كيف ضاعف تراجع الليرة التركية المعاناة في شمال سوريا؟

سوري يحمل حقيبة في داخلها عملات معدنية من الليرة التركية في إدلب (د.ب.أ)
سوري يحمل حقيبة في داخلها عملات معدنية من الليرة التركية في إدلب (د.ب.أ)
TT

كيف ضاعف تراجع الليرة التركية المعاناة في شمال سوريا؟

سوري يحمل حقيبة في داخلها عملات معدنية من الليرة التركية في إدلب (د.ب.أ)
سوري يحمل حقيبة في داخلها عملات معدنية من الليرة التركية في إدلب (د.ب.أ)

ارتبطت أسعار السلع الأساسية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية بسعر صرف الليرة التركية، حيث أصبح أي انخفاض يلحق بالأخيرة عاملاً أساسياً في ارتفاع غير مسبوق في أسعار هذه المواد، بينما لا تتأثر عادة عند أي تحسن في العملة كما حدث خلال الأسابيع الأخيرة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي حيان أبو راشد من إدلب في تصريحات لموقع «المونيتور» الأميركي إن بقاء أسعار السلع دون تغيير عند تحسن سعر صرف الليرة التركية مرتبط بكون هذه السلع تم تسعيرها بالليرة التركية، وليس بالدولار الأميركي، موضحاً أنه حال تسعيرها بالدولار، لكان سعرها سينخفض مع هبوط الدولار أمام الليرة التركية.
وأضاف أبو راشد أن التجار متشككون من التقلبات في سعر صرف الليرة التركية، مؤكداً أنهم يخشون من أن التحسن النسبي في سعر صرف الليرة التركية «مؤقت» أو «مزيف».
وكانت السلطات المحلية لهذه المناطق قد أعلنت رسمياً بدء التعامل بالليرة التركية في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وفي وقت سابق طُرحت الليرة التركية للتداول بدلاً من العملة الوطنية السورية، ما أدى إلى ارتفاع في الأسعار أقله بفرق تصريف العملة، حيث رصد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أسعار العديد من هذه المواد في كل من مدينة إدلب وريفها والتي تباع بالليرة التركية، وذلك خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2021.
بدوره، قال عمر حمزة، صاحب متجر من سكان بلدة الدانة بريف إدلب، إن التجار لا يتحملون مسؤولية ارتفاع الأسعار، موضحاً أن أسعار البضائع ستظل مستقرة دون تغيير إذا باعت تركيا البضائع للتجار السوريين بالدولار، ولهذا اضطررنا لاستيراد البضائع من تركيا وهو ما يؤدي لارتفاع الأسعار.
وتابع التاجر السوري أن سعر السلع يتضاعف عند استيرادها من تركيا، وهو الخيار الذي اضطررنا له بعدما أصبح الإنتاج في مناطق سيطرة المعارضة السورية غير كافٍ لمتطلبات السوق المحلية من الخضار والسلع الأخرى، موضحاً أن القوة الشرائية ومتوسط الدخل اليومي للمواطن التركي لا تتناسب مع المواطن السوري في الشمال السوري.
وقال خالد الأحمد (45 عاماً) وهو أب لستة أطفال يعيش في مخيم للنازحين في ريف إدلب ويعمل عامل بناء، إنه مع كل انخفاض طفيف في سعر الليرة التركية، ترتفع أسعار السلع بشكل جنوني، بينما لا تنخفض الأسعار عند ارتفاع قيمة الليرة التركية، موضحاً أن التجار انتهزوا الفرصة لزيادة الأرباح على حساب المواطنين وسط غياب سلطة قوية قادرة على ضمان حماية المستهلك.



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.