سفينة حربية أميركية في بورتسودان للمرة الأولى في ربع قرن

سفارة الولايات المتحدة لدى الخرطوم عدت المناسبة تعزيزاً للشراكة الجديدة مع الجيش السوداني

سفينة حربية أميركية في بورتسودان للمرة الأولى في ربع قرن
TT

سفينة حربية أميركية في بورتسودان للمرة الأولى في ربع قرن

سفينة حربية أميركية في بورتسودان للمرة الأولى في ربع قرن

ألقت أول سفينة حربية أميركية مراسيها في ميناء بورتسودان على ساحل البحر الأحمر السوداني، منهية بذلك عقودا من القطيعة العسكرية بين البلدين.
وكشفت سفارة واشنطن في الخرطوم أن وصول السفينة يجيء تتويجاً لإكمال شراكة استراتيجية يسعى البلدان لتأسيسها بين جيشيهما، ولم يصدر تعليق رسمي سوداني على زيارة الباخرة بعد. وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم، في نشرة على موقعها الرسمية على «فيسبوك» أمس، إن سفينة النقل السريع (USNS Carson City) التابعة لأسطول البحرية الأميركي، ألقت مراسيها في ميناء بورتسودان، كأول سفينة عسكرية أميركية تزور السودان منذ نحو 30 عاماً من القطيعة بين جيشي البلدين.
ولم تعلق وزارة الدفاع أو الخارجية السودانيتين على زيارة السفينة ولم تكشف تفاصيل مهمتها، حتى لحظة كتابة هذا «الخبر»، وهي عادة ما تتجاهل السلطات السودانية، التعليق على مثل هذه الأخبار، وتضطر وسائل الإعلام لاعتماد التقارير الدولية، أو التسريبات.
وأوضحت السفارة أن زيارة السفينة الحربية للميناء السوداني، الهدف منها تأكيد استعداد القوات المسلحة الأميركية لتعزيز ما أطلقت عليه «الشراكة المتجددة» مع القوات المسلحة السودانية، وتعزيز الأمن البحري. ونقل موقع السفارة عن قائد القيادة العسكرية للطوارئ في أوروبا وأفريقيا، وقائد فرقة العمل 63 الكابتن «فرانك أوكاتا» قوله: «يشرفنا العمل مع شركائنا السودانيين في تعزيز الأمن البحري».
وأكدت أن زيارة السفينة الحربية الأميركية، جاءت تتويجا للزيارة التي قام بها نائب قائد القوات الأميركية الأفريقية «أفركوم» أندرو يونغ، ومدير المخابرات الأدميرال هايدي بيرغ، يناير (كانون الثاني) الماضي للسودان، وذلك لتوسيع نطاق العمل المشترك والتعاون العسكري بين السودان والولايات المتحدة الأميركية.
وزار الخرطوم 25 يناير (كانون الثاني) الماضي لعدة أيام، نائب قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقي «أفركوم» أندرو يونغ، وبرفقته وفد عسكري رفيع. ووقتها نقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، أن الجيش السوداني نظم استقبالاً للمسؤول العسكري الأميركي، واستقبله بقاعدة الخرطوم الجوية، قائد القوات البرية الفريق الركن عصام محمد حسن كرار، ومدير إدارة العلاقات الدولية بوزارة الدفاع اللواء الركن عبد السلام عبد الحميد.
وأجرى يونغ خلال الزيارة مباحثات مع عدد من القادة العسكريين والسياسيين، بمن فيهم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وأبلغ المسؤول العسكري الأميركي السودانيين بتعهدات بلاده ببناء علاقات قوية مع الخرطوم، ودعم التغيير التاريخي الذي شهدته البلاد، وتطوير العلاقات بين البلدين لمستوى «استراتيجي» لا سيما في مجال التعاون العسكري.
وأكد عزم بلاده على دعم الانتقال في السودان، وتقوية العلاقات البينية، والتعاون من أجل استكشاف الفرص المستقبلية، وتأسيس علاقة قائمة على الحوار والثقة المتبادلة، والالتزام المشترك بحفظ الأمن والاستقرار الدوليين، لا سيما بعد عودة السودان «عضوا كاملاً» في المجتمع الدولي، بعد شطبه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ونقلت «الشرق الأوسط» 4 فبراير (شباط) الحالي، عن مدير الشؤون العامة في القيادة الأميركية بأفريقيا «أفريكوم» العقيد بسلاح الجو الأميركي «كريستوفر كارنر»، أن الولايات المتحدة الأميركية تسعى لتجديد الشركة مع السودان بعد حذفه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأوضح أن الأميركيين يتطلعون لـ«تعزيز التعاون الأمني» مع السودانيين، ومساعدتهم في جهودهم لجعل قواتهم أكثر احترافية، و«ضمان الشفافية ومسؤولية القوات المسلحة السودانية أمام الحكومة التي يقودها المدنيون وأمام الشعب السوداني».
وأكد المسؤول الأميركي للصحيفة، أن حكومة الولايات المتحدة الأميركية لن تسمح بأن «تصبح أفريقيا ملجأ آمناً لداعش»، وأن واشنطن «قلقة» بشأن نشاطات شركة الأمن الروسية «فاغنر» في أفريقيا.
يشار إلى أن قوات «أفريكوم» كانت قد تأسست كقيادة مؤقتة تحت القيادة الأميركية الأوروبية، وبدأت نشاطها الأفريقي أكتوبر (تشرين الأول) 2008. وتتكون من قوات مقاتلة تحت إدارة وزارة الدفاع الأميركية، وتشرف على العمليات العسكرية الأميركية والعلاقات العسكرية مع 53 دولة أفريقية، باستثناء مصر الواقعة تحت نطاق القيادة المركزية الأميركية.
وتأتي زيارة السفينة الحربية الأميركية، بعد أشهر من حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتطبيع علاقته مع الحليف الاستراتيجي لواشنطن في المنطقة «إسرائيلية».
وينتظر أن يشهد الساحل السوداني من البحر الأحمر، تقاطعات دولية على النفوذ العسكري والأمني، ولا سيما بعد إعلان روسيا مجدداً رغبتها في تأسيس قاعدة عسكرية لوجيستية، تزود السفن الحربية الروسية باحتياجاتها.



سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
TT

سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)

أعد فلسطينيون في شمال قطاع غزة مخيمات للأسر النازحة، الخميس، قبل عودتهم المتوقعة بعد يومين إلى مناطق كانت فيها منازلهم وفقاً للجدول الزمني لاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وفي منطقة مفتوحة محيطة ببنايات تم تفجيرها، بدأت مجموعة من الرجال في نصب خيام بيضاء في صفوف لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال يوم السبت عندما تفرج حركة «حماس» عن المجموعة الثانية من الرهائن مقابل إطلاق سراح العشرات من الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

ومن المتوقع أن يعود مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة إلى منازل تحولت أطلالاً بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية التي استمرت 15 شهراً وحولت أغلب القطاع أنقاضاً وقتلت أكثر من 47 ألفاً من سكانه.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، عادت القوات الإسرائيلية برياً إلى مناطق في الشمال في عملية كبرى ضد عناصر «حماس» ركزت على مخيم جباليا للاجئين قرب مدينة غزة وبيت حانون وبيت لاهيا، وأخلت مناطق كاملة من سكانها وهدمت أغلب البنايات.

تساءل وائل جندية وهو يجهز خيمة لأبنائه الذين سيعودون من منطقة المواصي الساحلية التي لجأوا إليها في الجنوب كيف ستكفيهم مساحات تلك الخيام «هاي الخيمة اللي بنحلم فيها؟ هتكفي 8 أنفار 10 أنفار. هذا لولادنا من الجنوب... هاي مساحة هادي؟»

وتابع قائلاً لـ«رويترز»: «المفروض مساحة أكبر من هيك... طب يوم السبت هييجوا من الجنوب هيغمروا غزة كلها. وين هيروحوا؟ هذا المخيم كام نفر بده ياخد؟ ميه متين؟ طب والباقي. مليون ونص إحنا جايين من الجنوب».

الخيام الجديدة تحيطها الأبنية المدمَّرة جراء الحرب (رويترز)

وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة بعد أن اقتحم مسلحون من حركة «حماس» الحدود في السابع من أكتوبر 2023. وتقول إحصاءات إسرائيلية إن ذلك الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

ونشرت «حماس» بياناً، الخميس، تقول إن عودة الأسر النازحة ستبدأ بعد استكمال التبادل يوم السبت وبمجرد انسحاب القوات الإسرائيلية من الطريق الساحلية إلى الشمال، ومن المتوقع تسليم أربعة رهائن على الأقل لإسرائيل يوم السبت.

وجاء في بيان «حماس»: «من المقرر في اليوم السابع للاتفاق (25 يناير/كانون الثاني 2025) وبعد انتهاء عملية تبادل الأسرى يومها، وإتمام الاحتلال انسحابه من محور شارع الرشيد (البحر)... سيُسمح للنازحين داخلياً المشاة بالعودة شمال دون حمل السلاح ودون تفتيش عبر شارع الرشيد، مع حرية التنقل بين جنوب قطاع غزة وشماله».

وأضاف البيان: «سيتم السماح للمركبات (على اختلاف أنواعها) بالعودة شمال محور نتساريم بعد فحص المركبات».

العودة سيراً على الأقدام

قالت «حماس» إنها ستسمح للناس بالعودة سيراً على الأقدام على طول الطريق الساحلية؛ وهو ما يعني المشي لكيلومترات عدة حتى المنطقة الرسمية في الشمال من حيث يمكنهم محاولة استقلال مركبات سيتم تفتيشها عند نقاط التفتيش.

وشددت الحركة على عدم حمل العائدين أسلحة.

وذكر سامي أبو زهري القيادي الكبير في «حماس» أن الحركة على اتصال بأطراف عربية ودولية عدة للمساعدة في عملية العودة والإغاثة بطرق، من بينها توفير الخيام.

وأضاف أن «حماس» ستبدأ العمل فوراً على ترميم المنازل التي لم تدمر بالكامل.

وقال لـ«رويترز»: «سنقوم بتوظيف كل إمكاناتنا من أجل مساعدة أهلنا، البلديات لديها خطة معدّة لاستقبال العائلات العائدة إلى الشمال وتوفير خيام لهم».

وعاد كثيرون للعيش داخل منازلهم المدمرة في جباليا، أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية القديمة في قطاع غزة الذي كان محط تركيز الحملة الإسرائيلية في الأشهر الثلاثة الماضية، وأشعلوا نيراناً محدودة في محاولة لتدفئة أطفالهم.

وقال محمد بدر، وهو أب لعشرة أطفال: «بيقولك هدنة ووقف إطلاق النار وإدخال مساعدات، هاي إلنا تالت يوم مروحين، الماي (المياه) مش لاقيين نشربها، ولا (أغطية) لاقين نتغطى فيه إحنا وأطفالنا، طول الليل نتناوب على أي اشي، على النار، والنار يا ريت عندنا حطب، بنولع بلاستيك، قتلنا خلى معانا أمراض».

وقالت زوجته إنها لا تستطيع أن تصدق حجم الدمار.

وأضافت: «اتصدمت، ولا في دار واحد، كله ردم، مفيش ولا حاجة، الشوارع ما تعرفش تمرق (تسير) منها، كله فوق بعضه، أصلاً انت بتوه هايدي داري ولا مش داري؟ وريحة الجتت والشهداء في الشوارع».