لبنان: «24 رئيسًا معطلاً» في الحكومة وموقع رئاسة الجمهورية فارغ

سلام يتوجه لاقتراح آلية تقضي باستبدال صوت الوزير بموقف «المكون السياسي» الذي ينتمي إليه

لبنان: «24 رئيسًا معطلاً» في الحكومة وموقع رئاسة الجمهورية فارغ
TT

لبنان: «24 رئيسًا معطلاً» في الحكومة وموقع رئاسة الجمهورية فارغ

لبنان: «24 رئيسًا معطلاً» في الحكومة وموقع رئاسة الجمهورية فارغ

منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية اللبنانية السابق ميشال سليمان وإخفاق اللبنانيين في انتخاب رئيس جديد لغاية الآن، تتولى الحكومة صلاحيات رئاسة الجمهورية وفقا لما ينص عليه الدستور، لكن، وفق اتفاق جرى التوصل إليه بين الفرقاء السياسيين، فقد بات كل وزير «رئيسا معطلا» بحيث لا يمكن اتخاذ أي قرار ما لم يوافق عليه جميع الوزراء الـ24.
وبعد ثمانية أشهر من «التعايش القسري»، اتخذ رئيس الحكومة تمام سلام قراره بإعادة النظر بهذا التوافق الذي بات يعرقل عمل الحكومة بحيث يرى البعض أنها تحولت إلى «حكومة تصريف الأعمال». وفي حين من المتوقّع أن يلقى أي تراجع عن هذه الآلية والعودة إلى الآلية الدستورية العادية، رفضا من بعض الفرقاء السياسيين، ولا سيما المسيحيين منهم، على اعتبار أن «الفيتو الوزاري» يحافظ وإن كان بشكل غير مباشر على صلاحيات موقع الرئاسة. ومن المتوقع أن يكون الطرح الجديد الذي سيقدّمه سلام، هو «اعتماد مبدأ موافقة أو اعتراض المكوّن السياسي مجتمعًا، أي موقف كل حزب على حدة من خلال وزرائه في الحكومة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تسهيل المهمة على عكس ما يحصل اليوم، بحيث يحول اعتراض وزير واحد إلى ترحيل أي موضوع عن طاولة بحث الحكومة»، وذلك وفق ما كشفه وزير الشباب والرياضة، عبد المطلب حناوي لـ«الشرق الأوسط»، مرجحا أن يلقى قبول هذا الطرح كل الفرقاء السياسيين. وأوضح حناوي أن «الآلية المعتمدة اليوم اتفق عليها سابقًا، وبالتالي أي تعديل، يحتاج إلى توافق الفرقاء السياسيين، وسلام سيعمد إلى عرض الموضوع مع كل مكون سياسي على حدة للبحث في حل بديل».
جدير بالذكر، أنه طوال الفترة السابقة كانت الحكومة في معظم الأحيان، تصطدم بـ«الفيتو الوزاري» ما أدّى في أحيان كثيرة إلى تأجيل البحث في مواضيع مختلفة، واحتاج التوافق عليها بالإجماع إلى جلسات عدّة، رفض سلام الدعوة إلى جلسة جديدة قبل التوافق على المواضيع الخلافية. وكان شرط الإجماع الوزاري قد أدى إلى ترحل موضوعي «الترخيص لفتح جامعات جديدة» و«العقود مع شركات الهاتف الجوال» بعدما تعذّر التوافق عليهما. كذلك، كاد كلام أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله أخيرًا حول «سقوط قواعد الاشتباك» ورفض التقيد بالقرار 1701 أن يفجّر الحكومة من الداخل، لولا تفادي الجميع طرحه على طاولة البحث خوفًا من تفاقم المشكلة، على الرغم الأصوات المعترضة التي ارتفعت احتجاجا.
وما يستحق الإشارة هنا أنّه في مقابلة للرئيس سلام «الشرق الأوسط» قبل أيام قال، إن «الفيتو الوزاري» يتطلب مراجعة ومقاربة جديدة، معلنا أنّه يسعى مع القوى السياسة لنتمكن من مساعدة أنفسنا وتسهيل أعمالنا بشكل أفضل. وأوضح سلام أنّ التوافق المطلوب، يعرقل المضي في موضوعات حياتية وإنمائية وإدارية يفترض أن تقرّ حتى وإن اعترض أحد الوزراء أو اعترضت إحدى القوى السياسية.
وفي هذا الإطار، قال سجعان قزّي، وزير العمل، إنّ «حزب الكتائب»، الذي ينتمي إليه ويمثله في الحكومة، سيعلن عن موقفه عندما يطرح ما عنده رئيس الحكومة. وأردف في حديثه له مع «الشرق الأوسط»، أنه «قد يقدم اقتراحا أفضل من الاقتراح الحالي، لكن على كل الأحوال لا يزال سلام مترددا في هذا الموضوع نظرا إلى حساسيته، لا سيما في ظل الفراغ في موقع الرئاسة». وأكد قزّي أنّ «رئيس الحكومة حريص على الإجماع والتوافق الوطني ولن يتخذ أي قرار ما لا يضمن نجاحه سلفا».
من جهة ثانية، لفت وزير الإعلام رمزي جريج، القريب من حزب الكتائب، إلى أنّه شخصيا كان معترضًا على آلية «التوافق بالإجماع» من الناحية القانونية والدستورية، لكن اليوم في ظل استمرار الفراغ الرئاسي، بات يعتبر أنّها رغم عرقلتها عمل الحكومة أحيانا، تثبت أنه وبغياب رئيس للجمهورية لا يمكن أن يكون الوضع طبيعيا، وقد تساهم في تسريع إنجاز الاستحقاق الرئاسي. وأضاف جريج، خلال لقاء لنا معه.. «لا يفترض أن يتولد شعور بأنه يمكن الاستغناء عن الرئيس ووجوده كما عدم وجوده»، مطالبا الفرقاء السياسيين الذين يعطلون إنجاز الانتخابات بعدم حضور الجلسات إلى التراجع عن موقفهم. وشرح جريج، وهو نقيب سابق للمحامين، أنّ المادة 62 من في الدستور اللبناني تنص على أن تمارس الحكومة، أثناء الفراغ الرئاسي، صلاحية الرئيس، وأن تصدر القرارات بالنصف زائدا واحدا أو بالثلثين، مشيرا إلى أن التراجع عن آلية الإجماع يحتاج إلى توافق وهو ما سيقوم به رئيس الحكومة قبل طرح أي آلية جديدة. وأشار إلى أن رئيس الجمهورية، ووفقا للدستور، لا يصوّت على المواضيع التي تطرح في مجلس الوزراء، إنما تعرض عليه وبإمكانه ردّها والطلب إعادة قراءتها. أما بالنسبة إلى المراسيم العادية التي لا تبحث في مجلس الوزراء، فتعرض على رئيس الحكومة من قبل الوزير المعني ومن ثم على رئيس الجمهورية الذي من حقه كذلك الاعتراض عليها.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.