قائد الجيش اللبناني ينتقد تقاعس المسؤولين في معالجة الأزمة

قال إن الجنود يجوعون مثل الشعب

قائد الجيش متحدثاً إلى كبار الضباط (قيادة الجيش)
قائد الجيش متحدثاً إلى كبار الضباط (قيادة الجيش)
TT

قائد الجيش اللبناني ينتقد تقاعس المسؤولين في معالجة الأزمة

قائد الجيش متحدثاً إلى كبار الضباط (قيادة الجيش)
قائد الجيش متحدثاً إلى كبار الضباط (قيادة الجيش)

وجه قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون انتقادات لاذعة إلى السلطة السياسية، منتقداً غياب الرؤية لديهم لمعالجة الوضع الاقتصادي الذي يضرب اللبنانيين ومعهم الجنود «الذين يجوعون مثل الشعب».
ورفع عون صوته باسم العسكريين ومعاناتهم في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان، والتي انعكست على المؤسسة التي تتحمل عبئاً كبيراً في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية التي تمر بها البلاد، ملقياً اللوم على المسؤولين.
وفي موقف هو الأول من نوعه، توجه عون إلى المسؤولين، وسألهم: «إلى أين نحن ذاهبون؟ ماذا تنوون أن تفعلوا؟ لقد حذرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره»، منتقداً الخفض المستمر لموازنة المؤسسة، ورافضاً الحملات الإعلامية والسياسية التي تتعرض لها المؤسسة والتدخل في التعيينات، ومشدداً على «أن الجيش لن يسمح بالمس بالاستقرار والسلم الأهلي».
وجاءت مواقف عون في اجتماع عقده مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة في حضور أعضاء المجلس العسكري، حيث عرض معهم التطورات المحلية والإقليمية وأوضاع المؤسسة العسكرية، وزودهم بالتوجيهات اللازمة لمواجهة الأزمات والتحديات التي يواجهها لبنان.
وتحدث العماد عون عما يعانيه البلد نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى «أن الجيش هو جزء من هذا الشعب ويعاني مثله». وقال: «إن الوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع الصعد، بالأخص اقتصادياً، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع، كما أن أموال المودعين محجوزة في المصارف، وفقدت الرواتب قيمتها الشرائية، وبالتالي فإن راتب العسكري فقد قيمته».
وأضاف: «العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب»، متوجهاً إلى المسؤولين بالسؤال: «إلى أين نحن ذاهبون؟ ماذا تنوون أن تفعلوا؟ لقد حذرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره».
وأكد العماد عون «أن الجيش مع حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور والمواثيق الدولية، لكن دون التعدي على الأملاك العامة والخاصة»، مشدداً على «أن الجيش لن يسمح بالمس بالاستقرار والسلم الأهلي».
وأشار إلى «أن موازنة الجيش تخفَّض في كل سنة بحيث أصبحت الأموال لا تكفي حتى نهاية العام». وأوضح أن «المؤسسة العسكرية قد بادرت إلى اعتماد سياسة تقشف كبيرة من تلقاء نفسها تماشياً مع الوضع الاقتصادي»، سائلاً في الوقت نفسه: «أتريدون جيشاً أم لا؟ أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟ المطلوب من الجيش مهمات كثيرة وهو جاهز دائماً، لكن ذلك لا يمكن أن يقابل بخفض مستمر ومتكرر للموازنة وبنقاشات حول حقوق العسكريين».
وقال: «تحدثنا مع المعنيين، لأن الأمر يؤثر على معنويات العسكريين، ولكننا لم نصل إلى نتيجة للأسف». وقال: «لا يهمهم الجيش أو معاناة عسكرييه».
ونفى عون المعلومات التي أشارت إلى عمليات فرار في الجيش، قائلاً: «رغم الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي يعاني منها الجيش، ليست هناك حالات فرار بسبب الوضع الاقتصادي، فالعسكريون يجدون أن المؤسسة العسكرية هي الضمانة الأكيدة لمستقبلهم ومستقبل عائلاتهم». وأشار إلى أن «البعض يتهمنا بأننا نعيش في نعيم، لكن هذا غير صحيح، وهذه اتهامات باطلة لن نقبل بها، ولن نرضى أن يتم المس بحقوق عسكريينا سواء من كانوا في الخدمة الفعلية أو المتقاعدين. وعلى الرغم من استعدادنا الدائم للتضحية في سبيل وطننا وأهلنا، فإن حقوقنا هي واجب على الدولة تجاهنا»، مضيفاً: «لولا هذه المساعدات لكان الوضع أسوأ بكثير، ومهما كان حجمها فالجيش يقبلها بحسب الأصول للحفاظ على الجهوزية العملانية».
من جهة ثانية، أكد العماد عون «أن الجيش يتعرض لحملات إعلامية وسياسية تهدف إلى جعله مطواعاً»، مؤكداً أن «هذا لن يحدث أبداً». وقال: «الجيش مؤسسة لها خصوصيتها، ومن غير المسموح التدخل بشؤونها سواء بالتشكيلات والترقيات أم رسم مسارها وسياستها. وهذا الأمر يزعج البعض بالتأكيد».
وأكد: «إذا كان هدف هذه الحملات هو ضرب الجيش وتشويه صورته، فإننا لن نسمح أن يكون الجيش مكسر عصا لأحد، ولن يؤثر هذا الأمر في معنوياتنا ومهماتنا. ربما للبعض غايات وأهداف مخفية في انتقاد الجيش وشن الحملات عليه، وهم يدركون أن فرط الجيش يعني نهاية الكيان. أؤكد أن كرامة المؤسسة فوق أي اعتبار، وكرامة العسكريين والشهداء أمانة في أعناقنا ولن نسمح لأحد أن يمس بها».
وعن موضوع التهريب على الحدود، دعا العماد عون «الذين يتهمون الجيش بالتقصير إلى معاينة الحدود عن قرب والاطلاع على ما أنجزه الجيش من أبراج مراقبة وإجراءات، والظروف التي يوجد فيها العسكريون».
وعن عملية التفاوض غير المباشر حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، قال: «فإن دور الجيش تقني بحت، ونحن جديون إلى أبعد الحدود للوصول إلى حل يحفظ حقوقنا وثرواتنا الوطنية وفقاً للقوانين الدولية».
ودعا قائد الجيش السلطة السياسية إلى «القيام بواجباتها لدعم الوفد المفاوض ومواكبته وتحديد ما هو مطلوب منه، أو أن تعلن موقفها صراحة».
أما على الصعيد الأمني، فقد أشار العماد عون إلى أن «الوضع غير مستقر بسبب الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها واستمرار تهديدات العدو الإسرائيلي وخروقاته اليومية، بالإضافة إلى الخلايا الإرهابية النائمة التي تسعى إلى استغلال الأوضاع الداخلية ومخيمات النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين للعبث بالاستقرار الأمني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».