روسيا تعلن استعدادها تسليم «سبوتنيك ـ في» لـ50 مليون أوروبي

مواطن روسي يتلقى جرعة من لقاح «سبوتنيك - في» داخل أحد مستشفيات بلدة دونسكوي أمس (رويترز)
مواطن روسي يتلقى جرعة من لقاح «سبوتنيك - في» داخل أحد مستشفيات بلدة دونسكوي أمس (رويترز)
TT

روسيا تعلن استعدادها تسليم «سبوتنيك ـ في» لـ50 مليون أوروبي

مواطن روسي يتلقى جرعة من لقاح «سبوتنيك - في» داخل أحد مستشفيات بلدة دونسكوي أمس (رويترز)
مواطن روسي يتلقى جرعة من لقاح «سبوتنيك - في» داخل أحد مستشفيات بلدة دونسكوي أمس (رويترز)

أعلنت السلطات الروسية، أمس، أنها مستعدة لتقديم لقاحات لـ50 مليون أوروبي، اعتبارا من يونيو (حزيران) المقبل، مع إعلان الوكالة الأوروبية للأدوية أمس بدء مراجعة اللقاح الروسي «سبوتنيك - في».
ويمثل إعلان وكالة الأدوية خطوة رئيسية نحو الترخيص لاستخدام اللقاح في دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين.
وقال كيريل ديميترييف، رئيس صندوق الاستثمار المباشر السيادي الروسي، الذي ساهم في تطوير هذا اللقاح لوكالة الصحافة الفرنسية أمس: «بعد موافقة وكالة الأدوية الأوروبية، سنكون قادرين على توفير لقاحات لـ50 مليون أوروبي، اعتبارا من يونيو 2021».
وقبيل تصريحات ديمترييف أعلنت الوكالة الأوروبية للأدوية بدء مراجعة اللقاح، الذي طوره معهد غاماليا الروسي لعلوم الأوبئة. وجاء إعلان وكالة الأدوية عن بدء مراجعة اللقاح الروسي في وقت تواجه فيه بروكسل انتقادات لبطء حملات التلقيح بعد مشكلات في الإمدادات.
ويعد الإعلان خطوة إضافية لموسكو، التي تأمل كسب نفوذ جيوسياسي من خلال اللقاح، خاصة بعد أن أبدت الكثير من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومن بينها ألمانيا وإسبانيا، اهتمامها في الأسابيع الماضية باللقاح الروسي، في حال حصوله على الترخيص، فيما أجازت المجر استخدامه بمفردها. وكان الاتحاد الأوروبي قد حذر بشأن «سبوتنيك - في»، الذي يحمل اسم القمر الصناعي في الحقبة السوفياتية، وسط مخاوف من أن يستخدمه الكرملين كأداة للقوة الناعمة. علما بأن روسيا أجازت اللقاح في أغسطس (آب) الماضي قبل انتهاء تجارب سريرية واسعة، مثيرة المخاوف بين الخبراء في الداخل والخارج إزاء عملية الموافقة المتسرعة. لكن مجلة «ذي لانسيت» الطبية الرائدة نشرت الشهر الماضي نتائج تظهر أن اللقاح آمن، وأن نسبة فاعليته تتجاوز 90 في المائة.
وقال صندوق الاستثمار المباشر الروسي، الذي ساهم في تمويل تطوير اللقاح، أمس إن 42 دولة سجلت اللقاح. فيما قال الكرملين الأسبوع الماضي إن روسيا والنمسا وافقتا على إجراء محادثات بشأن التسليم والإنتاج المشترك لـ«سبوتنيك - في». في سياق ذلك، أطلقت الوكالة الأوروبية للأدوية إجراء سريعا لاختبار لقاح «سبوتنيك في» الروسي، المضاد لفيروس «كورونا» المستجد. وجاء القرار استنادا إلى نتائج الاختبارات المعملية والتجارب السريرية، التي شملت أشخاصا بالغين، بحسب ما أعلنته الوكالة في أمستردام، أمس.
وبحسب الدراسات، فإن لقاح «سبوتنيك في» يحفز تكوين الأجسام المضادة ضد الفيروس، ومن الممكن أن يساعد في الوقاية من الإصابة بمرض «كوفيد - 19» الذي يسببه الفيروس، ويصيب الجهاز التنفسي. ومن المقرر أن يقوم خبراء الوكالة الأوروبية بتقييم فاعلية اللقاح من خلال إجراء «الاستعراض المتجدد» السريع. ويعني ذلك أن نتائج الاختبار يتم فحصها بالفعل، حتى لو لم تتوفر جميع النتائج بعد، ولم يتم تقديم أي طلب للحصول على إذن بالتسويق.
ولم يتضح الوقت الذي سوف تستغرقه عملية الموافقة على اللقاح.
يشار إلى أن اللقاح الروسي يتم استخدامه بالفعل لتطعيم المواطنين في العديد من الدول خارج روسيا. وقالت بعض دول الاتحاد الأوروبي إنها تريد استخدامه حتى دون وجود موافقة رسمية من جانب الاتحاد الأوروبي عليه.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟