السيسي يعتبر «العاصمة الإدارية» ميلاداً لـ«جمهورية جديدة»

تشغيل تجريبي للمباني الحكومية بداية أغسطس

الرئيس المصري في القاهرة أمس خلال تكريم أسر الضحايا والمصابين بمناسبة «يوم الشهيد» (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري في القاهرة أمس خلال تكريم أسر الضحايا والمصابين بمناسبة «يوم الشهيد» (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يعتبر «العاصمة الإدارية» ميلاداً لـ«جمهورية جديدة»

الرئيس المصري في القاهرة أمس خلال تكريم أسر الضحايا والمصابين بمناسبة «يوم الشهيد» (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري في القاهرة أمس خلال تكريم أسر الضحايا والمصابين بمناسبة «يوم الشهيد» (الرئاسة المصرية)

اعتبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الافتتاح المرتقب للعاصمة الإدارية الجديدة، بمثابة «ميلاد دولة وجمهورية جديدة» في مصر، مشدداً، أمس، على أنه يسعى لـ«تغيير واقع المصريين للأفضل».
وتقع العاصمة الجديدة على بعد 75 كيلومتراً تقريباً، شرق القاهرة، وتقدر تكلفة المشروعات فيها بنحو 300 مليار دولار، وتخطط الحكومة المصرية للانتقال إليها قبل نهاية العام الحالي.
ووفق ما أعلنه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أمس، فإنه سيتم بداية من أغسطس (آب) المقبل التشغيل التجريبي للمباني الحكومية، من خلال موظفين سيتم نقلهم تباعاً، للتأكد من توافر الاحتياجات المختلفة بكل المباني. وكان من المقرر افتتاح العاصمة الجديدة العام الماضي، إلا أن جائحة فيروس كورونا المستجد وتداعياتها أدت إلى تأجيل الافتتاح.
ورد السيسي، خلال مشاركته القوات المسلحة الاحتفال بـ«يوم الشهيد»، أمس، على اتهامات بإهمال القاهرة وباقي المحافظات عقب انتقال الحكومة إلى مقرها الجديد داخل العاصمة الإدارية، مشدداً على أنه «لن يتم ترك القاهرة ولا الإسكندرية ولا بورسعيد ولا باقي المحافظات دون تطوير».
ويضم الحي الحكومي 10 مجمعات وزارية، بإجمالي 34 مبنى وزارياً، لاستيعاب نحو 51.5 ألف موظف، إلى جانب مبنى رئاسة مجلس الوزراء، ومبنى البرلمان، على مساحة إجمالية تبلغ 430 فداناً.
ووفق «مركز معلومات مجلس الوزراء»، فإن تكلفة تمويل إنشاء الحي الحكومي، بلغت نحو 50 مليار جنيه، جاءت من حصيلة بيع الأراضي للمستثمرين.
وقال السيسي، «نتحرك في تطوير كل القديم والجديد في آن واحد كي يليق بنا كمصريين»، داعياً المفكرين والمثقفين والفنانين للاستعداد لـ«تطور كبير يشمل كل مناحي الدولة ومدنها ويتضمن افتتاحات من أول أسوان (جنوباً) إلى العلمين (شمالاً) والمنصورة الجديدة والعاصمة الإدارية، الذي سيتم خلاله إعلان الجمهورية الجديدة».
وقبل أسابيع أعلن السيسي البدء في حملة لتطوير عشرات القرى المصرية، تحت شعار «حياة كريمة». لكنه أشار في خطابه، أمس، إلى أن المشروع سيستغرق «3 سنوات على الأقل».
وأوضح السيسي أنه يسعى لـ«تغيير حياة المصريين للأفضل من خلال مبادرة تطوير قرى الريف»، مشدداً على أهمية الحفاظ على الرقعة الزراعية، وعدم التعامل مع قضية ضبط البناء باستهانة.
وانتقد السيسي «ترك الريف سنوات طويلة دون اهتمام»، دون الإشارة إلى حقبة زمنية بعينها، قائلاً: «لا أريد عمل أي إسقاطات على أي شخص بهذا الكلام... نحن كدولة نتحرك بجهد مصر وبأموال مصر، لتغيير هذا الواقع».
ونبه الرئيس إلى أن التوسع في إنشاء المساكن في الريف المصري لا ينبغي أن يكون أفقياً، رغم أن ذلك قد يتعارض مع طباع سكان الريف، لكنه أكد «عدم وجود خيارات أخرى».
ودعا المصريين إلى «الحفاظ على الوطن وإعلائه وتجنب الإضرار به»، حتى لا تضيع تضحيات قدمها الشهداء على مدى 7 - 8 سنوات. وخاطب الرئيس السيسي، الشعب المصري، قائلاً: «عندما طلبتم تغيير الواقع الذي كان موجوداً... طالبناكم بتفويضنا لمكافحة الإرهاب».
وأشار الرئيس السيسي إلى أن هذا الإجراء الذي تم في 2013، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، «كان له ثمن كبير للغاية على الشعب المصري». وقال إن «الشهداء قدموا أرواحهم لكي تعيش مصر». كما أشاد بتضحيات الأطقم الطبية في مواجهة جائحة «كورونا»، قائلاً: «ما يقوم به الأطقم الطبية في مواجهة تلك الجائحة سيبقى خالداً». ونوه إلى دور الحكومة المصرية وكافة مؤسسات الدولة في توفي كافة المستلزمات الطبية واللوجيستية للمواطنين للتعايش مع تداعيات الجائحة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.