تصعيد روسي ضد أميركا في الزاوية السورية ـ الأردنية ـ العراقية

موسكو تعلن تدمير مستشفى ميداني في إدلب

TT

تصعيد روسي ضد أميركا في الزاوية السورية ـ الأردنية ـ العراقية

صعّدت موسكو حملتها على تحركات واشنطن في منطقة الحدود مع العراق والأردن، حيث تسيطر الولايات المتحدة على قاعدة عسكرية قرب التنف، ويقع على مقربة منها مخيم الركبان الذي يضم آلاف النازحين السوريين.
واتهم بيان مشترك أصدره مكتب التنسيق المشترك للطرفين الذي تديره وزارة الدفاع الروسية الولايات المتحدة بممارسة ضغوط على الأمم المتحدة؛ بهدف إيصال مساعدات إنسانية أممية إلى مخيم الركبان، وقالت إن واشنطن تنوي «استغلال المساعدات في تجهيز المسلحين الموالين لها».
وهذه ليست المرة الأولى التي تتحرك فيها موسكو لمنع إدخال مساعدات دولية إلى هذه المنطقة، لكن اللافت في هذه المرة كان تصعيد لهجة الطرفين على خلفية الضربات الجوية الأميركية أخيراً قرب البوكمال على الحدود السورية - العراقية. وجاء في بيان مشترك صدر عن مقري التنسيق الروسي والسوري، أن الولايات المتحدة تسعى إلى «استخدام الشحنات الإنسانية لتزويد المقاتلين العاملين تحت سيطرتها في هذه المنطقة، مثلما حدث سابقاً أكثر من مرة». ووصف البيان مخيم الركبان بأنه «مصنع أميركي لتدريب المتطرفين»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة تعرقل تقويض هذا المخيم؛ الأمر الذي يمنع استعادة السيادة والحياة السلمية في سوريا». وشددت الوثيقة على «استعداد السلطات السورية لاستقبال كل المواطنين في الركبان، وضمان أمنهم وتوفير الظروف المعيشية الكريمة لهم».
وجاء البيان في إطار مواجهة التجهيز لإرسال دفعة مساعدات إنسانية أممية إلى المنطقة، لكن التطورات الميدانية في الأيام الأخيرة كانت حاضرة أيضاً فيه؛ إذ اتهمت موسكو ودمشق واشنطن بـ«مواصلة انتهاك القوانين الدولية عبر شن غارات على أراضي الدولة السورية ذات السيادة ومواصلة احتلال أراضيها بشكل غير قانوني».
وكانت موسكو طالبت بتفكيك المخيم أكثر من مرة، وعارضت وصول مساعدات دولية إليه، كما طالبت واشنطن بالانسحاب من قاعدة التنف القريبة من المنطقة.
وأكد المركز الروسي للمصالحة في سوريا، قبل يومين، أن «الوضع في مخيم الركبان للاجئين يستمر في التدهور بينما تعرقل القيادة الأميركية في التنف حل هذه المشكلة».
وقال نائب مدير المركز الروسي، فياتشيسلاف سيتنيك، إن «الوضع الإنساني في مخيم الركبان يستمر في التدهور سريعاً. وواشنطن تواصل اتخاذ إجراءات إضافية لاحتجاز اللاجئين فيه قسراً».
وأشار إلى أن «عدم رغبة الولايات المتحدة في ضمان خروج التشكيلات المسلحة غير الشرعية والنازحين من منطقة التنف يؤكد أنها معنية بالحفاظ على الآلة لإعداد المتطرفين من أجل الحفاظ على بؤر التوتر في سوريا».
وأثار هذا البيان انتقادات من جانب مسؤولين محليين في المخيم، نددوا بما وصفوه «أكاذيب روسية» حول «مسؤولية قوات التحالف الدولي عن محاصرة المخيم، والتسبب بأزمة إنسانية متواصلة فيه منذ سنوات».
وقال محمد أحمد درباس الخالدي، رئيس المجلس المحلي في مخيم الركبان، في رسالة وجّهها إلى الأمم المتحدة، إن «القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة (التنف) غير مسؤولة عن محاصرته، وإنها لا تجتمع بأي مدني داخل المخيم، ولا تمنع من يريد الذهاب إلى مناطق النظام من ذلك». وشدّد الخالدي على أن «من يحاصر مخيم الركبان منذ سنوات ويمنع وصول المساعدات الإنسانية ومنظمات الإغاثة، هي القوات الروسية وقوات نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد والميليشيات الإيرانية».
وفي اتصال هاتفي مع إذاعة محلية ندد محمد ناصر الدبوس، وهو أحد قاطني مخيّم الركبان بتأكيد موسكو أن واشنطن تمنع مغادرة النازحين في المخيم، وقال إن «القوات الروسية وقوات نظام الأسد تمنع دخول أي مساعدات غذائية أو صحيّة إلى مخيم الركبان»، وناشد الأمم المتحدة «إغاثة قاطني المخيم، أو فتح معبر آمن لهم للمغادرة نحو مناطق الشمال السوري المحررة».
ويقع مخيم الركبان قريباً من قاعدة التنف العسكرية على المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق، وكان يؤوي نحو 60 ألف نازح من مناطق سورية عدة، غير أن العدد تناقص إلى نحو 9 آلاف بعد فرض حصار خانق وتردي الأحوال المعيشية فيه. وكانت موسكو أعلنت أكثر من مرة عن فتح معبر آمن لنقل نازحي المخيم إلى مناطق سيطرة الحكومة، لكن النازحين رفضوا الانتقال إلى تلك المناطق، وتقول موسكو أن «عصابات متشددة» مدعومة من الولايات المتحدة تقوم عادة بمنع من يرغب في المغادرة. كما أن وسائل الإعلام الروسية تصف عادة سكان المخيم بأنهم «أفراد عائلات إرهابيي تنظيم (داعش)».
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن خبراء المتفجرات التابعين لقواتها دمروا كهفاً في محافظة إدلب السورية، أنشأ المسلحون فيه مستشفى ميدانياً مجهزاً لتنفيذ عمليات جراحية معقدة.
وقال قائد القوات الهندسية الروسية رومان بسمرتني، إنه «أحد أكثر الأماكن تجهيزاً الذي عثرت عليه قواتنا». وأضاف «في هذا الكهف كان هناك مستشفى حديث مجهز بالكامل لاستقبال المرضى الخارجيين والقيام بالعمليات المعقدة، ويسمح باستيعاب ما يصل إلى 100 فرد».
وقال، إنه «تم تجهيز الكهف لمدة عامين من قبل جماعة صغيرة نسبياً، لكنها شديدة العنف، هي (جيش العزة)، المعروفة بتطرفها ورفضها التفاوض مع كل من السلطات السورية والجماعات المسلحة غير الشرعية الأخرى».
ووفقاً للمسؤول العسكري، فقد «أنشأ المسلحون كهفاً اصطناعياً في منحدر تل مرتفع، مع مداخل عدة تواجه وادياً جبلياً، لا توجد بلدات أو تجمعات بشرية كبيرة في الجوار، والكهف غير مرئي تقريباً من الجو، ويمر بجانبه خط طاقة عالي الجهد؛ ما سمح بالحفاظ على سرية موقع المستشفى لفترة طويلة».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.