«مهرجان الأفلام اليابانية» يبدأ افتراضياً في مصر

يتضمن أعمالاً روائية وتسجيلية ورسوماً متحركة

عروض المهرجان تسعى لتعريف الجمهور المصري بالمجتمع والثقافة اليابانية
عروض المهرجان تسعى لتعريف الجمهور المصري بالمجتمع والثقافة اليابانية
TT

«مهرجان الأفلام اليابانية» يبدأ افتراضياً في مصر

عروض المهرجان تسعى لتعريف الجمهور المصري بالمجتمع والثقافة اليابانية
عروض المهرجان تسعى لتعريف الجمهور المصري بالمجتمع والثقافة اليابانية

«ماذا لو كانت قصة مسلسل الكارتون (مازنجر) حقيقية؟ ما الشكل الذي ستبدو عليه سفينته؟ وهل يمكن بناء حظيرة لسفينته بنفس الشكل والمقاييس التي تبدو عليها في مسلسل الرسوم المتحركة الياباني الشهير؟»، بشأن هذه التساؤلات والأحلام الخيالية تدور أحداث الفيلم الياباني «مشروع الأحلام – مازنجر زد»، الذي تابع أحداثه الجمهور المصري في افتتاح مهرجان الأفلام اليابانية 2021 في دورته الـ26 بتنظيم من «مؤسسة اليابان» (مكتب القاهرة)، والذي يُعقد في الفترة من 26 فبراير (شباط) الجاري إلى 7 مارس (آذار) المقبل.
قص الفيلم شريط عروض المهرجان التي تضم 25 فيلماً ما بين أفلام روائية وتسجيلية وأنيميشن، جميعها حديثة الإنتاج ما بين 2014 و2020، تُقدَّم مصحوبة بالترجمة العربية، وتُعرض «أونلاين» عبر موقع «فيسبوك» لأول مرة في تاريخ المهرجان بسبب تداعيات جائحة «كورونا». وتشهد هذه الدورة عرض أكبر عدد من الأفلام في تاريخ المهرجان، كما أنّ جميع الأفلام المعروضة متاحة للجمهور في كل ربوع مصر، وبالتالي عدم التقيد بعدد محدود من الجمهور، والانفتاح على مختلف الأعمار والفئات.
وحسب يو فوكازاوا، مدير مؤسسة اليابان في القاهرة، وفق بيان صحافي، فإنه في المتناول مشاهدة الأفلام والاستمتاع بها من المنزل أو من أي مكان، وعدم تكبد عناء الذهاب إلى قاعة عرض في هذه الظروف والأجواء التي فرضتها الجائحة، كما يتيح العرض الافتراضي اختيار الوقت المناسب لعرض الفيلم بدلاً من التقيد بوقت محدد كما في حالة قاعات العرض التقليدية.
بينما توضح غادة عبد المنعم، مدير تنسيق البرامج في مؤسسة اليابان، لـ«الشرق الأوسط»، أن المهرجان الذي بدأ عروضه بالقاهرة منذ عام 1995 يواصل دوره في تعريف الجمهور المصري بالمجتمع والثقافة اليابانية، إلى جانب إبراز الإبداعات في مجال السينما وصناعة الأفلام التسجيلية، لافتةً إلى أن دورة هذا العام تحاول أن تلقي حجراً في الماء الراكد بعد عزوف الجمهور عن قاعات العرض بسبب جائحة «كورونا».
يتنوع مضمون الأفلام حول موضوعات وأفكار متنوعة، فعن الشابات اليابانيات في المجتمع المعاصر تدور أحداث فيلم «ارتجف كما تشاء» الذي يدور حول «يوشيكا» الفتاة التي تعمل مُحاسبة وتبلغ من العمر 24 عاماً، حيث يناقش الفيلم عدة قضايا اجتماعية من ضمنها الوحدة التي تعاني منها الفتيات، فالبطلة تقضي معظم وقتها على الإنترنت أو تتخيل حوارات تدور بينها وبين أشخاص تقابلهم في الواقع.
وعن القضايا الاجتماعية أيضاً تدور أحداث فيلم «قصة يونوسكيه»، عن «يونوسكيه» الشاب الريفي البسيط والطيب من الأرياف الذي يذهب إلى طوكيو ليدرس بالجامعة، حيث يبدأ في تكوين صداقات مع زملاء من مختلف الطبقات الاجتماعية ويبدأ في الاندماج في عالمه الجديد، وبتتابع الأحداث نرى قصص نضوج «يونوسكيه» وأصدقائه وتأثيره عليهم حتى بعد سنوات طويلة من تخرجهم في الجامعة.
أما فيلم «ذات ليلة» فيأخذ المشاهد إلى أحداث ليلة واحدة تتسبب في تغير مسار حياة أم وأبنائها الثلاثة، الذين يتفرقون كلٌّ في طريق مختلف إلى أن يلتقوا مجدداً بعد 15 سنة، حيث يكافحون لاستعادة الروابط الأسرية المفككة.
من الأفلام التسجيلية يأتي فيلم «عالم تسوكيجي» الذي يصور كيف كان سوق «تسوكيجي» مركزاً لثقافة الطهي المتمحورة حول السمك، وساعد ثقافة الطعام اليابانية كما نعرفها اليوم أن تزدهر، وذلك من خلال تتبع حياة المحترفين العاملين بسوق «تسوكيجي» للسمك في طوكيو.
وعن فكرة السلام الاجتماعي، نجد الفيلم التسجيلي «السلام»، الذي يدور حول «توشيو كاشيواجي» الذي يعمل سائقاً لكبار السن وذوي القدرات الخاصة في مدينة أوكاياما، وزوجته «هيروكو» التي تدير منظمة غير هادفة للربح، ناقلاً كيف أصبحت حديقة منزلهم ملجأ للقطط الضالة، وكيف تعطي حياتهم اليومية البسيطة لمحات للمعنى الحقيقي للسلام. أما أفلام الرسوم المتحركة فلم يغفلها المهرجان، ومن بينها فيلم «غون... الثعلب الصغير»، إنتاج 2019، حيث يحاول «غون»، الثعلب الصغير اليتيم، تعزية الفتى «هيوجو» بعد أن فقد والدته بأن يجلب له هدايا صغيرة وبسيطة كل يوم، ولا يعرف «هيوجو» من الذي يترك له هذه الهدايا ولا نعرف نحن كيف تنتهي الحكاية؛ هل يتعزى «هيوجو» أم ينفطر قلبه من جديد.
من عالم الرسوم المتحركة يأتي أيضاً فيلم «نورمان... رجل الثلج»، الذي يدور حول صبي يخرج خلسة من منزله وقت تساقط أول ثلج للعام، ليستقل قطاراً متجهاً إلى الشمال مع صديقه «نورمان»، حيث يريد الصبي أن يشاهد عجائب الطبيعة المدهشة التي لطالما حدّثه عنها «نورمان».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».