لماذا كشفت روسيا الآن «أسرار» الجاسوس إيلي كوهين في دمشق؟ (صور)

إيلي كوهين على سطح منزله في دمشق (روسيا اليوم)
إيلي كوهين على سطح منزله في دمشق (روسيا اليوم)
TT

لماذا كشفت روسيا الآن «أسرار» الجاسوس إيلي كوهين في دمشق؟ (صور)

إيلي كوهين على سطح منزله في دمشق (روسيا اليوم)
إيلي كوهين على سطح منزله في دمشق (روسيا اليوم)

أثار الكشف في روسيا عن تفاصيل جديدة متصلة بالجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، المعروف باسم «كامل ثابت أمين»، وبينها صور نادرة له في أحد شوارع دمشق، و«تصادف» تجسسه وإعدامه مع وجود عميل لـجهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي) في العاصمة السورية، ومغادرته إياها سنة إعدام كوهين في 1965، أسئلة عن الدور الذي تلعبه موسكو حالياً في إعادة رفات الجاسوس من دمشق، تلبيةً لطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الرئيس فلاديمير بوتين.
معروف أن كوهين تعرف على الملحق العسكري في السفارة السورية في الأرجنتين، أمين الحافظ الذي عاد إلى دمشق في 1962 وأصبح رئيساً بعد تسلم حزب «البعث» الحكم في 1963 (الحافظ نفى، قبل سنوات، حصول لقاء بينهما). وكان كوهين، دخل البلاد باسم «كامل ثابت أمين» قبل عودة الحافظ، وأقام في حي السفارات في دمشق، ونسج شبكة علاقات مع النخبة السورية، حصل تضارب حول عمقها وأهميتها، إلى حين كشف أمره وإعدامه في منتصف 1965.

كوهين، الذي كان يطلق جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (موساد) عليه «رجلنا في دمشق»، نُسجت حول دوره قصص كثيرة، تناولت أهمية «معلومات» عن تحركات عسكرية للجيش السوري في الجبهة نقلها إلى تل أبيب، عبر بث إشارة ورموز من منزله قرب مقر القوى الجوية السورية وسط دمشق، إضافة إلى دوره في ملاحقة «نازيين» كانوا يقيمون في العاصمة السورية.
كما تعددت الروايات حول طريقة كشفه، بينها وصول معلومات من الاستخبارات المصرية أو احتجاج سفارات مجاوره لمنزله، بسبب تشويش على إرسالها. ورجح خبراء سوريون دور اللواء أحمد السويداني، رئيس الأركان لاحقاً، خصوصاً أنه «شكَّك في كوهين من اليوم الأول، وكان له دور محوري في اعتقاله وكشف هويته». كما تداول آخرون قصصاً عن دور لخبير إشارة سوفياتي وسيارة رصد سوفياتية في «ضبطه بالجرم المشهود»... قبل محاكمته أمام محكمة استثنائية برئاسة صلاح الضللي، ثم إعدامه علناً في ساحة المرجة، رغم «مناشدات» قادة غربيين.
كُتب عن كوهين الكثير في العقود الأخيرة، كما أن «نتفليكس» أنتجت فيلماً عنه باسم «الجاسوس». لكن قناة «روسيا اليوم»، باللغة الإنجليزية، قدمت فيلماً تضمن عناصر جديدة تُنشر للمرة الأولى. الفيلم يتضمن كثيراً من الوثائق والصور، وتبدأ القصة بالحصول على فيلم من محل لبيع القطع الأثرية في سانت بطرسبرغ، تضمن صوراً لشوارع دمشق.
مفتاح القصة أن الفيلم تضمن صوراً لشخص يسير في أحد شوارع دمشق، يُعتقد أنه «شارع 29 أيار» الذي أصبح لاحقاً مقراً للمركز الثقافي السوفياتي/ الروسي. هذا الشخص هو إيلي كوهين. من هنا، تنطلق القصة المثيرة، خصوصاً لدى البحث لمعرفة الشخص الذي صور الفيلم عبر الوصول إلى أقاربه. وتبين أن الشخص هو بوريس بوكين الذي تخبر إحدى قريباته أنهم باعوا شقته وأثاثها، بما في ذلك الكاميرا والفيلم. ولدى التحقق في سجلات وزارة الدفاع، تبين أن بوكين حصل على ثلاث ميداليات من «النجمة الحمراء»، وهو كان تخرج في كلية عسكرية سوفياتية، وتخصص في الإشارة والاتصالات.

كان لافتاً تزامن وصول بوريس وايلي إلى دمشق. واللافت أنه بين تقارير التجسُّس التي أرسلها كوهين عبر الترميز السري، واحد عن وصول 150 خبيراً عسكرياً سوفياتياً في لحظة كان الصراع الغربي - السوفياتي على سوريا في خواتيمه لمصلحة موسكو بعد وصول «البعث» إلى السلطة. والمثير أيضاً أن «الموساد» علم بوصول بوريس إلى دمشق. هنا، كان الطرفان يلاحقان النازيين في العاصمة السورية.
وتضمن الفيلم أيضاً مقابلة مع سيرغي ميدفيدكو ابن ليونيد الذي كان «صحافياً، وربما جاسوساً» أيضاً في شوارع دمشق. ويعرض الفيلم لقطات إعدام كوهين ووضع جثمانه في الكفن من زوايا تصوير من سطح بناية تطل على المرجة، ربما تعرض للمرة الأولى، حيث يتذكر سيرغي كيف ركض أحدهم إلى منزلهم في دمشق للقول إن كوهين «أُعدم، أعدم».
وقد أُلقي القبض على كوهين بعد تعقب إرسال الشيفرة من سيارة متخصصة جاءت من الاتحاد السوفياتي. ومن غير المعروف ما إذا كان بوريس لعب دوراً في فضح الجاسوس، لكن المثير أن مهمته في دمشق انتهت مع إعدام الجاسوس الإسرائيلي وعاد إلى موسكو. بعدها بقيت سوريا في المحور السوفياتي رغم التغييرات في موسكو.
في العقود السابقة، كانت دمشق توازن بين الغرب والسوفيات - الروس. وفي نهاية 2015، تدخل الجيش الروسي في سوريا، وأقام قاعدتين عسكريتين. حالياً، باتت موسكو توازن بين دمشق والعواصم الأخرى، وتتوسط في ملفات كثيرة. ويقيم بوتين علاقة خاصة مع إسرائيل، يريد بنيامين نتنياهو توظيفها في إعادة رفات كوهين، كما حصل مع جندي إسرائيلي قُتل في لبنان عام 1982، وأُعيدت رفاته بوساطة الرئيس الروسي في بداية 2019.
ونقل عن ضابط رفيع سابق في دمشق قوله إن رفات كوهين «كان مكانه يتغير كل أسابيع». أما الضللي رئيس المحكمة، فقال لي في 22 مارس (آذار) 2004 إن كوهين «كان مدفوناً بعد إعدامه في كهف على طريق الديماس، لكن بعد فترة أُخذ الرفات ودُفن في مكان آخر غير معروف»، وإن أغلب من يعرف أين دُفن «تسرح من الجيش أو ذهب أو ترك منصبه».


مقالات ذات صلة

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

شؤون إقليمية كلمة «بيغاسوس» تظهر على هاتف ذكي موضوع على لوحة مفاتيح في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 4 مايو 2022 (رويترز)

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

ألغت محكمة تايلاندية دعوى قضائية رفعها ناشط مؤيد للديمقراطية قال فيها إن برنامج التجسس الذي أنتجته شركة تكنولوجيا إسرائيلية تم استخدامه لاختراق هاتفه.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا أحد عناصر جهاز الأمن الأوكراني (قناة المخابرات الأوكرانية عبر «تلغرام»)

أوكرانيا توقف ضابطا كبيرا بتهمة التجسس لصالح روسيا

أعلنت أوكرانيا، الجمعة، توقيف ضابط يقود وحدة قوات خاصة في البلاد بتهمة نقل معلومات إلى روسيا حول عمليات عسكرية سرية تنفذها كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)

​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

يثير قانون وافق عليه البرلمان التركي يشدد العقوبات ضد من يثبت تورطه في جمع معلومات لصالح جهات خارجية مخاوف من جانب المعارضة والمنظمات المدنية والاتحاد الأوروبي

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

كشف تقرير حديث عن جمع التلفزيونات الذكية البيانات حول ما نشاهده، بل أحياناً حول تفاصيل حياتنا اليومية عبر تقنية «التعرف التلقائي على المحتوى» (ACR).

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا صورة غير مؤرخة لدانيال عابد خليفة قدمتها شرطة لندن (أ.ب)

جندي بريطاني سابق متهم بالتجسس لإيران يقر بذنب الهروب من السجن

اعترف جندي بريطاني متهم بتسريب معلومات حساسة إلى الحرس الثوري الإيراني، اليوم (الاثنين)، بأنه مذنب بالهروب من السجن أثناء انتظار محاكمته.

«الشرق الأوسط» (لندن)

وزير خارجية الأردن: قرارات «الجنائية الدولية» يجب أن تنفذ وتحترم

أيمن الصفدي (رويترز)
أيمن الصفدي (رويترز)
TT

وزير خارجية الأردن: قرارات «الجنائية الدولية» يجب أن تنفذ وتحترم

أيمن الصفدي (رويترز)
أيمن الصفدي (رويترز)

قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، اليوم الخميس، إن قرارات المحكمة الجنائية الدولية يجب أن «تنفذ وتحترم»، وإن الفلسطينيين يستحقون العدالة.

ووفقاً لـ«رويترز»، فقد جاء ذلك في رد فعله على أمرَي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.