«ريد زون» يغوص في إبداعات وصعوبات فترة الحجر

ينطلق رقمياً تحت عنوان «فضاءات داخلية» مع 31 فناناً عربياً

«ريد زون» يغوص في إبداعات وصعوبات فترة الحجر
TT

«ريد زون» يغوص في إبداعات وصعوبات فترة الحجر

«ريد زون» يغوص في إبداعات وصعوبات فترة الحجر

يعدّ «ريد زون» مهرجاناً سنوياً متعدّد الاختصاصات، تم إطلاقه في عام 2013. يقارب في نشاطاته إشكاليات معاصرة بروح نقدية، ويسعى إلى تقديم أعمال فنية تتمحور حول حرية التعبير في الفنون والثقافة.
وفي نسخته الرقمية الأولى منذ تأسيسه وعنوانها «فضاءات داخلية»، تبدأ فعاليات المهرجان «أون لاين» في 4 مارس (آذار) المقبل، وتستمر لغاية 6 منه. فيحل ضيفاً افتراضياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعكس دوراته السابقة التي قدمت مباشرة في كلّ من القاهرة وبيروت وتونس وطنجة. وهو من تنظيم مؤسسة «المورد الثقافي»، بالشراكة مع مؤسسة «KKV» النرويجية.
يقسم المهرجان هذا العام إلى ثلاثة أقسام: «البرنامج الرئيسي»، و«لفتة خاصة»، و«حجر». ويضم «البرنامج الرئيسي» ثلاثة عناوين فرعية تندرج تحتها الأعمال، وهي: «كلوز آب» و«زووم إن» و«أجساد افتراضية». يشارك فيه نحو 32 فناناً وفنانة من السودان والمغرب ومصر وسوريا وتونس ولبنان والأردن والجزائر والعراق. وتجمع هذه النسخة 26 مشروعاً لفنانين بصريين. كما تعرض مشاريع سينمائية وأخرى في فن الأداء، وتقدّم أعمالاً موسيقية تخلق حواراً بين آلات موسيقية قديمة وإبداعات معاصرة.
وتقول رشا صلاح مديرة المهرجان والقيّمة الفنية على نسخته الرقمية، إن هذه النسخة هي بمثابة لفتة تكريمية للفنانين. وتوضح في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لقد استطاعوا أن يخففوا من حالات القلق والإحباط التي أصابتنا في زمني الوباء والحجر المنزلي. هم أيضاً تأذّوا من هذه المرحلة، في غياب عروض وأداء مباشرين مع الناس. ولكنهم رغم ذلك استطاعوا أن يخففوا من همومنا اليومية، وينقلونا إلى عالم حالم في أعمالهم الرائعة».
وترى رشا صلاح أن هؤلاء الفنانين كانوا يحتاجون إلى من يدعمهم، ويشد على أياديهم ليستمروا في الإبداع. «لذلك عندما بدأنا في البحث عن أعمال فنية تشارك في المهرجان، استوقفتنا أعمالهم وإبداعاتهم في فترة الحجر. هي في غالبيتها غير مكتملة، وهنا يكمن سر جمالها. لأول مرة سيسلط المهرجان الضوء على منتج فني إبداعي لم يصل بعد إلى خواتيمه. وهو ما أسهم في تعرفنا إلى الفنان نفسه، وطبيعة عمله، وكيفية تنفيذه لمنتجه بصرياً كان أو سمعياً؛ فهذه المرة لن نشاهد معرض رسم أو فيلم سينمائي كاملين، بل نجول بين حنايا عملية بناء العمل وتنفيذه، مع تسليط الضوء على صاحبه».
مشاعر الوحدة والانعزال التي نعيشها في فترة الحجر، يترجمها المهرجان بأعمال فنية نغوص معها في الفضاءات الداخلية لكل فنان مشارك. وتعلق رشا صلاح: «لقد تخلينا عن كل عاداتنا وتقاليدنا في زمن الوباء، وكذلك عن أهالينا وأصدقائنا بسبب الابتعاد الاجتماعي الذي نطبقه، فصرنا لا نرى سوى أنفسنا. لم يكن من السهل الهروب من الذات، وهو ما يترجمه الفنانون المشاركون في أعمالهم».
بعض الفنانين في المهرجان نالوا منح مساعدة من «المورد الثقافي» وجمعية «آفاق» لدعمهم في ظل فترة الحجر. وهم يندرجون ضمن قسم «البرنامج الرئيسي». فيما عدد آخر منهم جرى اختياره بعد الاطلاع على إبداعاته عبر الصفحات الإلكترونية كـ«فيسبوك» و«إنستاغرام» وغيرها. وتوضح رشا صلاح: «هؤلاء رغبنا في تقديرهم من خلال (لفتة خاصة)، وهي فقرة أدرجناها في برنامجنا. فيعبرون عما يخالجهم في مدة دقيقة واحدة مخصصة لكل واحد منهم. أما فقرة (زوم إن)، فهي تدخل كواليس ورشة فنان معين نتعرف خلالها على طبيعة أفكاره الفنية وكيف ينفذها».
من الفنانين المشاركين المصري باسم يسري، من خلال تجهيز فني «انستلايشين»، فنتابع عملية بنائه بتفاصيله الصغيرة. وتشرح رشا صلاح: ««باسم مثلاً يحب بعد كل عمل يعرضه أن يهدمه، انطلاقاً من مبدأ يطبقه شخصياً، وهو التعوُّد على فكرة النهايات في الحياة. فكل الوجع والإرادة القوية نلمسها في أسلوبه الفني».
ويقدم اللبناني نيكولا خوري مشروعاً فنياً يدور حول فيلم سينمائي. يتناول فيه تجربته الشخصية في زمن الحجر، عندما اضطر أن يعيش ووالدته وجها لوجه في منزل واحد. وتعلق صلاح: «في مقتطفات من الفيلم، نلمس صعوبة الوحدة لمجرد التفكير فيها. وهي فكرة من بين مئات أخرى تراودنا جميعا وزمن (كورونا). وفي قسم (أجساد افتراضية) نتحول إلى موضوعات فنية مغايرة، تتناول أحداها موضوع أرشفة أعمال فنية حية لبيترا سرحال». وتشرح الفنانة اللبنانية في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «سأقدم محاضرة أدائية عن كيفية توثيق العروض الفنية الحية (Live). وأتطرق خلالها إلى التشابه الكبير في كيفية تنفيذها مقارنة بأعمال فنية افتراضية». ونتابع أيضاً في القسم نفسه الراقص المغربي العالمي توفيق ازديو الذي ينقل لنا حالة من الأرجحة والتخبُّط في المشاعر، يترجمها في رقصة تعبيرية. فيما السعودية سلمى مراد تتناول في عملها الفني، كيف أثر العالم الافتراضي على الناس من نواحٍ مختلفة.
اللبنانية ساندي شمعون تشارك في المهرجان ضمن فقرة «لفتة خاصة»، وتقدم أغنية بالعربية من ألبوم لم يكتمل، مع نص يرافقها. وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الأغنية بعنوان (أحلام الخيال)، فيما النص يحمل اسم (فتى 17 تشرين) استوحيته من الثورة اللبنانية. أما موسيقى الأغنية فهي خليط من (نويز) و(اكسبريمنتيل)، ويتخللها مقاطع صوتية من فيديو صوّرته خلال الثورة».
وعن تقييمها لهذه التجربة الافتراضية التي يتبعها مهرجان «ريد زون» لأول مرة في دوراته تقول رشا صالح: «كل ما تحمله من إيجابيات، لا يمكن برأيي أن يغنينا عن المهرجانات الحية، وما نلمس فيها من تفاعل مباشر بين الفنان المشارك والجمهور الحاضر. وانطلاقاً من ذلك حاولنا الاستمتاع ببرمجتنا الجديدة، لا سيما أنها تجربة لا يحددها مكان معين، وهي مفتوحة ذات آفاق واسعة ومنوعة. ومن إيجابياتها أنها توفّر علينا مبالغ مالية كنا نتكبدها في دوراتنا السابقة ضمن البرمجة والاستضافة والعروض الخاصة بالمهرجان». وتختم: «دورة (ريد زون) 2021 الافتراضية هي بمثابة خلاصة لما عشناه، ولا نزال في فضاءاتنا الداخلية، يترجمها فنانون في كتابات وأفلام قصيرة وموسيقى استوحوها من زمن الحجر».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.