جورج كلوني لـ {الشرق الأوسط}: لا أفقد الأمل في المستقبل... لكن لدينا مسؤوليات حياله

باشر تصوير فيلمه الأخير بعد 4 أيام من خروجه من المستشفى

من «ذا مدنايت سكاي»
من «ذا مدنايت سكاي»
TT

جورج كلوني لـ {الشرق الأوسط}: لا أفقد الأمل في المستقبل... لكن لدينا مسؤوليات حياله

من «ذا مدنايت سكاي»
من «ذا مدنايت سكاي»

لجانب الموهبة في الأداء والموهبة في الإخراج والمهن المتصلة بالسينما عموماً (منتجاً وكاتباً في بعض الأحيان) لدى جورج كلوني موهبة الأداء الطبيعي أمام من يجرون معه المقابلات. وهذه هي المقابلة الخامسة بيننا، والأولى على تطبيق «زووم». لكن رغم أنها عبر هذا التواصل الإلكتروني الذي لا يعوّض التواصل الطبيعي والحياتي، فإن الشعور بصدق الممثل وبرحابته ودفء طبيعته يتسلل عبر النت تماماً كما عهدنا كل ذلك خلال اللقاءات السابقة.
جورج كلوني لم يعد يمثل كثيراً. ليس بالقدر الذي عهدناه عليه قبل عشر سنوات أو أكثر. السبب هو أنه بات أكثر حرصاً على تمثيل أو إخراج أفلام تقول شيئاً وتترك رسالة في ذهن المشاهد عوض أن تمر عابرة. هذا يشمل الأفلام التي يقوم بإنتاجها وإخراجها كذلك، وفيلم «ذا مدنايت سكاي» هو آخرها.
كما كتبنا عنه سابقاً، وبإعجاب، هو أكثر بكثير من مجرد فيلم خيال علمي حول مستقبل الأرض. إنه فيلم رسالات. إحداها حول عتمة المستقبل الذي بات يلوح أمامنا (وما الوباء الحالي سوى واحد من تلك الملامح) وعن الندم والرغبة في الانعتاق من الماضي لتصحيح مسار المستقبل. كما هو عن علاقة إنسانية بين شخصين بقيا على الأرض، وشخوص أخرى تجوب الفضاء من دون وجهة.
في حين أن أفلام الفضاء المتسلسلة («ستار وورز»، «ستار ترك» وسواها) تراوح مكانها في تحويل الفضاء إلى مرتع مغامرات في أفكار مستقاة من أخرى لأفلام مغامرات أرضية، فإن ما يقصد جورج كلوني في هذا الفيلم، وفي كل أفلامه كمخرج، هو مراجعة للإنسان ذاته. لصعوده وهبوطه وفي حيويته وسكناته. لكن هذه المرّة الصراع أكبر يشمل الحياة الحاضرة وتلك المتوقعة في مزج جيد التأليف والتوليف. وتنفيذ الفيلم يعكس صعوبة على صعيد صنعه، خصوصاً أن كلوني (مخرجاً وممثلاً) نفّذه في وقت عصيب.

عاصفة عاطفية
> ما أهم شيء في الحياة من وجهة نظرك؟ أسأل لأنك في فيلمك الأخير «ذا مدنايت سكاي» تتبنّى رعاية فتاة صغيرة فقدت أهلها. هي الابنة بالنسبة إليك وأنت الأب بالنسبة لها.
- بشكل عام الحب والعائلة والبيت هو الأهم في الحياة. أعتقد أن هذا المبدأ وُلد مع الإنسان الأول ونحن الآن ما زلنا نمارس هذا القانون الإنساني ولا أعتقد أنه سيزول. العلاقة بين الشخصية التي أقوم بها، شخصية أوغستين وبين شخصية الفتاة الصغيرة هي تماماً كما ذكرت. هو لقاء غير مبرمج بين رجل تُرك وحيداً على هذا الكوكب وفتاة لم تلحق بآخر مركبة انطلقت هاربة مما سيقع على الأرض. كلاهما وحيد وسيبقى كذلك.
> أعرف أن بقاءها وحيدة على سطح الأرض كان لا بد منه في هذه القصّة. هذا طبيعي. هل كان الأمر سيختلف لو كانت صبياً؟
- نعم لكن بمقدار معيّن. الفتاة أقدر في رأيي على الملاحظة ولا تُثير المشاكل المتأتية من النزعة المنفردة للصبي. كذلك التضاد بين الرجل والفتاة الصغيرة يصب أفضل درامياً. أما من حيث الأحداث ذاتها فكل شيء سيبقى كما هو في الحالتين.
> صحيح، لكني أعتقد أنك تحاشيت إثارة العاطفة التي يعتقد المشاهدون أنهم سيرونها من خلال الحكاية. هناك مشهد واحد للأسى الذي يُصيب أوغستين عندما يعتقد أنه فقد الفتاة في العاصفة الثلجية. عدا ذلك هناك رصانة في معالجة العلاقة بين الاثنين.
- صحيح تماماً. في المشهد التي تتحدث عنها هناك لحظة اندفاع أولى. أوغستين كان سيبحث عن أي شخص كان معه حين تهب العاصفة بصرف النظر عن جنسه وعمره وعن أي شيء آخر. لكن علمنا كمشاهدين أن شريك الرحلة هي طفلة صغيرة يزيد من الشعور بفداحة الخسارة المحتملة. هذا تحليل جيد للمشهد.
> من الزاوية ذاتها ابتعدت الموسيقى عن ذلك اللحن الذي يناسب أفلام العائلة أو الدراما التي تقوم في الأفلام التي تقصد التركيز على المشاعر العاطفية. صحيح؟
- في البداية كتب ألكسندر دسبلات موسيقى إلكترونية من هذا النوع لم أجدها مناسبة. طلبت منه العمل على لحن أساسي آخر لأنه في اعتقادي أن الفيلم ليس عن ذلك المشهد الذي نتحدث فيه ولا حتى عن سواه بالتحديد، بل عن قضية أكبر هي مستقبل الحياة على الأرض. أعتقد الموسيقى التي وضعها دسبلات والتي تتكوّن من أوركسترا حيّة بالإضافة إلى الإلكترونيات مناسبة جداً للفكرة العامّة لهذا الفيلم.
> دسبلات قال في مقابلة إن الفيلم «عن الموت والموسيقى، عن الأمل وسط المأساة».
- فعلاً، كذلك...
> ذكرت مستقبل الحياة على الأرض… هل يقلقك هذا المستقبل؟ كيف تراه؟
- ككل إنسان ينظر بوعي لما يدور حوله وللأخطاء التي يرتكبها البشر بحق بعضهم البعض وبحق البيئة التي يعيشون فيها والمخاطر الكثيرة الناتجة عن الحروب والأمراض والنزاعات، طبعاً. سأكون كاذباً إذا قلت غير ذلك. لكني لا أفقد الأمل بالمستقبل لكن لدينا مسؤوليات كبيرة حياله. أعتقد أن واجب كل منا في مجاله هو فعل شيء مهما بدا صغيراً لحماية المستقبل بمن فيه من بشر وبيئة.

دمار محتمل
> هل تجد أن واجبك في الحياة يحتّم عليك السعي لهذا؟
- طبعاً. ليس واجبي وحدي، بل واجبك أنت وواجب الجميع. نجاحك في هذا الشأن. بالنسبة لكثيرين فإن الهدف الأسمى هو إطعام عائلاتهم. هذا أقصى ما يستطيعون فعله. لكن بالنسبة للقادرين علينا أن نتوقع ما هو أكثر من ذلك. كنت محظوظاً في حياتي، لذلك أتحت لنفسي الوقت لكي أركّز على الأمور التي تهمّني في هذا العالم وهي، كما آمل، هي الأمور التي تهم العالم أيضاً. إذن، نعم. أعتقد أنني مسؤول. لدي واجب علي القيام به.
> من أين استوحيت هذه الرسالة الإيجابية في الحياة؟
- كبرت عليها. تعلمتها من والداي. تعلمت أننا جميعاً على هذه الأرض نتشارك في التبعات والمسؤوليات والنتائج. هذا الوباء أظهر لنا بوضوح أنه ليس هناك من حواجز ولا حدود. الوباء لا يكترث بمن يُصيب وأين.
> هل تنظر إلى هذه المسؤولية من زاوية أنك أصبحت أباً؟
- لا بد أن هناك صحة لذلك، لكني كما ذكرت ترعرعت في بيئة علّمتني ذلك. أعيش حياة رغدة حالياً وهذا ما يجعلني قادراً على أن أفعل أشياء أكثر من سواي.
> هل يتدخل هذا الشعور بالمسؤولية في اختياراتك لما تريد القيام بتمثيله أو إخراجه؟
- عندما أقرأ سيناريو أهتم بأن تكون الحكاية جيدة. أن تحمل مضموناً يُثير اهتمامي وتكون بمثابة رسالة الفيلم للمشاهدين. ليس كل السيناريوهات التي أقرأها هي من هذا النوع، لذلك لا تراني كل سنة في فيلم جديد (يضحك).
> ماذا كانت خصائص رواية «ذا مدنايت سكاي» التي أعجبتك وقررت على أساسها تبني الفيلم؟
- لم أقرأ الكتاب بل قرأت السيناريو وفكرت في أنه يحمل فكرة جيدة عما سنسببه لبعضنا بعضاً من هلاك إذا لم نكن حذرين. إذا لم نبدِ الاهتمام وإن لم نستمع لما يقوله العلماء. ما سنسببه لبعضنا بعضاً إذا ما أوغلنا في الحقد والكراهية والتفرقة. إذا ظللنا على النحو الذي نعيشه الآن فإنه من المحتمل جداً أن ندمّر أنفسنا جميعاً خلال 40 سنة. لذلك أحببت هذا السيناريو والمواقف التي يتولاها الفيلم.
> كنت تعرف أن تصوير الفيلم عمل شاق...
- طبعاً، لكنك لا تمانع في ذلك إذا كنت شغوفاً بالعمل الذي تؤديه.

أحلى ذاكرة
> كان هناك عدد كبير من المساعدين والتقنيين في هذا الفيلم... أعتقد أكثر من أي فيلم آخر عملت عليه.
- نعم. كان هناك أكثر من 300 شخص اشتغل على الفيلم. كنا في الواقع نصوّر فيلمين مختلفين. صوّرنا واحداً في القطب والآخر مبني بكامله في الاستديو. المسؤول عن التصميم الفني هو جيم بيسل وهو إنسان بارع عملنا معاً منذ سنوات هو وطاقمه. ثم هناك العديد من العاملين في مجال التقنيات والمؤثرات. نعم هو أكبر مشروع عملت عليه للآن.
> أعتقد كان التصوير في شهره الثالث عندما انطلق الوباء.
- نعم وقع الوباء في النهايات. لكن المتاعب بدأت قبل ذلك. أصبت بالتهاب في البنكرياس قبل التصوير بأربعة أيام. بقيت يومين في الطوارئ ثم بدأت التصوير. كان ذلك شيئاً مجنوناً وخطيراً لأنك تحتاج إلى طاقة جسدية وصحية لتساعدك على العمل.
> شخصيتك في الفيلم هي لرجل يعاني من مرض وهزيل ومُتعب… هل كان ذلك تمثيلاً أم حقيقياً؟
- (نضحك) مرضي أفاد الفيلم بلا ريب. أفاد تمثيلي للشخصية. كنت بالفعل منهكاً لكن الإنهاك والضعف هما من خصائص هذه الشخصية.
> فيلمك الثاني خلال السنوات السبع الأخيرة حول الفضاء، بعد «غرافيتي» طبعاً. ماذا تجد في أفلام تتعامل والفضاء ومستقبل الكون مثيراً؟
- ولدت سنة 1961 خلال مرحلة السباق صوب الفضاء وكصبي أكلنا وشربنا ما قيل إنه طعام وشراب ملاحي الفضاء. واستحوذت صغيراً على خوذة فضائية وكنت مولعاً بالفضاء كثيراً. ربما لأن الفضاء غير متناهٍ بينما حياتنا على الأرض متناهية جداً... الآن هذا الاهتمام ليس شغفاً كما كان. بات مصحوباً بحقيقة أننا اليوم على مفترق طرق. أحب أن أعيش فوق كوكب الأرض على أن أبحث عن كوكب آخر ربما ليس مناسباً لنا كبشر.
> هناك مشهد للملاح كايل هو استعادة لذكرياته عندما كان يتناول الغداء مع أولاده. هل هذا يعكس قلقك حول المستقبل؟
- نعم، لكن أكثر من ذلك هو استعادة للحظات حميمية يتذكرها المرء وهو بعيد عما كان يمارسه كل يوم. بالنسبة لي ليس هناك أجمل من الوقت الذي نمضيه أنا وزوجتي والأولاد كل صباح نتناول الإفطار ونغني بالإيطالية، لذلك اخترت هذا المشهد وصوّرته كشريحة حياة ثمينة علينا أن نحافظ عليها قبل فوات الأوان.
> ما الذكريات غير الحميمية جداً التي تستطيع البوح بها هنا؟
- كلنا نمر بمتاعب ومراحل صعبة. حين كنت شاباً كنت مفلساً وبعد ذلك بقيت عازباً لفترة طويلة. كنت أقوم بغسل ثيابي بنفسي وتنظيف صحوني ومسح أرض الشقة التي عشت فيها. وعندما كان علي أن أدهن الجدران فعلت ذلك بنفسي. هذا لم يذهب سدى. عندما أعود إلى إيطاليا لأكون بقرب العائلة أقوم بكل هذه الأعمال لكن مع فارق أنني أقوم بها لأني أرغب فيها وليس لأني مضطراً.


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.