أسبوع الموضة العربي يتجاهل الجائحة بالأمل

في دورته الافتراضية الثانية... جاء قوياً بتنوعه مثيراً بطموحاته

من اقتراحات «أماتو»
من اقتراحات «أماتو»
TT

أسبوع الموضة العربي يتجاهل الجائحة بالأمل

من اقتراحات «أماتو»
من اقتراحات «أماتو»

الانطباع الأولي الذي تُخلفه الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، أن الحياة في دبي مستمرة لم تتأثر كثيراً بجائحة كورونا مقارنة بباقي دول العالم. هذه الصور ليست فردية لأشخاص يحبون التقاط «السلفيهات» في المطاعم أو على الشواطئ المنعزلة، بل هي لنشاطات ثقافية وحفلات موضة تؤكد أن الحياة لم تتوقف والخوف لم يتمكن من النفوس تماماً. فكل أسبوع تقريباً، هناك فعالية لدار أزياء أو شركة ساعات ومجوهرات عالمية تروّج لجديدها أمام حضور يتباهى بألوان كماماته وتطريزاتها. ومع ذلك، لا يمكننا ألا نشير إلى أن هذه الحفلات أصغر مما كانت عليه في السابق، وبأن الفعاليات الرقمية والافتراضية لا تكتسب قوة. ليس أدل على هذا من أسبوع الموضة العربي لخريف وشتاء 2021 - 2022 الذي شهدته دبي هذا الأسبوع على مدى خمسة أيام بالشراكة مع شركة «مايكروسوفت»، وتم بثه حصرياً على منصات شركة «فيسبوك»، بما في ذلك نقاشات تفاعلية كثيرة جرت عبر منصات متعددة أغلبها انصبّ على الموضة المستدامة.
افتتحت الأسبوع، المغنية اللبنانية مايا دياب بكلمة قصيرة عن «الموضة في زمن كورونا»، وبأغنيتها الجديدة «كعب عالي». لكن أكثر ما يلفت في الأسبوع هو مشاركة 25 مصمماً من أوروبا وآسيا وأميركا والوطن العرب؛ الأمر الذي أفرز تنوعاً في الأفكار والصور. كان لافتاً كيف تعامل كل واحد من المصممين المشاركين مع تأثيرات الجائحة النفسية والاقتصادية والاجتماعية. بعضهم تجاهلها تماماً وكأنها لم تكن، وبعضهم أشار إليها من خلال تغيراتها الاجتماعية وتأثيراتها النفسية.
المصمم الفلبيني المقيم في دبي فيرن وان، مؤسس علامة «أماتو كوتور» مثلاً ظل وفياً لأسلوبه الأنثوي، حيث قدم مجموعة من الفساتين الفخمة من التول المطرز بسخاء لا يعترف بأي أزمة. لم يُغير شيئاً من أسلوبه سوى طريقة العرض التي اعتمد فيها على فيلم قصير من خمس دقائق. وحتى هذا اعتمد فيه على ملكة جمال العالم السابقة، بيا وورتزباخ لكي تُبرز جمال مجموعة غلب عليها الأسود والكشاكش وريش النعام الصناعي.
ولأنه من الضروري أن يكون لأي فيلم عنوان وقصة مثيرة للخيال، أعطى المصمم لتشكيلته عنوان «الخلوة الداخلية»، في حين جعل القصة تدور حول امرأة تبحث عن معنى الحياة، عبر رحلة تقوم بها لتواجه فيها مشاعر الخير والشر المتصارعة بداخلها. طبعاً النهاية سعيدة، حسب قول فورن وان «فالفيلم يحتوي على الكثير من الرموز... إنه رحلة امرأة تبحث عن الحرية الداخلية هرباً من عالم غير مستقر، يؤثر على أفكارها ومشاعرها، لكنها في النهاية تجد نفسها وتنجح في تحويل مكامن ضعفها إلى قوة»، وهذا ما تعكسه الأزياء التي تحاكي «الهوت كوتور» في تفردها وفخامتها.
الثنائي الفرنسي إيستر مانا وبالثازار ديليبيير مؤسسا ماركة «إيستر ماناس» عانقا في المقابل الحركة النسوية من خلال تشكيلة عادا فيها إلى التاريخ القديم والحديث. تقول إستر ماناس «لقد تعمقنا في كتب التاريخ لاكتشاف أيقونات مؤثرات على الحركات النسوية إلى حد الآن بعضهن كن طالبات من جامعات أميركية، وأخريات من العصور الوسطى... اكتشفنا كم كانت هذه الحركات ملهمة ومؤثرة بشكل أثار مخيلتنا ودعانا إلى أن نتساءل عن معنى أن نكون جزءاً من نادٍ نسائي». أما كيف تُرجمت هذه الحركات التحررية بشكل معاصر «فبالألوان»، إضافة إلى مفهوم «الاستدامة والشمولية التي تتمثل في طرح كل التصاميم بمقاس واحد يناسب الجميع ولا يستقصي أحداً». فالموضة ديمقراطية للجميع كما يجب أن تحرر الجسم من كل القيود؛ الأمر الذي يفسر الخطوط المريحة التي تتميز بها كل قطعة تجود بها قريحة الثنائي إيستر وبالثازار.
من جهتها، قدمت البريطانية باف تايلور تشكيلة بعنوان «ساتفا» تُبرز من خلالها مفهومها لـ«التوازن والنزاهة»، مشيرة إلى أنه مفهوم تتميز به تصاميمها المستدامة دائماً، لكنها هذه المرة أضافت لمسة روحانية تستهدف كما تقول علاج الروح واكتشاف الذات. أما الوسيلة التي اعتمدتها تايلور فبإحياء تقنيات حرفية قديمة ركزت فيها على الجودة بعيداً عن أي شيء يمت للموضة السريعة بصلة. وللتأكيد على مفهومها للاستدامة، بشكل فعلي، ضمنت عرضها قطعاً من تشكيلتها السابقة لربيع وصيف 2021
مثل معطف «لوكيا» المستوحى من الكيمونو الياباني، وهو تصميم سبق لها أن طرحته في تشكيلات سابقة، لكنها تعود إليه دائماً لما يمثله من مرونة وأناقة، فضلاً عن تقنيات حرفية استقتها من تقاليد يابانية قديمة لم يؤثر على جمالها الزمن.
المصمم اللبناني جون شارلز زكريا، قدم تشكيلة حيوية كما يدل عنوانها «فايتاليتي» في حين كان حرياً به أن يُعنونها «فخامة» أو «أنوثة طاغية». ضمت 12 فستاناً للمساء والسهرة بألوان نارية متوهجة مثل البرتقالي والأحمر والاصفر مع قليل من الأسود والوردي والأزرق. يشرح بأنه ارتأى أن يسميها «فايتاليتي»؛ نظراً «للطاقة والقوة التي يجب أن تملكهما المرأة هذا العام أكثر من أي وقت مضى؛ حفاظاً على تألقها وثقتها بقدرتها على تجاوز كل المصاعب التي يمكن أن تواجهها». ترجم رؤيته من خلال استعماله خامات تُعزز عنصر الفخامة والأنوثة، مثل الحرير والموسلين التي ترك بعضها شفافاً من دون بطانة، إلى جانب التطريزات التي شملت مجموعة من الفساتين والفتحات العالية.
البولندية يوستينا بيتيلتسكا مؤسسة علامة «جاب بيتيلتسكا» هي الأخرى قدمت مجموعة تعكس اهتماماتها وثقافتها. فقبل أن تكون يوستينا مصممة أزياء، كانت إعلامية ومحررة أزياء؛ الأمر الذي ساعدها على ابتكار تصاميم تجسد شغف المرأة بأزياء عملية وأنيقة في الوقت ذاته تمنحها الثقة والتميز. هذا تحديداً ما جسدته تشكيلتها الأخيرة خلال أسبوع الموضة العربي، والتي شملت فساتين سهرة تم تنفيذها بحرفية عالية حتى تأتي فريدة من نوعها. تقول إنها حرصت أن تكون كل التفاصيل يدوية من الرسمات إلى التطريزات على التول. وحتى تظل وفية لمفهوم الاستدامة، تؤكد يوستينا، أنها لا تستخدم سوى الأقمشة والخامات المستوردة من مصادر موثوقة وصديقة للبيئة.
في تشكيلته لخريف وشتاء 2021-22، يُجسد المصمم البرازيلي ساندرو باروس شغفه بالسينما من خلال تكريمه للمخرج الصيني وونغ كار واي الذي أثر في أفلام هوليوود في ثلاثينات القرن الماضي. جاءت تشكيلته راقية تستحضر الزمن الجميل، من خلال استحضار جمال وأناقة بطلات المخرج من مثيلات مارلين ديتريش والممثلة آنا ماي وونغ. يقول ساندرو «شدني في أفلامه تأثير الثقافة الصينية والأكثر من ذلك كيف تغلبت آنا ماي وونغ على العنصرية في هوليوود وفرضت نفسها على الساحة بموهبتها الفذة. فقد اعتاد المخرجون قبلها على اختيار ممثلات من ذوات البشرة البيضاء بتقمص أدوار الصينيات؛ لذلك كانت بالفعل رائدة وساحرة بقوتها وواقعيتها».
تضم مجموعة ساندرو 30 فستاناً بأقمشة مترفة وتطريزات يدوية تتخللها إما خيوط حريرية وأهداب وإما ترصيعات بأحجار الكريستال أو قطع زجاجية بألوان وأشكال هندسية مستوحاة من تصاميم البورسلين والسجاد وجدران القصور الصينية. الجميل فيها أيضاً تباين الألوان الواضح مثل الأزرق الداكن مع البيج، والكرزي مع الذهبي والبرتقالي، والكراميل مع اللون الوردي والأخضر.
العلامة الإماراتية، يوفوريا، أيضاً عادت بنا إلى الزمن الجميل، وإن بطريقة مختلفة. قدمت مجموعتها الثانية من خلال فيلم تم تصويره في مركز دبي المالي العالمي؛ ووفاء لعنوان التشكيلة «دولشي فيتا» أعادت ترجمة لقطات من الفيلم الكلاسيكي الشهير الذي أخرجه الإيطالي فيديريكو فيليني في الستينات، في عرض مثير تم تصويره وسط نوافير مركز دبي المالي العالمي المشابهة لنافورة تريفي الرومانية الشهيرة.
لم يكن التصوير وحده الذي أخذنا إلى الزمن الجميل؛ فالأزياء أيضاً جاءت تضج بالجمال والرومانسية من خلال الكشاكش والثنيات التي اعتمدت على أقمشة مرنة مثل التول الذي أخذ أشكالاً عدة، واصطبغ بألوان هادئة مثل البيج الوردي والأسود والرمادي الفضي.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.