متاحف مصرية تبرز كنوزاً نسائية في شهر المرأة

تاج الملكة فريدة من مقتنيات متحف المجوهرات الملكية (الشرق الأوسط)
تاج الملكة فريدة من مقتنيات متحف المجوهرات الملكية (الشرق الأوسط)
TT

متاحف مصرية تبرز كنوزاً نسائية في شهر المرأة

تاج الملكة فريدة من مقتنيات متحف المجوهرات الملكية (الشرق الأوسط)
تاج الملكة فريدة من مقتنيات متحف المجوهرات الملكية (الشرق الأوسط)

الاحتفالات السنوية بأعياد المرأة تُشكل فرصة جيدة للمتاحف المصرية لتسليط الضوء على بعض الكنوز النسائية والمُقتنيات التراثية المتعلقة بهن، التي تُخلد دور النساء في مجالات الحياة المصرية المختلفة، وعلى الرغم من إلغاء الأنشطة الثقافية والفنية بالمتاحف ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار «كوفيد – 19»، وتروي هذه الكنوز قصص صاحباتها من الملكات والأميرات والخادمات أحياناً.
المتحف المصري بالتحرير، حرص خلال أعياد المرأة العام الحالي على إبراز كنوزه النسائية ومقتنياته التي تُخلد أسماء نساء وملكات من عصر ما قبل الأسرات حتى العصرين الروماني واليوناني عبر التنويه عن بعض هذه القطع بصفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بالإضافة إلى لفت أنظار الجمهور للمقتنيات والتماثيل النسائية ورواية قصصها خلال الجولات وفق صباح عبد الرازق، مدير عام المتحف المصري بالتحرير، والتي تقول لـ«الشرق الأوسط»، «يمتلك المتحف المصري مجموعات كبيرة ومتنوعة تخلد أسماء ملكات وأميرات وعاملات وخادمات، حيث كانت المرأة في العصر الفرعوني تتمتع بمكانة كبيرة سواء كانت ملكة أو خادمة، ومن أبرز التماثيل التي تؤكد هذا المعنى تمثال مرضعة الملك توت عنخ آمون، وتماثيل العاملات، من بينها تمثال صانعة الجعة الشهير».
ويضم المتحف المصري مجموعات كبيرة من القطع الأثرية النسائية على غرار تماثيل نفرتاري وحتشبسوت ونفرتيتي والملكة تي زوجة أمنحوتب، والعديد من القطع الفنية والحلي، منها قلادة الملكة إياح - حتب، وهي مصنوعة من الذهب الخالص ومطعّمة بالأحجار الكريمة، وقلادة الأميرة ميرارات ابنة الملك سنوسرت الثالث.
في حين ركز متحف الفن الإسلامي (وسط القاهرة) على إبراز دور عدد من النساء بالعصر الإسلامي في مجال العلوم ورعاية المؤسسات التعليمية من خلال عرض مقتنيات توثق لهذا الدور، من بينهن الأميرة خوند تتر الحجازية، وهي الابنة الكبرى للناصر محمد بن قلاوون، والتي عُرفت برعايتها للعلم والعلماء، واهتمامها بإنشاء المؤسسات التعليمية، حيث أنشئت مدرستها بالنحاسين بعطفة القصابين (وسط القاهرة التاريخية) عام 761 هـجرية – 1360، وكانت المدرسة لدراسة المذهبين الشافعي والمالكي، وقد خصصت الأميرة لكل طالب من طلاب الكتاب خمسة أرغفة من الخبز النقي يومياً، ومبلغاً من المال، بالإضافة إلى كسوتَي الشتاء والصيف، ويعرض المتحف منبر المدرسة، وهو من الخشب المطعم بالعاج، ويتكون من ريشتين وباب يفتح على درج سلم يعلوه جلسة الخطيب. كما سلط المتحف الضوء على دور الملكة الشهيرة شجرة الدر، زوجة الصالح نجم الدين أيوب، التي تحولت من جارية من أصل أرمني اشتراها نجم الدين، إلى زوجة وملكة ذات بأس، ويعرض المتحف ضلفتي الباب الخشبي الذي تبقى من قبة ضريح الصالح نجم الدين أيوب، والتي أمرت شجرة الدر بإنشائها عقب وفاته.
في السياق ذاته، احتفى متحف المجوهرات الملكية في مدينة الإسكندرية (شمال مصر) بالعديد من أميرات وملكات الأسرة العلوية ودورهن البارز في الكثير من مناحي الحياة، عبر عرض بعض مقتنياتهن النادرة، أبرزهن الأميرة فاطمة إسماعيل، ابنة الخديو إسماعيل، التي لقبت بـ«أم التعليم والعلم» عقب تحملها تكاليف إنشاء أول جامعة مصرية (جامعة القاهرة)، كما تنازلت قبل وفاتها عن قصرها الخاص ومنحته للحكومة، وهو القصر الذي تحول بعد ذلك إلى المتحف الزراعي بالدقي، ويعرض المتحف بورتريه نادراً بالألوان الزيتية للأميرة فاطمة إسماعيل تخليداً لدورها، فضلاً عن مجموعات من الحلي والنياشين لبعض أميرات الأسرة العلوية بهدف إبراز دورهن في مجالات عدة، خصوصاً العمل التطوعي والدور الاجتماعي وفق ريهام شعبان، مدير متحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «معظم أميرات الأسرة العلوية كان لهن دور بارز في الأنشطة الاجتماعية والخيرية، وحصلن على نياشين تقديراً لهذا الدور؛ لهذا يحرص المتحف على عرض بعض مقتنياتهن التي توثق لهذه الأدوار».
ومن أبرز مقتنيات أميرات الأسرة العلوية التي يعرضها المتحف توثيقاً لدورهن الاجتماعي والخيري، نيشان الصليب الأحمر الخاص بالملكة نازلي، ونيشان الكمال، فضلاً عن مجموعات من الحلي، منها تاج الملكة فريدة، وتاج الأميرة شويكار، كما احتفى المتحف بذكرى زواج الأميرة فوزية (الابنة الكبرى للملك فؤاد الأول وشقيقة الملك فاروق) من شاه إيران محمد رضا بهلوي في 15 مارس (آذار) 1939، عندما كان بهلوي ولياً للعهد، حين عادت إلى القاهرة وحصلت على الطلاق عام 1945، ويعرض المتحف علبة حلوى ذهبية كانت تُوزّع على المدعوين في حفل الزفاف الأسطوري الذي أقيم في قصر عابدين، فضلاً عن مجموعة من مجوهراتها ومقتنياتها الشخصية.



مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».