الأمن الجزائري يلجأ للعنف لتفريق مسيرات الحراك

تزامناً مع تعيين مدير لجهاز الشرطة متخصص في محاربة المتطرفين

جانب من مظاهرات الطلاب التي عرفت مواجهات مع قوات الأمن وسط العاصمة (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الطلاب التي عرفت مواجهات مع قوات الأمن وسط العاصمة (أ.ف.ب)
TT

الأمن الجزائري يلجأ للعنف لتفريق مسيرات الحراك

جانب من مظاهرات الطلاب التي عرفت مواجهات مع قوات الأمن وسط العاصمة (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الطلاب التي عرفت مواجهات مع قوات الأمن وسط العاصمة (أ.ف.ب)

منعت قوات الأمن الجزائري، أمس، مئات من طلاب الجامعة، من تنظيم مظاهرة في بجاية (250 كيلومتراً شرق العاصمة)، باستعمال القوة، لثنيهم عن السير في شوارع المدينة، بحسب مسؤول محلي تحدثت إليه «الشرق الأوسط». في حين فرض زملاؤهم بالعاصمة قرارهم بالاحتجاج في أهم شوارعها في نفس التوقيت، رافعين شعارات تطالب بالتغيير، وبـ«دولة مدنية لا عسكرية».
وذكر جمال فرج الله، وهو برلماني سابق من بجاية، أن المظاهرة الأسبوعية للطلاب «تعرضت للقمع؛ حيث جرى اعتقال الناشطين البارزين مالك صباحي وفريد زيان». مشيراً إلى أن «طلاباً وأساتذة بالجامعة نالهم نصيب من الضرب الشديد». كما أكد أن الشرطة منعت أول من أمس ناشطين من التجمع بـ«ساحة سعيد مقبل» وسط المدينة، واعتقلت بعضهم. وطالب فرج الله بـ«التوقف عن استعمال العنف ضد متظاهرين سلميين».
من جهته، قال سعيد صالحي، نائب رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، في اتصال هاتفي، إن الشرطة اعتقلت عضوين منها بسبب وجودهما بمظاهرة الطلاب.
وفي العاصمة، انتشر الطلاب المحتجون عند المدخل السفلي لحي القصبة العتيق، حاملين صور معتقلي الحراك، ومن بينهم طلاب اتهمتهم النيابة بـ«المس بالوحدة الوطنية»، وذلك على خلفية وقائع شبيهة بما جرى أمس، أي التظاهر في الشارع للمطالبة بـ«تغيير النظام».
ودوّت في سماء العاصمة شعارات رددتها آلاف الحناجر، وأهمها «ماكاين إرهابي، ماكاين علماني. كاين عصابة تسرق عيناني» (لا وجود لإرهابي ولا علماني بيننا... كل ما هناك عصابة تنهب في وضح النهار)، و«دولة مدنية لا عسكرية»، وهو الشعار الأبرز الذي يثير حساسية بالغة لدى السلطات المدنية والعسكرية. إضافة إلى شعار «صحافة حرة... عدالة مستقلة»، و«تسقط المافيا... نريد دولة ديمقراطية»، و«الشعب تحرر وهو من يقرر. ويريد دولة مدنية»، و«مليَنا (سئمنا)... ملينا من هذه السلطة».
وقال مراد حفصي، وهو طالب بجامعة الحقوق والعلوم الإدارية كان في المظاهرة، إن الجدل الذي أثارته حادثة ضرب مجموعة من الصحافيين خلال مظاهرات يوم الجمعة الماضي «مفتعلة»، حسب تعبيره. مبرزاً أن «بلطجية السلطة هم من اعتدوا على الصحافيين، وليس نشطاء الحراك. فكيف يعقل أن نعتدي عليهم، ونحن مستفيدون من العمل الذي يقومون به لمصلحة الحراك، وهو نقل صوته وصوره إلى العالم؟».
من جانبه، كتب الطبيب والناشط البارز في الحراك، سليم بن خدة، نجل رئيس «الحكومة المؤقتة للثورة الجزائرية» بن يوسف بن خدة: «هناك حل غير الغلق والضرب وقطع الطرقات، وحشد قوات الأمن في الميادين والساحات، والدفع بالبلطجية للتشويش على السلميين، والتسلل واختراق مظاهرات الحراك للتنفير، ونشر الرعب والفزع... هناك حل من غير تشديد القبضة الأمنية، ومنع المظاهرات والكذب والتزوير في الإعلام في كل الأوقات، والنفخ في الأحزاب الميتة، وتزوير الانتخابات والطعن في الأخيار وشيطنة الشخصيات... هناك حل آخر بدل كل هذا الاستنزاف للوقت وللمال وللوطن... هناك حل بسيط... كفوا عن كل هذا العبث، وافتحوا باب حوار وطني جاد وشفاف من دون إقصاء لإيجاد حل عملي وواقعي، يجنب انهيار الدولة واندثار الوطن».
في موضوع آخر، أعلنت وزارة الداخلية، أمس، عن إقالة مدير الشرطة خليفة أونيسي، الذي وصل إلى هذا المنصب عام 2018. من دون ذكر سبب عزله، وتعويضه بفريد بن شيخ، المتخصص في التحليل الجنائي ومحاربة الإرهاب في جهاز الشرطة.
وشارك بن شيخ في أنشطة دولية تخص الأمن ومحاربة المتشددين في دول الساحل. كما له مؤلفات في هذا الجانب.
وتميزت فترة تسيير الشرطة في عهد أونيسي بالتشدد في مجال حرية الاحتجاج في الشارع المكفولة في الدستور؛ حيث سيّر الحراك عام 2019 بيد من حديد، وذلك باعتقال مئات من النشطاء وإحالتهم على القضاء. وكان يتلقى الأوامر بشكل مباشر من قيادة الجيش بشأن التعامل مع الحشود في الشارع. ولا يتوقع أن تتغير هذه السياسة مع خليفته.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.