صواريخ تستهدف قاعدة تضم أميركيين شمال بغداد

تجدد احتجاجات جنوب العراق... والصدر يستشهد بأغنية لكاظم الساهر تعليقاً على أحداث النجف

جانب من الاحتجاجات في النجف أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في النجف أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

صواريخ تستهدف قاعدة تضم أميركيين شمال بغداد

جانب من الاحتجاجات في النجف أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في النجف أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلن آمر قاعدة بلد الجوية، شمال العاصمة العراقية بغداد، أن الصواريخ التي استهدفت القاعدة التي ينتشر فيها جنود أميركيون، مساء أمس (الاثنين)، لم تسفر عن أي خسائر بشرية أو مادية.
وكانت مصادر أمنية متطابقة أكدت سقوط 7 صواريخ على محيط القاعدة والمناطق المحاذية لها. وطبقاً للمصادر، فإن «الصواريخ التي استهدفت القاعدة هي من نوع غراد»، مشيرة إلى أن «3 منها سقطت داخل القاعدة، و4 على قرية البو حسان، التابعة لناحية يثرب جنوب قضاء بلد بمحافظة صلاح الدين، والتي تبعد كيلومتراً عن مقر القاعدة».
ويأتي إطلاق هذه الصواريخ بعد إطلاق 10 «صواريخ غراد» على قاعدة «عين الأسد» بمحافظة الأنبار في 3 مارس (آذار) الحالي.
وجاء ذلك فيما تجددت الاحتجاجات الغاضبة، أمس، في محافظات النجف وذي قار والبصرة، وسط توقعات بموجة احتجاجات «أشد عنفاً» في الأيام المقبلة و«تبشر» بعض جماعات الحراك بـ«ثورة جديدة» مقبلة، في الإشارة إلى الاحتجاجات التي انطلقت بقوة في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وأطاحت بحكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، ويحلو لجماعات الحراك إطلاق توصيف «الثورة» عليها. وتتركز غالبية التظاهرات هذه المرة على الإطاحة بالإدارات المحلية ومحاسبة الفاسدين.
ومع انتهاء المهلة التي حددتها جماعات الحراك لاختيار محافظ مستقل لمحافظة ذي قار بعد أطاحت بالمحافظ السابق ناظم الوائلي، اندلعت مظاهرات واسعة، أمس، في مدن عديدة في المحافظات، حيث عمد المتظاهرون في مدينة الناصرية إلى قطع الجسور الرابطة بين شطري المدينة (الحضارات - النصر والزيتون) بالإطارات المحترقة وحاولوا الوصول إلى مبنى الإدارة المحلية. وأغلق محتجون مبنى قائمقامية الجبايش التي تبعد نحو 60 كيلومتراً عن الناصرية، وقطع العشرات منهم الطريق السريع في الحبيلية في الناصرية.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي التقى، أول من أمس، أعضاء مجلس النواب لمناقشة اختيار محافظ جديد لذي قار من بين 10 شخصيات مرشحة، لكن الاجتماع لم يسفر عن تعيين محافظ، ما أثار غضب جماعات الاحتجاج، خاصة مع وجود اعتراضات على بعض الأسماء المرشحة.
وفي محافظة النجف، عاد المتظاهرون، أمس، ولليوم الرابع على التوالي، إلى الاحتجاجات وقطع الطرق بالإطارات المحترقة، الأمر الذي دفع زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر إلى انتقاد عملية حرق الإطارات وتصاعد أعمدة الدخان في المدينة. واعتبر الصدر في تغريدة عبر «تويتر» أن أعمدة الدخان التي رآها في سماء المدينة نتيجة حرق المتظاهرين للإطارات، إنما هي «أعمدة الغضب التي تعتري صدورهم جراء الفساد الذي حرمهم من الكرامة والسعادة وأدخلهم في نفق الفقر والخوف والجوع والحرمان».
واقتبس الصدر مقطع «نفيت واستوطن الأغراب في بلدي. ودمروا كل أشيائـي الحبيبـات» من قصيدة «أنا وليلى» للشاعر حسن المرواني التي حولها المطرب كاظم الساهر إلى أغنية شهيرة، وقال في معرض تعليقه على احتجاجات النجف: «إنني أحس بمأساتهم وآهاتهم وأسمع أنينهم، فقد استحكم الفساد في بلدي ودمر كل أشيائي الحبيبات».
من جانبه، أصدر تحالف «الولاء للعراق» الذي يضم طيفاً من جماعات الحراك، أمس، بياناً هاجم فيه الحكومات المحلية، واعتبر أنها «لا تمثل إرادة الشعب». وقال: «لم يعُد خطاب الكراهية الطائفي والقومي العنصري لأحزاب السلطة قادراً على طمس الحقيقة وحرف البوصلة؛ فتشرين رفعت الغطاء وأطاحت بكل الشعارات التي تتعمد تزييف الوعي، وتكريس حالة الاقتتال الطائفي ونزاع المكونات؛ لا بل حددت بدقة طبيعة المعركة وأطرافها: أحزاب فاسدة تملك الثروة والسلطة والسلاح وتمارس قمعاً مفرطاً ضد شعب أعزل محروم لا يملك سوى إرادة التغيير». وأضاف أن «محافظات ومدن الوطن تشتعل (النجف، والناصرية، والسماوة، وميسان، والديوانية، والسليمانية، وواسط، وكربلاء، وبابل، وبغداد، والبصرة)، وتؤكد عبر ثورتها التي لا تخفت أو تستكين أن حكوماتها المحلية لا تمثل صوت الشعب وإرادته، وأن الشرعية هي شرعية الجماهير الثائرة، وأن زمن أحزاب السلطة الفاسدة قد أفل وولى».
وفي محافظة البصرة، خرج المئات، أمس، للمطالبة بإقالة المحافظ ومحاكمات علنية لقتلة المتظاهرين، وتشير التوقعات إلى موجة احتجاجات في الأيام المقبلة، ويتوقع الناشط موسى رحمة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها ربما «ستكون كبيرة وأكثر عنفاً». ويضيف: «المشكلة أن السلطات المحلية والاتحادية، لا تقدر وربما تتجاهل خطورة الموقف، هناك غليان ينذر بعاصفة شديدة مع بقاء كل عوامل الغضب ماثلة». وأشار إلى «ترتيبات تجري بين جماعات الحراك في مختلف المحافظات للخروج بتظاهرات تصل إلى حد التصعيد ضد السلطات».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.