وافقت الحكومة الأفغانية على حضور مؤتمر سلام دولي مع حركة «طالبان»، يعقد في تركيا الشهر المقبل، اقترحته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتسريع محادثات السلام بين الجانبين، في محاولة لإنهاء أطول «الحروب الأميركية». وجاءت موافقة الحكومة الأفغانية على الاقتراح، بعد شد وجذب توج بالرسالة «القاسية» التي أرسلها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى الرئيس الأفغاني، يدعوه فيها إلى اغتنام الفرصة وقبول تشكيل حكومة مؤقتة، مهدداً بأن كل الخيارات مطروحة بما فيها الانسحاب الكامل وفق الاتفاق الذي وقّع العام الماضي.
وكانت حكومة كابل وافقت أيضاً على حضور مؤتمر يعقد الأسبوع المقبل في موسكو، على الرغم من عدم وضوح الهدف منه، فيما تتسارع الجهود الدولية من أجل إجبار طرفي الصراع على العودة مجدداً إلى طاولة المفاوضات، التي توقفت منذ سبتمبر (أيلول) الماضي بينهما. وتسعى إدارة بايدن إلى فرض أجندتها السياسية على عملية السلام، من أجل تشكيل حكومة جديدة بمشاركة «طالبان». ومن المتوقع أن تشارك الأمم المتحدة في عملية التوسط والمشاركة في مؤتمر إسطنبول، بانتظار تلقيها الدعوة. ويرى مراقبون أن هذا الاجتماع قد يشكل تكراراً لاجتماع بون في ألمانيا الذي انعقد قبل نحو عقدين عندما تمت الإطاحة بـ«طالبان» ونصب حامد كرزاي رئيساً للبلاد، من دون حضور الحركة. وبات من المرجح بشكل كبير أن يخرج مؤتمر تركيا بتوصية تؤجل الانسحاب الكامل للقوات الأميركية الباقية حتى الآن والبالغة 2500 جندي من أفغانستان، إلى ما بعد الموعد النهائي المحدد في الأول من مايو (أيار)، بحسب اتفاق فبراير (شباط) العام الماضي. وأكد الرئيس الأميركي أنه يريد سحب جميع القوات الأميركية من أفغانستان، لكن قد يتم الاحتفاظ بقوة من وحدة مكافحة الإرهاب، في خطوة اعتبرت ضغطاً مباشراً على «طالبان» من أجل إجبارها على خفض العنف والامتثال مجدداً لشروط الاتفاق مع واشنطن. وشكلت الهجمات المتزايدة التي ينفذها مقاتلو «طالبان» تهديداً مباشراً لعملية السلام، خصوصاً أن الحركة لم تبدِ أي رغبة بعد في خفض هجماتها، التي يتوقع أن تتزايد في الأسابيع المقبلة مع بدء هجوم الربيع التقليدي الذي تشنه كل عام على القوات الحكومية. ووجهت الولايات المتحدة والدول الغربية والأمم المتحدة انتقادات شديدة لـ«طالبان» جراء الهجمات التي وقعت يومي الجمعة والسبت. وحملوا الحركة مسؤولية المخاطرة بتجديد الصراع العسكري الدامي جراء إصرارها على تحقيق انتصارات عسكرية، وتعزيز موقفها في عملية التفاوض مع الحكومة بهدف سيطرتها الكاملة على البلاد. وفيما يتوقع مشاركة حركة «طالبان» في اجتماع إسطنبول، بدا واضحاً أن القوى الدولية تدرك أهمية مشاركتها فيه وفي مستقبل أفغانستان، إذا أرادت لعملية السلام أن تنجح. ورغم ذلك يخشى ألا تتمكن واشنطن من إقناع الرئيس أشرف غني بالموافقة على تشكيل حكومة مؤقتة بمشاركة «طالبان»، ما يعني عملياً تنحيه عن السلطة كمقدمة لاتفاق سلام أوسع ووقف لإطلاق النار. وهو ما يرفضه غني، الذي قال في خطاب ألقاه في البرلمان الأسبوع الماضي: «إن انتقال السلطة من خلال الانتخابات هو مبدأ غير قابل للتفاوض بالنسبة لنا».
ويخشى المسؤولون الأفغان من أن ضيق الجدول الزمني والتهديد بسحب جميع القوات الأميركية، من دون تسوية سياسية، قد يكرر أخطاء التسعينات، عندما انزلقت أفغانستان إلى حرب أهلية في أعقاب انسحاب القوات السوفياتية. وهو ما أدى إلى اندلاع حرب شاملة أدت لنشوء «طالبان» وتمكنها من السيطرة على البلاد، إلى أن تم إخراجها عام 2001 بهجوم قادته الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001. وبدأت محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية و«طالبان» في الدوحة، أوائل 2020، لكن التقدم كان بطيئاً. وتأمل إدارة بايدن أن يؤدي «مؤتمر بون الثاني» مع حضور دولي رفيع، إلى الضغط على الجانبين للعمل بشكل أسرع للاتفاق على وقف إطلاق النار على مستوى البلاد وفتح آفاق المفاوضات لتشكيل حكومة مؤقتة.
مؤتمر إسطنبول الذي تحضره كابل يتوقع أن يمدد بقاء القوات الأميركية
مؤتمر إسطنبول الذي تحضره كابل يتوقع أن يمدد بقاء القوات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة