«الناتو» يزيد قواته في العراق 8 أضعاف

لم يتخذ «قراراً نهائياً» بشأن الانسحاب من أفغانستان

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي قال إن وزراء دفاع «الناتو» لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيسحبون قواتهم من أفغانستان في مايو المقبل (إ.ب.أ)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي قال إن وزراء دفاع «الناتو» لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيسحبون قواتهم من أفغانستان في مايو المقبل (إ.ب.أ)
TT

«الناتو» يزيد قواته في العراق 8 أضعاف

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي قال إن وزراء دفاع «الناتو» لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيسحبون قواتهم من أفغانستان في مايو المقبل (إ.ب.أ)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي قال إن وزراء دفاع «الناتو» لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيسحبون قواتهم من أفغانستان في مايو المقبل (إ.ب.أ)

أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ أن دول «الناتو» ستزيد عدد الأفراد الذين تنشرهم في مهمتهم التدريبية في العراق من 500 إلى نحو 4000 فرد.
وقال ستولتنبرغ إن الفكرة تدور حول توسيع أنشطة التدريب لقوات الأمن العراقية، وكذلك نشرها خارج بغداد، والهدف هو منع عودة ظهور تنظيم «داعش». وأضاف ستولتنبرغ للصحافيين بعد محادثات لوزراء دفاع الحلف: «مهمتنا جاءت بناء على طلب الحكومة العراقية». وتابع: «أن ذلك يتم مع الاحترام الكامل لسيادة العراق ووحدة أراضيه».
ولم يتخذ الحلف «قراراً نهائياً» بشأن قواته المسلحة في أفغانستان، موضحاً أنّ الأعضاء سيواصلون نقاشهم بهذا الخصوص مع اقتراب المهلة النهائية في الأول من مايو (أيار)، فيما بحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في اتصال هاتفي، أمس، مع الرئيس الأفغاني أشرف غني المراجعة الجارية لاستراتيجية الولايات المتحدة في أفغانستان، مؤكداً من جديد دعم بلاده لعملية السلام هناك.
وأفاد بيان صادر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، أمس (الخميس)، بأن بلينكن قال إن الولايات المتحدة ملتزمة بعملية سلام تشمل «تسوية سياسية عادلة ومستمرة ووقفاً دائماً وشاملاً لإطلاق النار». وبموجب شروط الاتفاقية الموقعة في فبراير (شباط) 2020 بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان»، يجب أن تكون فرق الدول المشاركة في أفغانستان قد غادرت البلاد، في الأول من مايو (أيار). وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، أمس (الخميس)، إن وزراء دفاع «الناتو» لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيسحبون قواتهم من أفغانستان بحلول مايو (أيار) المقبل، وفقاً لاتفاق مبرم مع «طالبان». وأعلن ينس ستولتنبرغ بعد محادثات الوزراء: «لم نتخذ أي قرار نهائي بشأن مستقبل وجودنا. ولكن مع اقتراب الموعد النهائي في الأول من مايو (أيار) المقبل، سيواصل حلفاء (الناتو) التشاور والتنسيق عن كثب في الأسابيع المقبلة».
وحث ستولتنبرغ جماعة «طالبان» المتطرفة على التفاوض بحسن نية وتقليل مستويات إراقة الدماء والوفاء بالتزاماتها بوقف التعاون مع الإرهابيين الدوليين. وقال ستولتنبرغ إن «طالبان» لم تلتزم بواجباتها التي ينص عليها الاتفاق. وقال: «على )طالبان( أن تقلص العنف، وأن تتفاوض بحسن نية، وعلى (طالبان) أن تقطع كل العلاقات مع الجماعات الإرهابية الدولية مثل (القاعدة)، وتتوقف عن دعمها». لكن إلغاء الموعد النهائي ينذر بمواجهة مع «طالبان» التي هددت بالفعل بالانتقام إذا لم يتم الانسحاب. وليس من المتوقع صدور قرار رسمي خلال اجتماع الخميس، حيث يراجع الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن المسار السياسي الذي اتخذه سلفه دونالد ترمب.
وفي عهد إدارة ترمب، وقعت الولايات المتحدة اتفاقية مع «طالبان» تنص على الانسحاب التدريجي لجميع قوات الناتو من البلاد بحلول نهاية أبريل (نيسان)، في المقابل، تلتزم «طالبان» بنبذ العنف والدخول في محادثات سلام مع الحكومة. وقال ستولتنبرغ، أمس (الخميس)، خلال مؤتمر عبر الفيديو لوزراء دفاع في الحلف «سيواصل حلفاء (الناتو) التشاور عن كثب والتنسيق في الأسابيع المقبلة».
وصرح سياسي بارز بحزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن استخدام طائرات مسلحة بدون طيار يُعد أمراً لا غنى عنه بالنسبة لاستمرار مهمة الجيش الألماني في أفغانستان. وقال رودريش كيزفتر السياسي المعني بشؤون السياسة الخارجية بحزب ميركل لإذاعة غرب ألمانيا «دابلو دي أر»، اليوم (الخميس) : «دون طائرات مسلحة بدون طيار سيكون استمرار مهمة أفغانستان بلا جدوى، لأننا لن نستطيع حشد كثير من القوات للحماية الذاتية»، مضيفا أنه بهذه الطريقة فقط سيكون الجنود وشركاء الحلف (حلف شمال الأطلسي) مستعدين لمواصلة عملهم هناك «في ظل الظروف الصعبة».
وأضاف كيزفتر أنه يعتبر سحب قوات الناتو من أفغانستان بمثابة الطريق الخطر، وأعرب عن تشككه في أن المجتمع المدني هناك قوي بما فيه الكفاية.
وقال: «إذا غادر المجتمع الدولي بشكل سابق لأوانه، ستعاني النساء من جديد، وسوف يتم تدمير البنية التحتية مجدداً». ولكن يبدو الوضع حاليا أن آلاف الجنود سوف يبقون في أفغانستان لما بعد هذا الموعد.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.