الاقتراض البريطاني يواصل مساره التاريخي

الحكومة تقلص حصتها في مصرف «ناتويست»

ارتفع عجز الميزانية البريطانية إلى أعلى مستوى له منذ بدء تسجيل البيانات في 1993 (رويترز)
ارتفع عجز الميزانية البريطانية إلى أعلى مستوى له منذ بدء تسجيل البيانات في 1993 (رويترز)
TT

الاقتراض البريطاني يواصل مساره التاريخي

ارتفع عجز الميزانية البريطانية إلى أعلى مستوى له منذ بدء تسجيل البيانات في 1993 (رويترز)
ارتفع عجز الميزانية البريطانية إلى أعلى مستوى له منذ بدء تسجيل البيانات في 1993 (رويترز)

ارتفع عجز الميزانية البريطانية خلال فبراير (شباط) الماضي إلى أعلى مستوى له منذ بدء تسجيل الأداء الشهري للميزانية في 1993 بسبب إجراءات تحفيز الاقتصاد في مواجهة موجة الإغلاق الثالثة لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد.
وكشفت بيانات رسمية، الجمعة، عن أن الحكومة البريطانية اقترضت 19.1 مليار جنيه إسترليني الشهر الماضي، ما يقل عن توقع في استطلاع للرأي أجرته «رويترز» لاقتراض 21 مليار إسترليني (29.2 مليار دولار)... لكن هذا المستوى يزيد بمقدار 17.6 مليار جنيه إسترليني على الشهر نفسه من العام الماضي، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الوطني... وذلك أعلى مستوى له في مثل هذا الشهر من أي عام منذ بدء تسجيل البيانات.
ويصل بذلك الاقتراض في أول 11 شهراً من السنة المالية إلى قرابة 279 مليار إسترليني، بزيادة بمقدار 228.2 مليار جنيه إسترليني على الفترة الموازية من عام 2020، وهو رقم قياسي غير مسبوق... بينما يتوقع مكتب مسؤولية الميزانية البريطانية وصول الاقتراض العام حتى نهاية مارس (آذار) الحالي إلى 354.7 مليار جنيه إسترليني.
وكشفت بيانات رسمية الأسبوع الماضي، عن أن اقتصاد بريطانيا انكمش 2.9 في المائة في يناير (كانون الثاني) مقارنة مع ديسمبر (كانون الأول)، وهي وتيرة أقل حدة مما كان متوقعاً؛ إذ دخلت البلاد مجدداً في إجراءات عزل عام تهدف لمكافحة انتشار فيروس كورونا. وكان خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا انكماشاً 4.9 في المائة.
وقال بنك إنجلترا المركزي الشهر الماضي، إن اقتصاد البلاد سينكمش على الأرجح 4 في المائة في الربع الأول من 2021؛ ما يرجع في الأغلب إلى أحدث إغلاق، لكن أيضاً بسبب الاضطرابات الناجمة عن قواعد جديدة لما بعد الانفصال عن التكتل للتجارة مع الاتحاد الأوروبي.
وقال جوناثان أثو، المسؤول في مكتب الإحصاءات الوطنية «تلقى الاقتصاد ضربة واضحة في يناير، وإن كانت أقل مما توقعه البعض، مع تأثر متاجر التجزئة والمطاعم والمدارس ومصففي الشعر بأحدث إغلاق. التصنيع أيضاً شهد أول تراجع منذ أبريل (نيسان) مع انخفاض تصنيع السيارات بشكل كبير. لكن الزيادات في الخدمات الصحية نتيجة توزيع اللقاح وتسارع الاختبارات عوضت جزئياً الانخفاضات في صناعات أخرى».
وانكمش اقتصاد بريطانيا 1.7 في المائة في ثلاثة أشهر حتى يناير، وهو مستوى أفضل من متوسط التوقعات بانكماش 2.5 في المائة في استطلاع أجرته «رويترز». وقال مكتب الإحصاءات، إن الاقتصاد أقل 9.2 في المائة مما كان عليه في يناير من العام الماضي.
وفي سياق مستقل، خفضت الحكومة البريطانية حصتها في بنك «ناتويست» عبر بيع أسهم بقيمة 1.1 مليار جنيه إسترليني اشترتها المجموعة المصرفية نفسها، حسبما أعلنت الحكومة البريطانية والمصرف الجمعة.
وشملت العملية نحو 591 مليون سهم سيتم إلغاء جزء كبير منها، كما أفاد بيانان للحكومة والمجموعة المصرفية. وبذلك تراجعت مساهمة الدولة في رأسمال المصرف من 61.7 في المائة إلى 59.8 في المائة. ويعد «ناتويست» واحداً من أكبر المصارف في المملكة المتحدة.



مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
TT

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)

أظهر مسحٌ أجراه «بنك إنجلترا»، يوم الخميس، على أكثر من ألفَي شركة، أن الشركات البريطانية تتوقَّع رفعَ الأسعار وتقليص أعداد الموظفين رداً على زيادة مساهمات أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي التي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) المقبل.

وأشارت النتائج إلى أن 61 في المائة من الشركات تتوقَّع انخفاضاً في الأرباح، و54 في المائة تخطِّط لزيادة الأسعار، و53 في المائة تتوقَّع تقليص العمالة، في حين تعتزم 39 في المائة منها تقليص زيادات الأجور؛ نتيجة لزيادة التأمين الوطني، التي تم إعلانها في موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد أظهرت استطلاعات أخرى انخفاضاً في معنويات الأعمال وتراجعاً في نوايا التوظيف والاستثمار، منذ إعلان وزيرة المالية، راشيل ريفز، زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في ضرائب الرواتب. وقد أسهم تباطؤ الاقتصاد في إثارة القلق في الأسواق المالية بشأن مستويات الدين العام في المملكة المتحدة، مما دفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع بشكل حاد هذا الأسبوع. كما أظهرت أرقام منفصلة، يوم الخميس، من «جمعية وكالات التوظيف» انخفاضاً في الطلب على الموظفين الجدد، وهو الانخفاض الأكبر منذ أغسطس (آب) 2020.

ومن جانبه، يراقب «بنك إنجلترا» - الذي يدرس احتمالية خفض أسعار الفائدة مجدداً - تأثير تكاليف التوظيف المرتفعة على التضخم من خلال زيادة الأسعار أو تقليص الوظائف، وانخفاض الاستثمار، ونمو الأجور، مما قد يبطئ من النشاط الاقتصادي.

وعلق روب وود، كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة في «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، قائلاً إن مسح بنك إنجلترا يشير إلى أن الزيادات الضريبية تؤدي إلى دفع الأسعار للأعلى بشكل أكبر، بينما التأثير في التباطؤ أقل مما أظهرته استطلاعات مؤشر مديري المشتريات.

وأضاف: «لا تزال الأسئلة الأساسية للمسح تشير إلى تضخم مستمر وزيادة في الأجور، مع ضعف أقل حدة في سوق العمل مقارنة بالمسوحات النوعية، وهو ما يستدعي أن تتبنى لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي فقط».

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين البريطاني إلى أعلى مستوى له في 8 أشهر ليصل إلى 2.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع توقعات من «بنك إنجلترا» بأن التضخم سيواصل الارتفاع في 2025، ولن يعود إلى هدفه البالغ 2 في المائة حتى عام 2027، مما يحد من احتمالية خفض أسعار الفائدة عن مستواها الحالي، البالغ 4.75 في المائة.

وأظهر مسح «بنك إنجلترا»، الذي أُجري بين 6 و20 ديسمبر (كانون الأول)، أن الشركات تخطط لرفع الأسعار بنسبة 3.8 في المائة على مدار الأشهر الـ12 المقبلة، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن التوقعات في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر. وظل نمو الأجور المتوقع للعام المقبل ثابتاً عند 4 في المائة على أساس المتوسط المتحرك لثلاثة أشهر في ديسمبر.

على صعيد آخر، هبطت أسهم شركة «ماركس آند سبنسر» البريطانية وبعض شركات التجزئة الأخرى يوم الخميس، حيث فقد القطاع مليارَي جنيه إسترليني (2.45 مليار دولار) من قيمته، مع تأثر التجارة الجيدة خلال موسم عيد الميلاد بتراجع ثقة المستهلك والضعف الاقتصادي.

ويستعد تجار التجزئة، الذين يواجهون أصلاً ضعفاً في معنويات المستهلكين، لتكاليف أعلى اعتباراً من أبريل المقبل، حيث من المتوقع أن ترتفع ضرائب أرباب العمل والحد الأدنى للأجور. كما ألقت قفزة في تكاليف اقتراض الحكومة البريطانية في الأيام الأخيرة بظلال من القلق على التوقعات الاقتصادية، مما ضاعف الضغوط على المالية العامة، ودفع المحللين إلى التحذير من احتمال الحاجة إلى زيادات ضريبية إضافية. ومع التوقعات بارتفاع التضخم، يتوقَّع تجار التجزئة عاماً صعباً.

وقال ستيوارت ماشين، الرئيس التنفيذي لشركة «ماركس آند سبنسر»، للصحافيين بعد إعلان تحقيق الشركة أعلى مبيعات للأغذية خلال موسم عيد الميلاد: «هناك ثقة حذرة من جانب العملاء». وعلى الرغم من النمو الأعلى من المتوقع بنسبة 8.9 في المائة في مبيعات المواد الغذائية و1.9 في المائة في مبيعات الملابس والمستلزمات المنزلية، فإن أسهم الشركة تراجعت بنسبة 6.5 في المائة. في المقابل، سجَّلت «تيسكو»، أكبر مجموعة سوبر ماركت في البلاد، زيادة في مبيعاتها بنسبة 4.1 في المائة، لكن أسهمها انخفضت بنسبة 1.3 في المائة.

وقال مات بريتزمان، محلل الأسهم في «هارغريفز لانسداون»: «لن يكون العام المقبل سلساً تماماً لشركات التجزئة الكبرى، حيث يستعد القطاع لمواجهة الزيادات الضريبية الوشيكة».

وبينما ساعدت مبيعات المواد الغذائية المزدهرة على دعم أداء «ماركس آند سبنسر» و«تيسكو»، إلا أن فئات أخرى شهدت تراجعاً. فقد تباطأ نمو شركة «غريغز» المتخصصة في الأطعمة السريعة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، بينما سجَّلت شركة «بي آند إم» للتخفيضات انخفاضاً في المبيعات بنسبة 2.8 في المائة؛ مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبتَي 10 في المائة و12 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي شهدت فيه شركات التجزئة تراجعاً، ارتفع مؤشر الأسهم القيادية البريطانية الذي يركز على الأسواق العالمية بنسبة 0.5 في المائة.

وتستمر التحديات، إذ تقول الرئيسة التنفيذية لشركة «غريغز»، رويسين كوري، إن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً بشأن الإنفاق. وأضافت أن «النصف الثاني من عام 2024 كان مليئاً بالتحديات، وأعتقد أننا يجب أن نفترض أن هذا الأمر سيستمر حتى عام 2025».

وعلى الرغم من أن شركة «غريغز» قد حققت أداءً جيداً في السنوات الأخيرة، فإن نمو مبيعاتها الأساسي انخفض إلى 2.5 في المائة في الرُّبع الأخير من عام 2024، مقارنة بـ5 في المائة في الفترة السابقة.

من جانبها، حذَّرت أكبر شركة لتجارة الملابس في المملكة المتحدة من حيث القيمة السوقية، يوم الثلاثاء، من أن نمو المبيعات سيتباطأ في عام 205 - 2026؛ نتيجة لتأثير زيادة الضرائب الحكومية على مستويات التوظيف ورفع الأسعار.

وفيما يخص «تيسكو»، أظهر كين مورفي، رئيس الشركة، تفاؤلاً ملحوظاً. وأوضح أنه على الرغم من أن المستهلكين الذين «احتفلوا فعلاً بعيد الميلاد» سيكونون أكثر حرصاً على القيمة في يناير (كانون الثاني)، فإن هذه الظاهرة تُعدّ سمة تقليدية دائماً في بداية العام.