المتحف المصري بشخصية جديدة من دون الفرعون الذهبي

اعتماده معرضاً لروائع الفن القديمة

TT

المتحف المصري بشخصية جديدة من دون الفرعون الذهبي

انتقال مجموعات كبيرة من مُقْتنيات المتحف المصري بالتحرير إلى متاحف أخرى وضعه في تحدٍّ تاريخي للبحث عن شخصية وهوية جديدة تعبّر عن القطع التي ستبقى فيه، خصوصاً أن كثيراً من المجموعات الأثرية التي تم نقلها إلى متاحف أخرى تحظى بشهرة دولية واسعة شكّلت شخصية المتحف طوال أكثر من قرن، وصاغت هويته الفريدة بين المتاحف الأخرى، على غرار مجموعة توت عنخ آمون، التي تم نقلها إلى المتحف الكبير بميدان الرماية (غرب القاهرة)، والمومياوات الملكية بما تملكه من عناصر جذب وإبهار مميزة، والتي سيتم نقلها مطلع الشهر المقبل إلى المتحف القومي للحضارة بالفسطاط.
وتقاطع رحيل بعض مُقْتنيات المتحف الشهيرة مع مشروع الترميم والتطوير الذي يجري حالياً، وهو ما شكّل فرصة لبناء شخصية متحفية جديدة، فرحيل توت عنخ آمون أفسح المجال لكثير من القطع النادرة التي لم تأخذ نصيبها من الشهرة في ظل وجود الملك الفرعوني الشهير.
منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي ظل المتحف المصري بالتحرير يتمتع بمكانة خاصة محلياً ودولياً، إذ يُعد أقدم وأكبر المتاحف المصرية، ويقع في قلب العاصمة، حيث تم افتتاحه في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1902 في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، ومع بدء تدشين عدد من المتاحف الجديدة من أبرزها المتحف المصري الكبير، والمتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ومتحف العاصمة الإدارية الجديدة، انتقل كثير من مُقْتنيات المتحف المصري إليها.
وتستعد وزارة السياحة والآثار المصرية لنقل المومياوات الملكية إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط في موكب استعراضي خلال الفترة المقبلة، ويبلغ عددها 22 مومياء ملكية، بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات، منهم مومياء الملك رمسيس الثاني، والملك سقنن رع، وتحتمس الثالث، وستي الأول، والملكة حتشبسوت، والملكة ميرت آمون، زوجة أمنحتب الأول.
ويسعى المتحف المصري إلى الاستفادة من مشروع الترميم والتطوير الذي يجري حالياً، لإعادة صياغة هوية متحفية جديدة من خلال سيناريوهات عرض متحفي حديثة تُبرز القطع والمجموعات التي ستبقى بالمتحف وتُشكل هويته الجديدة وفق صباح عبد الرازق، مدير عام المتحف المصري بالتحرير، وتقول عبد الرازق لـ«الشرق الأوسط» إن «المتحف المصري ما زال يمتلك الكثير من القطع والمجموعات النادرة التي سوف تبرز من خلال سيناريوهات العرض المتحفي الحديثة، وإعادة توزيع عرض بعض المجموعات بالقاعات المختلفة، وسوف تكون شخصية المتحف الجديدة التي نسعى إلى تأكيدها خلال الفترة المقبلة هي أنه (معرض لروائع الفن المصري القديم من مختلف العصور بدءاً من عصر ما قبل الأسرات إلى العصر اليوناني)».
وفي إطار إعادة تخطيط وتوزيع المقتنيات على القاعات المختلفة، حلّت مجموعة كنوز تانيس التي تم اكتشافها بمحافظة الشرقية (دلتا مصر) محل توت عنخ آمون، حيث تُعرض في نفس قاعته، بينما استحدث المتحف معرضاً دائماً تحت اسم «الخبيئة» في قاعة المومياوات الملكية الأولى عقب رحيل ملوكها، حيث يتم عرض مجموعات نادرة من المخازن لم تُعرض للجمهور من قبل، وسيتم تغيير المجموعات المعروضة واستبدال قطع جديدة بها كل فترة زمنية، وما زال يتم تجهيز قاعة المومياوات الثانية للاستفادة بمعروضات جديدة تشغل مكان الملوك الراحلين.
كما يقوم المتحف بإعادة توزيع بعض التماثيل الجديدة في حديقته الأمامية عقب رحيل التماثيل القديمة إلى متاحف أخرى، حيث ستحل تماثيل خوفو وخفرع والكاتب المصري وزوسر مكان تماثيل رمسيس الثاني وسنوسرت الأول والمعبود بتاح التي انتقلت من الحديقة إلى المتحف المصري الكبير، حسب عبد الرازق التي تقول إن «المتحف المصري سيشهد خلال الفترة القادمة عرض عدد من المجموعات والقطع النادرة التي تُعرض لأول مرة للجمهور».
ومن بين القطع النادرة التي سيتم عرضها عقب الانتهاء من ترميمها، رسم جداري ملوّن عمره نحو 6 آلاف عام، تم اكتشافه في مقبرة بالكوم الأحمر في مدينة الأقصر (جنوب مصر)، والتي تعد أقدم مقبرة معروفة في مصر.
ويُعد رحيل توت عنخ آمون والمومياوات الملكية فرصة لإفساح المجال لكثير من القطع والمجموعات التي لم تنل حظها من الشهرة رغم تفردها في ظل وجود الفرعون الأشهر، وفق محمد إسماعيل، الباحث في الدراسات المتحفية والتراثية، نائب مدير مركز توثيق التراث التابع لمكتبة الإسكندرية، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «رحيل بعض المجموعات الشهيرة من المتحف المصري سيتيح الفرصة لقطع أخرى لم تنل حظها من الشهرة، وظُلمت كثيراً بسبب الشهرة العالمية الكبيرة لمجموعات مثل توت عنخ آمون والمومياوات الملكية، كما سيسهم تفكيك ازدحام القطع في إبراز قطع جديدة، ويعطي فرصة لموضوعات تراثية جديدة ستظهر من خلال المُقْتنيات التي ستحل محل الملوك الراحلين».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
TT

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

في عودة للمسلسلات المأخوذة عن «فورمات» أجنبية، انطلق عرض مسلسل «سراب» المأخوذ عن رواية بعنوان «سبعة أنواع من الغموض» (Seven Types Of Ambiguity) للكاتب الأسترالي إليوت بيرلمان، التي حُوّلت مسلسلاً عُرض عام 2017، وحقّق نجاحاً لافتاً. وتدور أحداثه في قالبٍ من الغموض والإثارة، وهو ما يعوّل عليه بطل المسلسل المصري الفنان خالد النبوي، بمشاركة مجموعة كبيرة من الفنانين، من بينهم، يسرا اللوزي، ونجلاء بدر، ودياموند بوعبود، وأحمد مجدي، وهاني عادل، وأحمد وفيق، وإنجي المقدم، وسيناريو وحوار ورشة كتابة بإشراف المؤلف هشام هلال وإخراج أحمد خالد.

يؤدي خالد النبوي في المسلسل شخصية «طارق حسيب»، الذي يتمتّع بحاسة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحقُّقها، في حين تجسد يسرا اللوزي دور زوجته «الطبيبة ملك». يفاجأ الزوجان باختفاء طفلهما زين (7 سنوات) من مدرسته، ورغم عودته سالماً لوالديه، تتكشف لهما وقائع صادمة كثيرة؛ مما يقلب حياتهما الهادئة رأساً على عقب.

المسلسل تعرضه منصة «TOD» القطرية حصرياً في 10 حلقات ابتداءً من الثلاثاء، وقد عُرضت 3 حلقات منه، وحظي باهتمام لافتٍ منذ بثّ الإعلان الرسمي له، الذي أثار حالة تشوّق كبيرة من متابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمشاهدته.

وأكد المؤلف هشام هلال، أن «المسلسل المصري لا يُقدّم نسخة مطابقة للمسلسل الأسترالي، بل يقدم معالجة مصرية خالصة، بحيث لا يمكن المشاهد أن يشكك في كونها عملاً غير مصري»، لافتاً إلى تولّيه الإشراف على فريق من الكتابة يضمّ 5 مؤلفين هم، محمود حسن، ومحمود شكري، وخالد شكري، ودعاء حلمي، وبسنت علاء. منوهاً إلى أن «المسلسل الأسترالي دارت أحداثه في 6 حلقات، في حين يُقدّم العمل المصري في 10 حلقات لإضافة شخصيات جديدة لأن الموضوع يسمح بذلك»، حسب قوله.

بوستر المسلسل (الشركة المنتجة)

ويشير هلال إلى اختلاف طريقة السّرد الدرامي في الحلقات قائلاً: «اتبعنا أسلوباً غير سائدٍ في كتابة الأعمال الدرامية، لم يعتده المُتفرج المصري والعربي؛ إذ تتناول كلّ حلقة شخصية من الشخصيات التسع الرئيسية، في حين تجمعهم الحلقة العاشرة والأخيرة. كما أن المخرج أحمد خالد يُقدم أسلوباً مغايراً ينتقل خلاله بين الزمن الحالي والأزمنة السابقة التي وقعت فيها أحداث في المسلسل».

من جانبه، قال الناقد الفني محمد عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الحلقات الثلاث الأولى من المسلسل تمتّعت بمستوى عالٍ من التّشويق، خصوصاً بعد العثور سريعاً على الطفل المفقود، بشكل يجعل علامات الاستفهام أكبر، وفي اتجاه غير معتادٍ درامياً، فبدلاً من السؤال عن مكان الطفل، بات البحث عمّا حدث في ماضي الأبطال للوصول إلى لحظة اختفائه».

الفنان أحمد مجدي خلال تصوير المسلسل (الشركة المنتجة)

ويرى عبد الرحمن أن أداء الممثلين في «سراب» جيّدٌ واحترافي، وأن خالد النبوي يقدم شخصية «طارق» بتركيزٍ واضح بجانب الاهتمام بتفاصيل الشخصيات نفسياً، وهو أمر يُحسب لورشة الكتابة بإشراف هشام هلال، وللمخرج أحمد خالد أيضاً، الذي حرص على توفير إيقاع سريع للأحداث، واستغلال كل أحجام الكادرات للتعبير الدرامي عن التفاصيل، مثل مشهد وصول «النبوي» إلى مقرّ عمله، وتقسيم جسده إلى كادرات تعكس ثراءه الشديد وثقته بنفسه.