مطالبة أميركية بوقف الاعتداء على مأرب... وقلق أممي «شديد»

دعوات يمنية لإعلان النفير العام والجيش يكبد الجماعة عشرات القتلى

أطفال في مخيم للنازحين بمأرب أمس (رويترز)
أطفال في مخيم للنازحين بمأرب أمس (رويترز)
TT

مطالبة أميركية بوقف الاعتداء على مأرب... وقلق أممي «شديد»

أطفال في مخيم للنازحين بمأرب أمس (رويترز)
أطفال في مخيم للنازحين بمأرب أمس (رويترز)

واصلت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، أمس، هجماتها غير المسبوقة على غرب مدينة مأرب وشمالها الغربي، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها على مستوى الأفراد والعتاد، وسط دعوات سياسيين يمنيين إلى إعلان النفير العام، وإعادة ترتيب القوات المسلحة للدفاع عن مأرب، والزحف نحو العاصمة صنعاء.
وتزامن ذلك مع مطالبة أميركية للحوثيين بوقف الاعتداء على مأرب، وإعراب الأمم المتحدة عن «قلقها الشديد» إزاء استمرار الهجمات الحوثية باتجاه المدينة التي تؤوي نحو مليوني نازح هربوا من جحيم الجماعة.
وطالبت وزارة الخارجية الأميركية جماعة الحوثي المدعومة من إيران بوقف اعتدائها على مأرب، والامتناع عن الأعمال الأخرى المزعزعة للاستقرار في اليمن، بما في ذلك الهجمات عبر الحدود على السعودية، داعية إياها إلى «التزام المشاركة البناءة في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، والانخراط بجدية في الجهود الدبلوماسية» التي يقودها المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ.
وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، في بيان أمس، بأن الولايات المتحدة «تحض الحوثيين على وقف تقدمهم في مأرب، ووقف كل العمليات العسكرية والتحول إلى المفاوضات»، واصفاً الهجوم بأنه «اعتداء» وعمل من «جماعة غير ملتزمة بالسلام أو إنهاء الحرب التي ابتلي بها الشعب اليمني».
وأشار إلى أن تقدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية هو أن «نحو مليون يمني لجأوا إلى مأرب منذ بداية الحرب هرباً من عنف الحوثيين»، موضحاً أن «مأرب تخضع لسيطرة الحكومة الشرعية في اليمن. وهذا الهجوم لن يؤدي إلا إلى زيادة عدد النازحين، وتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن الذي يعد بالفعل موطناً لأسوأ كارثة إنسانية في العالم».
وأوضح برايس أنه «إذا كان الحوثيون جادين في التوصل إلى حل سياسي تفاوضي، فيجب عليهم وقف كل عمليات التوسع العسكري، والامتناع عن الأعمال الأخرى المزعزعة للاستقرار والمميتة، بما في ذلك الهجمات عبر الحدود على السعودية».
وأضاف أنه «يجب عليهم الالتزام بالمشاركة البناءة في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، والانخراط بجدية في الجهود الدبلوماسية التي يقودها المبعوث الأميركي الخاص لليمن»، لأن «الوقت حان لإنهاء هذا الصراع، ولا يوجد حل عسكري (للأزمة)».
وأعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق الإغاثة الطارئة، مارك لوكوك، عن قلقه الشديد إزاء تصاعد العمليات العسكرية في مأرب، محذراً عبر «تويتر» من العواقب الإنسانية التي لا يمكن تصورها للهجوم الحوثي على مأرب.
وقال لوكوك: «أشعر بالقلق الشديد نتيجة التصعيد العسكري الحاصل في مأرب، وتداعياته المحتملة على الأوضاع الإنسانية»، محذراً في الوقت نفسه من أن «أي هجوم عسكري على مأرب سيضع ما يصل إلى مليوني مدني في خطر، وينتج عنه نزوح مئات الآلاف».
وأشار إلى أنه سيقدم، الخميس، إحاطة أمام مجلس الأمن، معتبراً أنه «حان الوقت للتهدئة، وليس وضع مزيد من البؤس على عاتق الشعب اليمني».
وعلى وقع هذا التصعيد الحوثي المستميت باتجاه مأرب، والمخاوف المتصاعدة من خطر اقتراب الجماعة من عاصمة المحافظة النفطية، دعا نائب رئيس البرلمان اليمني، محسن علي باصرة، قيادة الشرعية ومكوناتها في بلاده إلى اتخاذ تدابير أكثر نجاعة للدفاع عن مأرب والتصدي للحوثيين.
وقال باصرة، عبر «تويتر»: «يا قيادة الدولة ومكونات الشرعية في اليمن، التاريخ لن يرحمنا إذا دخل الحوثيون مأرب، فهم يجهزون ومستميتون، رغم خسائرهم الكبيرة، فوَحِّدوا صفوف مكونات الشرعية، وابتعدوا عن الكيد والمناكفات الإعلامية، وواجب الوقت يتطلب اجتماع مجلس الدفاع الوطني ليتخذ قرارات عاجلة».
ومن القرارات التي طالب بها باصرة «إعلان النفير العام، وإمداد القوات في مأرب بالعتاد والذخيرة، وتحريك الجبهات الأخرى، وتجهيز قوات بعتادها من المناطق العسكرية الأولى والثانية والرابعة لمساندة مأرب، وتحويل المعركة من الدفاع إلى الهجوم».
ميدانياً، أفادت مصادر الإعلام العسكري في الجيش اليمني بأن المعارك «مستمرة على أشدها» في جبهات صرواح غرب مأرب «وسط تقدم للجيش، وانكسار لهجمات متتابعة من قبل الجماعة المسنودة من إيران»، مع سقوط عشرات القتلى.
وذكرت المصادر أن ما لا يقل عن 30 عنصراً من ميليشيا الحوثي قتلوا، وجرح آخرون، بنيران الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في جبهة المشجح (غرب محافظة مأرب). ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن مصادر ميدانية قولها إن «الجيش والمقاومة سحقا مجاميع حوثية حاولت صباح أمس (الثلاثاء) الهجوم على مواقع عسكرية في جبهة المشجح».
وأوضح المصدر أن «مدفعية الجيش استهدفت مصادر نيران في الجبهة ذاتها، وتمكنت من إخمادها، ودمرت مخزن أسلحة في محيط الجبهة، كما دمرت عربات كانت في طريقها لتعزيز الميليشيات، وقتلت وجرحت كل من كانوا على متنها».
وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الحوثية أعدت قبل الشروع في هجماتها الأخيرة المستمرة لأكثر من 10 أيام أنساقاً متتالية من المهاجمين المسلحين في أكثر من جبهة غرب مأرب وفي شمالها الغربي، مزودين بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والعربات المدرعة.
وبحسب هذه المصادر، يسلك المسلحون الحوثيون طرقاً وعرة في الجبال والأودية خلال محاولتهم الالتفاف على الخطوط الأمامية للجيش اليمني الذي يواصل صد الهجمات، مسنوداً بمقاتلات تحالف دعم الشرعية.
وترى الحكومة اليمنية أن التصعيد الحوثي المستمر باتجاه مأرب جاء في أعقاب تراخي الإدارة الأميركية، وإعلانها إلغاء تصنيف الجماعة على قوائم الإرهاب الدولي، إضافة إلى توظيف طهران للملف اليمني في صراعها مع القوى الغربية بشأن ملفها النووي.
وفي مقابل التحذيرات الأممية والأميركية للجماعة الحوثية من استمرار الهجوم على مأرب، والدعوات للتهدئة من أجل استئناف مسار المساعي الأممية الرامية إلى التوصل إلى حل ينهي الصراع المستمر منذ 6 سنوات، يرهن قادة الجماعة الحوثية ذلك بوقف العمليات العسكرية ضدهم، ورفع القيود المفروضة على المنافذ الجوية والبحرية الخاضعة لسيطرتهم.


مقالات ذات صلة

دعوات دولية لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن

المشرق العربي دعا عدد من السفراء الأجانب لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن (السفارة البريطانية)

دعوات دولية لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن

العليمي:«الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وتهديداً مباشراً لوحدة القرار الأمني، والعسكري».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

التهمت موجة غلاء جديدة ما تبقّى من قدرة السكان الشرائية، في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يضاعفون الجبايات، بالتوازي مع تراجع عالمي في أسعار المواد الاستهلاكية

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي أكد طارق صالح أن الظروف الراهنة مواتية لصالح حسم المعركة واستعادة الدولة ومؤسساتها (سبأ)

مسؤولان يمنيان يرفعان جاهزية الجبهات العسكرية

يعتقد المسؤولون اليمنيون أن جماعة الحوثي هي العدو الرئيسي والوحيد للشعب اليمني، وأن الظروف الراهنة مواتية لصالح حسم المعركة، واستعادة الدولة ومؤسساتها.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيرة من طراز «إم كيو - 9» (أرشيفية - أ.ب)

اليمن: مقتل قيادي بارز بـ«القاعدة» بغارة أميركية في مأرب

أكد مصدر أمني يمني، مساء السبت، مقتل قيادي بارز في تنظيم «القاعدة»، في ضربة بطائرة أميركية من دون طيار في محافظة مأرب، شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.


ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
TT

ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)

في 24 أكتوبر (تشرين الأول)، شنّ البيت الأبيض هجوماً على الصومالي مهاد محمود، واصفاً إياه بأنه «حثالة مجرم» واتهمه خطأ على ما يبدو بالمشاركة في اختطاف جاسوسين فرنسيين في مقديشو، لكنّ بلده استقبله كالأبطال بعد ترحيله من الولايات المتحدة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، ذاك المنشور الذي ورد يومها على منصة «إكس» وأُرفِق بصورة لشخص ذي لحية قصيرة يرتدي قميصاً بنقشات مربعات، فاجأ مواطني محمود، إذ يُعَدّ في بلده الأصلي نجماً على وسائل التواصل الاجتماعي يحظى بشعبية واسعة، ويبلغ عدد متابعيه على «تيك توك» نحو 450 ألفاً.

تواجه الصومال منذ عام 2006 تمرداً تقوده حركة «الشباب» المتطرفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولا تزال الحرب مستمرة إلى اليوم على بعد 60 كيلومتراً من العاصمة مقديشو. في هذا الواقع، يركّز مهاد محمود على المناوشات الكلامية بين الفصائل الصومالية المتناحرة ويبدو بعيداً جداً عن أجواء المتمردين المتطرفين.

وأجرت وكالة الصحافة الفرنسية عملية تحَقُق من هذا الرجل الذي رُحِّل إلى الصومال في نوفمبر (تشرين الثاني)، وترى فيه مصادر أمنية صومالية وفرنسية ضحية جديدة لسياسة إدارة ترمب المتعلقة بالهجرة، لا ضالعاً في قضية هزّت فرنسا، ينفي أي دور له فيها.

ففي 14 يوليو (تموز) 2009، أقدمت مجموعة من المسلحين على خطف اثنين من عملاء مديرية الأمن الخارجي الفرنسية من «فندق صحافي العالمي» (Sahafi international) الذي كانا يقيمان فيه بمقديشو، وما لبث أحدهما ويُدعى مارك أوبريير أن تمكن من الهرب بعد شهر.

أما الآخر، وهو دوني أليكس، فتوفي بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من الأسر، في يناير (كانون الثاني) 2013، وأكدت باريس أن خاطفيه أعدموه عندما كانت القوات الفرنسية تحاول تحريره.

«ليس صحيحاً»

وصف منشور البيت الأبيض مهاد محمود بأنه «حثالة مجرم خارج على القانون»، واتهمه بأنه «ضالع في اختطاف مسؤولين فرنسيين في فندق صحافي وقتل أحدهما من قِبل حركة الشباب».

وقال محمود في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية، السبت، إن هذا الاتهام «ليس صحيحاً»، موضحاً أنه كان يقيم بين عامَي 2008 و2021 في جنوب أفريقيا ولم يكن موجوداً في الصومال لدى حصول هذه الواقعات، مندداً باتهامات «تخدم الأجندة السياسية» للسلطات الأميركية.

ومع أن مهاد محمود لا يمتلك أي مستندات إدارية تثبت أقواله، أكد اثنان من أقربائه لوكالة الصحافة الفرنسية روايته.

وأظهرت وثيقة صادرة عن الشرطة الصومالية في 28 يونيو (حزيران) 2025 اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية أن سجلّه العدلي لا يتضمن أي سوابق.

كذلك رأى مصدران أمنيان صوماليان استصرحتهما وكالة الصحافة الفرنسية أن الاتهامات الأميركية تفتقر إلى الصدقية، وقال أحدهما: «ليس لدينا أي دليل على ارتباطه مباشرة» بالخطف، فيما توقع الآخر «أن تكون الولايات المتحدة تلقّت معلومات مغلوطة».

أما في فرنسا التي بقيت استخباراتها الخارجية تسعى طوال سنوات إلى العثور على المسؤولين عن خطف عميليها، فقد أكّد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية جازماً أن مهاد محمود ليس ضالعاً في ذلك.

وفي المنشور الذي تضمّن اتهامه، أشاد البيت الأبيض بـ«العمل البطولي» لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية التي «سحبته» من شوارع مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا (بشمال الولايات المتحدة)، حيث تعيش جالية صومالية كبيرة.

ودانت منظمات دولية عدة ارتكاب سلطات الهجرة الأميركية انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في إطار سياسة الترحيل الجماعي التي اتبعتها إدارة الرئيس دونالد ترمب.

«ضحية ظلم»

روى محمود أن رجالاً «ذوي وجوه مغطاة ويرتدون سترات واقية من الرصاص» طوقوه لدى خروجه من منزله واقترابه من سيارته في 27 مايو (أيار) الفائت و«وجهوا مسدساً» إلى رأسه وأوقفوه.

ورغم إقراره بأنه لم يتلقَ معاملة سيئة لدى توقيفه، ولا خلال أكثر من خمسة أشهر تلته من الاحتجاز، شكا محمود الموجود في الولايات المتحدة منذ عام 2022 «الظلم» الذي قضى على حلمه.

وقال محمود الذي عمل خصوصاً مع «أوبر» و«أمازون»: «ترمب مسؤول عما حدث لي (...) ولكن لست الوحيد. فقد طال ذلك ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم الذين يعيشون في الولايات المتحدة، سواء أكانوا صوماليين أم لا».

إلا أن الجالية الصومالية التي ينتمي إليها تبدو مستهدفة بالفعل.

فترمب أدلى بتصريحات لاذعة ضد الصوماليين، واعتبر أن «عصابات» منهم تُرهّب مينيسوتا. وقال في مطلع ديسمبر (كانون الأول): «لا أريدهم في بلدنا (...) وسنذهب في الاتجاه الخاطئ إذا استمررنا في قبول القمامة».

أما مهاد محمود الذي يؤكد «كرامة» شعبه و «أخلاقه»، فرُحِّل في نهاية المطاف إلى مقديشو، عبر كينيا، في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، مع سبعة صوماليين آخرين.

ومنذ عودته إلى بلده، راح نجم «تيك توك» ينشر مقاطع فيديو تُظهِر الترحيب به. وبلغت شعبيته ذروتها، إذ انضم نحو مائة ألف متابع إضافي إلى حسابه على «تيك توك»، وحظيَ أحد مقاطع الفيديو التي نشرها عليه بنحو مليونين ونصف مليون مشاهَدة.

وأكد مهاد محمود الذي لم يكن عاد إلى الصومال منذ مغادرته إياها إلى جنوب أفريقيا عام 2008، أنه «سعيد جداً» بهذا الاستقبال الذي ناله في بلده. لكنه لاحظ أنه «يعود في جزء كبير منه إلى أن الناس» يرونه «ضحية ظلم».


دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
TT

دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)

انطلاقاً من إيمان السعودية بأن التعليم هو حجر الأساس في بناء الشعوب وصناعة التنمية، واصلت الرياض تقديم دعم واسع وشامل للقطاع التعليمي في اليمن، عبر «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، الذي نفّذ خلال السنوات الماضية سلسلة من المشاريع والمبادرات النوعية، أسهمت في تحسين بيئة التعليم وتعزيز قدرته على تلبية احتياجات الطلاب والكوادر الأكاديمية في مختلف المحافظات.

يأتي هذا الدعم، امتداداً لالتزام سعودي راسخ بدعم استقرار اليمن وتنميته، وإدراكاً للدور الحيوي الذي يؤديه التعليم في تعزيز رأس المال البشري ودفع عجلة التنمية الشاملة.

وبحسب بيانات رسمية، نفّذ البرنامج السعودي، 5 مشروعات ومبادرات تعليمية شملت التعليم العام والعالي، والتدريب الفني والمهني، موزّعة على 11 محافظة يمنية، ضمن جهود السعودية لدعم القطاعات الحيوية في اليمن.

في قطاع التعليم العام، ركّز البرنامج على بناء بيئة تعليمية حديثة وآمنة للطلاب، من خلال إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية في عدد من المحافظات. وتضمّ هذه المدارس فصولاً دراسية متطورة ومعامل حديثة للكيمياء والحاسب الآلي، بما يرفع مستوى جودة التعليم ويحفّز الطلاب على التعلم النشط واكتساب المهارات العلمية.

ولضمان استمرارية التعليم، قدّم البرنامج خدمات النقل المدرسي والجامعي عبر حافلات مخصّصة، ما أسهم في تخفيف أعباء التنقل عن آلاف الأسر وساعد في انتظام الطلاب والطالبات في الدراسة، خصوصاً في المناطق التي تعاني ضعف البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى المؤسسات التعليمية.

دعم الجامعات

على مستوى التعليم العالي، نفّذ البرنامج مشاريع نوعية لتحسين البنية التحتية للجامعات ورفع جودة البيئة الأكاديمية. فقد شمل دعمه جامعة عدن من خلال تجهيز 28 مختبراً حديثاً في كلية الصيدلة، تغطي تخصصات الكيمياء والتكنولوجيا الحيوية وعلم الأدوية، إلى جانب إنشاء مختبر بحث جنائي هو الأول من نوعه في اليمن، ما يشكّل إضافة مهمة للعمل الأكاديمي والبحثي.

كما يعمل البرنامج، على تجهيز كليات الطب والصيدلة والتمريض في جامعة تعز، لما يمثله ذلك من دور محوري في سد النقص الكبير في الكوادر الصحية وتعزيز قدرات القطاع الطبي في البلاد. ويتوقع أن تسهم هذه المشاريع في تطوير البحث العلمي ورفع مستوى التعليم الأكاديمي المتخصص.

وفي محافظة مأرب، أسهم البرنامج في معالجة التحديات التي تواجه جامعة إقليم سبأ، من خلال تنفيذ مشروع تطوير يشمل إنشاء مبنيين يضمان 16 قاعة دراسية، ومبنى إدارياً، وتأثيث مباني الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ما يسهم في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة وتحسين جودة التعليم الجامعي.

التدريب المهني والتعليم الريفي

في مجال التدريب الفني والمهني، يعمل البرنامج السعودي على إنشاء وتجهيز المعهد الفني وكلية التربية في سقطرى، بقدرة استيعابية تشمل 38 قاعة دراسية ومعامل متخصصة للحاسوب والكيمياء، ما يساعد في توفير بيئة تعليمية ملائمة للطلبة والمتدربين.

كما دعم البرنامج، مشروعاً مشتركاً مع «مؤسسة العون للتنمية»، لتعزيز تعليم الفتيات في الريف، واختُتم بمنح 150 فتاة، شهادة دبلوم المعلمين، ما يسهم في رفع معدلات تعليم الفتيات وتشجيعهن على مواصلة التعليم العالي.

يُذكر، أن «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، نفّذ حتى الآن 268 مشروعاً ومبادرة في ثمانية قطاعات حيوية تشمل التعليم والصحة والطاقة والمياه والزراعة والنقل، ودعم قدرات الحكومة والبرامج التنموية، ما يجعل دوره من أهم المساهمات الإقليمية في دعم استقرار وتنمية اليمن.