«موعد ملون» ينقل هموم العراق إلى فضاء سريالي

نبيل علي يمزج بين البهجة والرعب في معرضه بالقاهرة

«موعد ملون» ينقل هموم العراق إلى فضاء سريالي
TT

«موعد ملون» ينقل هموم العراق إلى فضاء سريالي

«موعد ملون» ينقل هموم العراق إلى فضاء سريالي

ما هو الفن؟ تتعدد التعريفات التي تجيب عن هذا السؤال الذي هو بلا شك ليس بالبساطة التي يبدو عليها، وبعيداً عن التعقيدات الأكاديمية المتخصصة، ثمة تعريف بسيط وواضح يحظى بشبه إجماع بين المتخصصين: إنه العمل الذي تتلقاه فتصبح في حالة شعورية ونفسية مختلفة تماما عما كنت عليه قبل عملية التلقي تلك.
ويعد معرض «موعد ملون» للفنان التشكيلي العراقي نبيل علي والذي يستمر بغاليري «الكحيلة» بحي المهندسين (غرب القاهرة) حتى الثاني من مارس (آذار) المقبل، تجسيداً عمليا لهذا التعريف النظري... البهجة والرعب عنصران متناقضان يجمع بينهما الفنان الشاب في فضاء سريالي بخطوط قوية حادة على نحو يهزك من الداخل فيما يشبه الصدمة الجمالية والشعورية فتتبدد لديك حالة السكون والطمأنينة التي كانت تتلبسك منذ قليل.
وجوه مشوهة لبشر أصبحت ملامحهم تجمع بين الخفاش والقرود ولم يعد يربطهم بالبشر سوى جسد مهترئ يتخذ وضع السقوط بالمعنى المجازي والحرفي معا. أحيانا تبدو هذه الوجوه متماسكة ولو ظاهرياً، تحاول أن تعطينا انطباعا خادعا برباطة الجأش، وفي أحيان أخرى، تطلق لنفسها العنان فتصرخ بقوة وقد تجمعت كل معالم الألم في ملامحها معبرة عن شيء ما، غامض وسري، أثار رعبها وأفقدها طمأنينتها فجأة!
وإذا كان مصطلح «السريالية» يشير إلى حركة فنية تعني حرفيا «ما فوق الواقع» وتستهدف التعبير عما يجول في العقل الباطن من أفكار بشكل لا يخضع للنظام أو المنطق، فإن نبيل علي يعيد توظيف هذا الأسلوب انطلاقا من الواقع المعيش، إذ يتجلى هذا المعنى على سبيل المثال في تلك اللوحات التي تصور عجائز أو مرضى في أيامهم الأخيرة ومع ذلك نراهم يتشبثون بالكرسي، رمز السلطة، حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة الوطنية العامة وحتى لو تحول «الكرسي» إلى كرة من اللهب تحرقهم دون أن يشعروا.
لذلك يقف زائر المعرض أمام شخصيات مشوهة تتظاهر بالبراءة، فتلعب لعبة القفز بالحبل أو تصنع دائرة طفولية متشابكة الأيدي أو تسافر ممتطية ظهر سلحفاة، لكنها في النهاية لا تتنازل عن أنانيتها الأبدية -ولا بد هنا من التوقف أمام تلك اللوحة التي تصور العراق على هيئة رجل هش رقيق ينبت له جناحان في ظهره ويمسك بلوحة تحتوي على بيانات الهوية ومنها «مواليد 4000 سنة قبل الميلاد».
ولا يخفي نبيل علي أن هموم العراق حاضرة بقوة في هذا المعرض، مشيراً إلى أنه كفنان عراقي لا يملك رفاهية الإبداع الفني لمجرد الفن، فالواقع ببلاده يحاصره لا شعوريا حين يمسك بالفرشاة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «المشهد اليومي في العراق لا يخلو من دواعي ومبررات الحزن والألم لا سيما على صعيد الانقسام الداخلي والصراعات شبه اليومية وهو ما ينعكس على أعمالي بقوة سواء بوعي مني أو بدون وعي».
لكن الصورة ليست قاتمة هكذا طوال الوقت، فعلى الجانب الآخر يوجد العديد من اللوحات التي تحتفي بالبهجة وتبشر بالمستقبل عبر ألوان قوية ساخنة تبدو مثل شمس صغيرة تشرق بالأمل وخطوط ناعمة تذوب رقة، نجد مثل هذه الأصداء في أكثر من عمل كما في تلك اللوحة التي تجمع بين شاب وفتاة يجمع بينهما الحب وهما ينظران للغد بعين الرضا بينما حفنة من الجياد تركض فوقهما نحو المستقبل بثقة وثبات.
وتعود «ثيمة» الحب للظهور مرة أخرى عبر نفس الثنائي وهما يركبان دراجة هوائية في نزهة تخترق الشوارع والبيوت، وتعود البهجة لتتجلى ثانية عبر حفنة من النسوة اللاتي يجمعن بين الجمال والشموخ ويسرن على الطريقة رافعات شعار «واثق الخطوة يمشي ملكا».
يضم المعرض 30 عملا متفاوت الأحجام ما بين ضخم يشبه الجدارية ومتوسط وصغير، وتهيمن ألوان الأكرليك على الخامات في أعمال تمزج أحيانا ما بين السريالية والتعبيرية. ورغم النضج الذي يبدو عليه نبيل علي، ربما يكون مفاجئا للبعض أن الرجل من مواليد 1980 ببغداد حيث حصل كل من دبلوم معهد الفنون الجميلة ثم بكالوريوس الفنون الجميلة. وبالإضافة لعضويته في نقابة التشكيليين العراقيين، فإنه يعمل أستاذا في الجامعة المستنصرية وتحديدا في كلية التربية الفنية.
وسبق لنبيل علي أن أقام في القاهرة معرضين شخصيين له، هما «قوارب ورقية» 2017 و«أسفار» 2020. وعن علاقته بالعاصمة المصرية، يقول: «القاهرة تمثل بالنسبة لي العاصمة الأولى للفن العربي بجميع أنواعه كما أنها نقطة الانطلاق نحو العالمية بالنسبة لجيلنا».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.