«كورونا» يتغول في ليبيا ويزيد من ضحاياها

سكان «جبل نفوسة» يستغيثون مع عودة الإصابات «الألفية»

جانب من دورة تدريبية للعاملين بمراكز إيواء المهاجرين بشرق ليبيا (مركز بنغازي الطبي)
جانب من دورة تدريبية للعاملين بمراكز إيواء المهاجرين بشرق ليبيا (مركز بنغازي الطبي)
TT

«كورونا» يتغول في ليبيا ويزيد من ضحاياها

جانب من دورة تدريبية للعاملين بمراكز إيواء المهاجرين بشرق ليبيا (مركز بنغازي الطبي)
جانب من دورة تدريبية للعاملين بمراكز إيواء المهاجرين بشرق ليبيا (مركز بنغازي الطبي)

تصاعد منحنى تزايد وباء «كوفيد - 19» في ليبيا بشكل لافت خلال الأيام الماضية، مما زاد من «مخاوف المواطنين» في عموم البلاد؛ ففيما استغاث سكان «جبل نفوسة» (شمال غربي ليبيا) بالحكومة من تفشي الفيروس، تواصل البلاد تسجيل إصابات «ألفية» جديدة لليوم الثالث على التوالي.
وأعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، ومقره طرابلس أمس (الثلاثاء)، أن النتائج الصادرة عن 16 مختبراً (PCR) أظهرت وجود 1041 عينة إيجابية، في تصاعد ملحوظ للإصابات اليومية، ليرتفع بذلك إجمالي العدد التراكمي إلى 147121 إصابة، تعافى منه 133768، بينما توفي 2406 حالات.
وسبق أن أعلن المركز الوطني، الأحد الماضي، تسجيل 1350 عينة إيجابية في يوم واحد، وهو ما يعد نسبة كبيرة قياساً بتعداد السكان الذي يقارب 7 ملايين نسمة.
ووسط انتشار نبرة الخوف بين الليبيين من استمرار تغول الوباء، استغاث سكان جبل نفوسة بالسلطات في البلاد من تفشي الفيروس، مطالبين بمساعدتهم على تجاوز هذه المحنة.
ونقلت عضو مجلس النواب الدكتورة ربيعة أبو راص عن السكان أن المنطقة «تتعرض لهجوم شرس من الفيروس الذي يتفشى بشكل سريع بين المواطنين»، مشيرة إلى أن «المنطقة تعاني من نقص شديد في الكوادر الطبية وغرف العزل وأسطوانات الأكسجين، وأيضاً كل الاحتياجات التي تساعد في تقليل نسبة الإصابة وإنقاذ المرضى».
ولفتت النائبة إلى أن «نسبة التلوث مرتفعة في أماكن العزل ومعامل سحب العينات، ولا يوجد مواد لمواجهة الوباء، حيث إن الجميع في خطر»، داعية من لديه القدرة على المساعدة أن يبادروا إلى ذلك، «منطقة الجبل تحتاج لفرق طبية لإنقاذ الناس ومساعدتهم في مواجهة المرض وتحتاج إلى مساعدة من الجميع».
وكان المركز الوطني لمكافحة الأمراض فرع سبها بجنوب البلاد، سجل 91 إصابة بالفيروس، بالإضافة إلى ست حالات وفاة في بلديات الجنوب، بجانب وفاة إحدى طبيبات مركز سبها الطبي، متأثرة بالوباء.
وللحد من تغول الفيروس في مدينة ترهونة بغرب ليبيا، بدأ المجلس التسييري للبلدية تفعيل حزمة من الإجراءات التي وصفها بـ«الرادعة» لمنع تفاقم الوضع الوبائي، من بينها إغلاق الأسواق الشعبية مدة 21 يوماً، وإلزام أصحاب المحال التجارية والمقاهي والمخابز والمصارف وجميع القطاعات الخدمية العامة والخاصة بالإجراءات الاحترازية، مشدداً على «منع التجمعات أثناء إقامة المناسبات الاجتماعية، والحد منها قدر المستطاع».
ووجه المجلس التسييري في بيانه مساء أول من أمس، بالتنسيق مع خطباء المساجد والإذاعة المسموعة ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر التوعية المجتمعية لتجنب الإصابات بالفيروس.
وفي السياق ذاته، قرر مجلس البلدي بني وليد (شمال غربي) ليبيا، تشكيل لجنة استشارية لتقييم الوضع الوبائي داخل المدينة مع وضع خطة إعلامية جديدة وإيقاف بعض المدارس التي وجدت بها حالات مصابة بالفيروس، مع استمرار الدراسة في الباقي مع العمل بالإجراءات الوقائية لمواجهة خطر انتشار الوباء.
ونوه المجلس في بيانه، إلى أن معظم الإصابات التي سجلت بين المدرسين والطلاب اتضح أن مصدرها المخالطة خارج المدرسة، ويرجع ذلك لكثرة المناسبات الاجتماعية وعدم التقيد بالشروط الصحية، لافتاً إلى أن نسبة الإصابة بين المدرسين والطلاب «ما تزال محدودة».
وأقام مركز بنغازي الطبي دورة تدريبية حول الإجراءات الوقائية لفيروس «كورونا» والإسعافات الأولية بمراكز إيواء المنطقة الشرقية برعاية المنظمة الدولية للهجرة.
وقال مسؤول الوحدة الصحية بالمنظمة الدولية بالمنطقة الشرقية الدكتور علاء بن إسماعيل، أمس، إن برنامج الدورة يشمل مراكز الإيواء الساحل والمرج والبيضاء، مشيراً إلى أنه يتم تدريب العاملين على أُسس الوقاية ومكافحة الجائحة.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.