اتفاق مصري ـ ليبي على تسهيل إجراءات دخول العمالة المصرية

السيسي يؤكد «دعم مصر الكامل» للحكومة الجديدة... ودبيبة يتسلم ديوان مجلس الوزراء

مسؤولون مصريون وليبيون في القاهرة لمناقشة التعاون العمالي (السفارة الليبية في القاهرة)
مسؤولون مصريون وليبيون في القاهرة لمناقشة التعاون العمالي (السفارة الليبية في القاهرة)
TT

اتفاق مصري ـ ليبي على تسهيل إجراءات دخول العمالة المصرية

مسؤولون مصريون وليبيون في القاهرة لمناقشة التعاون العمالي (السفارة الليبية في القاهرة)
مسؤولون مصريون وليبيون في القاهرة لمناقشة التعاون العمالي (السفارة الليبية في القاهرة)

على خلفية الأجواء الإيجابية التي تعيشها البلاد راهناً، قالت السفارة الليبية لدى القاهرة، أمس، إن وفدين من وزارتي العمل الليبية و«القوى العاملة» المصرية ناقشا إجراءات دخول العمالة المصرية إلى البلاد. وجاء ذلك في وقت أكد فيه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوحدة الوطنية»، محمد المنفي، أنه سيعمل على «توحيد المؤسسة العسكرية على أُسس مهنية وعقيدة وطنية خالصة»، مبرزاً أنه يتطلع لعلاقات خارجية «قائمة على المصالح المتبادلة، بعيداً عن التدخل في شؤون ليبيا».
وقال المكتب الإعلامي لسفارة ليبيا في بيان أمس، إن الوفدين الوزاريين المصري والليبي، ناقشا في القاهرة تنفيذ مذكرة التعاون الموقّعة عام 2013 بشأن الاستعانة بالعمالة المصرية، والبدء في تنفيذ الربط الإلكتروني بين وزارة العمل الليبية ونظيرتها المصرية. مشيرة إلى أن ذلك من شأنه «توفير قاعدة متكاملة بالبيانات والمعلومات، المتعلقة بمعرفة احتياجات السوق الليبية من العمالة المصرية، مما يعقبه تسهيل إجراءات وآليات دخولها، بالتنسيق مع مصلحة الجوازات عبر المنافذ في البلدين».
واتفق المجتمعون على تشكيل لجنة دائمة مشتركة بين الوزارتين لهذا الغرض، و«الترتيب لقيام وفد فني مصري لزيارة ليبيا لاستكمال باقي الترتيبات الفنية».
في غضون ذلك، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دعم مصر الكامل للحكومة الليبية الجديدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والاستعداد لتقديم خبراتها في المجالات التي من شأنها تحقيق الاستقرار السياسي، فضلاً عن المشاركة في تنفيذ المشروعات التنموية في ليبيا، والتي تمثل أولوية بالنسبة للشعب الليبي الشقيق.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه الرئيس المصري، مساء أمس، مع الدبيبة لتهنئته بحصول حكومته على ثقة مجلس النواب الليبي، والتي تمثل خطوة تاريخية مهمة في طريق تسوية الأزمة الليبية، حسبما أفاد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي.
وأكد الرئيس السيسي الثقة في قدرة الدبيبة على إدارة المرحلة الانتقالية الحالية، وتحقيق المصالحة الشاملة بين الليبيين، وتوحيد المؤسسات الليبية تمهيداً لإجراء الانتخابات الوطنية.
من جانبه، تقدم الدبيبة بالشكر والامتنان للرئيس السيسي على تهنئته، معرباً عن التقدير للدور المخلص والجهد الحثيث، الذي تضطلع به مصر لتسوية الأزمة الليبية، مؤكداً خصوصية وتميز العلاقات الأخوية بين مصر وليبيا، وما يجمع بين الشعبين من روابط تاريخية، وحرص حكومته على مواصلة الدفع قدماً بعلاقات التعاون والتشاور والتنسيق المكثف مع مصر.
وكان الدبيبة قد تسلم، أمس، ديوان مجلس الوزراء بطرابلس. كما عقد اجتماعاً مع مديري الإدارات والمكاتب بالديوان؛ لوضع خطة عمل الديوان وآلية التنسيق مع الوزارات والمؤسسات الحكومية التابعة لحكومته.
وفيما تستعد مدينة سرت (وسط) لاستضافة اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» اليوم وغداً، تعهّد المنفي بدعم مسار هذه اللجنة لاستكمال خطتها بتوحيد المؤسسة الليبية، مهنئاً الشعب الليبي على منح مجلس النواب الثقة لحكومة «الوحدة الوطنية»، بعد طول انقسام في جلسة وصفها بـ«التاريخية». وعاهد المنفي في كلمته متلفزة، الشعب الليبي، مساء أول من أمس، على «بذل كل الجهود الممكنة من أجل طيّ صفحات الماضي المؤلمة، والانطلاق في مسيرة السلام لاستكمال بناء دولتنا الديمقراطية، بشكل يحافظ على الحقوق والحريات، ويتم تفعيل القانون». مبرزاً أن الجهد الأكبر «سينصبّ على التأسيس لعملية المصالحة الوطنية ببناء هياكلها، وتوفير متطلباتها وشروطها المعنوية والمادية، وذلك من خلال ترسيخ قيم العفو والصفح والتسامح، وإعلاء المصلحة الوطنية العليا»، مؤكداً أن ذلك سيتم «دون الإخلال بمبدأ الإفلات من العقاب لكل من أجرم في حق بنات وأبناء شعبنا العظيم».
وقال المنفي بهذا الخصوص: «أخاطب باسمكم كل الدول الشقيقة والصديقة، والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالشأن الليبي، ونقول لهم إننا مُقبلون على مرحلة جديدة، نتطلع فيها بكل جد لاستكمال عملية التحول الديمقراطي»، مستدركاً: «غير أن هذا يستوجب من المجتمع الدولي الإيفاء بالتزاماته تجاه الشعب الليبي، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن والتقيد بها، كوضع حد للتدخلات الخارجية السلبية، وحظر توريد الأسلحة، والحفاظ على الأموال والأصول الليبية المجمدة، وتقديم الدعم الفني الذي تتطلبه المرحلة». معرباً عن تطلعه لـ«بناء علاقات خارجية وثيقة قائمة على الشراكة والمصالح المتبادلة، واحترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».
وانتهى المنفي بتأكيد «ضرورة إجراء العملية الانتخابية في موعدها، من أجل ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، وتعزيز قيمة إلزامية النصوص القانونية، لضمان نجاح العملية الديمقراطية، بوصفها السبيل الوحيد والأمثل كي نتجاوز جميعاً الأزمة التي يمر بها وطننا الحبيب».
في سياق ذلك، قال مسؤول عسكري بشرق ليبيا لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن اللجنة العسكرية المشتركة «تعكف منذ اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف على دراسة كيفية إخراج المقاتلين الأجانب من بلادنا، لكن الأطراف الدولية التي دفعت بهم إلى ليبيا لا ترغب في ذلك راهناً مما يتطلب المزيد من الضغوط الدولية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».