«هيئة تحرير الشام» تلاحق خلايا «داعش» في إدلب

توتر شمال سوريا بين فصائل مقاتلة

نقطة تفتيش تابعة لفصائل مقاتلة في إدلب (الشرق الأوسط)
نقطة تفتيش تابعة لفصائل مقاتلة في إدلب (الشرق الأوسط)
TT

«هيئة تحرير الشام» تلاحق خلايا «داعش» في إدلب

نقطة تفتيش تابعة لفصائل مقاتلة في إدلب (الشرق الأوسط)
نقطة تفتيش تابعة لفصائل مقاتلة في إدلب (الشرق الأوسط)

بدأت «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقا) حملة أمنية لإلقاء القبض على عدد من المتورطين بجرائم خطف وسلب وعناصر ينتمون لخلايا تابعة لتنظيم «داعش» في محافظة إدلب، في وقت ساد توتر بعد إطلاق كل من الجيش الوطني والشرطة العسكرية المدعومين من تركيا عملية أمنية لملاحقة الفاسدين وخلايا تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» وشبكات التهريب، رافقها استنفار واسع في مناطق «درع الفرات» و«غصن الزيتون» الخاضعة للنفوذ التركي شمال سوريا.
وقال مسؤول في جهاز الأمن العام التابع لـ«هيئة تحرير الشام»، إن قوة تنفيذية داهمت يوم الأربعاء الماضي عددا من المواقع لـ«داعش» في عدة مناطق في إدلب وحلب، بينها موقع في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، وتمكنت القوة من إلقاء القبض على خلية تضم 7 أفراد، كانت تتحصن داخل الموقع. وقالت مصادر إن أحد الأشخاص الذين تم القبض عليهم خلال العملية، يتحدر من بلدة تلعادة في ريف إدلب الشمالي، ويعمل مع مطلوب للجهاز الأمني بتهم مختلفة، أبرزها تنفيذ جرائم بينها خطف وسلب، والتنسيق مع «جماعة حراس الدين» وتنظيم «داعش».
وكان جهاز الأمن العام التابع لـ«هيئة تحرير الشام» أطلق مطلع الشهر الجاري، حملة أمنية واسعة شملت مختلف أنحاء محافظة إدلب، تمكن خلالها من قتل شخص «داعش» في مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي واعتقال عناصر خلية تابعة له متورطة في عدد من عمليات الاغتيال داخل مدينة إدلب، إضافة إلى مداهمة مبنى كانت تتحصن داخله خلايا تابعة لتنظيم «داعش» في مدينة كفر تخاريم، متورطة في تنفيذ عدد من عمليات الاغتيال، من بينها استهداف الدكتور إبراهيم شاشو الذي شغل العديد من المناصب في «حكومة الإنقاذ» خلال السنوات الماضية، إضافة إلى قيادي في «فيلق الشام»
وتحت شعار «مكافحة الفساد والحد من الأعمال الإجرامية الإرهابية»، أطلق الجيش الوطني والشرطة العسكرية المدعومان من تركيا الجمعة، حملة أمنية مكثفة شمال حلب بهدف «ملاحقة العناصر الفاسدة والمجرمين والمتورطين بأعمال قتل وسلب وخلايا تابعة لقسد، في كل من أعزاز وعفرين والباب وجرابلس، لحماية المواطنين من الأعمال الإرهابية». وقال مسؤول في الجيش الوطني إن «قوى عسكرية تابعة للجيش داهمت عددا من المواقع والأبنية المنتشرة على الشريط الحدودي مع تركيا شمال مدينة عفرين وإلقاء القبض على عدد من العناصر والمهربين الذين يقومون على تهريب البشر إلى تركيا مقابل مبالغ مادية كبيرة، فضلاً عن قيام هذه العناصر بأعمال تهريب للكثير من المواد الممنوعة من مناطق النظام إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون كالحبوب المخدرة والمشروبات الروحية».
ورافقت ذلك حملة انتشار واسعة لقوات الجيش الوطني والشرطة العسكرية وقوات أمنية وعسكرية تابعة للجيش التركي في مداخل مدن عفرين وجرابلس والباب وأعزاز وتفتيش السيارات والمارة بشكل دقيق وتوقيف عدد من المشتبه بهم والتحقيق معهم.
من جهته، أعلن فصيل الجبهة الشامية «استنكاره للحملة بحجة أن جزءا من الحملة يستهدف قادرة بارزين في الجبهة الشامية تحت حجة مكافحة الفساد، الأمر الذي دفعه إلى إعلان استنفار عناصره وانتشارهم في مداخل مدينة الباب والطرق المؤدية إلى مدينة عفرين شمال حلب وسط توتر بين الطرفين».
وكانت وزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة أعلنت في بيان الجمعة عن «استكمال الاستعدادات التي اتخذها الجيش الوطني السوري من أجل تحسين الوضع الأمني في المناطق المحررة». وأضاف البيان أن «شعار الجيش الوطني في هذه العملية هو اجتثاث الإرهاب وبسط الأمن والاستقرار والحفاظ على حقوق الإنسان والتقييد بنصوص القانون الدولي».
في سياق منفصل، كشف الدفاع المدني السوري في 24 الشهر المالضي إحصائيات انتهاكات وهجمات قوات النظام السوري والميليشيات الموالية الأجنبية والمحلية بالاشتراك مع الغارات الجوية الروسية على مناطق إدلب. وأكد «مقتل 12 مدنيا وإصابة 55 آخرين بجروح، جراء 178 هجوما من قبل قوات النظام وروسيا على مناطق متفرقة بريف إدلب الجنوبي وسهل الغاب شمال غربي حماة منذ بداية العام الحالي 2021». في 22 ديسمبر (كانون الأول)، وثق الدفاع المدني السوري إنقاذ أكثر من 1800 شخص من تحت الأنقاض جراء القصف البري والجوي من قبل النظام والمقاتلات الروسية، وذلك منذ بداية عام 2020.
وقال «رائد الصالح» رئيس الدفاع المدني السوري في بيان على حسابه في «تويتر»، إن فرق الدفاع المدني نفذت نحو 119 ألف عملية خدمية متنوعة، إضافة لـ89 ألف خدمة ورعاية طبية قدمتها المتطوعات في المراكز النسائية.


مقالات ذات صلة

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» لعناصر من الميليشيات الإيرانية

الحساسيات العشائرية السورية تهدد النفوذ الإيراني في البوكمال

تفجر التوتر في البوكمال في وقت تعمل فيه إيران على إعادة تموضع ميليشياتها في سوريا على خلفية الاستهداف الإسرائيلي لمواقعها داخل الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية ديفيد كاردين يتفقد مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في قرية بحورة بمحافظة إدلب السورية يوم 14 مايو الماضي (أ.ب)

منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

قال المنسق الأممي بدمشق إن «خطة التعافي» تغطي كل المحافظات السورية، وتشمل قطاعات الصحة والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحي، و«من دون الكهرباء لا يمكن إنجاز شيء».

«الشرق الأوسط» (دمشق )

أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
TT

أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)

غادرت لينا الخليل ضاحية بيروت الجنوبية، بعد بدء إسرائيل قصفاً مدمّراً على المنطقة قبل نحو شهرين، لكنها تعود كل يوم لتخوض تحدّياً، يتمثل بفتح أبواب صيدليتها ساعتين تقريباً، ما لم تمنعها الضربات الجوية من ذلك، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتصف المرأة الخمسينية الصيدلية التي أنشأها والدها في الضاحية الجنوبية في عام 1956 بأنّها «أهم من بيتي... ففيها يمكن أن تشتمّ رائحة أدوية صُنعت منذ 60 عاماً».

في كثير من الأحيان، تسارع الخليل إلى إقفال أبواب الصيدلية، عندما يُصدِر الجيش الإسرائيلي إنذارات للسكان للإخلاء قبل البدء بشنّ غارات.

وبات عملها يقتصر على بيع ما تبقى في الصيدلية من أدوية وسلع، بعدما نقلت 70 في المائة من موجوداتها إلى منزلها الصيفي في إحدى القرى.

وهي مقيمة حالياً داخل العاصمة، وتتوجّه يومياً إلى بلدة عالية الواقعة على بُعد نحو 20 كيلومتراً من بيروت، لإحضار أدوية تُطلب منها، وتوصلها إليهم أو يحضرون إلى الصيدلية في حال تمكّنوا من ذلك لأخذها.

وحال لينا الخليل كما حال كثير من سكّان الضاحية الجنوبية لبيروت الذين غادروها واضطرّوا إلى البحث عن بدائل لأعمالهم أو مواصلتها بما تيسّر من قدرة أو شجاعة.

وتؤكد الخليل أنّ «الخسائر المادية كبيرة»، مشيرة إلى أنّها تعطي موظفيها حالياً نصف مرتّب، بسبب تزايد المصروف وتضاؤل المدخول.

«عائدون من الموت»

مع استمرار الحرب، لا يزال من غير الواضح حجم الدمار الذي طال المصالح التجارية في الضاحية الجنوبية التي كان يسكنها 600 - 800 ألف شخص قبل الحرب، وفق التقديرات، وباتت شبه خالية من سكانها.

في الضاحية، خاض علي مهدي مغامرته الخاصة مع شقيقه محمد بعد انتهاء دراستهما الجامعية، فعملا على تطوير تجارة والدهما التي بدأها قبل 25 عاماً. ووسّعا نطاقها من متجر لبيع الألبسة بالجملة إلى مستودع ومتجرين، إضافة إلى متجرين آخرين في صور والنبطية (جنوب) اللتين تُستهدفان بانتظام بالغارات في جنوب البلاد. وكل هذه المناطق تُعتبر معاقل لـ«حزب الله» الذي يخوض الحرب ضد إسرائيل.

لكن مهدي اضطر أن يبحث عن بديل لمشروع العائلة بعد اندلاع الحرب المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

ويقول الشاب الثلاثيني إنّه تمكّن بصعوبة من نقل البضائع الموجودة في المتاجر الـ4 والمستودع، إلى 3 مواقع داخل بيروت وفي محيطها.

ويشير إلى أنّ عمّال النقل كانوا يرجعون من النبطية وصور، وكأنهم «عائدون من الموت»، بعد سماعهم بالإنذارات للسكان لإخلاء مناطق والغارات الجوية والتفجيرات المدمّرة التي تليها.

كان يعمل لدى علي وشقيقه 70 موظفاً نزح معظمهم إلى مناطق بعيدة؛ ما دفع الشابين إلى التخلّي عن كثيرين منهم. وبهدف الحفاظ على عملهما، تخلَّيا عن آخرين، وبدآ بدفع نصف الرواتب لمن بقي.

ويؤكد مهدي أنّ تجارته تتمحور حالياً حول «تصفية ما لدينا من بضائع»، مضيفاً أنّ حركة البيع خفيفة.

وتأثر القطاع التجاري في لبنان بشدة جراء الصراع الذي بدأ بين «حزب الله» وإسرائيل قبل أكثر من عام، وشهد تصعيداً في سبتمبر (أيلول).

وفي تقرير صدر عن البنك الدولي، الخميس، تُقدّر الأضرار اللاحقة بالقطاع التجاري بنحو 178 مليون دولار والخسائر بنحو 1.7 مليار دولار.

وتتوقع المؤسسة أن تتركّز نحو 83 في المائة من الخسائر في المناطق المتضرّرة، و17 في المائة منها في بقية أنحاء لبنان.

«لم تبقَ إلا الحجارة»

ويترقّب علي مهدي المرحلة التي ستلي نفاد البضائع الموجودة لديه. ونظراً إلى عدم استقرار الأوضاع المالية والاقتصادية والأمنية والسياسية، يتساءل عمّا إذا كان عليه «مواصلة الاستيراد أو الحفاظ على السيولة التي يملكها».

ويقول بينما يجلس بين بضائع مبعثرة نُقلت إلى متجره الجديد في شارع الحمرا داخل بيروت: «هناك خسائر كبيرة».

بشكل رئيسي، يُرجع التقرير الصادر عن البنك الدولي الخسائر التي مُني بها قطاع التجارة في المناطق المتضرّرة، إلى نزوح كلّ من الموظفين وأصحاب الأعمال؛ ما تسبب في توقف شبه كامل للنشاط التجاري وانقطاع سلاسل التوريد من وإلى مناطق النزاع والتغييرات في سلوك الاستهلاك بالمناطق غير المتضرّرة، مع التركيز على الإنفاق الضروري.

وتنطبق على عبد الرحمن زهر الدين صفة الموظف وصاحب العمل والنازح، تُضاف إليها صفتان أخريان هما المتضرّر والعاطل عن العمل جراء الدمار الذي طال مقهاه في الرويس بالضاحية الجنوبية، في غارة إسرائيلية.

بعدما غادر، في نهاية سبتمبر (أيلول)، إلى وجهة أكثر أماناً، عاد قبل أيام ليتفقّد مقهاه الذي استحال حديداً وحجارة متراكمة.

على يساره، متجر صغير لبيع أدوات خياطة تظهر من واجهته المحطّمة كُتل من الصوف على رفّ لا يزال ثابتاً على أحد الجدران. وبجانبه، متجر آخر كان مالكه يصلح بابه الحديديّ المحطّم ليحمي ما تبقى بداخله.

يقول زهر الدين بينما يتحرّك بين أنقاض الطابق العلوي: «لم تبقَ إلا الحجارة».

ويعرب ربّ الأسرة عن شعور بـ«الغصّة والحزن»، جراء ما حلّ بـ«مصدر رزقه» الوحيد.

ويقول إنّه لم يبدأ بالبحث عن بديل، في ظل ارتفاع بدل الإيجار وأسعار الأثاث والمعدّات، مؤكداً أنّ الخسائر التي تكبّدها «كبيرة، وقد تبلغ 90 ألف دولار».