المسؤول بأن الولايات المتحدة وعدداً من الدول الغربية؛ في طليعتها أستراليا وكندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، إضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية، مارست ضغوطاً مباشرة على إدارة المنظمة لحملها على عدم إقفال ملف التحريات، وإعادة تشكيل البعثة وتعديل صلاحياتها. وكشف عن أن السلطات الصينية من جهتها سارعت مساء الثلاثاء إلى إبلاغ مدير المنظمة استياءها من التصريحات التي أدلى بها في ندوته الصحافية بعد صدور التقرير، وتحدّث فيها عن صعوبات واجهت خبراء البعثة خلال قيامهم بمهمتهم في الصين.
وقال المسؤول إن المنظمة طلبت من بعض الدول التوسّط لتخفيف هذه الضغوط والتركيز على توزيع اللقاحات وحملات التطعيم التي تواجه صعوبات وعراقيل كثيرة، لا سيّما في البلدان النامية التي وقعت ضحية التنافس والصراعات الجيوسياسية بين الدول الكبرى والغنية.
وكان المدير العام للمنظمة الدولية، تادروس أدهانوم غيبريسوس، قد فاجأ المراقبين مساء الثلاثاء بتصريحات أعرب فيها عن أسفه للصعاب التي واجهت خبراء البعثة «الذين لم يتمكّنوا من الاطلاع على البيانات الصحية الأصلية» خلال وجودهم في الصين للتحرّي عن منشأ الفيروس تنفيذاً لقرار صادر عن المجلس التنفيذي للمنظمة وبموجب اتفاق مع الحكومة الصينية.
يذكر أن غيبريسوس يعدّ مقرّباً من بكين وسبق أن اتهمته جهات عدة، في طليعتها الإدارة الأميركية السابقة، بخدمة مصالح الصين والتغطية على أخطائها وإخفائها معلومات عن بداية الأزمة الصحية، وسبق له أن تولى مناصب رفيعة في الحزب الشيوعي الإثيوبي المعروف بولائه لبكين.
من جهته، قال بيتير بن امباريك، رئيس البعثة الأممية، إنه لا بد من مواصلة البحث عن منشأ الفيروس أيضاً خارج الصين والنظر في جميع الاحتمالات، وأضاف: «تعرّضنا لضغوط شديدة من كل الأطراف خلال قيامنا بمهمتنا، لكن رغم ذلك تمكّنا من إفساح المجال اللازم للبحث العلمي الصرف الذي هو أساس هذه المهمة. ليس لدينا ما نخفيه عن أحد، وأنا فخور بالتقرير رغم الصعوبات التي واجهتنا خلال الأشهر الماضية».
وأضاف امباريك: «الاستنتاجات التي يتضمنها التقرير وليدة التوافق بين الخبراء حول كل البيانات، ومن هنا تنبع أهميتها. وهي ليست مجرد آراء مختلفة تقاربت فيما بينها؛ بل هي الأفكار نفسها التي تحمل تواقيع جميع الخبراء».
وعن الاحتمال بأن يكون الفيروس قد تسرّب من أحد المختبرات، قال رئيس البعثة: «لم يتمكّن أحد حتى الآن من العثور على أي دليل أو قرينة تدعم فرضيّة العلاقة بين أي مختبر في ووهان أو بالقرب منها وسريان الفيروس. لكن عدم وجود قرائن على ذلك، لا يعني أنه أمر مستحيل، والبعثة لم تتمكّن من إجراء التحريات الكاملة في المختبرات، لذلك لا بد من مواصلة البحث للوصول إلى استنتاجات نهائية». ثم أضاف: «من الممكن جداً أن تكون قد وقعت إصابات داخل ووهان أو خارجها قبل ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019، وأن يكون الفيروس قد دخل إلى الصين من الخارج؛ فالمدينة مركز صناعي كبير وكانت تربطها رحلات جوية عديدة بكل أنحاء العالم».
وتقول خبيرة الفيروسات، ماريون كوبمانز، وهي من أعضاء البعثة: «لا شك في أن مدينة ووهان لعبت دوراً مهماً في توسيع دائرة انتشار الوباء، لكن التنوّع الذي كان موجوداً في الفيروس يدلّ على أنه كان سارياً عندما رصدت الحالات الأولى الموثّقة التي لا تعود أي منها للفترة السابقة على شهر ديسمبر 2019».
وكان امباريك قد أكد أن البعثة «بحثت في كثير من الاحتمالات حول انتقال الفيروس إلى الإنسان من حيوان أو أطعمة مجلّدة ملوثة، أو عن طريق التسرب من المختبر، ورجحت أن يكون انتقل من إحدى فصائل الخفافيش عن طريق حيوان آخر تعذّر تحديده، لكن لا يمكن استبعاد فرضية التسرب العرضي من المختبر رغم أن احتمالاتها ما زالت ضئيلة جداً في الوقت الحاضر».


مقالات ذات صلة

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صحتك لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صُمم جهاز طبي مبتكر يُعرف باسم « Genio» يهدف إلى تحفيز الأعصاب في اللسان لتحسين التنفس أثناء النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي سوريون ينتظرون في طابور للعبور إلى سوريا من تركيا في منطقة ريحانلي في هاتاي بتركيا في 10 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

الصحة العالمية: نزوح مليون شخص منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الثلاثاء، إن نحو مليون شخص نزحوا منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أن قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».