ازدياد الهجمات الدامية للمجموعات المسلحة في النيجر

إعلان الحداد بعد مقتل 58 شخصاً في هجوم الاثنين

هجوم الاثنين أول أعمال عنف في البلاد منذ انتخاب محمد بازوم (رويترز)
هجوم الاثنين أول أعمال عنف في البلاد منذ انتخاب محمد بازوم (رويترز)
TT

ازدياد الهجمات الدامية للمجموعات المسلحة في النيجر

هجوم الاثنين أول أعمال عنف في البلاد منذ انتخاب محمد بازوم (رويترز)
هجوم الاثنين أول أعمال عنف في البلاد منذ انتخاب محمد بازوم (رويترز)

أعلنت حكومة النيجر، يوم أمس، حداداً بعد هجوم يوم الاثنين الدامي الذي راح ضحيته 58 شخصاً قرب حدودها مع مالي، والذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه، إلا أن التقديرات بأن مجموعات مسلحة مرتبطة بـ«القاعدة» و«داعش» هي التي قامت بالهجوم. يشهد إقليم تيلابيري، الواقع في «المثلث الحدودي» بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي، منذ سنوات هجمات دامية تشنها هذه الجماعات المسلحة المرتبطة بـ«القاعدة» وتنظيم «داعش». وكانت منطقة تيلابيري هدفاً لأسوأ الهجمات الإرهابية التي شهدتها النيجر. وليس لدى الحكومة أي سيطرة كبيرة خارج المدن، وهي حقيقة لا تستغل فقط من قبل جماعات مسلحة، لكن أيضاً من قبل شبكات إجرامية. وفي المنطقة الحدودية مع مالي، بشكل خاص، وقعت هجمات خطيرة متكررة، مثل ذلك الهجوم على قريتي «تومبانجو» و«زارومداريي»، حيث قتل أكثر من مائة شخص وأصيب كثيرون أوائل هذا العام. ويعد هجوم الاثنين أول أعمال عنف تشهدها البلاد منذ انتخاب محمد بازوم رئيساً في 21 فبراير (شباط). ومحمد بازوم تعهد بمحاربة انعدام الأمن، وهو أحد أبرز التحديات في النيجر، الدولة الواقعة في منطقة الساحل، وتعد بين أفقر دول العالم، وعليها أيضاً مواجهة المتشددين الإسلاميين من جماعة بوكو حرام النيجيرية في قسمها الجنوبي الشرقي. وكان سلفه محمد يوسوفو قال في نهاية ولايته «نحن على الطريق الصحيح»، رغم استمرار الهجمات. وقالت الحكومة، في بيان أذاعه التلفزيون الرسمي: «بلغت حصيلة هذه الهجمات البربرية 58 قتيلاً، وجريحاً واحداً، وجرى حرق عدد من حاويات القمح وسيارتين، إضافة إلى الاستيلاء على سيارتين أخريين». ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الآن عن هذا الهجوم. لكن أحد السكان أفاد لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف بأن هجوماً «وقع بعد ظهر (الاثنين) واستهدف حافلة تقل ركاباً في منطقة بانيبانغو – شينيدوغار». وقال قروي آخر من السكان: «إنهم أشخاص كانوا قادمين من سوق بانيبانغو ومتجهين نحو شينيدوغار» إلى الشمال. وتعاني البلاد منذ العام 2011 هجمات إرهابية تكثفت منذ 2015، لا سيما في الغرب (القريب من مالي)، حيث تنظيم داعش، وفي الجنوب الشرقي المتاخم لبحيرة تشاد ونيجيريا، المنطقة التي أصبحت معقلاً لجماعة بوكو حرام النيجيرية. والنيجر جزء من تحالف عسكري في منطقة الساحل تدعمه فرنسا لمحاربة النشاط المسلح المتزايد. وفي 2 يناير (كانون الثاني)، وبعد الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، قتل مائة شخص في هجوم على قريتين في منطقة تيلابيري نفسها، في إحدى أسوأ المجازر بحق المدنيين في هذا البلد الفقير. وقبل سنة في 9 يناير 2020، قُتل 89 جندياً نيجرياً في الهجوم على معسكر في شينيغودار. وقبل شهر في 10 ديسمبر (كانون الأول) قُتل 71 جندياً نيجرياً في هجوم استهدف معسكرات في إيناتس، مدينة أخرى في منطقة تيلابيري. وهذان الهجومان ضد الجيش تسببا بصدمة في البلاد، وتبناهما تنظيم داعش. وتبقى هذه المنطقة غير مستقرة رغم الجهود الكثيفة لإرساء الأمن فيها. ومن المقرر أن تنتشر كتيبة من 1200 جندي من الجيش التشادي في منطقة المثلث الحدودي في إطار «مجموعة دول الساحل الخمس» التي تضم خمس دول؛ هي موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، والتي تسعى للتعاون في مكافحة المتشددين منذ 2015. وعلى غرار الدولتين المجاورتين مالي وبوركينا فاسو اللتين تشهدان أيضاً فظاعات ترتكبها جماعات مسلحة، تحظى النيجر بدعم من العملية الفرنسية لمكافحة المتشددين «برخان» التي تعد 5100 عنصر ينتشرون في منطقة الساحل. تملك فرنسا أيضاً قاعدة في مطار نيامي تنطلق منها طائرات مقاتلة وطائرات بدون طيار مسلحة.
وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في فبراير على هامش آخر قمة لمجموعة دول الساحل الخمس، في نجامينا، بإبقاء عدد هذه القوة كما هو. وتملك الولايات المتحدة أيضاً قاعدة كبيرة للطائرات بدون طيار في أغاديز، ما يمنح الولايات المتحدة منصة مراقبة لمنطقة الساحل بأكملها. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2017، قُتل أربعة جنود أميركيين وخمسة جنود نيجيريين في كمين في قرية تونغو تونغو الواقعة في منطقة المثلث الحدودي.
وفي مالي، قال الجيش، الثلاثاء، إن 11 جندياً قتلوا كما فُقد 11 آخرون عندما نصب متشددون كميناً لدوريتهم في الصحراء بشمال البلاد. وقال الجيش، في بيان، إن 14 جندياً أصيبوا، ثمانية منهم في حالة خطرة، في هجوم بمنطقة جاو بشمال البلاد الاثنين.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».