جزائريون يطالبون السلطات بإنهاء معاناتهم في مطار باريس

TT

جزائريون يطالبون السلطات بإنهاء معاناتهم في مطار باريس

دخلت أزمة 25 جزائريا عالقين بمطار «شارل ديغول» بباريس، اليوم، شهرا كاملا، وسط صمت مريب لحكومة بلادهم، التي رفضت دخولهم منذ مطلع مارس (آذار) الماضي، بحجة التخوف من انتشار السلالة المتحورة البريطانية، بحكم أنهم يعيشون في لندن.
وأطلقت عائلاتهم في الجزائر صرخة استغاثة في وجه السلطات، بغرض وضع نهاية لهذه المأساة بالسماح لهم بدخول بلادهم. ووكلت المجموعة التي توجد بالمنطقة الدولية بالمطار الباريسي محاميا لرفع شكوى لدى القضاء الفرنسي، ضد شركة الطيران الحكومية الجزائرية، التي اشتروا منها تذكرتين: واحدة من لندن إلى باريس، والثانية من العاصمة الفرنسية إلى العاصمة الجزائرية.
وغادر المسافرون العاصمة البريطانية في 28 من فبراير (شباط) الماضي إلى باريس، على أن يستقلوا الطائرة في اليوم الموالي باتجاه الجزائر. غير أن سلطات بلادهم أصدرت قرارا في يوم سفرهم الثاني، يقضي بمنع دخول أي شخص قادم من بريطانيا إلى الجزائر، بذريعة الوقاية من السلالة الفيروسية المتحورة.
وقال ألكسندر أندري، محامي العالقين، لوسائل إعلام فرنسية، إن مكتب «شركة الخطوط الجوية الجزائرية» بلندن اشترط عليهم الحصول على ترخيص بدخول بلادهم من وزارة الداخلية الجزائرية، وقد حصلوا عليه بالفعل عن طريق القنصل الجزائري بلندن. مشيرا إلى أنهم أجروا التحاليل الخاصة بـ«كوفيد - 19»، وأثبتت، حسبه، أنهم غير مصابين بالفيروس. كما أكد أنهم تلقوا التطعيم ضد الوباء، باعتباره شرطا تفرضه الحكومة البريطانية على أي مسافر يغادر التراب البريطاني.
وأضاف المحامي أن عدد المسافرين العالقين 27 في الأصل، لكن تمكن اثنان منهم من دخول البلاد بطريقة غامضة، حسبه. وقد رفض العالقون اقتراحا من شركة الطيران الجزائرية، يتمثل في تنظيم رحلة عودة إلى لندن.
وأبرز المحامي أن الشركة لم تعرض عليهم تعويضا، كما أنها رفضت، حسبه، تحمل مسؤوليتها بخصوص إيوائهم في فندق، مثلما تنص عليه اتفاقات الطيران الدولية، التي صادقت عليها الحكومة الجزائرية.
وقدمت شركة الطيران في الأسبوع الأول من الأزمة، 13 يورو لكل مسافر. لكن بعدها توارى مسؤولوها عن الأنظار حسب العالقين. كما أن سلطات مطار شارل ديغول رفضت مساعدة إنسانية اقترحتها جمعيات خيرية بباريس. وقد أكد المحامي أن المسافرين يعانون «حالة من سوء التغذية». مشيرا إلى وجود شخص في الثمانين من العمر، وأطفال بينهم.
غير أن سفارة الجزائر بباريس تقدمت برواية مغايرة للقضية، حيث جاء في بيان أصدرته في 18 من الشهر الحالي أنه «بعد اكتشاف حالة من السلالة المتحورة لفيروس كورونا بالجزائر في 25 من فبراير 2021، تم إعلام الأشخاص المعنيين، البالغ عددهم 27 مسافرا، من طرف وكالة الخطوط الجوية الجزائرية في لندن، بإلغاء تذاكرهم الخاصة برحلة باريس - الجزائر العاصمة. لكن رغم هذا الإشعار أصروا على التنقل إلى باريس يومي 27 و28 فبراير 2021».
وذكر البيان أن قنصل الجزائر في كريتاي بضواحي باريس التقى عدة مرات بالعالقين بالمطار، رفقة ممثل عن شركة الطيران، وأنه اقترح عليهم العودة إلى لندن وانتظار فتح الحدود.
وأضاف البيان موضحا: «أمام هذا الوضع، أبدت الشركة الوطنية للطيران استعدادها للتكفل بتذاكر العودة نحو مقرات الإقامة، ودفع تكاليف الفحص الخاص بالفيروس، وتعويض عن تذكرة الرحلة بين لندن وباريس، مع التكفل بفائض أغراضهم بالحقائب. كما تعهدت بدفع مصاريف الفندق حتى يتم تنظيم عودتهم».
كما أوضح البيان أن «شركة الخطوط الجوية الجزائرية تكفلت خلال 15 يوما بمصاريف الإطعام وأشياء أخرى (لم تحددها)، على أمل أن يحتكم المسافرون المقيمون ببريطانيا إلى العقل، وتفهم مجهودات الدولة الجزائرية لمكافحة العدوى».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.