الجزائر: قرارات تبّون لتفادي «الموجة الثانية» من الحراك الشعبي

فيما يريد المتظاهرون التغيير الجذري الذي وعدهم به قبل عام

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (إ.ب.أ)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (إ.ب.أ)
TT

الجزائر: قرارات تبّون لتفادي «الموجة الثانية» من الحراك الشعبي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (إ.ب.أ)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (إ.ب.أ)

اتّخذ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بعد عودته من رحلة العلاج الثانية في ألمانيا يوم 12 فبراير (شباط) الجاري، أهم القرارات منذ وصوله إلى الحكم، في الظروف غير العادية المعروفة، بنهاية 2019. ويُجمع المراقبون على أن الرهان الكبير الذي يقيم عليه سياساته يتمثل في تفادي «موجة ثانية» من الحراك الشعبي الذي بات كالبركان بسبب عدم تحقيق مطلبه الأساسي وهو «التغيير الجذري»، زيادة على حالة الاحتقان بفعل استمرار اعتقال النشطاء وتردي الأوضاع الاقتصادية.
بات واضحاً أن تبَون اقتنع بأنه لا مناص من اتخاذ إجراءات تهدئة لامتصاص غضب الحراك، على أن تكون مرفقة بإطلاق حوار مع أحزاب سياسية تملك مصداقية، في نظره، قياساً إلى الأحزاب التي كانت موالية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والتي طالب الحراك الشعبي بحلّها عندما انفجر الشارع في 22 فبراير 2019.
واختار تبون التوقيت المناسب للإعلان عن التدابير التي تُرضي الحراك، ويتمثل في الذكرى الثانية للاحتفال بـ«ثورة الابتسامة». فبعد 48 ساعة من عودته من ألمانيا، حيث أُجريت على قدمه عملية جراحية من تبعات إصابة بـ«كورونا»، استقبل قادة 4 أحزاب: أحدها يقوده أبرز المعارضين للرئيس السابق، واثنان نافساه في «الرئاسية»، ورابع يرأس أقدم حزب معارض ويحظى بالاحترام حتى داخل النظام، هو «جبهة القوى الاشتراكية».
ويقول قادة هذه الأحزاب، إنهم يفتخرون بكونهم أقنعوا الرئيس بالإفراج عن نحو نصف عدد معتقلي الحراك، في مقدمتهم الصحافي الشهير مراقب «مراسلون بلا حدود» خالد درارني، والناشط المثير للجدل رشيد نكاز، الذي سبق أن ترشح لانتخابات الرئاسة في الجزائر وفي فرنسا.
وتأكد للرئيس تبون أن مسألة «تفكيك قنبلة الحراك» قبل انفجارها في ذكراه الثانية، أمر مستعجل للغاية. ويكون ذلك بمغازلته عن طريق إطلاق سراح بعض رموزه. لكنّ هذه الخطوة لم تُقنع الكثيرين وسط المتظاهرين، ممن رأوا في ذلك «مناورة» الهدف منها ربح الوقت، ليتسنى للرئيس الانتقال إلى تجسيد أحد أهم أهدافه، وهو تشكيل «أغلبية رئاسية» تنبثق من انتخابات برلمانية مبكَرة. وعلى هذا الأساس أعلن، ضمن حزمة القرارات، حلَ «المجلس الشعبي الوطني» الذي شابه التزوير وشراء مقاعده بـ«المال القذر»، على حد تعبير الرئيس نفسه، في الخطاب الذي ألقاه الخميس الماضي.
وبدت هذه الخطوة غير مقنعة بالنسبة لكثير من «الحراكيين». فكيف أصبح البرلمان عديم المصداقية الآن، بينما قبل ثلاثة أشهر فقط طلب الرئيس منه أن يزكّي أهم مشروعاته السياسية: الدستور الجديد الذي كانت نتيجة الاستفتاء عليه (37%) الأضعف في كل الاستحقاقات التي نُظمت بالبلاد منذ الاستقلال.
وكتب أستاذ العلوم السياسية محمد هناد، عن قرارات الرئيس الأخيرة، فقال: «علينا أن نعي أن أنظمة الحكم المفلسة، تتعامل دائماً مع معارضيها المطالبين بالحرية بمنعهم من هذه الحرية، من أجل المساومة عليها معهم ومع المعارضة بصورة عامة لكسب ثقة المواطنين، وللدلالة أيضاً على قوتها من باب العفو عند المقدرة! لذلك، يجب أن ندرك جيداً أن أي مسعى يقوم به نظام الحكم الحالي يظل غير مؤتمن».
وقد أدرك تبون أن غيابه الطويل، الذي دام ثلاثة أشهر في فترتي العلاج المتقطعتين، تسبب في جمود العمل الحكومي. وأن أفضل أسلوب لكسب رضا الأحزاب والحراك معاً هو أن يُظهر امتعاضه من فشل حكومته، وأن يحرص على إقناع الجزائريين بأن توجيهاته لطاقم رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، كانت صائبة لكنّ القصور يكمن في الوزراء «عديمي الكفاءة». ومنه جاء التصريح «القاتل» الذي أطلقه في 10 من الشهر الماضي، لمّا كان بصدد السفر للعلاج، في حضرة كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. فقد قال لجراد: «الحكومة فيها وعليها». وفهم جراد والمتتبعون عموماً، أن تعديلاً عميقاً سيطال الحكومة بعد عودة تبون، وهو ما أعلنه فعلاً في خطابه الأخير. ودرج الرئيس بوتفليقة خلال 20 سنة من الحكم، على نفس الطريقة في «امتصاص الغضب» داخلياً. فقد أدخل تغييرات على حكوماته عشرات المرات، وفي كل مرَة يتم الإيعاز للإعلام الموالي له، بأن «المشكلة في الوزراء والمسؤولين، وليس في الرئيس وسياساته».
وإن تمكَن تبون، نسبياً، من إقناع قطاع من الأحزاب خصوصاً التي استشارها حول قراراته، بجدوى التعديل الحكومي و«أثره الإيجابي» على الحياة العامة، خصوصاً الشأن الاقتصادي المتردي، فقد استقبله نشطاء الحراك بنوع من الريبة. فإبعاد وزراء محل سخط شعبي، وإن كان أمراً مطلوباً في نظرهم، فذلك لا يحقق أهم ما قام من أجله الحراك: رحيل كل وجوه النظام الذين تسببوا في الفساد، وإطلاق فترة انتقالية يتم فيها الترتيب لانتخابات رئاسية حرَة ونزيهة، من طرف فريق من الشخصيات المشهود لهم بالكفاءة ولم يسبق لهم أن تولوا مسؤوليات في عهد الرئيس السابق. على أن تفرز الانتخابات رئيساً يعكس حقيقة إرادة الشعب، يتولى اختيار طاقم حكومي من أحسن الكفاءات التي تزخر بها البلاد.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.