«المركزي» اللبناني يعتمد تقنيات جديدة لكبح فوضى تسعير الدولار

أحد محلات الصرافة في بيروت مقفلاً أمس (أ.ب)
أحد محلات الصرافة في بيروت مقفلاً أمس (أ.ب)
TT
20

«المركزي» اللبناني يعتمد تقنيات جديدة لكبح فوضى تسعير الدولار

أحد محلات الصرافة في بيروت مقفلاً أمس (أ.ب)
أحد محلات الصرافة في بيروت مقفلاً أمس (أ.ب)

تترقب الأسواق المالية في بيروت ماهية التدابير التقنية الجديدة التي يزمع البنك المركزي تنفيذها بدءاً من الأسبوع المقبل، والتي تقضي بضم الجهاز المصرفي إلى منصة تشاركية لمبادلات العملات، إلى جانب شركات الصرافة من الفئة الأولى، طبقاً لما نشرته «الشرق الأوسط»، وذلك بهدف الحد من الفوضى النقدية وسيطرة الأسواق الموازية على سوق القطع، حيث فقدت الليرة نحو 50 في المائة إضافية من قيمتها خلال أيام قليلة.
وأكد مسؤول مصرفي، لـ«الشرق الأوسط»، أن حاكم البنك المركزي، رياض سلامة، أبلغ المرجعيات الدستورية بحزمة إجراءات تقنية تهدف إلى إعادة الانتظام إلى سوق القطع عبر قيد الجزء الأكبر من العمليات النقدية وتنفيذها عبر المنصة الإلكترونية لديه، وضرورة تحفيز المصارف للمشاركة في تلبية سوق العرض والطلب، مقرونة باستعداده للتدخل عند حصول فوائض أو موجات، وهو ما يكفل إعادة الانتظام تدريجياً وتضييق هوامش البيع والشراء للعملات منعاً للمضاربات.
ولوحظ أنه بمجرد تحريك الملف الحكومي وتلويح البنك المركزي بالعودة إلى التدخل في مبادلات العملات خارج نطاق السعر الرسمي للدولار، أنتج انكفاء سريعاً في الأسواق الموازية، حيث هدأت العمليات نسبياً وضاق معها الهامش السعري إلى حدود مائة ليرة فقط لبيع الدولار وشرائه بين 11.5 و11.6 ألف ليرة في مبادلات الأمس، علماً بأن الدولار قارب مستوى 10.5 ألف ليرة ليل الخميس، ارتداداً من تحليق سعر إلى حدود 15 ألف ليرة.
ورداً على سؤال بشأن الآليات والمبالغ التي سيقررها البنك المركزي، رجح المسؤول المصرفي أن يتم الاعتماد على سعر استرشادي للدولار عبر المنصة الإلكترونية، وسينقص حتماً عن المستوى المبالغ به في التداولات الأخيرة للأسواق الموازية، وربما يعود به إلى ما قبل الطفرة الأخيرة، أي ما يقارب 9 آلاف ليرة، وذلك ضمن استهداف تحديد هوامش سعرية معتدلة تتولاها المصارف والصرافون تحت مظلة البنك المركزي، وتدخله في ضخ السيولة. كما يتوقع، في مرحلة تالية، استهداف إعادة امتصاص أجزاء وازنة من الكتلة النقدية الضخمة بالليرة، وبما يشمل إعادة النظر بالتعميم 151 الذي يتيح السحب من الودائع الدولارية لزبائن المصارف بسعر 3900 ليرة. وهذا الموضوع لا يزال موضع اقتراحات متباينة في المجلس المركزي لمصرف لبنان.
ولم يتوجه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى القصر الجمهوري أمس لكنه استقبل شربل قرداحي المستشار المالي لرئيس الجمهورية. وبدا واضحاً في الجولات التشاورية التي ختمها سلامة، بعدما شملت الرئيس المكلف بتأليف الحكومة سعد الحريري ووزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، أهمية التوازي بين التدابير التقنية البحتة وفرص التقدم في المعالجات الداخلية، سعياً إلى إعادة انتظام الأسواق ودرء المخاطر الأمنية والاجتماعية التي تعكسها الفوضى النقدية العارمة.
كما تبين أن حاكمية البنك المركزي تنشد المظلة السياسية الجامعة للإقدام على مجموعة تدابير تسهم في كبح التدهور وتتيح استخدام جزء من الاحتياطي الإلزامي للودائع البالغ نحو 16 مليار دولار، بسبب قرب نفاد الاحتياطي الحر من العملات الصعبة، الذي تدنى إلى نحو مليار دولار فقط منتصف الشهر الحالي.
وأعلن الحاكم أن «المصرف المركزي قرر إطلاق العمل بالمنصة الإلكترونية العائدة له بحيث يتم تسجيل كل العمليات وتصبح هي المرجع الأساسي للسعر الحقيقي للسوق». ويتضمن قرار مصرف لبنان أيضاً السماح للمصارف ابتداءً من الأسبوع المقبل بالتداول في العملات مثل الصرافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حسن سير العمل.
وسيتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة، حتى يتم ضبط سعر الصرف، وفقاً للآليات المعروفة. كما أبلغ رئيس الجمهورية حاكم مصرف لبنان، ضرورة التشدد للجم المضاربات وتنظيف القطاع المصرفي والتصميم على استعادة الثقة.



مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
TT
20

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)

تزامناً مع إعلان هيئة قناة السويس المصرية نجاحها في قطر ناقلة نفط تعرضت لهجوم «حوثي» قبل نحو 7 أشهر، أكدت مصر، الاثنين، أن تحقيق أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال نائب وزير الخارجية والهجرة المصري السفير أبو بكر حفني، إن «أمن البحر الأحمر وثيق الصلة بالأزمات التي تشهدها المنطقة»، مُشيراً إلى «أهمية التوصل إلى حل عادل للأزمة اليمنية، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة إلى تسوية الأزمة السودانية».

جاء ذلك في افتتاح البرنامج التدريبي الذي ينظمه «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، بدعم من الحكومة اليابانية، بعنوان «مكافحة التهديدات العابرة للحدود: نحو تعزيز الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر».

ويشارك في البرنامج التدريبي عدد من الكوادر المدنية والأمنية المعنية بالدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومنها السعودية، واليمن، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والأردن، ومصر، وفق الإفادة.

وأشار حفني، في كلمته خلال مراسم افتتاح البرنامج التدريبي، إلى «تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة على استقرار منطقة البحر الأحمر وتصاعد التوتر بها على نحو غير مسبوق». وقال إن «الحفاظ على أمن البحر الأحمر وحرية الملاحة فيه، مسؤولية جماعية تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً مكثفاً»، وأضاف: «مصر تؤكد دوماً محورية إدماج الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في أي مبادرات تُعنى بالمنطقة».

وشدد نائب وزير الخارجية المصري على «أهمية تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، باعتباره إطاراً إقليمياً ضرورياً لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول المشاطئة».

تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)
تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو من 40 إلى 50 في المائة، بسبب «الأزمات» على حدود البلاد المختلفة، بعد أن كانت تدرّ نحو 10 مليارات دولار سنوياً.

في سياق متصل، قال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس المصرية، في إفادة رسمية، الاثنين، إن ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان، والتي هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية العام الماضي، جرى قطرها بنجاح عبر القناة بعد إنقاذها من البحر الأحمر.

ووفق البيان، «جرت عملية القطر بواسطة 4 قاطرات تابعة للهيئة في رحلتها عبر قناة السويس ضمن قافلة الجنوب، مقبلة من البحر الأحمر ومتجهةً إلى اليونان».

وأوضح رئيس الهيئة أن «تجهيزات عملية قطْر الناقلة استلزمت اتخاذ إجراءات معقدة على مدار عدة أشهر لتفريغ حمولة الناقلة البالغة 150 ألف طن من البترول الخام قبل السماح بعبورها القناة، وذلك لخطورة وضع الناقلة بعد تعرضها لهجوم بالبحر الأحمر في أغسطس (آب) الماضي، أسفر عن حريق هائل بغرفة القيادة، وغرفة الماكينات، وغرف الإعاشة، وتعطل أجهزة التحكم والسيطرة، بشكل يصعب معه إبحار الناقلة وتزداد معه مخاطر حدوث التلوث والانسكاب البترولي أو الانفجار».

ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)
ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)

وأضاف ربيع أن «عملية تفريغ الحمولة في منطقة غاطس السويس خضعت لإجراءات معقَّدة قامت بها شركتا الإنقاذ AMBERY وMEGA TUGS المعينتين من مُلَّاك الناقلة، حيث عملتا من خلال خطة عمل مشتركة، بالتعاون وتحت إشراف كامل من فريق الإنقاذ البحري التابع للهيئة، على تفريغ الحمولة بناقلة أخرى مماثلة، وفق معدلات تفريغ وحسابات دقيقة منعاً لحدوث أي تضرر أو انقسام في بدن الناقلة».

وأوضح أن «عملية القطْر استغرقت نحو 24 ساعة، بمشاركة 13 مرشداً في مناطق الغاطس والقناة، وجرت على عدة مراحل».

وأكد ربيع «جاهزية قناة السويس للتعامل مع حالات العبور الخاصة وغير التقليدية من خلال منظومة عمل متكاملة»، مشيراً إلى «ما تتيحه الهيئة من حزمة متنوعة من الخدمات البحرية والملاحية التي تلائم متطلبات العملاء المختلفة في الظروف الاعتيادية والطارئة».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب التصريحات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بدوره، قال خبير الشؤون الأفريقية اللواء محمد عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث في البحر الأحمر يجب النظر إليه من منظور جيوسياسي، لا سيما أن ما يحدث فيه يؤثر في دول عدة حول العالم، كونه أحد ممرات الملاحة العالمية التي كانت ولا تزال محل تنافس عالمي»، وأشار إلى «أهمية تعاون الدول المشاطئة لحماية أمن البحر الأحمر واستقراره». وأضاف: «إنهاء الصراعات في المنطقة أحد أهم شروط استعادة استقرار البحر الأحمر».

ووفق تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي، «أدى تعطيل النقل البحري في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن العالمية بنسبة 141 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مقارنةً بما قبل الأزمة».

كما شهدت قناة السويس ومضيق باب المندب انخفاضاً حاداً في حركة السفن، حيث تراجعت بنسبة تصل إلى 75 في المائة بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنةً بانخفاض 50 في المائة تم توثيقه في مايو (أيار) 2024، وفق التقرير.