المسرح الوطني اللبناني يكرّم نجيب الريحاني

في الذكرى السنوية الثالثة لتأسيسه وبالتزامن مع «اليوم العالمي للمسرح»

المسرح الوطني اللبناني يكرّم نجيب الريحاني
TT

المسرح الوطني اللبناني يكرّم نجيب الريحاني

المسرح الوطني اللبناني يكرّم نجيب الريحاني

كثيرون من الجيل الجديد لم يسبق أن سمعوا برائد المسرح العربي نجيب الريحاني. بعض منهم يخيل إليه للوهلة الأولى أن الفنان الراحل هو من أصول لبنانية.
ولكن الرابط الوحيد ما بين الريحاني ولبنان تمثل بزواجه من الفنانة بديعة مصابني. فهو ممثل فكاهي مصري من أصل عراقي. يعدّ أحد أبرز رُوَاد المسرح والسينما في الوطن العربي عموماً ومصر خصوصاً. أسلوبه الكوميدي شكّل مدرسة اشتهرت في عالم تاريخ الفنون العربيَة الحديثة.
وانطلاقاً من أهمية نجيب الريحاني الملقب بـ«زعيم المسرح الفكاهي»، يحتفي المسرح الوطني اللبناني في مدينة صور بالفنان الراحل. ويقدم له تحية تكريمية في مناسبة الذكرى الثالثة لتأسيسه وذلك بالتزامن مع اليوم العالمي للمسرح في 27 الجاري. وتقام هذه الاحتفالية التي تبدأ في الخامسة بعد الظهر وتختتم في الثامنة مساء افتراضياً بسبب الجائحة.
وعن هدف إقامة هذه التحية التكريمية يقول قاسم إسطنبولي، مؤسس المسرح الوطني اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: «هناك الكثير من هواة المسرح ومن الفنانين المسرحيين الشباب لم يسمعوا من قبل بنجيب الريحاني. وتأتي هذه التحية للتذكير بأحد رواد المسرح العرب، الذي ترك خلفه إرثا فنياً لا يتكرر. وسيتضمن الاحتفال فيلماً قصيراً عن سيرته الذاتية وبعض المقتطفات من أعماله. كما سيتذكره عدد من المسرحيين في لبنان والعالم بكلمات مختصرة نعرضها في فيديو مصور خلال الاحتفال».
ويشارك في تكريم الريحاني مجموعة من فناني المسرح اللبناني أمثال فايق حمصي ونقولا دانييل وجنى الحسن. وتتضمن هذه التسجيلات كلمات خاصة بمناسبة «اليوم العالمي للمسرح» ويتحدث فيها إعلاميون كجمال فياض وبعض الشعراء كنزار فرنسيس. ومن خارج لبنان يشارك مسرحيون أجانب يتصدرهم الإسباني فرناندو أربال. وهو أحد أقدم الكتاب الإسبان السينمائيين الذين لا يزالون على قيد الحياة. أخرج سبعة أفلام ونشر ثلاث عشرة رواية ودواوين شعرية، والعديد من النصوص المسرحية، والمقالات، من بينها التي ظهرت في كتبه عن الشطرنج، وترجمت رواياته إلى العديد من اللغات.
يعلق قاسم إسطنبولي: «الكاتب الإسباني يشارك في هذا الحدث الثقافي من باب الاحتفاء في اليوم العالمي للمسرح. وكان متجاوباً جداً مع دعوتنا، وسعدنا لمشاركته سيما وأنه يتمتع بخزان من التجارب الفنية المعروفة عالمياً».
يرجع الفضل في تطوير المسرح والفن الكوميدي في مصر إلى نجيب الريحاني، وربطه بالواقع والحياة اليوميَة في البلاد بعد أن كان قبلاً شديد التقليد للمسارح الأوروبية. فنانون كثر تأثروا بأسلوبه التمثيلي، ومن بينهم الراحل فؤاد المُهندس الذي اعترف بذلك أكثر من مرة.
وعن باقي النشاطات التي يتضمنها الحفل يقول قاسم إسطنبولي في سياق حديثه: «ينطلق الحفل الافتراضي والمتاح حضوره لكل من يرغب في الخامسة من بعد ظهر السبت الواقع في 27 مارس (آذار) الجاري. ونستهله بكلمات المسرحيين اللبنانيين والأجانب. ومن بعدها يجري عرض فيلم وثائقي قصير عن الريحاني ويتبعه مقطوعات موسيقية يشارك فيها إلى جانب المايسترو اللبناني أندريه الحاح فرقة أليسار الشبابية. فتقدم معزوفات موسيقية من ألحان الرحابنة وأغانٍ لفيروز».
ومن النشاطات الأخرى التي يتضمنها برنامج الحفل عرض بعض الأفلام السينمائية المشاركة في مهرجان صور السينمائي. وختاماً سيتم إضاءة الشموع حول مبنى المسرح الوطني اللبناني كتحية مساندة وتشجيع لهواة المسرح في اليوم العالمي له.
ويأتي الاحتفال لهذا العام مع ترشيح مشروع جمعية تيرو للفنون «شبكة الثقافة والفنون العربية ACAN»، لجوائز القمّة العالمية لمجتمع المعلومات 2021. فهي تترشح لهذه الجائزة مع 360 مشروعاً مقدماً من مختلف دول العالم. وتتوزع هذه الأعمال على مجموعات تتألف من 20 عملاً عن كل فئة من فئات خط العمل الـ18 التابعة للقمة العالمية لمجتمع المعلومات. وسيتم التصويت على الفائزين فيها عبر الإنترنت. وتعتبر مرحلة الاقتراع هي المرحلة الثالثة قبل الأخيرة من اختيار المشاريع الفائزة عن فئات مسابقة جوائز القمة العالمية لمجتمع المعلومات «WSIS 2021» المنظمة برعاية الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU).
يُذكر أن «شبكة الثقافة والفنون العربية» التي تنضوي تحت جناح «جمعية تيرو للفنون»، هي منصة إلكترونية مفتوحة تأسّست خلال أزمة جائحة كورونا بمبادرة من ناشطين ثقافيين بهدف تشبيك الأفراد والمؤسسات الثقافية والفنية. وتهدف إلى فتح صلة وصل وقنوات لتبادل الأحداث والمهرجانات والخبرات والتجارب في الفنّ والثقافة في لبنان والمنطقة العربية. كما تمدّ الجسور للتعاون من أجل التضامن الثقافي في ظل الأزمات الحالية. ويعلق إسطنبولي: «نعد الوحيدين من لبنان والعالم العربي المشاركين في هذه الجائزة عن فئة التبادل الثقافي والفني. ونحن متفائلون بمشاركتنا هذه سيما وأننا حققنا الكثير من الإنجازات الفنية، من خلال هذه الشبكة التي استحدثناها كجمعية تيرو للفنون في زمن كورونا. والجائزة تركز على الابتكارات التي تم استحداثها في زمن الوباء من أجل خدمة الثقافة».


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».