«برسفيرنس» يرسل أول صورة لسطح المريخ

مهمة علمية هدفها العثور على آثار للحياة على الكوكب الأحمر

TT

«برسفيرنس» يرسل أول صورة لسطح المريخ

هبط الروبوت الجوال «برسفيرنس» التابع لوكالة «ناسا» على سطح المريخ بعد رحلة فضائية استمرت سبعة أشهر، في نجاح مذهل يدشن مهمة ستستمر أعواماً عدة بحثاً عن أدلة على حياة سابقة محتملة على الكوكب الأحمر.
وبأعلى صوتها قالت سواتي موهان، المسؤولة عن مراقبة العمليات في «ناسا»، إن «الهبوط تأكد!»، في عبارة كانت كافية لينفجر فرحاً العاملون في غرفة التحكم في مختبر «جت بروبلشن» في باسادينا بولاية كاليفورنيا.
وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أن المركبة الضخمة حطت في فوهة جيزيرو التي يعتقد العلماء أنها كانت تحتوي على بحيرة قبل 3.5 مليار سنة، وتعد أخطر موقع هبوط على الإطلاق بسبب تضاريسه.
وما إن حط «برسفيرنس» (تعني بالعربية المثابرة) على سطح الكوكب الأحمر حتى بثت وكالة «ناسا» صورة التقطها الروبوت الجوال لموقع الهبوط.
وأشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بالهبوط «التاريخي»، وقال في تغريدة على «تويتر»: «هذا اليوم أثبت مرة أخرى أنه مع قوة العلم والمهارة الأميركية، لا يوجد شيء خارج نطاق الإمكانيات».
ونشرت «ناسا» الصورة على الحساب الرسمي لـ«برسفيرنس» على موقع «تويتر»، وأرفقتها بتغريدة جاء فيها: «مرحباً أيها العالم. هذه أول نظرة لي على ما سيكون منزلي إلى الأبد».
والصورة الرائعة، وهي بالأبيض والأسود، ظهر فيها خيال المركبة منعكساً على سطح المريخ.
وبعدما دخلت المركبة الغلاف الجوي للمريخ بسرعة 20 ألف كلم-ساعة أدى احتكاكها مع الهواء إلى رفع درجة الدرع الحراري الذي كان يحميها إلى 1300 درجة مئوية، والذي لم تتخل عنه إلا بعد أن فُتحت مظلة الهبوط التي تتحمل سرعة تفوق سرعة الصوت.
وساهمت ثمانية محركات موجهة صوب سطح الكوكب بإبطاء حركة «برسفيرنس» قبل أن ينشر إطاراته الستة تمهيداً لنزوله على السطح بواسطة أسلاك معلقة.
وستقضي فرق «ناسا» الأيام القليلة المقبلة في التحقق من أن الروبوت الجوال، ومعداته الكثيرة المتطورة، لم تتضرر وتعمل بشكل صحيح.
و«برسفيرنس» هي خامس مركبة تحط على سطح المريخ. وجميع هذه المركبات الخمس أميركية، وقد حطت أولاها في 1997، في حين لا تزال إحداها (كوريوسيتي) تتجول حتى اليوم على سطح الكوكب الأحمر.
لكن خلافاً للمركبات الأربع السابقة، فإن الهدف العلني لمهمة «برسفيرنس» هي إيجاد آثار لحياة سابقة على الكوكب الأحمر من طريق جمع نحو ثلاثين عينة صخرية على مدى سنوات.
وسيتعين نقل الأنابيب المختومة إلى الأرض عبر مهمة لاحقة في العقد المقبل، بهدف تحليلها، وربما إيجاد جواب عن «أحد الأسئلة التي تؤرقنا منذ قرون، وهو: هل نحن وحدنا في العالم؟»، على ما قاله معاون مدير «ناسا» لشؤون العلوم، توماس زوربوشن.
و«برسفيرنس» هي أضخم مركبة تُرسل إلى المريخ وأكثرها تعقيداً، وقد صُنعت في مختبر «جت بروبلشن» الشهير في كاليفورنيا، ويقرب وزنها من طن، وقد جُهزت بذراع آلية يفوق طولها المترين، إضافة إلى 19 كاميرا.
وقال المسؤول المساعد في المهمة كن ويليفورد: «لدينا أدلة قوية جداً على أن المريخ كان يضم حياة في ماضٍ سحيقٍ».
ومن المقرر البدء بسحب أولى العينات هذا الصيف. ويمكن اعتماد مسارات عدة للحفر في أوساط مختلفة، بينها خصوصاً النهر والبحيرة القديمة والدلتا المشكلة من النهر الذي كان يصب فيها. ويبحث العلماء عما يسمونه بصمات حيوية، وهي آثار لحياة جرثومية «قد تتخذ أشكالاً شتى»، بينها مثلاً أشكال «كيميائية» أو «تغييرات في البيئة»، بحسب مديرة علم الأحياء الفلكي في وكالة «ناسا»، ماري فويتك، التي أبدت حماستها الكبيرة إزاء المهمة، قائلة «نحن خبراء علم الأحياء الفلكي نحلم بهذه المهمة منذ عقود».
وعدد العالم المشارك في المشروع كن فارلي الاحتمالات المتوقعة لنتائج المهمة، قائلاً: «إما نجد (آثار) حياة، وسيكون ذلك اكتشافاً استثنائياً، أو لا يحصل ذلك (...) ما سيؤشر إلى أن كل البيئات القابلة للسكن ليست مأهولة»، وسيتعين تالياً البحث في مواضع أخرى.
وأشار إلى أن الأعضاء المشرفين على هذه المرحلة، البالغ عددهم نحو 450 شخصاً، سيعملون في ظروف استثنائية بسبب جائحة «كوفيد-19». وأوضح أن أعضاء الفريق سينفذون المهام الموكلة إليهم «من غرف جلوس منازلهم في أقطار العالم كافة». غير أن الأشهر الأولى من المهمة لن تكون مخصصة لهذا الهدف الأول، إذ من المقرر إجراء تجارب موازية.
وتسعى «ناسا» خصوصاً إلى أن تثبت أنه من الممكن تسيير مركبة تعمل بمحركات إلى كوكبر آخر. ومن المفترض أن تنجح المروحية المسماة «إنجينوينيتي» في الارتفاع في هواء توازي سماكته 1 في المائة من تلك الموجودة في الغلاف الجوي الأرضي. كما سيتمكن ميكروفونان للمرة الأولى من تسجيل الصوت على المريخ.
ويتمثل الهدف الآخر في الإعداد لمهام بشرية مستقبلية، من خلال تجربة إنتاج الأكسجين مباشرة في الموقع، بواسطة جهاز سمي «موكسي». ومن المفترض أن يكون هذا الجهاز، وهو بحجم بطارية سيارة، قادراً على إنتاج نحو عشرة غرامات من الأكسجين في ساعة واحدة، من طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي للمريخ، على غرار ما تفعل النباتات.
وهذا الأكسجين سيمكن مستوطنين بشريين مستقبلاً من التنفس، وسيُستخدَم كذلك وقوداً.
واستثمرت «ناسا» نحو 2.4 مليار دولار لبناء وإطلاق مهمة «مارس 2020». وتقدر كلفة الهبوط والعمليات في الموقع مبدئياً بـ300 مليون دولار.


مقالات ذات صلة

بحر قديم على المريخ؟ مسبار صيني يكشف التفاصيل

يوميات الشرق مركبة «زورونغ» الصينية هبطت على المريخ في مايو عام 2021 (أ.ف.ب)

بحر قديم على المريخ؟ مسبار صيني يكشف التفاصيل

عثرت مركبة «زورونغ» الصينية على أدلة على وجود خط ساحلي قديم على كوكب المريخ.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق أرسلت «وكالة الفضاء الأوروبية» إشارة راديوية إلى الأرض بواسطة مسبار «إكسومارس» لرصد «الغازات النزرة» التابع للوكالة... وتحتوي هذه الصورة على 5 أحماض أمينية (كين وكيلي تشافين)

أب وابنته ينجحان في فك تشفير رسالة غامضة من المريخ

أفاد تقرير إخباري بأنه في عام 2023 أُرسلت رسالة مشفرة إلى الأرض من المريخ. وبعد أكثر من عام، فُكَّ تشفير هذه الإشارة الفضائية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا استكشاف المريخ يُعدّ أمراً صعباً للغاية (رويترز)

روبوتات بأدمغة حشرات قد تشق طريقها قريباً إلى المريخ

قد تشق روبوتات مدرّبة على العمل بطريقة أدمغة الحشرات نفسها طريقها عبر الفضاء قريباً، حيث يخطّط مطوّروها لاختبارها على المريخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق دراسة جديدة تشير إلى أن طبقة سميكة بما يكفي من الجليد على المريخ قد تحمي أي شيء يعيش داخلها (رويترز)

كائنات قد تعيش في جليد المريخ... ما القصة؟

كشفت دراسة جديدة أنه قد يتم العثور على حياة ميكروبية غريبة داخل الجليد على سطح المريخ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق فكرة بناء مستعمرات في الفضاء تظل حلماً طموحاً يسعى العلماء لتحقيقه (جامعة نورث وسترن)

رمال المريخ تصلح لبناء مستعمرات فضائية

تَوَصَّلَ باحثون بجامعة ترينيتي في دبلن إلى طريقة لتحويل الرمال الموجودة على سطح المريخ والقمر إلى طوب صلب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».