النيجر: مجزرة جديدة ترفع حصيلة القتلى إلى 200 في 6 أيام

التحدي الأكبر الذي يواجهه رئيس البلاد الجديد محمد بازوم

TT

النيجر: مجزرة جديدة ترفع حصيلة القتلى إلى 200 في 6 أيام

شهدت قرى في غرب النيجر قرب الحدود مع مالي في غضون 6 أيام هجمات شنها مسلحون يشتبه بأنهم متطرفون وراح ضحيتها أكثر من 200 قتيل؛ بينهم 137 مدنياً قتلوا يوم الأحد في منطقة تاهوا.
ويعدّ تكثيف هذه الهجمات التحدي الأكبر الذي يواجهه رئيس البلاد الجديد محمد بازوم؛ خليفة محمدو إيسوفو، والذي أكدت المحكمة الدستورية في النيجر فوزه بالانتخابات الرئاسية الأحد. وهذه هي الهجمات الجهادية الأكثر دموية في النيجر منذ سنوات. ومساء الاثنين أعلنت الحكومة النيجرية أن الهجمات المسلحة التي شنّها جهاديون ضدّ قرى في منطقة تاهوا القريبة من الحدود مع مالي يوم الأحد أسفرت عن مقتل 137 شخصاً، لترتفع بذلك حصيلة قتلى الهجمات الإرهابية في هذه المنطقة في غضون 6 أيام إلى 203.
وقال المتحدّث باسم الحكومة، زكريا عبد الرحمن، في بيان عبر التلفزيون الحكومي، إن «هذه العصابات المسلّحة التي باتت تستهدف المدنيين بصورة ممنهجة، اجتازت مرحلة جديدة من الرعب والهمجية».
وأضاف أن «الحكومة تدين هذه الأعمال الهمجية التي يرتكبها أفراد لا دين لهم ولا قانون»، مشيراً إلى أن الحكومة أعلنت «حداداً وطنياً لمدة 3 أيام» ابتداءً من الثلاثاء. وقال البيان إن «إجراءات أمنية وصحيّة معزّزة اتّخذت في المنطقة، وفُتح تحقيق للقبض على مرتكبي هذه الأعمال الجبانة والإجرامية وتقديمهم للمحاكمة». وكانت مصادر في الأجهزة الأمنية النيجرية أفادت صباح الاثنين بأن «الحصيلة الموقتة تفيد بسقوط 60 قتيلاً» في الهجمات التي وقعت الأحد.
ووفقاً لمسؤول محلي، فإن «مسلّحين وصلوا على متن دراجات نارية وأطلقوا النار على كل شيء يتحرك. هاجموا إنتازاين وبكواراتي وويستاني والمناطق المحيطة».
والمناطق المستهدفة تقع في منطقة تاهوا القريبة من تيلابيري، وكلتاهما قريبة من الحدود مع مالي.
ومنطقة تيلابيري تقع في منطقة معروفة بـ«الحدود الثلاثة» عند تخوم النيجر ومالي وبوركينا فاسو التي تتعرض بانتظام لهجمات الإرهابيين.
ووفقاً لفوزي إيسينتاغ، رئيس بلدية تيليا؛ التي تقع ضمن أراضيها القرى التي تعرضت للهجوم، فإن المهاجمين «أطلقوا النار على الناس وأخذوا الماشية». وفي 15 مارس (آذار) الحالي شن مسلحون يشتبه بأنهم جهاديون فيها هجمات عدة على سيارات عائدة من السوق الأسبوعية في بانيبنغو. كذلك، استهدفوا بلدة داري داي وقتلوا سكاناً وأحرقوا سيارات ومخازن الحبوب. وبلغت حصيلة هذه الهجمات 66 قتيلاً.
وفي اليوم نفسه، أدى هجوم تبناه تنظيم «داعش» على الجيش المالي في «الحدود الثلاثة» إلى مقتل 33 جندياً.
وفي 2 يناير (كانون الثاني) الماضي قتل 100 شخص بهجمات على قريتين في منطقة مانغايزي، في واحدة من أسوأ المذابح التي تعرّض لها مدنيون في النيجر. وقبل ذلك بعام، في 9 يناير 2020، قتل 89 جندياً نيجيرياً في هجوم على معسكر تشينيغودار. وفي 10 ديسمبر (كانون الأول) 2019، قتل 71 جندياً نيجيرياً بهجوم في إيناتس؛ وهي بلدة أخرى في منطقة تيلابيري. وقد تبنى تنظيم «داعش» هذين الهجومين اللذين نفذّا على الجيش النيجيري وأصابا البلاد بصدمة.
ورغم أن تاهوا قريبة من منطقة «الحدود الثلاثة»، فإنها ليست جزءاً منها، وهي تتعرض أيضاً لهجمات منتظمة من قبل المتطرفين.
ويعود آخر هجوم معروف إلى يونيو (حزيران) 2020، وقتل خلاله 3 مدنيين على الأقل بعد تنفيذ غارة على موقع يؤوي لاجئين ماليين في إنتيكان.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2016، أسفر هجوم منسوب إلى جهاديين عن مقتل 22 جندياً كانوا متمركزين في مخيم للاجئين في تازاليت.
ومسألة انعدام الأمن تعدّ التحدي الأكبر في النيجر المصنفة على قائمة الأمم المتحدة الإنمائية التي تضم 189 دولة، أفقر بلد في العالم وهي تواجه صعوبة في القضاء على حركات متمردة متطرفة تهاجمها انطلاقاً من كل من مالي الواقعة في الغرب ونيجيريا في الجنوب الشرقي.
وغرّد محمد بازوم الاثنين على «تويتر» مقدّماً «التعازي القلبية لأهالي الضحايا»، «بعد مذبحة بانيبانغو، انتهج الإرهابيون أمس (الأحد) الطريقة الهمجية نفسها ضد السكان المدنيين المسالمين في إنتازاين وباكواراتي». وبعد مجازر 15 مارس الحالي، نشر الجيش النيجيري تعزيزات في منطقة تيلابيري. كذلك، نشرت وحدة قوامها 1200 جندي من الجيش التشادي تعدّ الأكثر خبرة في المنطقة، في «الحدود الثلاثة»؛ في جزء من إعلان المجموعة الخماسية لبلدان منطقة الساحل بشأن مكافحة النزعات الأصولية والتطرف العنيف في منطقة الساحل التي تضم موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، وتحاول منذ عام 2017 التعاون في القتال ضد الجهاديين. وعلى غرار مالي وبوركينا فاسو، تستفيد النيجر أيضاً من دعم عملية «برخان» الفرنسية المناهضة للإرهابيين التي تضم 5100 جندي منتشرين في منطقة الساحل.


مقالات ذات صلة

أفغانستان: عائلة حقاني وزير شؤون اللاجئين تعلن مقتله في انفجار كابل

آسيا خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)

أفغانستان: عائلة حقاني وزير شؤون اللاجئين تعلن مقتله في انفجار كابل

قال أنس حقاني، ابن شقيق القائم بأعمال وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» بأفغانستان، خليل الرحمن حقاني، إن الوزير وستة آخرين قُتلوا في تفجير بالعاصمة كابل.

«الشرق الأوسط» (كابل - إسلام آباد)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
TT

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

اعتقلت وحدة من مقاتلي «فاغنر» الروسية الخاصة 6 مدنيين موريتانيين على الأقل في إحدى القرى الواقعة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي، وفق ما أكدت مصادر محلية وإعلامية موريتانية، الثلاثاء.

وقالت المصادر إن مجموعة من مقاتلي «فاغنر» دخلوا قرية لقظف، الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة باسكنو، أقصى جنوب شرقي موريتانيا، غير بعيد عن الحدود مع دولة مالي. مؤكدةً أن جميع سكان قرية لقظف يحملون الجنسية الموريتانية، رغم أن القرية تقع داخل شريط حدودي «غير مرسَّم»، وبالتالي تتداخل فيه صلاحيات البلدين: مالي وموريتانيا.

موريتانيان معتقلان من طرف مجموعة «فاغنر» (إعلام محلي)

وبسبب غياب ترسيم الحدود، نفَّذ الجيش المالي المدعوم من قوات «فاغنر»، خلال العامين الأخيرين، عمليات عسكرية كثيرة داخل الشريط الحدودي، ضمن ما تطلق عليه مالي «مطاردة العناصر الإرهابية»، لكنَّ هذه العمليات راح ضحيتها عشرات المدنيين الموريتانيين.

اقتحام واختطاف

وصفت المصادر المحلية ما حدث أمس في القرية بأنه «عملية اختطاف» تعرَّض لها ستة مواطنين موريتانيين، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صور وأسماء «المختطفين»، وكان بعضهم يحمل بطاقة تعريفه الموريتانية.

وحسب المصادر نفسها، فإن قوات «فاغنر» اقتحمت القرية خلال تنظيم سوق محلية أسبوعية، وأطلقوا وابلاً من الرصاص في الهواء، قبل أن يجمعوا رجال القرية، ويقرروا توقيف 7 أشخاص، أفرجوا عن واحد منهم لاحقاً، كما صادروا خمس سيارات رباعية الدفع وعابرة للصحراء، تعود ملكيتها إلى رجال من القرية.

في غضون ذلك، نشرت الصحافة المحلية أن قوات «فاغنر» نقلت الموقوفين الستة إلى مدينة نامبالا، داخل أراضي مالي، وسلَّمتهم للجيش المالي، وسيجري نقلهم إلى العاصمة باماكو، «تمهيداً لإطلاق سراحهم»، على حد تعبير صحيفة محلية.

رعب «فاغنر»

خلال العامين الأخيرين قُتل عشرات الموريتانيين على يد الجيش المالي وقوات «فاغنر» الروسية، داخل الشريط الحدودي بين البلدين، وحتى داخل أراضي مالي، وهو ما أسفر عن برود في العلاقة بين البلدين، كاد يتطور إلى قطيعة نهائية.

وقُتل أغلب هؤلاء الموريتانيين بطرق بشعة، من بينها الحرق والدفن في قبور جماعية، مما أشعل موجة غضب عارمة في الشارع الموريتاني، لكنَّ الماليين برَّروا ذلك بالحرب التي يخوضونها ضد الإرهاب، والتي دعت الموريتانيين إلى اصطحاب هوياتهم، والابتعاد عن مناطق الاشتباك.

قوات موريتانية على الحدود مع مالي (أ.ف.ب)

ومنذ أكثر من عامين، تجري معارك عنيفة بين الجيش المالي المدعوم من «فاغنر» من جهة، و«جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة» في منطقة على الحدود مع موريتانيا، وتحدث مطاردات تنتهي في الغالب داخل الشريط الحدودي.

شريط حدودي رمادي

يمتد الشريط الحدودي بين البلدين على أكثر من ألفي كيلومتر، وبعمق يزيد على 10 كيلومترات، حيث تقع فيه عشرات القرى التي يقطنها سكان من البلدين، دون تحديد إن كانت موريتانية أم مالية.

وحاول البلدان ترسيم الحدود عدة مرات منذ الاستقلال عن فرنسا قبل ستين عاماً، لكنَّ هذه المحاولات لم تُفضِ إلى نتيجة، ليشكل البلدان بعد ذلك لجنة مشتركة لتسيير الحدود.

وسبق أن هددت السلطات الموريتانية، التي احتجت على ما يتعرض له مواطنوها، بالرد والتصعيد أكثر من مرة، وطالبت في الوقت ذاته مواطنيها بالانسحاب من هذه المنطقة، حتى تنتهي المعارك. لكنَّ سكان المنطقة الحدودية من البدو، المشتغلين بتربية الأبقار والإبل والأغنام، ويعيشون منذ قرون على التحرك في المنطقة، بحثاً عن الماء والمرعى، لا يمتلك أغلبهم أي أوراق مدنية، وبعضهم الآخر يحوز الجنسيتين؛ الموريتانية والمالية.

ومع تصاعد استهداف الموريتانيين، زار قائد الجيش المالي نواكشوط، مطلع مايو (أيار) الماضي، وعقد لقاءات مطولة مع قائد الجيش الموريتاني ووزير الدفاع، أسفرت عن تشكيل لجنة مشتركة، والاتفاق على تنسيق العمليات على الأرض.

الرئيس الموريتاني أجرى مشاورات مع المسؤولين في مالي لمنع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي بلاده (أ.ف.ب)

وكان الهدف من هذا التنسيق، حسبما أعلن الطرفان، هو منع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي موريتانيا، لكن أيضاً تفادي أي استهداف للموريتانيين بالخطأ داخل الشريط الحدودي. ومنذ ذلك الوقت لم يُقتَل أي مواطن موريتاني داخل الشريط الحدودي، فيما تراجعت بنسبة كبيرة تحركات قوات «فاغنر» في الشريط الحدودي، وتعد عملية توقيف الموريتانيين (الثلاثاء) الأولى من نوعها منذ ستة أشهر.